الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
قصد المرء شخصاً آخر لرؤيته، والاجتماع به . ومن أمثلته حق المرأة في زيارة أهلها .
قصد المرء شخصاً آخر لرؤيته، والاجتماع به.
التَّعْرِيفُ:
1 - الزِّيَارَةُ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ، يُقَال: زَارَهُ يَزُورُهُ زَوْرًا وَزِيَارَةً: قَصَدَهُ وَعَادَهُ.
وَفِي الْعُرْفِ هِيَ قَصْدُ الْمَزُورِ إِكْرَامًا لَهُ وَاسْتِئْنَاسًا بِهِ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْعِيَادَةُ:
2 - هِيَ مِنْ عَادَ الْمَرِيضَ يَعُودُهُ عِيَادَةً: إِذَا زَارَهُ فِي مَرَضِهِ (2) .
فَالْعِيَادَةُ عَلَى هَذَا أَخَصُّ مِنَ الزِّيَارَةِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 - تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ الزِّيَارَةِ بِاخْتِلاَفِ أَسْبَابِهَا، وَالْمَزُورِ، وَالزَّائِرِ. زِيَارَةُ قَبْرِ الرَّسُول ﷺ:
4 - زِيَارَةُ قَبْرِهِ ﷺ مِنْ أَهَمِّ الْقُرُبَاتِ وَأَفْضَل الْمَنْدُوبَاتِ، وَقَدْ نَقَل صَاحِبُ فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ مَنَاسِكِ الْفَارِسِيِّ وَشَرْحِ الْمُخْتَارِ: أَنَّ زِيَارَةَ قَبْرِهِ ﷺ قَرِيبَةٌ مِنَ الْوُجُوبِ (3) . وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ ﷺ: مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي (4) ، وَرُوِيَ عَنْهُ ﷺ: مَنْ جَاءَنِي زَائِرًا لاَ يَعْلَمُ لَهُ حَاجَةً إِلاَّ زِيَارَتِي، كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ (5) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ) .
زِيَارَةُ الْقُبُورِ:
5 - تُسَنُّ زِيَارَةُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ لِلرِّجَال بِدُونِ سَفَرٍ، لِخَبَرِ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا (6) . وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ: نُهِينَا عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا (7) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (زِيَارَةِ الْقُبُورِ) .
زِيَارَةُ الأَْمَاكِنِ:
6 - وَرَدَتْ نُصُوصٌ وَآثَارٌ تَدْعُو إِلَى زِيَارَةِ أَمَاكِنَ بِعَيْنِهَا. وَمِنْهَا مَا وَرَدَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَهُوَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّل يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} (8) " وَكَانَ ﷺ يَزُورُهُ كُل سَبْتٍ " (9) . وَالْمَسَاجِدُ الثَّلاَثَةُ الَّتِي وَرَدَ الْحَدِيثُ بِشَدِّ الرِّحَال إِلَيْهَا وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ ﷺ: لاَ تُشَدُّ الرِّحَال إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَْقْصَى (10) .
وَمِنْهَا جَبَل أُحُدٍ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ (11) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَْمَاكِنِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا نَصٌّ بِذَلِكَ فَتُسْتَحَبُّ زِيَارَتُهَا. زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ، وَالإِْخْوَانِ:
7 - تُسَنُّ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالإِْخْوَانِ، وَالأَْصْدِقَاءِ وَالْجِيرَانِ، وَالأَْقَارِبِ وَصِلَتُهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ زِيَارَتُهُمْ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَضُونَهُ، وَفِي وَقْتٍ لاَ يَكْرَهُونَهُ. كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ أَخِيهِ الصَّالِحِ أَنْ يَزُورَهُ وَيُكْثِرَ زِيَارَتَهُ إِذَا لَمْ يَشُقَّ ذَلِكَ (12) .
وَقَدْ جَاءَ فِي الأَْثَرِ: أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَال: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَال: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَال: هَل لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَال: لاَ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ ﷿، قَال: فَإِنِّي رَسُول اللَّهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ (13) .
وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَنَاصِحِينَ فِي، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِي (14) . وَعَنْ أَنَسٍ ﵁: إِذَا جَاءَكُمُ الزَّائِرُ فَأَكْرِمُوهُ (15) .
زِيَارَةُ الزَّوْجَةِ لأَِهْلِهَا وَوَالِدَيْهَا، وَزِيَارَتُهُمْ لَهَا:
8 - قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ: لِلْمَرْأَةِ الْخُرُوجُ لِزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا كُل جُمُعَةٍ، وَمَحَارِمِهَا كُل سَنَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَاحَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَمِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ. وَقَيَّدَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنْ يَكُونَ الْوَالِدَانِ فِي الْبَلَدِ (16) .
وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الزَّوْجَ لاَ يَمْنَعُ أَبَوَيِ الزَّوْجَةِ مِنَ الدُّخُول عَلَيْهَا فِي كُل جُمُعَةٍ، وَلاَ يَمْنَعُ غَيْرَهُمَا مِنَ الْمَحَارِمِ فِي كُل سَنَةٍ.
وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لأَِوْلاَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ إِنْ كَانُوا صِغَارًا، لاَ يَمْنَعُهُمُ الزَّوْجُ مِنَ الدُّخُول إِلَيْهَا كُل يَوْمٍ مَرَّةً، وَإِنِ اتَّهَمَ وَالِدَيْهَا بِإِفْسَادِهَا، فَيُقْضَى لَهُمَا بِالدُّخُول مَعَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَفِيَّةِ: إِلَى أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ مِنَ الدُّخُول، مُعَلِّلاً بِأَنَّ الْمَنْزِل مِلْكُهُ وَلَهُ حَقُّ الْمَنْعِ مِنْ دُخُول مِلْكِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْكَنْزِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ.
وَقِيل: لاَ مَنْعَ مِنَ الدُّخُول بَل مِنَ الْقَرَارِ؛ لأَِنَّ الْفِتْنَةَ فِي الْمُكْثِ وَطُول الْكَلاَمِ.
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ يُقْضَى بِزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا وَأَوْلاَدِهَا الْكِبَارِ مِنْ غَيْرِهِ لَهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ كُل جُمُعَةٍ مَرَّةً (17) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ لِزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا وَمَحَارِمِهَا فِي غَيْبَةِ الزَّوْجِ إِنْ لَمْ يَنْهَهَا عَنِ الْخُرُوجِ. وَجَرَتِ الْعَادَةُ بِالتَّسَامُحِ بِذَلِكَ. أَمَّا إِذَا نَهَاهَا عَنِ الْخُرُوجِ فِي غَيْبَتِهِ فَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ لِزِيَارَةٍ وَلاَ لِغَيْرِهَا (18) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ أَبُوهَا مِنْ زِيَارَتِهَا، لِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، لَكِنْ إِنْ عَرَفَ بِقَرَائِنِ الْحَال حُدُوثَ ضَرَرٍ بِزِيَارَتِهِمَا، أَوْ زِيَارَةِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ الْمَنْعُ (19) .
زِيَارَةُ الْمَحْضُونِ:
9 - لِكُلٍّ مِنَ الأَْبَوَيْنِ زِيَارَةُ أَوْلاَدِهِ إِذَا كَانَتِ الْحَضَانَةُ لِغَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ مَنْعُ الزِّيَارَةِ (20) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (حَضَانَةٍ) . زِيَارَةُ النَّبِيِّ ﷺ
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب.
(2) المصباح المنير مادة: (عود) .
(3) فتح القدير 2 / 336 وما بعدها، الاختيار لتعليل المختار للموصلي 1 / 175، الشرح الصغير 2 / 71 وما بعدها، ومغني المحتاج 1 / 512، المغني 3 / 556.
(4) حديث: " من زار قبري وجبت له شفاعتي ". أخرجه الدارقطني (2 / 278 - ط دار المحاسن) من حديث ابن عمر، وضعفه ابن حجر بجهالة راوٍ فيه وبضعف آخر، كذا في التلخيص الحبير (2 / 267 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(5) حديث: " من جاءني زائرا لا يعلم له حاجة إلا زيارتي. . . " أورده الهيثمي في المجمع (4 / 2 - ط القدسي) من حديث ابن عمر وقال: " رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه مسلمة بن سالم، وهو ضعيف ".
(6) حديث: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور. . . " أخرجه مسلم (3 / 1564 - ط الحلبي) من حديث بريدة.
(7) حديث: " نهينا عن زيارة القبور. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 144 - ط السلفية) .
(8) سورة التوبة / 108.
(9) حديث: " كان يزور مسجد قباء كل سبت ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 69 - ط السلفية) من حديث ابن عمر.
(10) حديث: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 63 - ط السلفية) ومسلم (2 / 1014 - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.
(11) قول النبي ﷺ في جبل أحد: " يحبنا ونحبه ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 344 - ط السلفية) من حديث ابن عباس.
(12) روضة الطالبين 10 / 237.
(13) حديث: " أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى. . . " أخرجه مسلم (4 / 1988 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة. وانظر: رياض الصالحين ص 171، ودليل الفالحين 2 / 224، ومعنى تربها عليه: أي تسعى في صلاحها.
(14) حديث: " حقت محبتي للمتحابين فيَّ وحقت محبتي. . . " أخرجه أحمد (5 / 237 - ط الميمنية) من حديث معاذ بن جبل، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10 / 279 - ط القدسي) : " ورجاله رجال الصحيح ".
(15) حديث: " إذا جاءكم الزائر فأكرموه ". قال العراقي: رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث أنس، وهو حديث منكر، قاله ابن أبي حاتم في العلل، كذا في إتحاف السادة المتقين للزبيدي (5 / 232 - ط الميمنية) .
(16) ابن عابدين 2 / 664، حاشية الدسوقي 2 / 512.
(17) رد المحتار 2 / 664، والدسوقي 2 / 512، وجواهر الإكليل 1 / 403، وحاشية القليوبي 4 / 74.
(18) حاشية الجمل 4 / 502، أسنى المطالب 3 / 434، والمغني 7 / 20.
(19) شرح منتهى الإرادات 3 / 99.
(20) القليوبي 4 / 91.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 80/ 24
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".