الرءوف
كلمةُ (الرَّؤُوف) في اللغة صيغةُ مبالغة من (الرأفةِ)، وهي أرَقُّ...
الاسْتِحْبابُ: مَصْدَرُ اسْتَحَبَّ، يَسْتَحِبُّ، يُقال: اسْتَحَبَّ الشَّيءَ: إذا أحَبَّهُ ورَغِبَ فيه، والحُبُّ، هو: الوُدُّ، ونَقِيضُه: البُغْضُ، ومِن معاني الاسْتِحْبابِ: الاسْتِحْسانُ، والإيثارُ.
يَرِد مُصْطلَح (اسْتِحْباب) في مواطِنَ عديدة من أبواب الفقهِ ومسائِلِه عند الكلام عن الأُمُورِ المَسْنُونَةِ في أَبوابِ العِباداتِ والـمُعاملاتِ ونحوها. ويَرِدُ إطْلاقُهُ أيْضاً في عِلْمِ أصولِ الفقهِ عند الكلامِ عن الأَحْكامِ التَّكْلِيفِيَّةِ.
حبب
طَلَبُ الشّارِعِ لِلفِعْلِ طَلَباً غَيْرَ جازِمٍ.
الاسْتِحبابُ: هو طَلَبُ الشّارِعِ -وهو اللهُ سُبْحانَهُ وتعالى- مِن المُكلَّف إيْقاعَ الفِعْلِ، وأمْرُهُ بِهِ أَمْراً غَيْرَ جازمٍ؛ بحيثُ يُثابُ فاعِلُهُ على وَجْهِ القُرْبَةِ والامْتِثالِ، ولا يَسْتَحِقُّ تارِكُهُ العِقابَ.
الاسْتِحْبابُ: مَصْدَرُ اسْتَحَبَّ، يُقال: اسْتَحَبَّ الشَّيءَ: إذا أحَبَّهُ ورَغِبَ فيه، والحُبُّ، هو: الوُدُّ، ونَقِيضُه: البُغْض.
* تهذيب اللغة : (1/443)
* معجم مقاييس اللغة : (2/26)
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/542)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/117)
* البناية شرح الهداية : (1/199)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (1/263)
* روضة الطالبين : (1/56)
* الـمغني لابن قدامة : (1/81)
* شرح تنقيح الفصول : (ص 71)
* روضة الناظر وجنة المناظر : (1/126) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِسْتِحْبَابُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ اسْتَحَبَّهُ إِذَا أَحَبَّهُ، وَيَكُونُ الاِسْتِحْبَابُ بِمَعْنَى الاِسْتِحْسَانِ (1) ، وَاسْتَحَبَّهُ عَلَيْهِ: آثَرَهُ (2) . وَالاِسْتِحْبَابُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ: اقْتِضَاءُ خِطَابِ اللَّهِ الْعَقْل اقْتِضَاءً غَيْرَ جَازِمٍ، بِأَنْ يَجُوزَ تَرْكُهُ (3) . وَضِدُّهُ الْكَرَاهِيَةُ (4) .
2 - وَيُرَادِفُ الْمُسْتَحَبُّ: الْمَنْدُوبَ وَالتَّطَوُّعَ وَالطَّاعَةَ وَالسُّنَّةَ وَالنَّافِلَةَ وَالنَّفَل وَالْقُرْبَةَ وَالْمُرَغَّبَ فِيهِ وَالإِْحْسَانَ وَالْفَضِيلَةَ وَالرَّغِيبَةَ وَالأَْدَبَ وَالْحَسَنَ (5) .
وَخَالَفَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِي التَّرَادُفِ الْمَذْكُورِ - كَالْقَاضِي حُسَيْنٍ وَغَيْرِهِ - فَقَالُوا: إِنَّ الْفِعْل إِنْ وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ فَهُوَ السُّنَّةُ، وَإِنْ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ - كَأَنْ فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ - فَهُوَ الْمُسْتَحَبُّ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ - وَهُوَ مَا يُنْشِئُهُ الإِْنْسَانُ بِاخْتِيَارِهِ مِنَ الأَْوْرَادِ - فَهُوَ التَّطَوُّعُ،
وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمَنْدُوبِ هُنَا لِعُمُومِهِ لِلأَْقْسَامِ الثَّلاَثَةِ بِلاَ شَكٍّ.
