المتين
كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...
الفِرْقَة، أو القِطْعة الْمُسْتحِيزة –المستقِلَّة - من الجيْش، فُرْساناً، أو رَجَّالة، وهي من خمسَةِ أنفْس إلى ثلاثمائة، وقيل : إلى أربعمائة، وتُجمَع على سـرايا . وسُمِّيت بذلك؛ لأنها تَسْرِي –تَمْشِي - في الليل غالباً؛ لئلا يعلم بها العدو، وذلك لقِلَّة عدَدِها . والاختلاف في تحديد عددها راجع إلى اختلاف زمن كل واحد من الفقهاء . ومن أمثلته تحريم خروج السرية إلى العدو بغير إذن الإمام؛ لأنه أعرف بأحوال الجيش، والعدو، والمصلحة . وفي الحديث الشريف : "مَنْ أَطَاعَنِي، فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ، فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ، فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ ." البخاري :2957.
مبدأ أخلاقي مرتبط بعدة مهن، مثل الطب، والقانون، حيث تكون بعض أنواع الاتصال بين شخص، وأحد هؤلاء المهنيين مميزةً، وربما لا تُناقَشُ، أو يُكْشَفُ عنها لأي طَرَفٍ ثالث، وتكون هناك عقوباتٌ لإفشائها.
انْظُرْ: تسري
__________
الموسوعة الفقهية الكويتية: 347/ 24
التَّعْرِيفُ:
1 - فِي اللُّغَةِ: السَّرِيَّةُ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ -: قِطْعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ.
فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ. مِنْ سَرَى فِي اللَّيْل وَأَسْرَى: إِذَا ذَهَبَ فِيهِ.
وَالْجَمْعُ سَرَايَا، وَسَرِيَّاتٌ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: فِرْقَةٌ مِنَ الْجَيْشِ أَقْصَاهَا أَرْبَعُمِائَةٍ، يَبْعَثُهَا الأَْمِيرُ لِقِتَال الْعَدُوِّ، أَوِ التَّجَسُّسِ عَلَى الأَْعْدَاءِ، وَسُمِّيَتْ سَرِيَّةً لأَِنَّهُمْ يُسِرُّونَ بِاللَّيْل وَيَكْمُنُونَ بِالنَّهَارِ لِقِلَّةِ عَدَدِهِمْ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْجَيْشُ، وَنَحْوُهُ:
2 - الْجَيْشُ مَا زَادَ عَلَى ثَمَانِمِائَةٍ، وَالْجَحْفَل: مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلاَفٍ، وَالْخَمِيسُ: هُوَ الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، وَالْبَعْثُ: هُوَ مَا تَفَرَّعَ عَنِ السَّرِيَّةِ، وَالْكَتِيبَةُ: هِيَ مَا اجْتَمَعَ، وَلَمْ يَنْتَشِرْ (3) .
الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ:
3 - خُرُوجُ الْمُجَاهِدِينَ لإِِعْزَازِ الدِّينِ، وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنِ الْعِبَادِ وَحِمَايَةِ الْبَيْضَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَمِنْ أَفْضَل الْقُرُبَاتِ إِلَى اللَّهِ. وَقَدْ حَثَّ الْقُرْآنُ عَلَى الْخُرُوجِ فِي سَبِيل اللَّهِ، فَقَال عَزَّ مَنْ قَائِلٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيل لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيل اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَْرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآْخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآْخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِل قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ} (4) .
وَقَال جَل شَأْنُهُ: {مَا كَانَ لأَِهْل الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَْعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُول اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيل اللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (5) . وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الآْيَاتِ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِلَيْلَةٍ أَفْضَل مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ: حَارِسٌ حَرَسَ فِي أَرْضِ خَوْفٍ لَعَلَّهُ أَنْ لاَ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ (6) وَدَاوَمَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى بَعْثِ السَّرَايَا حَتَّى بَلَغَتْ سَرَايَاهُ الَّتِي بَعَثَهَا سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَرِيَّةً (7) .
