الأكرم
اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...
قطع جِلْدة القُلْفَة الزائدة على الحشفة في عضو الذكر . ومن أمثلته كون الختان من الفطرة . ومن شواهده حديث أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْه - قال : قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : " الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ؛ الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ ." البخاري :5889.
الخِتانُ مَصْدَرُ خَتَنَ، يـَخْتِنُ، خَتْناً وخِتاناً. والخَتْنُ: القَطْعُ، والخِتانُ: قَطْعُ جِلدَةٍ تُغطِّي حَشَفَةَ الذَّكَرِ، وفي حَقِّ المرأةِ: قَطْعُ بَعْض جِلْدَةٍ عالِيَةٍ مُشْرِفَةٍ على الفَرْجِ. ويُطلَقُ أيضاً على مَوْضِعِ القَطْعِ مِنْ ذَكَرِ الغُلامِ وفَرْجِ الجارِيَة.
ختن
قطع جِلْدة القُلْفَة الزائدة على الحشفة في عضو الذكر.
* العين : (4/238)
* مقاييس اللغة : (2/245)
* تهذيب اللغة : (7/133)
* المحكم والمحيط الأعظم : (5/151)
* لسان العرب : (13/137)
* تاج العروس : (34/479)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (5/275)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (3/258)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (1/297)
* الـمغني لابن قدامة : (1/63)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 29)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 193)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/16)
* القاموس الفقهي : (ص 112) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْخِتَانُ وَالْخِتَانَةُ لُغَةً الاِسْمُ مِنَ الْخَتْنِ، وَهُوَ قَطْعُ الْقُلْفَةِ مِنَ الذَّكَرِ، وَالنَّوَاةُ مِنَ الأُْنْثَى، كَمَا يُطْلَقُ الْخِتَانُ عَلَى مَوْضِعِ الْقَطْعِ.
يُقَال خَتَنَ الْغُلاَمَ وَالْجَارِيَةَ يَخْتِنُهُمَا وَيَخْتُنُهُمَا خَتْنًا.
وَيُقَال: غُلاَمٌ مَخْتُونٌ وَجَارِيَةٌ مَخْتُونَةٌ وَغُلاَمٌ وَجَارِيَةٌ خَتِينٌ، كَمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْخَفْضُ وَالإِْعْذَارُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمُ الْخَتْنَ بِالذَّكَرِ، وَالْخَفْضَ بِالأُْنْثَى، وَالإِْعْذَارُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (1) .
وَالْعُذْرَةُ: الْخِتَانُ، وَهِيَ كَذَلِكَ الْجِلْدَةُ يَقْطَعُهَا الْخَاتِنُ. وَعَذَرَ الْغُلاَمَ وَالْجَارِيَةَ يَعْذِرُهُمَا، عُذْرًا وَأَعْذَرَهُمَا خَتَنَهُمَا.
وَالْعَذَارُ وَالإِْعْذَارُ وَالْعَذِيرَةُ وَالْعَذِيرُ طَعَامُ الْخِتَانِ (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلْمُصْطَلَحِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ. حُكْمُ الْخِتَانِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْخِتَانِ عَلَى أَقْوَالٍ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
2 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (3) وَالْمَالِكِيَّةُ (4) وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (5) ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (6) : إِلَى أَنَّ الْخِتَانَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الرِّجَال وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَهُوَ مِنَ الْفِطْرَةِ وَمِنْ شَعَائِرِ الإِْسْلاَمِ، فَلَوِ اجْتَمَعَ أَهْل بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ حَارَبَهُمُ الإِْمَامُ، كَمَا لَوْ تَرَكُوا الأَْذَانَ.
وَهُوَ مَنْدُوبٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ خِتَانُهَا مَكْرُمَةً وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّهُ سُنَّةٌ فِي حَقِّهِنَّ كَذَلِكَ، وَفِي ثَالِثٍ: إِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ (7) .
