الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
بعض دَوَابِّ الأْرْضِ، وَصِغَارُ هَوَامِّهَا . مثل الوزغ، والعقرب، والذباب . وقد تكلم الفقهاء عن حكم أكل الحشرات، وبيعها، وما يجوز قتله، وما لا يجوز قتله منها . وفي حديث أم شريك رَضِيَ اللهُ عَنْها : " أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أمرها بقتل الأوزاغ . " البخاري : 3131
الحَشَراتُ: جَمْعُ حَشَرةٍ، وهي: صِغارُ دَوابِّ الأَرْضِ، كالفَأْرِ والخَنافِسِ والصَّراصِيرِ ونحوِ ذلك، وقِيل هي: هَوامُّ الأرْضِ مِمّا لا سُمَّ لَهُ. وهو اسْمٌ جامِعٌ لا يُفْرَدُ الواحِدُ إلّا أن يَقولوا: هذا مِن الحَشَرَةِ، والحَشَراتُ والأَحْراشُ والأَحْناشُ واحِدٌ. وقيل: الصَّيْدُ كُلُّهُ حَشَرَةٌ، ما تَعاظَمَ منه وتَصاغَرَ، ويُطلَق على كُلِّ ما أُكِلَ مِنْ بَقْلِ الأَرضِ.
يَرِد مُصْطلَح (حَشَرات) في عدد مِن الكُتُبِ والأَبْوابِ الفِقْهِيَّةِ؛ ومن ذلك: كتاب الطَّهارَةِ، باب: الأعْيان الطَّاهِرَةِ والنَّجِسَةِ، وفي كتاب الحَجِّ، باب: محظورات الإحرام، وفي كتاب البُيوعِ، باب: أحكام البيع، عند الكلام على حُكْمِ بَيْعِ ما لا يُنْتَفَعُ به كالحَشَراتِ، وفي كتاب الأضاحي، باب التَّذكِيَة.
حشر
صِغارُ دَوَابِّ الأَرْضِ وهَوامُّها.
تُطْلَقُ الحَشَراتُ على صِغارِ الدَّوابِّ كافَّةً مِمّا يَطِيرُ أو لا يَطِيرُ، وهي على قسمين: 1- ما له دَمٌ سائِلٌ (ذاتِيٌّ)، ومِن أَمْثِلَتِهِ: الحَيَّةُ، والفَأْرَةُ، والضَّبُّ، واليَرْبُوعُ، والقُنْفُذُ. 2- ما ليس له دَمٌ سائِلٌ (ذاتِيٌّ)، ومِن أَمْثِلَتِهِ: الوَزَغُ، والعَقْرَبُ، والعَنْكَبوتُ، والقُرادُ، والنَّمْل، والجَرادُ، والذُّبابُ، والبَعُوضُ.
الحَشَرَاتُ: جَمْعُ حَشَرةٍ، وهي: صِغارُ دَوابِّ الأَرْضِ، كالفَأْرِ والخَنافِسِ والصَّراصِيرِ ونحوِ ذلك.
بعض دَوَابِّ الأْرْضِ، وَصِغَارُ هَوَامِّهَا.
* تهذيب اللغة : (4/106)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (5/36)
* تحرير ألفاظ التنبيه للنووي : (ص 167)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 272)
* المحكم والمحيط الأعظم : (3/104)
* مختار الصحاح : (ص 73)
* لسان العرب : (4/191)
* تاج العروس : (11/21)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 103)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 491)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (5/141) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْحَشَرَاتُ: صِغَارُ دَوَابِّ (1) الأَْرْضِ، وَصِغَارُ هَوَامِّهَا (2) ، وَالْوَاحِدَةُ حَشَرَةٌ بِالتَّحْرِيكِ.
وَقِيل الْحَشَرَاتُ: هَوَامُّ الأَْرْضِ مِمَّا لاَ سُمَّ لَهُ.
قَال الأَْصْمَعِيُّ: الْحَشَرَاتُ وَالأَْحْرَاشُ وَالأَْحْنَاشُ وَاحِدٌ، وَهُوَ هَوَامُّ الأَْرْضِ، وَقِيل مِنَ الْحَشَرَاتِ: الْفَأْرُ وَالْيَرْبُوعُ وَالضَّبُّ وَنَحْوُهَا (3) .