وَهَذَا الْخِلاَفُ لَفْظِيٌّ، إِذْ حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنَ الأَْقْسَامِ الثَّلاَثَةِ، كَمَا يُسَمَّى بِاسْمٍ مِنَ الأَْسْمَاءِ الثَّلاَثَةِ كَمَا ذُكِرَ، هَل يُسَمَّى بِغَيْرِهِ مِنْهَا؟ فَقَال الْبَعْضُ: لاَ يُسَمَّى، إِذِ السُّنَّةُ: الطَّرِيقَةُ وَالْعَادَةُ، وَالْمُسْتَحَبُّ: الْمَحْبُوبُ، وَالتَّطَوُّعُ: الزِّيَادَةُ. وَالأَْكْثَرُ قَالُوا: نَعَمْ يُسَمَّى، وَيَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الأَْقْسَامِ الثَّلاَثَةِ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ أَوْ عَادَةٌ فِي الدِّينِ، وَمَحْبُوبٌ لِلشَّارِعِ بِطَلَبِهِ، وَزَائِدٌ عَلَى الْوَاجِبِ (6) . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُوَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى، فَيَكُونُ دُونَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ كَمَا قَال التَّهَانُوِيُّ، بَل دُونَ سُنَنِ الزَّوَائِدِ كَمَا قَال أَبُو الْبَقَاءِ الْكَفَوِيُّ.
وَيُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْمَنْدُوبِ لِدُعَاءِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ، وَبِالتَّطَوُّعِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ، وَبِالنَّفَل لِزِيَادَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ (7) .
وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُسْتَحَبُّ مُسْتَحَبًّا لاِخْتِيَارِ الشَّارِعِ إِيَّاهُ عَلَى الْمُبَاحِ (8) . وَهُمْ بِهَذَا يَقْتَرِبُونَ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، لَوْلاَ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ مَعَهُ فِي التَّطَوُّعِ، حَيْثُ يَجْعَلُونَهُ مُرَادِفًا لِلْمُسْتَحَبِّ، وَيَجْعَلُهُ قَسِيمًا لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمُسْتَحَبِّ وَبَيْنَ السُّنَّةِ بِأَنَّهَا هِيَ: الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ فِي الدِّينِ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامٍ عَلَى سَبِيل الْمُوَاظَبَةِ، فَيَخْرُجُ الْمُسْتَحَبُّ بِالْقَيْدِ الأَْخِيرِ، إِذْ لاَ مُوَاظَبَةَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَل النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالتَّسْلِيمُ (9) .
وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَسُنَنِ الزَّوَائِدِ، فَقَال: الْمُسْتَحَبُّ هُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى سَبِيل الْعَادَةِ، سَوَاءٌ أَتُرِكَ أَحْيَانًا أَمْ لاَ.
وَفِي نُورِ الأَْنْوَارِ شَرْحِ الْمَنَارِ: السُّنَنُ الزَّوَائِدُ فِي مَعْنَى الْمُسْتَحَبِّ، إِلاَّ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ مَا أَحَبَّهُ الْعُلَمَاءُ، وَالسُّنَنُ الزَّوَائِدُ مَا اعْتَادَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
هَذَا وَقَدْ يُطْلَقُ الْمُسْتَحَبُّ عَلَى كَوْنِ الْفِعْل مَطْلُوبًا، طَلَبًا جَازِمًا أَوْ غَيْرَ جَازِمٍ، فَيَشْمَل الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ وَالنَّدْبَ، وَعَلَى كَوْنِهِ مَطْلُوبًا طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ فَيَشْمَل الأَْخِيرَيْنِ فَقَطْ (10) .
