الإله
(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...
فساد عقل الراوي، واضطراب أقواله، وأفعاله، بسبب خَرَفٍ، أو ذهاب بصر، أو مرض، أو موت قريب، أو سرقة مال، أو ضياع كتب، أو احتراقها، ونحو ذلك . مثال الاختلاط بسبب ذهاب الكتب ما حدث لابن لهيعة، ومثال الاختلاط بسبب احتراقها ما حدث لابن الْمُلقِّن
الاِخْتِلاطُ: اجْتِماعُ الشَّيْءِ إلى الشَّيْءِ، يُقال: اخْتَلَطْتُ بِفُلانٍ، أي: اجْتَمَعْتُ بِهِ. والخِلْطَةُ: العِشْرَةُ، ويأْتي الاخْتِلاطُ بِمعنى التَّداخُلِ بين أَجْزاءِ الشَّيْءِ، سَواء أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَها وفَصْلُ أَجْزائِها كالجامِداتِ، أم لا كالمائِعاتِ. والمُخالَطَةُ: المُداخَلَةُ، وأَصْلُه مِن الخَلْطِ، وهو: ضَمُّ الشَّيْءِ إلى الشَّيْءِ. وَضِدُّه: الفَصْلُ والتَّفْرِيقُ والتَّمْيِيزُ، ويُسْتَعْمَلُ الاخْتِلاَط بِمعنى الفَسادِ والتَّغَيُّرِ، ومِنْهُ قَولُهُم: اِختلَطَ فُلانٌ: إذا فَسَدَ عَقْلُهُ وتَغَيَّرَ. ومِن مَعانِيه أيضاً: الامْتِزاجُ، والاشْتِباكُ والاشْتِراكُ.
يُطْلَق مُصْطلَحُ (اخْتِلاط) في الفِقْهِ في مَواطِنَ عَدِيدَةٍ، منها: كتاب الطَّهارَةِ، باب: أَحْكام المِياهِ، وباب: الآنِيةِ، وفي كتاب الصَّلاة، باب: اللِّباس في الصَّلاةِ، وكتاب الزَّكاةِ، باب: زَكاة بَهِيمَةِ الأَنْعامِ، وكتاب البُيوعِ، باب: شُرُوط البَيْعِ، وباب: الرِّبا عند الكَلامِ على اجِتِماعِ المالِ الحلالِ مع المالِ الحَرامِ، وفي باب: الشَّرِكات، وفي كتابِ الشُّفْعَةِ، باب: أَحْكام الشُّفْعَةِ، وفي كتاب النِّكاحِ، باب: الرَّضاع، وباب: النَّسَب، وفي كتاب الأَطْعِمَةِ، باب: ما يُباحُ أَكْلُهُ وما لا يُباح، وفي كِتاب القَضاءِ، باب: الدَّعاوَى، وغَيْر ذلك مِن الأبواب. ويُطلَق في كتاب الصَّلاة، باب: أَحْكام المَساجِدِ، وفي كتاب الآداب، باب: مَساوِئ الأخْلاقِ، ويُراد بِه: اجْتِماع الرِّجالِ بِالنِّساءِ في مكانٍ واحِدٍ. ويُطلَق في كتاب الحُدود، باب: حدّ القَذْف، وباب: حَدّ شُربِ الخَمْر، ويُراد بِه: فَساد العَقْلِ، سَواء كان مُؤَقَّتًا أو دائِمًا. ويُطلَق في عِلْمِ مُصطلَح الحَدِيثِ، باب: عِلَل الحَدِيثِ، ويُراد بِه: سُوءُ حِفْظِ الرَّاوِي بِسَبَبٍ عارِضٍ ما، كِكِبَرِ سِنِّهِ، أو ذَهابِ بَصَرِهِ، أو احْتِراقِ كُتُبِهِ، أو نَحْو ذلك.
خَلَطَ
يطلق على اجتماع الرجال والنساء بمكان واحد، دون مراعاة للضوابط الشرعية بما يفضي إلى الفتنة والفساد.