أ - أَكْل الْحَشَرَاتِ:
2 - لِلْفُقَهَاءِ فِي أَكْل الْحَشَرَاتِ اتِّجَاهَانِ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: هُوَ حُرْمَةُ أَكْل جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ، لاِسْتِخْبَاثِهَا وَنُفُورِ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ مِنْهَا، وَفِي التَّنْزِيل فِي صِفَةِ النَّبِيِّ ﷺ: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (4) وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْجَرَادَ فَإِِنَّهُ مِمَّا أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى حِل أَكْلِهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ: فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالْكَبِدُ وَالطِّحَال (5) وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الضَّبَّ، فَإِِنَّهُ مِنَ الْحَشَرَاتِ الَّتِي يُبَاحُ أَكْلُهَا عِنْدَهُمْ، مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: قَال: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بَيْتَ مَيْمُونَةَ، فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَرَفَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَدَهُ فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: لاَ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ قَال خَالِدٌ: فَاجْتَزَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُول اللَّهِ ﷺ يَنْظُرُ (6) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى حُرْمَتِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَطْعِمَةٌ) ف (7) .
وَقَدِ اسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا الْيَرْبُوعَ وَالْوَبَرَ فَقَالُوا: بِإِِبَاحَةِ أَكْلِهِمَا، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَيْهِمَا أُمَّ حُبَّيْنِ، وَالْقُنْفُذَ، وَبِنْتَ عِرْسٍ فَيُبَاحُ أَكْلُهَا (8) .
3 - الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: حِل جَمِيعِ أَصْنَافِ الْحَشَرَاتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ فِي الأَْصْل إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ، ثُمَّ انْعَقَدَ الْمَذْهَبُ عَلَيْهَا.
قَال الطُّرْطُوشِيُّ: انْعَقَدَ الْمَذْهَبُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْعِرَاقِيِّينَ، أَنَّهُ يُؤْكَل جَمِيعُ الْحَيَوَانِ مِنَ الْفِيل إِِلَى النَّمْل وَالدُّودِ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ إِلاَّ الْخِنْزِيرَ فَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالإِِْجْمَاعِ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِِلَى حُرْمَةِ الْحَشَرَاتِ وَالْهَوَامِّ، كَابْنِ عَرَفَةَ وَالْقَرَافِيِّ، وَلَعَلَّهُمْ أَخَذُوا بِالرِّوَايَةِ الأُْخْرَى فِي الْمَذْهَبِ.
ثُمَّ إِنَّ الْقَوْل بِحِل جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ لَيْسَ عَلَى إِطْلاَقِهِ، فَإِِنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِهَا وَذَلِكَ كَالْفَأْرِ فَإِِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ يُكْرَهُ إِنْ كَانَ يَصِل إِِلَى النَّجَاسَةِ بِأَنْ تُحُقِّقَ أَوْ ظُنَّ وُصُولُهُ إِلَيْهَا، فَإِِنْ شُكَّ فِي وُصُولِهِ إِلَيْهَا لَمْ يُكْرَهْ، وَكَذَلِكَ إِنْ تُحُقِّقَ عَدَمُ وُصُولِهِ إِلَيْهَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى. وَقَدْ شَهَرَ هَذَا الْقَوْل الدَّرْدِيرُ وَالْخَرَشِيُّ وَالْعَدَوِيُّ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْل الْفَأْرِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَصِل لِلنَّجَاسَةِ أَوْ لاَ، وَشَهَرَ هَذَا الْقَوْل الدُّسُوقِيُّ، وَنَقَل الْحَطَّابُ عَنِ ابْنِ رُشْدٍ اسْتِظْهَارَ التَّحْرِيمِ، وَكَذَا جَوَازُ أَكْل الْحَيَّةِ عِنْدَهُمْ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يُؤْمَنَ سَمُّهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِالآْكِل مَرَضٌ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فَيَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا بِسُمِّهَا. وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: يُكْرَهُ أَكْلُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَذَكَرَ الأَُجْهُورِيُّ حُرْمَةَ أَكْل بِنْتِ عِرْسٍ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ: بِكَرَاهَةِ الْعَقْرَبِ عَلَى خِلاَفِ الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ (9) . ثُمَّ إِنَّ لِلدُّودِ تَفْصِيلاَتٍ أُخْرَى وَأَحْكَامًا خَاصَّةً، وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الدُّودِ الْمُتَوَلِّدِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَطْعِمَةٌ) . ف (10) .
