الرحمن
هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...
قوة في الأنف تدرك بها الروائح بوصول الهواء إلى الخيشوم . ومن أمثلته من جنى على حاسة شم غيره، ولم يُمْكِن القصاص منه وجِبت الدِّيَةُ كَامِلَةً .
الشَّمُّ: تَـمْيِيزُ الرَّوائِحِ وإِدْراكُها بِحاسَّةِ الأَنْفِ، يُقالُ: شَـمِمْتُ الطِّيبَ، أَشَّـمُّهُ، وشَـمَمْتُهُ شَـمّاً، وتَشَمَّمَ الشَّيْءَ، واشْتَمَّهُ: إذا قَرَّبَهُ مِن أَنْفِهِ لِيَجْتَذِبَ رائِحَتَهُ.
يَرِد مُصْطلَح (شَمّ) في عِدَّةِ أبوابٍ فِقهِيةٍ، منها: كِتاب الحَجِّ، باب: مَحْظورات الإِحْرامِ، وفي كِتاب الـحُدودِ، باب: حَدّ شاربِ الخَمْرِ، وفي كِتابِ القَضاءِ، باب: إِثْبات شُرْبِ الـمُسْكِرِ بِشَمِّ الرّائِحَةِ، وفي كِتابِ الجِنايات، باب: الجِنايَة على الـمَنافِعِ، وكتاب الدِّياتِ، باب: دِيَّة الـمَنافِعِ.
شمم
حاسَّةُ إِدْراكِ الرَّوائِحِ بِوسِاطَةِ الأَنْفِ.
الشَّمُّ: تَـمْيِيزُ الرَّوائِحِ وإِدْراكُها بِحاسَّةِ الأَنْفِ.
قوة في الأنف تدرك بها الروائح بوصول الهواء إلى الخيشوم.
* معجم مقاييس اللغة : (3/175)
* المحكم والمحيط الأعظم : (7/629)
* لسان العرب : (12/325)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/323)
* المعجم الوسيط : (1/495)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 438)
* التعريفات الفقهية : (ص 169)
* الكليات : (ص 539)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (1/1042)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (26/209) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الشَّمُّ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ شَمَمْتُهُ أَشَمُّهُ، وَشَمَمْتُهُ أَشُمُّهُ شَمًّا. وَالشَّمُّ: حِسُّ الأَْنْفِ، وَإِدْرَاكُ الرَّوَائِحِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: تَشَمَّمَ الشَّيْءَ وَاشْتَمَّهُ: أَدْنَاهُ مِنْ أَنْفِهِ لِيَجْتَذِبَ رَائِحَتَهُ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَى اللَّفْظِ فِي الاِصْطِلاَحِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِسْتِنْكَاهُ:
2 - جَاءَ فِي اللِّسَانِ: اسْتَنْكَهَهُ: شَمَّ رَائِحَةَ فَمِهِ، وَالاِسْمُ: النَّكْهَةُ. وَنَكَهْتُهُ: شَمَمْتُ رِيحَهُ، وَفِي حَدِيثِ قِصَّةِ مَاعِزٍ الأَْسْلَمِيِّ: فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهَ (2) : أَيْ شَمَّ نَكْهَتَهُ وَرَائِحَةَ فَمِهِ (3)
. الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 - الشَّمُّ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَذَلِكَ فِي حَقِّ الشُّهُودِ الْمَأْمُورِينَ بِالشَّمِّ لأَِجْل الْخُصُومَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي رَوَائِحِ الْمَشْمُومِ حَيْثُ يُقْصَدُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَوْ يُقْصَدُ مَنْعُ الرَّدِّ إِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (4) .
وَكَمَا فِي شَمِّ الشُّهُودِ فَمَ السَّكْرَانِ لِمَعْرِفَةِ رَائِحَةِ الْخَمْرِ (5) .
وَقَدْ يَكُونُ الشَّمُّ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا كَشَمِّ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُونَ بِذَلِكَ (6) .
وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا كَشَمِّ الزُّهُورِ وَالرَّيَاحِينِ الْمُبَاحَةِ وَالطِّيبِ الْمُبَاحِ. إِلاَّ إِذَا كَانَ طِيبًا تَطَيَّبَتْ بِهِ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ شَمِّهِ. (7) .
شَمُّ الصَّائِمِ الطِّيبَ وَنَحْوَهُ:
4 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْخَل الصَّائِمُ إِلَى حَلْقِهِ الْبَخُورَ وَشَمَّ رَائِحَتَهُ أَفْطَرَ لإِِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ. وَإِذَا لَمْ يَصِل إِلَى حَلْقِهِ لاَ يُفْطِرُ. أَمَّا لَوْ شَمَّ هَوَاءً فِيهِ رَائِحَةُ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لاَ جِسْمَ لَهُ فَلاَ يُفْطِرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَكَرِهَهُ الْمَالِكِيَّةُ.
كَمَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ شَمُّ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا نَهَارًا لِلصَّائِمِ لأَِنَّهُ مِنَ التَّرَفُّهِ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ لَهُ تَرْكُهُ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا كَانَ الطِّيبُ مَسْحُوقًا كُرِهَ شَمُّهُ لأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ مِنْ شَمِّهِ أَنْ يَجْذِبَهُ نَفْسَهُ لِلْحَلْقِ، وَلِذَلِكَ لاَ يُكْرَهُ شَمُّ الْوَرْدِ وَالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ غَيْرِ الْمَسْحُوقِ (8) .
شَمُّ الْمُحْرِمِ الطِّيبَ:
5 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ شَمِّ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ. وَلاَ فَرْقَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بَيْنَ الطِّيبِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ (9) . وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَال الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يَحْرُمُ شَمُّ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ (10) .
كَذَلِكَ يُكْرَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ شَمُّ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ (11) ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا جَاءَ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَحْرُمُ شَمُّ مَا يُعْتَبَرُ طِيبًا كَالْوَرْدِ وَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ. وَاخْتُلِفَ فِي الرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَالنَّرْجِسِ وَالنَّيْلُوفَرِ وَنَحْوِهِ. وَفِيهِ قَوْلاَنِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ شَمُّهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِل عَنِ الْمُحْرِمِ: يَدْخُل الْبُسْتَانَ؟ فَقَال: نَعَمْ وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ؛ وَلأَِنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ لَهَا رَائِحَةٌ إِذَا كَانَتْ رَطْبَةً فَإِذَا جَفَّتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَائِحَةٌ.
وَالثَّانِي: لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ يُرَادُ لِلرَّائِحَةِ فَهُوَ كَالْوَرْدِ وَالزَّعْفَرَانِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا لِلْمُحْرِمِ بِشَمِّ الرَّيْحَانِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَكْسَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ فَرَوَى بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ شَمَّ الرَّيْحَانِ لِلْمُحْرِمِ، وَالثَّانِي عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَسْأَل عَنِ الرَّيْحَانِ أَيَشَمُّهُ الْمُحْرِمُ، وَالطِّيبِ وَالدُّهْنِ فَقَال: لاَ.
وَأَمَّا مَا يُطْلَبُ لِلأَْكْل وَالتَّدَاوِي غَالِبًا كَالْقَرَنْفُل وَالدَّارَصِينِيَّ وَالْفَوَاكِهِ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ فَيَجُوزُ أَكْلُهُ وَشَمُّهُ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ.
وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْجُلُوسُ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَفِي مَوْضِعٍ يُبَخَّرُ لأَِنَّ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّةً وَلأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَطَيُّبٍ مَقْصُودٍ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَوَقَّى ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ قُرْبَةٍ كَالْجُلُوسِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَهِيَ تُجَمَّرُ، فَلاَ يُكْرَهُ ذَلِكَ لأَِنَّ الْجُلُوسَ عِنْدَهَا قُرْبَةٌ (12) .
وَفَصَّل الْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: النَّبَاتُ الَّذِي تُسْتَطَابُ رَائِحَتُهُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: مَا لاَ يَنْبُتُ لِلطِّيبِ وَلاَ يُتَّخَذُ مِنْهُ كَنَبَاتِ الصَّحْرَاءِ مِنَ الشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَالْخُزَامَى وَالْفَوَاكِهِ كُلِّهَا مِنَ الأُْتْرُجِّ وَالتُّفَّاحِ، وَمَا يُنْبِتُهُ الآْدَمِيُّونَ لِغَيْرِ قَصْدِ الطِّيبِ كَالْحِنَّاءِ وَالْعُصْفُرِ فَمُبَاحٌ شَمُّهُ وَلاَ فِدْيَةَ فِيهِ وَلاَ نَعْلَمُ فِيهِ خِلاَفًا إِلاَّ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشُمَّ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الأَْرْضِ.
الثَّانِي: مَا يُنْبِتُهُ الآْدَمِيُّونَ لِلطِّيبِ وَلاَ يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ كَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَالنَّرْجِسِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُبَاحُ بِغَيْرِ فِدْيَةٍ، قَالَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَإِسْحَاقُ ﵃. وَالآْخَرُ يَحْرُمُ شَمُّهُ، فَإِنْ فَعَل فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَهُوَ قَوْل جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي ثَوْرٍ ﵃ لأَِنَّهُ يُتَّخَذُ لِلطِّيبِ فَأَشْبَهَ الْوَرْدَ وَكَلاَمُ أَحْمَدَ يَحْتَمِل أَنَّهُ يُكْرَهُ وَلاَ يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ.