وَأَمْرُ بَعْثِ السَّرَايَا مَوْكُولٌ إِلَى اجْتِهَادِ الإِْمَامِ، وَإِلَى مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ مِنْ أُمَرَاءِ الْجَيْشِ.
أَقَل السَّرِيَّةِ وَأَكْثَرُهَا:
4 - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ أَكْثَرَ السَّرِيَّةِ: أَرْبَعُمِائَةٍ، أَوْ خَمْسُمِائَةٍ، وَأَقَلُّهَا مِائَةٌ (8) .
وَاسْتَدَلُّوا: بِحَدِيثِ: خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ (9) .
وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إِنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَبْعَثَ الإِْمَامُ الرَّجُل الْوَاحِدَ سَرِيَّةً، أَوِ الاِثْنَيْنِ أَوِ الثَّلاَثَةَ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، وَقَال: لَمْ يُرِدِ النَّبِيُّ ﷺ بِالأَْرْبَعِمِائَةِ أَنَّ مَا دُونَهَا لاَ يَكُونُ سَرِيَّةً، إِنَّمَا كَانَ مُرَادُهُ ﷺ: أَنَّهُمْ إِذَا بَلَغُوا هَذَا الْعَدَدَ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ مِنْ بِلاَدِ الْعَدُوِّ قَبْل نَيْل الْمُرَادِ (10) . بِدَلِيل أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فِي أَيَّامِ الْخَنْدَقِ سَرِيَّةً وَحْدَهُ (11) . وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ سَرِيَّةً وَحْدَهُ (12) ، وَبَعَثَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ سَرِيَّةً وَحْدَهُ (13) . وَبَعَثَ ابْنَ مَسْعُودٍ وَخَبَّابًا سَرِيَّةً (14) .
قَال السَّرَخْسِيُّ: أَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى أَنْ تُبْعَثَ سَرِيَّةٌ دُونَ ثَلاَثَةِ نَفَرٍ (15) . فَتَأْوِيلُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الإِْشْفَاقِ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا فِي الدِّينِ، أَوْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَيَانَ أَنَّ الأَْفْضَل: أَلاَّ يَخْرُجَ أَقَل مِنْ ثَلاَثَةٍ لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ أَدَاءِ الصَّلاَةِ بِالْجَمَاعَةِ عَلَى هَيْئَاتِهَا بِأَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ، وَيَصْطَفَّ الاِثْنَانِ خَلْفَهُ.
وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى: فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثِ السَّرَايَا الْقِتَال فَقَطْ، بَل تَارَةً يَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنْ تَتَحَسَّسَ خَبَرَ الأَْعْدَاءِ فَتَأْتِيَهُ بِمَا عَزَمُوا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ، وَتَمَكُّنُ الْوَاحِدِ مِنَ الدُّخُول بَيْنَهُمْ لِتَحْصِيل هَذَا الْمَقْصُودِ أَظْهَرُ مِنْ تَمَكُّنِ الثَّلاَثَةِ.
وَقَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِالْخَبَرِ، وَيَمْكُثَ الآْخَرُ بَيْنَ الأَْعْدَاءِ لِيَقِفَ عَلَى مَا يَتَجَدَّدُ لَهُمْ مِنَ الرَّأْيِ بَعْدَ ذَهَابِ الْوَاحِدِ عَنْهُمْ، وَهُنَا يَتِمُّ الْغَرَضُ بِالْمُثَنَّى.
وَقَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ الْقِتَال، أَوِ التَّوَصُّل إِلَى قَتْل الْمُبَارِزِينَ مِنْهُمْ غِيلَةً، فَيَحْصُل هَذَا الْمَقْصُودُ بِالثَّلاَثَةِ فَصَاعِدًا، لِهَذَا كَانَ الرَّأْيُ فِي تَحْدِيدِ السَّرِيَّةِ إِلَى الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ يُنْظَرُ بِمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ (16) . خُرُوجُ السَّرِيَّةِ:
5 - يَحْرُمُ خُرُوجُ سَرِيَّةٍ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ؛ لأَِنَّهُ أَعْرَفُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، وَالْحَاجَةُ الدَّاعِيَةُ إِلَى خُرُوجِهَا، إِذَا كَانَتْ أَفْرَادًا مِنْ أَهْل الدِّيوَانِ، لأَِنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الأُْجَرَاءِ لِغَرَضٍ مُهِمٍّ يُرْسِل إِلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ لَهُمُ الاِسْتِقْلاَل بِأَمْرِ الْخُرُوجِ، أَمَّا إِذَا كَانُوا مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ الَّذِينَ إِذَا نَشِطُوا غَزَوْا وَلَيْسُوا مِنْ أَهْل الدِّيوَانِ فَيُكْرَهُ خُرُوجُهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ (17) .
وَيَنْبَغِي لِلإِْمَامِ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً، أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ.
قَال السَّرَخْسِيُّ: وَإِنَّمَا يَجِبُ هَذَا اقْتِدَاءً بِرَسُول اللَّهِ ﷺ فَإِنَّهُ دَاوَمَ بَعْثَ السَّرَايَا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ فِي كُل مَرَّةٍ، وَلَوْ جَازَ تَرْكُهُ لَفَعَلَهُ مَرَّةً تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ، وَلأَِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى اجْتِمَاعِ الرَّأْيِ وَالْكَلِمَةِ. وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ إِلاَّ إِذَا أَمَّرَ عَلَيْهِمْ بَعْضَهُمْ، فَيُطِيعُونَهُ، فَالطَّاعَةُ فِي الْحَرْبِ أَنْفَعُ مِنْ بَعْضِ الْقِتَال. ثُمَّ اسْتَدَل مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةُ مُسْلِمِينَ فِي سَفَرٍ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهُمْ (18) . وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ لأَِنَّهُ أَفْضَلُهُمْ، ثُمَّ قَال: إِذَا أَمَّهُمْ فَهُوَ أَمِيرُهُمْ، فَذَلِكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ. (19)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّأْمِيرَ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ (20) .
وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ بَصِيرًا بِأَمْرِ الْحَرْبِ وَحُسْنِ التَّدْبِيرِ، لَيْسَ مِمَّنْ يُقْحِمُهُمْ فِي الْمَهَالِكِ، وَلاَ مِمَّنْ يُفَوِّتُ عَلَيْهِمُ الْفُرْصَةَ إِذَا رَأَوْهَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِدِينِهِ، مُجْتَهِدًا فِي الأَْحْكَامِ الدِّينِيَّةِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ طَاعَةِ الأَْمِيرِ وَيُوصِيهِ بِهِمْ، وَيَأْخُذُ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْجِهَادِ، وَعَدَمِ الْفِرَارِ. وَيُسْتَحَبُّ خُرُوجُهُمْ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَأَوَّل النَّهَارِ (21) . لِقَوْلِهِ ﷺ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُِمَّتِي فِي بُكُورِهَا (22) .
مَا تَغْنَمُهُ السَّرِيَّةُ:
6 - إِذَا بَعَثَ الإِْمَامُ سَرِيَّةً مِنَ الْجَيْشِ وَهُوَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَغَنِمَتْ شَارَكَهُمْ جَيْشُ الإِْمَامِ فِيمَا غَنِمَتْ، وَإِنْ غَنِمَ الْجَيْشُ فِي غَيْبَةِ السَّرِيَّةِ شَارَكَتْهُ.