وَاسْتَدَلُّوا لِلسُّنِّيَّةِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ مَرْفُوعًا: الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَال مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ (8) وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِْبِطِ، وَتَقْلِيمُ الأَْظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ.
(9) وَقَدْ قُرِنَ الْخِتَانُ فِي الْحَدِيثِ بِقَصِّ الشَّارِبِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَاجِبًا.
وَمِمَّا يَدُل عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ كَذَلِكَ أَنَّ الْخِتَانَ قَطْعُ جُزْءٍ مِنَ الْجَسَدِ ابْتِدَاءً فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ قِيَاسًا عَلَى قَصِّ الأَْظْفَارِ (10) .
الْقَوْل الثَّانِي:
3 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (11) وَالْحَنَابِلَةُ (12) ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْل سَحْنُونٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (13) : إِلَى أَنَّ الْخِتَانَ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَال وَالنِّسَاءِ.
وَاسْتَدَلُّوا لِلْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (14) قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - ﵁ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ (15) وَأُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ إِبْرَاهِيمَ ﷺ أَمْرٌ لَنَا بِفِعْل تِلْكَ الأُْمُورِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فَكَانَتْ مِنْ شَرْعِنَا.
وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ كَذَلِكَ: أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ (16) قَالُوا: وَلأَِنَّ الْخِتَانَ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمَا جَازَ كَشْفُ الْعَوْرَةِ مِنْ أَجْلِهِ، وَلَمَا جَازَ نَظَرُ الْخَاتِنِ إِلَيْهَا وَكِلاَهُمَا حَرَامٌ، وَمِنْ أَدِلَّةِ الْوُجُوبِ كَذَلِكَ أَنَّ الْخِتَانَ مِنْ شِعَارِ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ وَاجِبًا كَسَائِرِ شِعَارِهِمْ.
وَفِي قَوْلِهِ ﷺ: إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْل (17) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَخْتَتِنَّ؛ وَلأَِنَّ هُنَاكَ فَضْلَةً فَوَجَبَ إِزَالَتُهَا كَالرَّجُل. وَمِنَ الأَْدِلَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ أَنَّ بَقَاءَ الْقُلْفَةِ يَحْبِسُ النَّجَاسَةَ وَيَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلاَةِ فَتَجِبُ إِزَالَتُهَا.
الْقَوْل الثَّالِثُ:
4 - هَذَا الْقَوْل نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي، وَهُوَ أَنَّ الْخِتَانَ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَال، وَمَكْرُمَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِنَّ (18) . مِقْدَارُ مَا يُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ:
5 - يَكُونُ خِتَانُ الذُّكُورِ بِقَطْعِ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ، وَتُسَمَّى الْقُلْفَةَ، وَالْغُرْلَةَ، بِحَيْثُ تَنْكَشِفُ الْحَشَفَةُ كُلُّهَا.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّهُ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَخْذِ أَكْثَرِهَا جَازَ. وَفِي قَوْل ابْنِ كَجٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهُ يَكْفِي قَطْعُ شَيْءٍ مِنَ الْقُلْفَةِ وَإِنْ قَل بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الْقَطْعُ تَدْوِيرَ رَأْسِهَا.
وَيَكُونُ خِتَانُ الأُْنْثَى بِقَطْعِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الاِسْمُ مِنَ الْجِلْدَةِ الَّتِي كَعُرْفِ الدِّيكِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْل. وَالسُّنَّةُ فِيهِ أَنْ لاَ تُقْطَعَ كُلُّهَا بَل جُزْءٌ مِنْهَا (19) .