الثَّالِثُ: مَا يَنْبُتُ لِلطِّيبِ وَيُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ فَفِي شَمِّهِ الْفِدْيَةُ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي الْوَرْدِ أَنَّهُ لاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَمِّهِ لأَِنَّهُ زَهْرٌ فَشَمُّهُ كَشَمِّ زَهْرِ سَائِرِ الشَّجَرِ (13) . الإِْجَارَةُ لِلشَّمِّ:
6 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ إِجَارَةِ الشَّيْءِ كَالتُّفَّاحِ مَثَلاً لِشَمِّهِ لأَِنَّ الرَّائِحَةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لأَِنَّهَا لاَ قِيمَةَ لَهَا شَرْعًا (14) .
وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ اسْتِئْجَارَ الْمِسْكِ وَالرَّيَاحِينِ لِلشَّمِّ لأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ مُتَقَوَّمَةٌ.
وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ مَا تَتْلَفُ عَيْنُهُ وَمَا لاَ تَتْلَفُ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ مَا يَبْقَى مِنَ الطِّيبِ وَالصَّنْدَل وَقِطَعِ الْكَافُورِ وَالنِّدِّ لِتَشُمَّهُ الْمَرْضَى وَغَيْرُهُمْ مُدَّةً ثُمَّ يَرُدَّهَا، لأَِنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ فَأَشْبَهَتِ الْوَزْنَ وَالتَّحَلِّي. ثُمَّ قَال: وَلاَ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مَا لاَ يَبْقَى مِنَ الرَّيَاحِينِ كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَأَشْبَاهِهِ لِشَمِّهَا، لأَِنَّهَا تَتْلَفُ عَنْ قُرْبٍ فَأَشْبَهَتِ الْمَطْعُومَاتِ (15) .
الْجِنَايَةُ عَلَى حَاسَّةِ الشَّمِّ:
7 - الْجِنَايَةُ عَلَى حَاسَّةِ الشَّمِّ إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. فَإِنْ كَانَ عَمْدًا كَمَنْ شَجَّ إِنْسَانًا فَذَهَبَ شَمُّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنَ الْجَانِي بِمِثْل مَا فَعَل، فَإِنْ ذَهَبَ بِذَلِكَ شَمُّهُ فَقَدِ اسْتَوْفَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبِ الشَّمُّ فُعِل بِالْجَانِي مَا يُذْهِبُ الشَّمَّ بِوَاسِطَةِ أَهْل الْخِبْرَةِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِذْهَابُ الشَّمِّ إِلاَّ بِجِنَايَةٍ سَقَطَ الْقَوَدُ وَوَجَبَتِ الدِّيَةُ.
وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَجِبُ الدِّيَةُ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُضْرَبَ الْجَانِي ضَرْبًا يَذْهَبُ بِهِ حَاسَّةُ الشَّمِّ فَلَمْ يَكُنِ اسْتِيفَاءُ الْمِثْل مُمْكِنًا فَلاَ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ. وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (16) .
وَإِنْ كَانَ إِبْطَال حَاسَّةِ الشَّمِّ نَتِيجَةَ ضَرْبٍ أَوْ جُرْحٍ وَقَعَ خَطَأً، أَوْ كَانَ الضَّرْبُ عَمْدًا لَكِنْ كَانَ الْجُرْحُ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً إِذَا كَانَ إِبْطَال الشَّمِّ مِنَ الْمَنْخِرَيْنِ؛ لأَِنَّهُ حَاسَّةٌ تَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ فَكَانَ فِيهَا الدِّيَةُ كَسَائِرِ الْحَوَاسِّ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلاَ نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلاَفًا وَلأَِنَّ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: وَفِي الْمَشَامِّ الدِّيَةُ (17) . وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ لأَِنَّهُ ضَعِيفُ النَّفْعِ.
وَإِذَا زَال الشَّمُّ مِنْ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ فَفِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ. وَإِنْ نَقَصَ الشَّمُّ وَجَبَ بِقِسْطِهِ مِنَ الدِّيَةِ إِذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ وَإِلاَّ فَحُكُومَةٌ يُقَدِّرُهَا الْحَاكِمُ بِالاِجْتِهَادِ (18) .