حُكْمُ الْمُسْتَحَبِّ:
3 - ذَهَبَ الأُْصُولِيُّونَ - مِنْ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ - إِلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ يُمْدَحُ فَاعِلُهُ وَيُثَابُ، وَلاَ يُذَمُّ تَارِكُهُ وَلاَ يُعَاقَبُ (11) . وَذَلِكَ لأَِنَّ تَرْكَ الْمُسْتَحَبِّ جَائِزٌ. غَيْرَ أَنَّ هَذَا التَّرْكَ إِنْ وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ غَيْرُ جَازِمٍ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ مَخْصُوصًا، كَالنَّهْيِ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: إِذَا دَخَل أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ (12) كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنْ كَانَ نَهْيًا غَيْرَ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ تَرْكِ الْمَنْدُوبَاتِ عَامَّةً الْمُسْتَفَادُ مِنْ أَوَامِرِهَا، فَإِنَّ الأَْمْرَ بِالشَّيْءِ يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ تَرْكِهِ، فَيَكُونُ خِلاَفَ الأَْوْلَى، كَتَرْكِ صَلاَةِ الضُّحَى. وَذَلِكَ لأَِنَّ الطَّلَبَ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ آكَدُ مِنَ الطَّلَبِ بِدَلِيلٍ عَامٍّ.
وَالْمُتَقَدِّمُونَ يُطْلِقُونَ الْمَكْرُوهَ عَلَى ذِي النَّهْيِ الْمَخْصُوصِ وَغَيْرِ الْمَخْصُوصِ، وَقَدْ يَقُولُونَ فِي الأَْوَّل: مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، كَمَا يُقَال فِي الْمَنْدُوبِ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ (13) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّهُمْ يَنُصُّونَ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ مُسْتَحَبًّا أَوْ مَنْدُوبًا عِنْدَهُمْ وَلَيْسَ سُنَّةً فَلاَ يَكُونُ تَرْكُهُ مَكْرُوهًا أَصْلاً، وَلاَ يُوجِبُ تَرْكُهُ إِسَاءَةً أَيْضًا فَلاَ يُوجِبُ عِتَابًا فِي الآْخِرَةِ، كَتَرْكِ سُنَنِ الزَّوَائِدِ، بَل أَوْلَى فِي عَدَمِ الإِْسَاءَةِ وَعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْعِتَابِ؛ لأَِنَّهُ دُونَهَا فِي الدَّوَامِ وَالْمُوَاظَبَةِ، وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ أَفْضَل (1)
وَلِمَعْرِفَةِ مَا تَبَقَّى مِنْ مَبَاحِثِ الاِسْتِحْبَابِ، كَكَوْنِ الْمُسْتَحَبِّ مَأْمُورًا بِهِ، وَهَل يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ؟ يُرْجَعُ إِلَى الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) المصباح المنير (حبب) .
(2) مختار الصحاح، مادة (حبب) .
(3) شرح جمع الجوامع 1 / 80 ط محمود شاكر الكتبي.
(4) شرح الكوكب المنير ص 128، القاهرة - مطبعة السنة المحمدية.
(5) شرح جمع الجوامع بحاشية البناني 1 / 90، 91، والكليات لأبي البقاء 1 / 173، 2 / 108، 3 / 11 ط دمشق، وإرشاد الفحول ص 6 ط مصطفى الحلبي، وشرح الكوكب المنير ص 126، وكشاف اصطلاحات الفنون مادة (حبب) 2 / 274، ومادة (سنن) 3 / 705 ط الخياط.
(6) شرح جمع الجوامع ص 90، 91
(7) كشاف اصطلاحات الفنون (جب) 2 / 274، وكليات أبي البقاء 1 / 173، 2 / 108، 3 / 11، 5 / 96، وحاشية الرهاوي على شرح المنار ص 586 ط إستانبول.
(8) كشاف اصطلاحات الفنون (حبب) 2 / 274، وحاشية البناني على شرح جمع الجوامع 1 / 91
(9) حاشية الرهاوي على شرح المنار ص 586 ط الأولى.
(10) كشاف اسطلاحات الفنون (حبب) 2 / 274، ودستور العلماء 2 / 185
(11) إرشاد الفحول ص 6، وشرح جمع الجوامع 1 / 80، والكليات 1 / 173
(12) حديث " إذا دخل أحدكم. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 48 - ط السلفية) ومسلم 1 / 495 ط عيسى الحلبي.
(13) شرح جمع الجوامع 1 / 81
الموسوعة الفقهية الكويتية: 214/ 3