وَذَلِكَ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ - ﵂ - أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ فَقَال لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: لاَ تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْل. (20)
وَقْتُ الْخِتَانِ:
6 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي يَصِيرُ فِيهِ الْخِتَانُ وَاجِبًا هُوَ مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لأَِنَّ الْخِتَانَ مِنْ أَجْل الطَّهَارَةِ، وَهِيَ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَهُ. وَيُسْتَحَبُّ خِتَانُهُ فِي الصِّغَرِ إِلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ لأَِنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ؛ وَلأَِنَّهُ أَسْرَعُ بُرْءًا فَيَنْشَأُ عَلَى أَكْمَل الأَْحْوَال.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي تَعْيِينِ وَقْتِ الاِسْتِحْبَابِ وَجْهَانِ: الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ يَوْمُ السَّابِعِ وَيُحْتَسَبُ يَوْمُ الْوِلاَدَةِ مَعَهُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ: عَقَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَخَتَنَهُمَا لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ (21) ، وَفِي مُقَابِلِهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الأَْكْثَرُونَ أَنَّهُ الْيَوْمُ السَّابِعُ بَعْدَ يَوْمِ الْوِلاَدَةِ. وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الْمُسْتَحَبَّ مَا بَيْنَ الْعَامِ السَّابِعِ إِلَى الْعَاشِرِ مِنْ عُمْرِهِ؛ لأَِنَّهَا السِّنُّ الَّتِي يُؤْمَرُ فِيهَا بِالصَّلاَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ وَقْتُ الإِْثْغَارِ، إِذَا سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ، وَالأَْشْبَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِطَاقَةِ الصَّبِيِّ إِذْ لاَ تَقْدِيرَ فِيهِ فَيُتْرَكُ تَقْدِيرُهُ إِلَى الرَّأْيِ، وَفِي قَوْلٍ: إِنَّهُ إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَةَ لِزِيَادَةِ الأَْمْرِ بِالصَّلاَةِ إِذَا بَلَغَهَا. وَكَرِهَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْخِتَانَ يَوْمَ السَّابِعِ؛ لأَِنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالْيَهُودِ (22) . خِتَانُ مَنْ لاَ يَقْوَى عَلَى الْخِتَانِ:
7 - مَنْ كَانَ ضَعِيفَ الْخِلْقَةِ بِحَيْثُ لَوْ خُتِنَ خِيفَ عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُخْتَنَ حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِهِ، بَل يُؤَجَّل حَتَّى يَصِيرَ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلاَمَتُهُ؛ لأَِنَّهُ لاَ تَعَبُّدَ فِيمَا يُفْضِي إِلَى التَّلَفِ؛ وَلأَِنَّ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ يَسْقُطُ بِخَوْفِ الْهَلاَكِ فَالسُّنَّةُ أَحْرَى، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَقُول: إِنَّ الْخِتَانَ سُنَّةٌ.
وَلِلْحَنَابِلَةِ تَفْصِيلٌ فِي مَذْهَبِهِمْ، مُلَخَّصُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْخِتَانِ يَسْقُطُ عَمَّنْ خَافَ تَلَفًا، وَلاَ يَحْرُمُ مَعَ خَوْفِ التَّلَفِ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، أَمَّا مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتْلَفُ بِهِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخِتَانُ (23) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (24)
مَنْ مَاتَ غَيْرَ مَخْتُونٍ:
8 - لاَ يُخْتَنُ الْمَيِّتُ الأَْقْلَفُ الَّذِي مَاتَ غَيْرَ مَخْتُونٍ. لأَِنَّ الْخِتَانَ كَانَ تَكْلِيفًا، وَقَدْ زَال بِالْمَوْتِ؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْخِتَانِ التَّطْهِيرُ مِنَ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ زَالَتِ الْحَاجَةُ بِمَوْتِهِ. وَلأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْمَيِّتِ فَلاَ يُقْطَعُ، كَيَدِهِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ، أَوِ الْقِصَاصِ وَهِيَ لاَ تُقْطَعُ مِنَ الْمَيِّتِ، وَخَالَفَ الْخِتَانُ قَصَّ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ؛ لأَِنَّهُمَا يُزَالاَنِ فِي الْحَيَاةِ لِلزِّينَةِ، وَالْمَيِّتُ يُشَارِكُ الْحَيَّ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْخِتَانُ فَإِنَّهُ يُفْعَل لِلتَّكْلِيفِ بِهِ، وَقَدْ زَال بِالْمَوْتِ.
وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهُ يُخْتَنُ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ لأَِنَّهُ كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَهِيَ تُزَال مِنَ الْمَيِّتِ. وَالْقَوْل الثَّالِثُ عِنْدَهُمْ: إِنَّهُ يُخْتَنُ الْكَبِيرُ دُونَ الصَّغِيرِ؛ لأَِنَّهُ وَجَبَ عَلَى الْبَالِغِ دُونَ الصَّغِيرِ (25) .
مَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا بِلاَ قُلْفَةٍ:
9 - مَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا بِلاَ قُلْفَةٍ فَلاَ خِتَانَ عَلَيْهِ لاَ إِيجَابًا وَلاَ اسْتِحْبَابًا، فَإِنْ وُجِدَ مِنَ الْقُلْفَةِ شَيْءٌ يُغَطِّي الْحَشَفَةَ أَوْ بَعْضَهَا، وَجَبَ قَطْعُهُ كَمَا لَوْ خُتِنَ خِتَانًا غَيْرَ كَامِلٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ تَكْمِيلُهُ ثَانِيًا حَتَّى يُبِينَ جَمِيعَ الْقُلْفَةِ الَّتِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِإِزَالَتِهَا فِي الْخِتَانِ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ تُجْرَى عَلَيْهِ الْمُوسَى، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقْطَعُ قُطِعَ (26) .
تَضْمِينُ الْخَاتِنِ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَضْمِينِ الْخَاتِنِ إِذَا مَاتَ الْمَخْتُونُ بِسَبَبِ سِرَايَةِ جُرْحِ الْخِتَانِ، أَوْ إِذَا جَاوَزَ الْقَطْعُ إِلَى الْحَشَفَةِ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ قُطِعَ فِي غَيْرِ مَحَل الْقَطْعِ.
وَحُكْمُهُ فِي الضَّمَانِ حُكْمُ الطَّبِيبِ أَيْ أَنَّهُ يُضْمَنُ مَعَ التَّفْرِيطِ أَوِ التَّعَدِّي وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَةِ بِالْخِتَانِ (27) .
وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخَاتِنَ إِذَا خَتَنَ صَبِيًّا فَقَطَعَ حَشَفَتَهُ وَمَاتَ الصَّبِيُّ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَاتِنِ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ كُلُّهَا، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَوْتَ حَصَل بِفِعْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْقُلْفَةِ، وَالآْخَرُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ، فَيَجِبُ نِصْفُ الضَّمَانِ. أَمَّا إِذَا بَرِئَ فَيُجْعَل قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَهُوَ الْمَأْذُونُ فِيهِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ فَوَجَبَ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ كَامِلاً وَهُوَ الدِّيَةُ؛ لأَِنَّ الْحَشَفَةَ عُضْوٌ مَقْصُودٌ لاَ ثَانِيَ لَهُ فِي النَّفْسِ فَيُقَدَّرُ بَدَلُهُ بِبَدَل النَّفْسِ كَمَا فِي قَطْعِ اللِّسَانِ (28) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْخَاتِنِ إِذَا كَانَ عَارِفًا مُتْقِنًا لِمِهْنَتِهِ وَلَمْ يُخْطِئْ فِي فِعْلِهِ كَالطَّبِيبِ؛ لأَِنَّ الْخِتَانَ فِيهِ تَغْرِيرٌ فَكَأَنَّ الْمَخْتُونَ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِمَا أَصَابَهُ.