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: لَمَّا غَزَا هَوَازِنَ بَعَثَ سَرِيَّةً مِنَ الْجَيْشِ قِبَل أَوْطَاسٍ فَغَنِمَتِ السَّرِيَّةُ فَأَشْرَكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَيْشِ (23) . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: وَيَرُدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعْدَتِهِمْ (24) (مَنْ لَمْ يَخْرُجُوا مَعَ السَّرِيَّةِ) وَفِي تَنْفِيل النَّبِيِّ ﷺ فِي الْبُدَاءَةِ بِالرُّبُعِ، وَفِي الرَّجْعَةِ بِالثُّلُثِ (25) دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاكِهِمْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمْ لَوِ اخْتَصُّوا بِمَا غَنِمُوهُ لَمَا كَانَ ثُلُثُهُ نَفْلاً. وَلأَِنَّهُمْ جَيْشٌ وَاحِدٌ، وَكُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ رِدْءٌ لِلآْخَرِ فَيَشْتَرِكُونَ كَمَا لَوْ غَنِمَ أَحَدُ جَانِبَيِ الْجَيْشِ.
وَإِنْ بَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ بِبَلْدَةٍ فَغَنِمَتْ لَمْ يُشَارِكْهَا الإِْمَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجَيْشِ وَإِنْ كَانَتْ دَارُ الْحَرْبِ قَرِيبَةً، حَتَّى لَوْ بَعَثَ سَرِيَّةً وَقَصَدَ الْخُرُوجَ وَرَاءَهَا فَغَنِمَتْ قَبْل خُرُوجِهِ لَمْ يُشَارِكْهَا وَإِنْ قَرُبَتْ دَارُ الْحَرْبِ؛ لأَِنَّ الْغَنِيمَةَ لِلْمُجَاهِدِينَ، وَهُمْ قَبْل الْخُرُوجِ لَيْسُوا مُجَاهِدِينَ.
وَإِنْ بَعَثَ سَرِيَّتَيْنِ إِلَى جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ لَمْ تُشَارِكْ إِحْدَاهُمَا الأُْخْرَى فِيمَا غَنِمَتْ.
وَإِنْ أَوْغَلَتَا فِي بِلاَدِ الْعَدُوِّ وَالْتَقَتَا فِي مَوْضِعٍ اشْتَرَكَتَا فِيمَا غَنِمَتَا بَعْدَ الاِجْتِمَاعِ.
وَإِنْ بَعَثَهُمَا إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ أَمِيرُهُمَا وَاحِدًا، أَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا قَرِيبَةً مِنَ الأُْخْرَى اشْتَرَكَتَا فِي الْغَنِيمَةِ (26) . وَالتَّفْصِيل فِي (غَنِيمَةٍ) .
التَّنْفِيل لِلسَّرِيَّةِ:
7 - يَجُوزُ لِلإِْمَامِ إِذَا دَخَل دَارَ الْحَرْبِ غَازِيًا وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَرِيَّةً تُغِيرُ عَلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَجْعَل لَهُمُ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمُسِ تَنْفِيلاً.
فَيَخْرُجُ الْخُمُسُ ثُمَّ يُعْطِي السَّرِيَّةَ مَا جُعِل لَهُمْ وَهُوَ رُبُعُ الْبَاقِي، ثُمَّ يُقْسِمُ مَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وَالسَّرِيَّةِ مَعَهُ. وَإِنْ بَعَثَ سَرِيَّةً بَعْدَ قُفُولِهِ جَعَل لَهُمُ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ، فَمَا قَدِمَتْ بِهِ السَّرِيَّةُ أَخْرَجَ خُمُسَهُ ثُمَّ أَعْطَى السَّرِيَّةَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ، ثُمَّ قَسَّمَ سَائِرَهُ عَلَى الْجَيْشِ وَالسَّرِيَّةُ مَعَهُ (27) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَنْفِيل) .
__________
(1) المصباح المنير.
(2) ) نهاية المحتاج 8 / 61، حاشية الجمل 5 / 292، حاشية القليوبي 4 / 217، السير الكبير 1 / 68.
(3) نهاية المحتاج 8 / 61، أسنى المطالب 4 / 192، حاشية القليوبي 4 / 217، مطالب أولي النهى 2 / 537.
(4) سورة التوبة / 38 - 39.
(5) سورة التوبة / 120.
(6) حديث: " ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر؟ ". أخرجه الحاكم (2 / 81 - ط دائرة المعارف العثمانية) .