ب - بَيْعُ الْحَشَرَاتِ:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْحَشَرَاتِ الَّتِي لاَ نَفْعَ فِيهَا، إِذْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ، فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْفِئْرَانِ، وَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ، وَالْخَنَافِسِ، وَالنَّمْل وَنَحْوِهَا، إِذْ لاَ نَفْعَ فِيهَا يُقَابَل بِالْمَال، أَمَّا إِذَا وُجِدَ مِنَ الْحَشَرَاتِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ، فَإِِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَدُودِ الْقَزِّ، حَيْثُ يَخْرُجُ مِنْهُ الْحَرِيرُ الَّذِي هُوَ أَفْخَرُ الْمُلاَبِسِ، وَالنَّحْل حَيْثُ يُنْتِجُ الْعَسَل.
وَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ دُودِ الْعَلَقِ، لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ لِلتَّدَاوِي بِمَصِّهِ الدَّمَ، وَزَادَ ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ دُودَ الْقِرْمِزِ (11) . قَال: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دُودِ الْقَزِّ وَبَيْضِهِ فَإِِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَال، وَدُودِ الْقَزِّ فِي الْمَآل.
كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْيَرْبُوعِ وَالضَّبِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُؤْكَل، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: بِجَوَازِ بَيْعِ الدِّيدَانِ لِصَيْدِ السَّمَكِ.
وَقَدْ عَدَّى الْحَنَفِيَّةُ الْحُكْمَ إِِلَى هَوَامِّ الْبَحْرِ أَيْضًا، كَالسَّرَطَانِ وَنَحْوِهِ، فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا عِنْدَهُمْ.
وَمَحَل عَدَمِ الْجَوَازِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا لاَ يُؤْكَل مِنْهَا، وَأَمَّا مَا يُؤْكَل مِنْهَا فَإِِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ لَمْ يُعْتَدْ أَكْلُهُ كَبَنَاتِ عِرْسٍ.
وَقَدْ وَضَعَ الْحَصْكَفِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ ضَابِطًا لِبَيْعِ الْحَشَرَاتِ، فَقَال: إِنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ يَدُورُ مَعَ حِل الاِنْتِفَاعِ (12) .
ج - ذَكَاةُ الْحَشَرَاتِ:
5 - اتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِإِِبَاحَةِ أَكْل الْحَشَرَاتِ أَوْ بَعْضِهَا عَلَى أَنَّهَا لاَ تَحِل إِذَا كَانَتْ لَهَا نَفْسٌ سَائِلَةٌ إِلاَّ بِالتَّذْكِيَةِ، فَإِِنْ مَاتَتْ بِدُونِ تَذْكِيَةٍ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهَا، وَكَانَتْ مَيْتَةً كَسَائِرِ الْمَيْتَاتِ.
أَمَّا مَا لاَ نَفْسَ سَائِلَةَ لَهُ، كَالْجَرَادِ وَالْجُنْدُبِ (13) فَمَا حَل أَكْلُهُ مِنْهَا لاَ تُشْتَرَطُ تَذْكِيَتُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِإِِبَاحَتِهِ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ بُدَّ مِنْ تَذْكِيَتِهِ وَتَحْصُل عِنْدَهُمْ بِأَيِّ فِعْلٍ يَمُوتُ بِهِ، مِنْ قَطْفِ رَأْسٍ، أَوْ قَلْيٍ، أَوْ شَيٍّ، أَوْ إِلْقَائِهِ فِي مَاءٍ بَارِدٍ، وَقَال سَحْنُونٌ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ إِلاَّ فِي مَاءٍ حَارٍّ، أَوْ بِقَطْعِ أَرْجُلِهِ أَوْ أَجْنِحَتِهِ، وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ لاَ يُؤْكَل مَا قُطِعَ مِنْهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الرَّأْسَ أَوِ النِّصْفَ فَمَا فَوْقَهُ فَإِِنَّهُ يُؤْكَل، وَلاَ بُدَّ مِنَ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ ذَكَاتِهَا، فَلاَ يَكْفِي مُجَرَّدُ أَخْذِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بَل لاَ بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ إِزْهَاقَ رُوحِهِ، وَأَنْ يُسَمِّيَ عِنْدَ ذَكَاتِهَا.