فَإِنْ كَانَ الْخَاتِنُ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَةِ بِالْخِتَانِ وَأَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَةِ عُوقِبَ، وَفِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ فِي مَالِهِ قَوْلاَنِ: فَلاِبْنِ الْقَاسِمِ إِنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَعَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ إِنَّهَا فِي مَالِهِ. لأَِنَّ فِعْلَهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لاَ تَحْمِل عَمْدًا (29) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْخَاتِنَ إِذَا تَعَدَّى بِالْجُرْحِ الْمُهْلِكِ، كَأَنْ خَتَنَهُ فِي سِنٍّ لاَ يَحْتَمِلُهُ لِضَعْفٍ وَنَحْوِهِ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، فَإِنْ ظَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمِلاً فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْقَوَدِ لاِنْتِفَاءِ التَّعَدِّي. وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ الْقَوَدِ الْوَالِدُ وَإِنْ عَلاَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُقْتَل بِوَلَدِهِ، وَتَلْزَمُهُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ لأَِنَّهُ عَمْدٌ مَحْضٌ. فَإِنِ احْتَمَل الْخِتَانَ وَخَتَنَهُ وَلِيٌّ، أَوْ وَصِيٌّ، أَوْ قَيِّمٌ فَمَاتَ، فَلاَ ضَمَانَ فِي الأَْصَحِّ لإِِحْسَانِهِ بِالْخِتَانِ، إِذْ هُوَ أَسْهَل عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيرًا بِخِلاَفِ الأَْجْنَبِيِّ لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ إِقَامَةِ الشِّعَارِ.
وَلَمْ يَرَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَوَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الأَْجْنَبِيِّ أَيْضًا لأَِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ يُقِيمُ شَعِيرَةً (30) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الْخَاتِنِ إِذَا عُرِفَ مِنْهُ حِذْقُ الصَّنْعَةِ، وَلَمْ تَجْنِ يَدُهُ؛ لأَِنَّهُ فَعَل فِعْلاً مُبَاحًا فَلَمْ يَضْمَنْ سِرَايَتَهُ كَمَا فِي الْحُدُودِ، وَكَذَلِكَ لاَ ضَمَانَ إِذَا كَانَ الْخِتَانُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ وَلِيِّ غَيْرِهِ أَوِ الْحَاكِمِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِذْقٌ فِي الصَّنْعَةِ ضَمِنَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَحِل لَهُ مُبَاشَرَةُ الْقَطْعِ، فَإِنْ قُطِعَ فَقَدْ فَعَل مُحَرَّمًا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ، لِقَوْلِهِ: ﷺ: مَنْ تَطَبَّبَ وَلاَ يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ (31) وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إِذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ وَكَانَ حَاذِقًا وَلَكِنْ جَنَتْ يَدُهُ وَلَوْ خَطَأً، مِثْل أَنْ جَاوَزَ قَطْعَ الْخِتَانِ فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ أَوْ بَعْضَهَا، أَوْ غَيْرَ مَحَل الْقَطْعِ، أَوْ قَطَعَ بِآلَةٍ يَكْثُرُ أَلَمُهَا، أَوْ فِي وَقْتٍ لاَ يَصْلُحُ الْقَطْعُ فِيهِ. وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إِذَا قَطَعَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ (32) .
آدَابُ الْخِتَانِ:
11 - تُشْرَعُ الْوَلِيمَةُ لِلْخِتَانِ وَتُسَمَّى الإِْعْذَارُ وَالْعَذَارُ، وَالْعُذْرَةُ، وَالْعَذِيرُ.
وَالسُّنَّةُ إِظْهَارُ خِتَانِ الذَّكَرِ، وَإِخْفَاءُ خِتَانِ الأُْنْثَى.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا تُسْتَحَبُّ فِي الذَّكَرِ وَلاَ بَأْسَ بِهَا فِي الأُْنْثَى لِلنِّسَاءِ فِيمَا بَيْنَهُنَّ (33) ، وَالتَّفْصِيل فِي (وَلِيمَةٌ، وَدَعْوَةٌ) .
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة: (ختن) . والمطلع على أبواب المقنع ص 28.