(7) يراجع في ذلك كتب السيرة كابن هشام وجزء المغازي من تاريخ الإسلام للذهبي.
(8) ) نهاية المحتاج 8 / 161، أسنى المطالب 4 / 192، حاشية القليوبي 4 / 217.
(9) حديث: " خير الصحابة أربعة. . . " أخرجه أبو داود (3 / 82 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 443 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(10) شرح السير الكبير 1 / 67 - 70.
(11) حديث: " بعث النبي ﷺ حذيفة بن اليمان في أيام الخندق سرية وحده ". ذكره ابن جرير الطبري في تاريخه (2 / 579 - ط المعارف) .
(12) حديث: " بعث عبد الله بن أنيس سرية وحده ". أخرجه أحمد (3 / 496 - ط الميمنية) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6 / 203 - ط القدسي) وعزاه إلى أحمد وأبي يعلى وقال: " فيه راو لم يسم، وهو ابن عبد الله بن أنيس، وبقية رجاله ثقات ".
(13) حديث: " بعث دحية الكلبي سرية وحده ". أخرجه أحمد (3 / 441 ط. الميمنية) من حديث التنوخي رسول هرقل. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 236 ط القدسي) وعزاه إلى أحمد وأبي يعلى وقال: رجاله ثقات.
(14) حديث: " بعث ابن مسعود وخبابًا سرية " ذكره محمد بن الحسن الشيباني في السير الكبير (1 / 67 - 70) ولم نعثر عليه في المصادر الحديثية، وكتب السير.
(15) حديث: " نهى أن تبعث سرية دون ثلاثة نفر ". ذكره محمد بن الحسن الشيباني في السير الكبير (1 / 67 - 70) ولم نعثر عليه في المصادر الحديثية وكتب السير.
(16) شرح السير الكبير 1 / 65 وما بعده.
(17) نهاية المحتاج 8 / 61، حاشية القليوبي 4 / 217، مواهب الجليل 3 / 349، مطالب أولي النهى 2 / 542.
(18) حديث: " إذا خرج ثلاثة مسلمين في سفر فليؤمهم أكثرهم قرآنًا وإن كان أصغرهم ". أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 344 - ط الدار السلفية) من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن مرسلا.
(19) شرح السير الكبير لمحمد بن الحسن 1 / 60.
(20) نهاية المحتاج 8 / 60، والقليوبي 4 / 217، وأسنى المطالب 4 / 192.
(21) شرح السير الكبير 1 / 61 - 62 وما بعده، ونهاية المحتاج 8 / 61 - 62، وأسنى المطالب 4 / 192، وروضة الطالبين 10 / 238.
(22) حديث: " اللهم بارك لأمتي في بكورها. . . " إلخ. أخرجه الترمذي (3 / 508 - ط الحلبي) من حديث صخر الغامدي، وقال: حديث حسن.
(23) حديث: " لما غزا هوازن بعث سرية من الجيش قبل أوطاس ". ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (4 / 336 نشر دار الكتب العلمية) ، عن ابن إسحاق.
(24) حديث: " يرد سراياهم على قعدتهم " أخرجه البيهقي (9 / 51 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عمرو.
(25) حديث: " تنفيل النبي ﷺ في البداءة الربع ". أخرجه الترمذي (4 / 130 - ط الحلبي) من حديث عبادة بن الصامت بلفظ " كان ينفل في البداءة الربع وفي القفول الثلث " وقال: حديث حسن. وبنحوه أخرجه أبو داود (3 / 183. تحقيق عزت عبيد الدعاس) من حديث حبيب بن مسلمة.
(26) روضة الطالبين 6 / 379، المغني 8 / 442، وشرح السير الكبير 2 / 625.
(27) شرح السير الكبير 2 / 620 وما بعده، فتح القدير 5 / 249، ابن عابدين 3 / 238، الزرقاني 3 / 128، جواهر الإكليل 1 / 261، المغني 8 / 379.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 348/ 24