وَقَدْ قَيَّدَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْفِعْل بِأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُعَجِّل الْمَوْتَ، فَإِِنْ لَمْ يُعَجِّل الْمَوْتَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَلاَ بُدَّ مِنْ ذَكَاةٍ أُخْرَى بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ.
وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمُ الإِِْطْلاَقَ أَيْ سَوَاءٌ عَجَّل الْفِعْل الْمَوْتَ أَمْ لاَ، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ مُحَشِّيهِ الْعَدَوِيُّ، وَضَعَّفَ قَيْدَ التَّعْجِيل، وَهُوَ مَا مَال إِلَيْهِ الدُّسُوقِيُّ.
وَقَدْ شَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَكَاةِ الْحَيَّةِ الذَّكَاةَ الَّتِي يُؤْمَنُ بِهَا السُّمُّ لِمَنْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ فِي حَلْقِهَا وَفِي قَدْرٍ خَاصٍّ مِنْ ذَنَبِهَا (14) . كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي بَابِ الْمُبَاحِ عِنْدَهُمْ.
د - قَتْل الْحَشَرَاتِ:
6 - قَتْل الْحَشَرَاتِ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ مُطْلَقًا، وَلاَ مَنْهِيًّا عَنْهُ مُطْلَقًا، فَقَدْ نَدَبَ الشَّارِعُ إِِلَى قَتْل بَعْضِ الْحَشَرَاتِ، كَمَا أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْل بَعْضِهَا أَيْضًا. مَا نُدِبَ قَتْلُهُ مِنَ الْحَشَرَاتِ:
7 - مِنَ الْمَنْدُوبِ قَتْلُهُ مِنَ الْحَشَرَاتِ الْحَيَّةُ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ ﵂، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِل وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الأَْبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا (15) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُول: اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ (16) وَالأَْبْتَرَ (17) ، فَإِِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَل قَال عَبْدُ اللَّهِ: فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لأَِقْتُلَهَا، فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ: لاَ تَقْتُلْهَا، فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَدْ أَمَرَ بِقَتْل الْحَيَّاتِ، فَقَال: إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ، وَهِيَ الْعَوَامِرُ. (18) مِنْ أَجْل ذَلِكَ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ وَغَيْرِهَا، فَحَيَّاتُ غَيْرِ الْعُمْرَانِ تُقْتَل مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ لِبَقَائِهَا عَلَى الأَْمْرِ بِقَتْلِهَا، وَأَمَّا حَيَّاتُ الْبُيُوتِ فَتُنْذَرُ قَبْل قَتْلِهَا ثَلاَثًا (19) لِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ لِبُيُوتِكُمْ عُمَّارًا فَحَرِّجُوا عَلَيْهِنَّ ثَلاَثًا، فَإِِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَاقْتُلُوهُ (20) .
وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَهُمَا، قَال الطَّحَاوِيُّ: لاَ بَأْسَ بِقَتْل الْكُل، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَاهَدَ الْجِنَّ أَنْ لاَ يَدْخُلُوا بُيُوتَ أُمَّتِهِ، وَلاَ يُظْهِرُوا أَنْفُسَهُمْ، فَإِِذَا خَالَفُوا فَقَدْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ فَلاَ حُرْمَةَ لَهُمْ. وَمَعَ ذَلِكَ فَالأَْوْلَى عِنْدَهُمُ الإِِْمْسَاكُ عَمَّا فِيهِ عَلاَمَةُ الْجَانِّ لاَ لِلْحُرْمَةِ، بَل لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُتَوَهَّمِ مِنْ جِهَتِهِمْ.