* مقاييس اللغة : (2/208)
* المحكم والمحيط الأعظم : (5/115)
* الفروق اللغوية للعسكري : (ص 302)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/177)
* شرح حدود ابن عرفة : (1/326)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 300)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (3/60)
* الـمغني لابن قدامة : 1/328 - المبسوط : 8/16 - : الاستقامة : 1/361 - كشاف القناع : (6/116)
* نزهة النظر : (ص 129)
* مختار الصحاح : (ص 94)
* لسان العرب : (7/291)
* تاج العروس : (19/259) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِخْتِلاَطُ ضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ، وَقَدْ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْحَيَوَانَاتِ، وَقَدْ لاَ يُمْكِنُ كَمَا فِي الْمَائِعَاتِ فَيَكُونُ مَزْجًا (1) . وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - الاِمْتِزَاجُ هُوَ انْضِمَامُ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا، وَيَخْتَلِفُ عَنْهُ الاِخْتِلاَطُ بِأَنَّهُ أَعَمُّ؛ لِشُمُولِهِ مَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ فِيهِ وَمَا لاَ يُمْكِنُ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِحَسَبِ الْمَسَائِل الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الاِخْتِلاَطُ، فَقَدْ يَكُونُ أَثَرُ الاِخْتِلاَطِ هُوَ الْحُرْمَةَ. وَذَلِكَ تَبَعًا لِقَاعِدَةِ: إِذَا اجْتَمَعَ الْحَلاَل وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ، كَمَا لَوِ اخْتَلَطَتِ الْمَسَالِيخُ الْمُذَكَّاةُ بِمَسَالِيخِ الْمَيْتَةِ دُونَ تَمْيِيزٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَجُزْ تَنَاوُل شَيْءٍ مِنْهَا، وَلاَ بِالتَّحَرِّي إِلاَّ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ (2) . وَيَجُوزُ التَّحَرِّي إِذَا كَانَتِ الْغَلَبَةُ لِلْمُذَكَّاةِ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ. وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِغَيْرِهَا فَلَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ وَلاَ بِالتَّحَرِّي، وَمِثْل ذَلِكَ مَنْ طَلَّقَ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهِمًا، يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ قَبْل التَّعْيِينِ (3) . وَقَدْ يَكُونُ أَثَرُ الاِخْتِلاَطِ هُوَ الاِجْتِهَادَ وَالتَّحَرِّيَ غَالِبًا فَالأَْوَانِي إِذَا كَانَ بَعْضُهَا طَاهِرًا وَبَعْضُهَا نَجِسًا وَلَمْ تَتَمَيَّزْ، وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ إِذَا اخْتَلَطَ الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى لِلطَّهَارَةِ وَاللُّبْسِ (4) . وَهَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُول عَدَمُ التَّحَرِّي وَهُمُ الْحَنَابِلَةُ إِلاَّ بَعْضَهُمْ.
وَقَدْ يَكُونُ أَثَرُ الاِخْتِلاَطِ هُوَ الضَّمَانَ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا خَلَطَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ بِمَالِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لأَِنَّ الْخَلْطَ إِتْلاَفٌ (5) . وَقَدْ يُعْتَبَرُ الاِخْتِلاَطُ إِبْطَالاً لِبَعْضِ الْعُقُودِ كَالْوَصِيَّةِ، فَمَنْ وَصَّى بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَتَمَيَّزُ مِنْهُ كَانَ رُجُوعًا فِي الْوَصِيَّةِ (6) . وَمِنْ صُوَرِ الاِخْتِلاَطِ:
اخْتِلاَطُ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ:
4 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ اخْتِلاَطِ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ بِحَسَبِ مُوَافَقَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَوْ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ، فَيَحْرُمُ. الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَ فِيهِ:
أ - الْخَلْوَةُ بِالأَْجْنَبِيَّةِ، وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ إِلَيْهَا.
ب - تَبَذُّل الْمَرْأَةِ وَعَدَمُ احْتِشَامِهَا.
ج - عَبَثٌ وَلَهْوٌ وَمُلاَمَسَةٌ لَلأَْبْدَانِ كَالاِخْتِلاَطِ فِي الأَْفْرَاحِ وَالْمَوَالِدِ وَالأَْعْيَادِ، فَالاِخْتِلاَطُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مِثْل هَذِهِ الأُْمُورِ حَرَامٌ، لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ.
قَال تَعَالَى: {قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} . . . {وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} .
وَقَال تَعَالَى عَنِ النِّسَاءِ: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} وَقَال: {إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (7) . وَيَقُول النَّبِيُّ ﷺ: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ (8) وَقَال ﷺ لأَِسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ (9) .
كَذَلِكَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ لَمْسِ الأَْجْنَبِيَّةِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ عَجُوزًا لاَ تُشْتَهَى فَلاَ بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ. وَيَقُول ابْنُ فَرْحُونَ: فِي الأَْعْرَاسِ الَّتِي يَمْتَزِجُ فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاءُ، لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِذَا كَانَ فِيهِ مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ؛ لأَِنَّ بِحُضُورِهِنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُنَّ.
وَيُسْتَثْنَى مِنَ الاِخْتِلاَطِ الْمُحَرَّمِ مَا يَقُومُ بِهِ الطَّبِيبُ مِنْ نَظَرٍ وَلَمْسٍ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ. 5 - وَيَجُوزُ الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ مَشْرُوعَةٌ مَعَ مُرَاعَاةِ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَلِذَلِكَ جَازَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ لِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلاَةِ الْعِيدِ، وَأَجَازَ الْبَعْضُ خُرُوجَهَا لِفَرِيضَةِ الْحَجِّ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ مِنَ الرِّجَال.
كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ مُعَامَلَةُ الرِّجَال بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَلَقَدْ سُئِل الإِْمَامُ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تَلْجَأُ إِلَى الرَّجُل، فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا، وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ، هَل تَرَى ذَلِكَ لَهُ حَسَنًا؟ قَال: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلْيُدْخِل مَعَهُ غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا عَلَى مَا قَال إِذَا غَضَّ بَصَرَهُ عَمَّا لاَ يَحِل لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِ (10) .
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
6 - الأَْشْيَاءُ الَّتِي يَتِمُّ فِيهَا الاِخْتِلاَطُ تَشْمَل مَوَاطِنَ مُتَعَدِّدَةً فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِل الْفِقْهِيَّةِ وَلِكُل مَسْأَلَةٍ حُكْمُهَا بِحَسَبِ أَثَرِ الاِخْتِلاَطِ فِيهَا وَمِنْ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ: اخْتِلاَطُ الْمَغْصُوبِ بِغَيْرِهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ. وَاخْتِلاَطُ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِهِمْ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ. وَاخْتِلاَطُ الْحَادِثِ بِالْمَوْجُودِ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ. وَاخْتِلاَطُ الْمَاشِيَةِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ. وَاخْتِلاَطُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي بَابِ الإِْيمَانِ. وَاخْتِلاَطُ النَّجِسِ بِالطَّاهِرِ فِي الْمَائِعَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي الْمَوْضُوعِ فُرُوعٌ مُتَعَدِّدَةٌ. (ر: نَظَرٌ - خَلْوَةٌ - مَحْرَمٌ - أَجْنَبِيٌّ) .
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير.
(2) الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 145 دار الطباعة العامرة، والفروق للقرافي 1 / 226 ط دار إحياء الكتب العربية، والأشباه للسيوطي ص 106 ط مصطفى الحلبي، والقواعد لابن رجب ص 241 ط الصدق الخيرية، والدسوقي 2 / 402 ط عيسى الحلبي.
(3) المراجع السابقة.
(4) الأشباه لابن نجيم 1 / 146، والفتاوى الهندية1 / 60 ط بولاق والفروق للقرافي2 / 101، والحطاب1 / 160 ط ليبيا والأشباه للسيوطي ص 107 والقواعد لابن رجب ص 241 والمغني 1 / 50 ط المنار.
(5) بدائع الصنائع 6 / 213، والدسوقي 3 / 420، والقليوبي 3 / 186، والمغني7 / 281
(6) القليوبي 3 / 176، والمغني 6 / 487
(7) سورة النور / 30،31، وسورة الأحزاب / 53
(8) حديث: " لا يخلون. . . " أخرجه الترمذي (تحفة الأحوزي 6 / 384)
(9) حديث: " يا أسماء " أخرجه أبو داود (عون المعبود 4 / 106)
(10) ابن عابدين 5 / 243 ط ثالثة والبدائع 5 / 125 ط الجمالية والاختيار4 / 154 - 156، والمغني 3 / 237 - 372 و2 / 200 - 204 و 6 / 558، ومنتهى الإرادات 3 / 5 - 7، والمهذب 1 / 71، 100، 126 و 2 / 35، ومغني المحتاج 1 / 467، ومنح الجليل 1 / 133، 231، 275، 439، 484 و3 / 738، والمدخل لابن الحاج 1 / 237، 275 و 2 / 17، 53، والتبصرة بهامش فتح العلي 1 / 296
الموسوعة الفقهية الكويتية: 289/ 2
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".