(2) لسان العرب والمصباح المنير مادة: (عذر) .
(3) حاشية ابن عابدين 5 / 479، والاختيار 4 / 167.
(4) الشرح الصغير 2 / 151.
(5) المجموع 1 / 300.
(6) الإنصاف 1 / 124.
(7) ينظر الفروق بين السنة والمندوب والمستحب تحت عنوان (استحباب) .
(8) حديث: " الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ". أخرجه أحمد (5 / 75 - ط الميمنية) والبيهقي في سننه (8 / 325 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أسامة الهذلي، وأعله البيهقي بأحد رواته.
(9) حديث أبي هريرة: " مس من الفطرة: الختان والاستحداد. . . " أخرجه البخاري (الفتح 20 / 334 - ط السلفية) ومسلم (1 / 221 - ط الحلبي) .
(10) المجموع 1 / 284، 285، المنتقى 7 / 232
(11) المجموع 1 / 298 / 299، 301، قليوبي وعميرة 4 / 11، طرح التثريب 1 / 75، فتح الباري 10 / 341.
(12) كشاف القناع 1 / 80، والإنصاف 1 / 123.
(13) المنتقى 7 / 232.
(14) سورة النحل / 123.
(15) حديث: " اختتن إبراهيم النبي ﷺ وهو ابن ثمانين سنة " أخرجه البخاري (6 / 388 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1893 - ط الحلبي) .
(16) حديث: " ألق عنك شعر الكفر واختتن ". أخرجه أبو داود (1 / 253 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وفي إسناده جهالة كما في التلخيص لابن حجر (4 / 82 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(17) حديث: " إذا التقى الختانان وجب الغسل " أخرجه الشافعي في الأم (1 / 37) من حديث عائشة، وأصله في مسلم (1 / 272 - ط الحلبي) .
(18) المغني 1 / 85.
(19) المجموع 1 / 302، الخرشي 3 / 48، البناية 1 / 273، وكشاف القناع 1 / 85.
(20) حديث أم عطية: " لا تنهكي، فإن ذلك أحظى للمرآة وأحب إلى البعل ". أخرجه أبو داود (5 / 421 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ثم ضعف إسناده.
(21) حديث جابر: عق رسول الله ﷺ عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام. أخرجه البيهقي (8 / 324 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده راو متكلم فيه، وقد أورد الذهبي من مناكيره هذا الحديث في الميزان (2 / 85 - ط الحلبي) .
(22) حاشية ابن عابدين 5 / 478، مواهب الجليل 3 / 258، المجموع 1 / 313، الإنصاف 1 / 124، حاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 174، النووي على مسلم 3 / 148.
(23) المجموع 1 / 304، فتح القدير 1 / 43، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه 2 / 152، الخرشي على خليل 3 / 48، مطالب أولي النهى 1 / 91.
(24) سورة البقرة / 195.
(25) المجموع 1 / 304، 5 / 183 فتح القدير 1 / 451 الخرشي على خليل 2 / 136، مطالب أولي النهى 1 / 858، كشاف القناع 2 / 97.
(26) المجموع 1 / 307، الاختيار 4 / 167، مواهب الجليل 3 / 258، الخرشي 3 / 48، مطالب أولي النهى 1 / 91.
(27) فتح القدير 7 / 206، حاشية ابن عابدين 5 / 364 و 400، نهاية المحتاج 8 / 33، 34، حاشية الدسوقي 4 / 28، جواهر الإكليل 2 / 191، كشاف القناع 4 / 34 - 35.
(28) فتح القدير 7 / 206، حاشية ابن عابدين 5 / 364، 400.
(29) حاشية الدسوقي 4 / 28.
(30) نهاية المحتاج 8 / 33، 34.
(31) حديث: " من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن ". أخرجه أبو داود (4 / 710 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (4 / 212 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمرو وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(32) كشاف القناع 4 / 34 - 35.
(33) فتح الباري 10 / 343 القليوبي 3 / 294.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 26/ 19