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ الإِِْنْذَارِ وَكَيْفِيَّتِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
وَيُسْتَحَبُّ كَذَلِكَ قَتْل الْوَزَغِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُل مِنْهُ أَذِيَّةٌ، لِمَا رَوَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِقَتْل الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا. (21) وَعَنْ أُمِّ شَرِيكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهَا بِقَتْل الأَْوْزَاغِ. (22)
وَمِنَ الْمُسْتَحَبِّ قَتْلُهُ كَذَلِكَ الْفَأْرُ (23) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: أَمَرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِقَتْل خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحِل وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ (24)
وَمِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ يُسْتَحَبُّ قَتْل كُل مَا فِيهِ أَذًى مِنَ الْحَشَرَاتِ كَالْعَقْرَبِ، وَالْبُرْغُوثِ، وَالزُّنْبُورِ، وَالْبَقِّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِِلَى الْجَوَازِ (25) لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ سُئِل عَنْ حَشَرَاتِ الأَْرْضِ تُؤْذِي أَحَدًا فَقَال: مَا يُؤْذِيكَ فَلَكَ إِذَايَتُهُ قَبْل أَنْ يُؤْذِيَكَ (26) 7 م - مَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ مِنَ الْحَشَرَاتِ:
كَرِهَ الشَّارِعُ قَتْل بَعْضِ الْحَشَرَاتِ كَالضُّفْدَعِ لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ قَال: ذَكَرَ طَبِيبٌ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ ﷺ دَوَاءً، وَذَكَرَ الضُّفْدَعَ يُجْعَل فِيهِ، فَنَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنْ قَتْل الضُّفْدَعِ (27) .
وَقَال صَاحِبُ الآْدَابِ الشَّرْعِيَّةِ (28) : ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ.
وَكَرِهَ قَتْل النَّمْل وَالنَّحْل، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنْ قَتْل أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةُ، وَالنَّحْلَةُ، وَالْهُدْهُدُ، وَالصُّرَدُ (29) .
وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ النَّمْل فِي حَالَةِ الأَْذِيَّةِ، فَإِِنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ قَتْلُهُ.
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ، فَأَجَازُوا قَتْل النَّمْل بِشَرْطَيْنِ: أَنْ تُؤْذِيَ، وَأَنْ لاَ يَقْدِرَ عَلَى تَرْكِهَا، وَكَرِهُوهُ عِنْدَ الإِِْذَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَرْكِهَا، وَمَنَعُوهُ عِنْدَ عَدَمِ الإِِْذَايَةِ، وَلاَ فَرْقَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الإِِْذَايَةِ فِي الْبَدَنِ أَوِ الْمَال. وَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِِلَى جَوَازِ قَتْل الْحَشَرَاتِ، لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ شَرَطُوا لِجَوَازِ قَتْل الْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَةِ أَنْ يَقْصِدَ الْقَاتِل بِالْقَتْل دَفْعَ الإِِْيذَاءِ لاَ الْعَبَثَ، وَإِِلاَّ مُنِعَ حَتَّى الْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ الَّتِي يُبَاحُ قَتْلُهَا فِي الْحِل وَالْحَرَمِ.
وَقَسَمَ الشَّافِعِيَّةُ الْحَشَرَاتِ إِِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
الأَْوَّل: مَا هُوَ مُؤْذٍ مِنْهَا طَبْعًا، فَيُنْدَبُ قَتْلُهُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَ الرَّسُول ﷺ بِقَتْل خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ (30) وَأُلْحِقَ بِهَا الْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَالزُّنْبُورُ، وَكُل مُؤْذٍ.
الثَّانِي: مَا يَنْفَعُ وَيَضُرُّ فَلاَ يُسَنُّ قَتْلُهُ وَلاَ يُكْرَهُ.
الثَّالِثُ: مَا لاَ يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلاَ ضَرَرَ كَالْخَنَافِسِ، وَالْجُعْلاَنِ، وَالسَّرَطَانِ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ.
وَيَحْرُمُ عِنْدَهُمْ قَتْل النَّمْل السُّلَيْمَانِيِّ، وَالنَّحْل وَالضُّفْدَعِ، أَمَّا غَيْرُ السُّلَيْمَانِيِّ، وَهُوَ الصَّغِيرُ الْمُسَمَّى بِالذَّرِّ، فَيَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ الإِِْحْرَاقِ، وَكَذَا بِالإِِْحْرَاقِ إِنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِِلَى اسْتِحْبَابِ قَتْل كُل مَا كَانَ طَبْعُهُ الأَْذَى مِنَ الْحَشَرَاتِ، وَإِِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَذًى قِيَاسًا عَلَى الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، فَيُسْتَحَبُّ عِنْدَهُمْ قَتْل الْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَةِ كَالْحَيَّةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالزُّنْبُورِ، وَالْبَقِّ، وَالْبَعُوضِ، وَالْبَرَاغِيثِ، وَأَمَّا مَا لاَ يُؤْذِي بِطَبْعِهِ كَالدِّيدَانِ، فَقِيل: يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَقِيل: يُكْرَهُ، وَقِيل: يَحْرُمُ.