وَمَنِ ادَّعَى زَوَال الشَّمِّ امْتُحِنَ فِي غَفَلاَتِهِ بِالرَّوَائِحِ الْحَادَّةِ الطَّيِّبَةِ وَالْمُنْتِنَةِ - فَإِنْ هَشَّ لِلطَّيِّبِ وَعَبَسَ لِغَيْرِهِ فَالْقَوْل قَوْل الْجَانِي بِيَمِينِهِ لِظُهُورِ كَذِبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
وَإِنْ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِالرَّوَائِحِ الْحَادَّةِ وَلَمْ يَبِنْ مِنْهُ ذَلِكَ، فَالْقَوْل قَوْل الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
زَادَ الشَّافِعِيَّةُ: وَيَحْلُفُ لِظُهُورِ صِدْقِهِ، وَلاَ يُعْرَفُ إِلاَّ مِنْ قِبَلِهِ.
وَإِنِ ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نَقْصَ شَمِّهِ فَالْقَوْل قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لأَِنَّهُ لاَ يُتَوَصَّل إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إِلاَّ مِنْ جِهَتِهِ فَقُبِل قَوْلُهُ فِيهِ، وَيَجِبُ لَهُ مِنَ الدِّيَةِ مَا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ.
وَإِنْ ذَهَبَ شَمُّهُ ثُمَّ عَادَ قَبْل أَخْذِ الدِّيَةِ سَقَطَتْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَخْذِهَا رَدَّهَا لأَِنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَهَبَ. وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُ شَمِّهِ إِلَى مُدَّةٍ انْتُظِرَ إِلَيْهَا (1) .
هَذَا إِذَا ذَهَبَ الشَّمُّ وَحْدَهُ.
أَمَّا إِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ بِذَلِكَ شَمُّهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّ الشَّمَّ فِي غَيْرِ الأَْنْفِ فَلاَ تَدْخُل أَحَدُهُمَا فِي الآْخَرِ (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: فِيهِمَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَنْدَرِجُ الشَّمُّ فِي الأَْنْفِ كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنِ (3) .
إِثْبَاتُ شُرْبِ الْمُسْكِرِ بِشَمِّ الرَّائِحَةِ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِثْبَاتِ الشُّرْبِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ بِشَمِّ رَائِحَةِ الْخَمْرِ فِي فَمِ الشَّارِبِ (4) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (أَشْرِبَةٌ) .
__________
(1) لسان العرب والمعجم الوسيط ومغني المحتاج 4 / 71.
(2) حديث قصة ماعز الأسلمي: " فقام رجل فاستنكهه " أخرجه مسلم (3 / 1322 - ط الحلبي) من حديث بريدة.
(3) لسان العرب.
(4) المنثور 2 / 87.
(5) المواق بهامش الحطاب 6 / 317.
(6) المغني 3 / 323، والمنثور 2 / 87، والبدائع 2 / 191.
(7) المنثور 2 / 87
(8) ابن عابدين 2 / 97، 113، وأسهل المدارك 1 / 419، وجواهر الإكليل 1 / 149، وحاشية الدسوقي 1 / 525، وأسنى المطالب 1 / 422، والجمل على شرح المنهج 2 / 329، وشرح منتهى الإرادات 1 / 454.
(9) الطيب المذكر هو ما له رائحة ذكية ولا يتعلق أثره بماسه كياسمين وورد والطيب المؤنث هو ما له رائحة ذكية ويتعلق بماسه تعلقًا شديدًا كالزبد والمسك والزعفران (منح الجليل 1 / 510) .
(10) ابن عابدين 2 / 201، والبدائع 2 / 191، ومنح الجليل 1 / 510.
(11) الجمل على المنهج 2 / 509.
(12) الجمل على المنهج 2 / 509، والمجموع 7 / 248 إلى 252.
(13) المغني 3 / 315 - 316.
(14) ابن عابدين 5 / 21، والدسوقي 4 / 20، ومنح الجليل 3 / 776.
(15) أسنى المطالب 2 / 406، والمغني 5 / 548، 549.
(16) البدائع 7 / 309، وشرح الزرقاني 8 / 17، وجواهر الإكليل 2 / 260، والحطاب 6 / 248، ومغني المحتاج 4 / 29، وروضة الطالبين 9 / 186، وشرح منتهى الإرادات 3 / 292، وكشاف القناع 5 / 552 - 553.
(17) حديث: " في المشام الدية " ذكره الشربيني في مغني المحتاج (4 / 71 - نشر دار الفكر) وقال: " غريب " وقال ابن حجر في التلخيص (4 / 29 - ط شركة الطباعة الفنية) : " لم أجده ".
(18) البدائع 7 / 312، وابن عابدين 5 / 369 وجواهر الإكليل 2 / 268 - 269، والقوانين الفقهية ص 345 نشر دار الكتاب العربي، ومغني المحتاج 4 / 71، والمغني لابن قدامة 8 / 11 - 12.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 209/ 26