وَقَدْ نَصُّوا عَلَى كَرَاهَةِ قَتْل النَّمْل إِلاَّ مِنْ أَذِيَّةٍ شَدِيدَةٍ، فَإِِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُنَّ، وَكَذَا الْقُمَّل (31) .
مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِنَ الْحَشَرَاتِ:
8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّ الْحَشَرَاتِ وَالْهَوَامَّ لاَ تَدْخُل فِي الصَّيْدِ الْوَارِدِ تَحْرِيمُهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (32) .
وَذَلِكَ لِعَدَمِ امْتِنَاعِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، حَيْثُ إِنَّهُمْ شَرَطُوا فِي الصَّيْدِ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا بِجَنَاحِهِ أَوْ قَوَائِمِهِ، وَلِكَوْنِهَا غَيْرَ مَأْكُولَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، حَيْثُ إِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا فِي الصَّيْدِ أَنْ يَكُونَ مَأْكُولاً.
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ يَحِل قَتْل مَا لاَ يُؤْذِي مِنَ الْحَشَرَاتِ، وَإِِنْ لَمْ يُوجِبُوا فِيهَا الْجَزَاءَ، كَمَا أَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ فِي قَتْل الْقُمَّل وَالْجَرَادِ الْجَزَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، فَفِي الْقَلِيل التَّصَدُّقُ بِمَا شَاءَ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ فِي الثَّلاَثِ فَمَا دُونَهَا، وَفِي الْكَثِيرِ نِصْفُ صَاعٍ. وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ كَمَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ إِنَّهُمْ لاَ يُجَوِّزُونَ قَتْل مَا لاَ يُؤْذِي مِنَ الْحَشَرَاتِ وَيُوجِبُونَ فِيهَا الْجَزَاءَ، وَأَمَّا الْمُؤْذِي فَإِِنَّ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَهُ إِنْ قَصَدَ دَفْعَ الإِِْذَايَةِ، أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الذَّكَاةِ فَلاَ يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْفَأْرَةَ، وَالْحَيَّةَ، وَالْعَقْرَبَ، فَإِِنَّهَا تُقْتَل مُطْلَقًا كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً بَدَأَتْ بِالأَْذِيَّةِ أَمْ لاَ، وَأَلْحَقُوا بِالْفَأْرَةِ ابْنَ عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الثِّيَابَ مِنَ الدَّوَابِّ، وَبِالْعَقْرَبِ الزُّنْبُورَ وَالرُّتَيْلَى، وَهِيَ دَابَّةٌ صَغِيرَةٌ سَوْدَاءُ رُبَّمَا قَتَلَتْ مَنْ لَدْغَتْهُ.
قَال سَنَدٌ: الْهَوَامُّ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ يَخْتَصُّ بِالأَْجْسَامِ، وَمِنْهَا يَعِيشُ فَلاَ يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ وَلاَ يُمِيطُهُ عَنِ الْجَسَدِ الْمُخْتَصِّ بِهِ إِِلَى غَيْرِهِ، فَإِِنْ قَتَلَهُ أَطْعَمَ وَكَذَا إِذَا طَرَحَهُ، وَضَرْبٌ لاَ يَخْتَصُّ بِالأَْجْسَامِ كَالنَّمْل، وَالذَّرِّ، وَالدُّودِ وَشَبَهِهِ فَإِِنْ قَتَلَهُ افْتَدَى، وَإِِنْ طَرَحَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ إِذْ طَرَحَهُ كَتَرْكِهِ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمُحْرِمِ كَمَذْهَبِهِمْ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ، وَقَدْ سَبَقَ فِيمَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ مِنَ الْحَشَرَاتِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى عَدَمِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ فِي الإِِْحْرَامِ وَالْحَرَمِ، وَعَدَمِ الْجَزَاءِ فِي ذَلِكَ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَوْجَبَ الْجَزَاءَ فِي الصَّيْدِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِصَيْدٍ.
وَعِنْدَهُمْ فِي الْقُمَّل رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا يُبَاحُ قَتْلُهَا، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لاَ يُبَاحُ قَتْلُهَا وَهِيَ الصَّحِيحَةُ فِي الْمَذْهَبِ، قَال الزَّرْكَشِيُّ مِنَالْحَنَابِلَةِ: هِيَ أَنَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِِنْ قَتَلَهَا فَلاَ جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ (33) .
__________
(1) الدواب جمع دابة: والدابة: اسم لكل حيوان في الأرض، وخالف فيه بعضهم فأخرج الطير من الدواب، ورد بالسماع وهو قوله تعالي: (والله خلق كل دابة من ماء) سورة النور / 45 قالوا: أي خلق الله كل حيوان مميزا كان أو غير مميز، وهو يقع على المذكر والمؤنث. وأما تخ والقاموس المحيط والمصباح المنير مادة: " دبب "، والكليات 2 / 320، 336، ودستور العلماء 2 / 98.
(2) الهامة في اللغة ما له سم يقتل كالحية، قاله الأزهري والجمع الهوام مثل دابة ودواب، وقد تطلق الهوام على ما يقتل كالحشرات، ومنه حديث كعب بن عميرة. وقد قال له ﵊: " أيوذيك هوام رأسك؟ " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 16 - ط السلفية) ومسلم (2 / 860 ط الحلبي) واللفظ لمسلم، والمراد العمل على الاستعارة بجامع الأذى ويستعملها الفقهاء بالمعنى نفسه (المصباح المنير) مادة: " همم ".
(3) القاموس المحيط ولسان العرب والمصباح المنير مادة: " حشر " وحاشية ابن عابدين 2 / 219، المغرب ص 116، حياة الحيوان الكبرى 1 / 234 ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة. والحشرة عند علماء الحيوان: كل كائن يقطع في خلقه ثلاثة أطوار، يكون بيضة، فدودة، ففراشة، وهي من المفصليات لها ثلاثة أزواج من القوائم دائما، وله زوج أو زوجان من الأجنحة في الغالب، وفي جسم الحشرة ثلاثة أجزاء: رأس وصدر وبطن. فالحشرة عندهم تختلف عما ف لسان العرب المحيط، الوسيط، مادة حشر) .
(4) سورة الأعراف / 157.
(5) حديث: " أحلت لنا ميتتان ودمان. . . " أخرجه أحمد (2 / 97 ط الميمنية) والبيهقي (1 / 254 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمر وصوب البيهقي وقفه على ابن عمر، وقال ابن حجر في التلخيص (1 / 26 ط شركة المحاسن) : " الرواية الموقوفة في حكم المرفوع ".
(6) حديث ابن عباس: في أكل الضب. أخرجه البخاري (الفتح 9 / 163 - ط السلفية) .
(7)
(8) حاشية ابن عابدين 5 / 193 وما بعدها، بدائع الصنائع 5 / 36، 37، الخانية بهامش الفتاوى الهندية 3 / 358، حواشي الشرواني وابن القاسم على تحفة المحتاج 9 / 383، قليوبي وعميرة 4 / 260، كشاف القناع 6 / 191، 192، والإنصاف 10 / 358.
(9) حاشية الدسوقي 2 / 115، حاشية العدوي على الخرشي 3 / 27، مواهب الجليل 3 / 230، 231، القوانين الفقهية 115، 116.
(10)
(11) نوع من الدود يكون في عصارته صبغ أحمر قان ويسمى ذلك الصبغ (القرمز) القاموس والمعجم الوسيط (قرمز) .
(12) حاشية ابن عابدين 4 / 111، 215، مواهب الجليل 4 / 263، 265، حواشي تحفة المحتاج 4 / 238، قليوبي وعميرة 2 / 158، نهاية المحتاج 3 / 383، كشاف القناع 3 / 152 وما بعدها، المغني 4 / 286.
(13) الجندب نوع من الجراد.
(14) حاشية ابن عابدين 5 / 186 - 195، حاشية الدسوقي 2 / 114، 115، مواهب الجليل 3 / 228، العدوي على الخرشي 3 / 25، 27، الفواكه الدواني 1 / 448، قليوبي وعميرة 4 / 241، كشاف القناع 6 / 204، 205.
(15) حديث: " خمس فواسق يقتلن في الحل والحرام. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 355 ط السلفية) ، ومسلم (2 / 856 ط الحلبي) واللفظ لمسلم
(16) الطفيتين: تثنية طفية بضم الطاء المهملة وسكون الفاء وهي خوصة المقل، والطفي خوص المقل، شبه به الخط الذي على ظهر الحية، وقال ابن عبد البر: يقال أن ذا الطفيتين جنس من الحيات يكون على ظهره خطان أبيضان (فتح الباري 6 / 348 ط مكتبة الرياض الحديثة) .
(17) الأبتر: هو مقطوع الذنب، وقيل: الأبتر الحية القصيرة الذنب، قال الداودي: هو الأفعى التي تكون قدر شبر أو أكثر قليلا (فتح الباري 6 / 48 ط مكتبة الرياض الحديثة) .
(18) حديث: " اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 347 ط السلفية) ومسلم (4 / 1752 - 1753 ط الحلبي) واللفظ للبخاري
(19) فتح القدير 1 / 296 ط الأميرية، والفواكه الدواني 2 / 453، 454، الفتاوى الحديثية 14 وما بعدها، الآداب الشرعية 3 / 365 وما بعدها، فتح الباري 6 / 347 وما بعدها، ونيل الأوطار 8 / 126
(20) حديث: " إن لبيوتكم عمارا فحرجوا عليهن ثلاثا. . . ". أخرجه مسلم (4 / 1757 ط الحلبي) والترمذي (4 / 77 ط الحلبي) واللفظ للترمذي
(21) حديث سعد بن أبي وقاص: أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا. أخرجه البخاري (الفتح 6 / 351 ط السلفية) ومسلم (4 / 1758 ط الحلبي) واللفظ لمسلم
(22) حديث أم شريك أنه أمرها بقتل الأوزاغ. أخرجه البخاري (الفتح 6 / 351 ط السلفية) ومسلم (4 / 1757 ط الحلبي)
(23) الإقناع 2 / 235، الآداب الشرعية 3 / 362، ونيل الأوطار 5 / 26.
(24) حديث عائشة: " أمر رسول الله ﷺ بقتل خمس فواسق ". سبق تخريجه ف / 7
(25) الفواكه الدواني 2 / 455، فتح الباري 6 / 358، فتح القدير 1 / 296 ط الأميرية، الإقناع 2 / 235، الآداب الشرعية 3 / 362، حياة الحيوان الكبرى 1 / 122، 2 / 10، 143 ط المكتبة التجارية الكبرى
(26) حديث: " ما يؤذيك فلك إذايته قبل أن يؤذيك ". أورده صاحب الفواكه الدواني (2 / 455 ط الحلبي) ولم يعزه إلى أحد، ولم يرو كذلك معزوا إلى أحد
(27) حديث: نهى عن قتل الضفدع. أخرجه النسائي (7 / 420 ط المكتبة التجارية) والحاكم (4 / 411 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي
(28) الآداب الشرعية 3 / 369
(29) حديث: " نهى عن قتل أربع من الدواب ". أخرجه أبو داود (5 / 418 - 419 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وجود إسناده ابن مفلح المقدسي في " الآداب الشرعية " (3 / 373 - ط المنار) .
(30) الحديث سبق تخريجه ف / 7
(31) تبيين الحقائق 2 / 66، بدائع الصنائع 2 / 196، والفواكه الدواني 2 / 455، 456، حاشية الجمل 5 / 273، نهاية المحتاج 3 / 343، 344 ط مصطفى الحلبي، كشاف القناع 2 / 439، الإقناع 2 / 235
(32) سورة المائدة / 95
(33) حاشية ابن عابدين 2 / 212، 218، 219، وحاشية الدسوقي 2 / 74 شرح الزرقاني على مختصر خليل 2 / 312، ومواهب الجليل 3 / 164، 173، والخرشي على مختصر خليل 2 / 270 ط المطبعة العامرة الشرقية الطبعة الأولى ونهاية المحتاج 3 / 343، 344 ط مصطفى البابي الحلبي، كشاف القناع 2 / 439، الإنصاف 3 / 484 وما بعدها ط مطبعة السنة المحمدية
الموسوعة الفقهية الكويتية: 278/ 17