الحميد
(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...
اللفظ الذي يحتمل معنيين، فأكثر . وهو في أحدها أظهر منه في سائرها؛ لعرف استعمال في لغة، أو شرع، أو صناعة . ومن ذلك قوله تعالى : ﱫ ﮝ ﮞ ﱪ البقرة : 43، فظاهره الدلالة على أداء الحق المالي مع احتمال اللفظ مجرد تطهير النفس، وتزكيتها.
الظَّاهِرُ: الواضِحُ البَيِّنُ، يُقال: ظَهَرَ الشَّيْءُ، يَظْهَرُ، ظُهوراً: إذا وَضُحَ وبانَ. ويأْتي بِمعنى البارِزِ والمُنْكَشِفِ، فتَقولُ: ظَهَرَ لِي رَأْيٌ، أي: انْكَشَفَ بعد خَفائِهِ، والظُّهورُ: الوُضوحُ والاِنْكِشافُ. ومِن مَعانِيه أيضاً: القَوِيُّ والعالِي.
يُطْلَق اسم (الظّاهِر) في العَقِيدَةِ، باب: تَوْحِيد الأَسْماءِ والصِّفاتِ، ويُراد به: اسْمٌ مِن أَسْماءِ اللهِ الحُسْنَى، ومَعْناه: الذي ليس فَوقَهُ شَيءٌ، حيث عَلا على كُلِّ شَيْءٍ عُلُوّاً يَلِيقُ بِعَظَمَتِهِ وجلالِهِ.
ظهر
اللَّفْظُ الذي يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ فَأَكْثَرَ وهو في أَحَدِهِما أَرْجَحُ.
الظَّاهِرُ: اسْمٌ لِكَلامٍ ظَهَرَ المُرادُ بِهِ لِلسَّامِعِ بِصِيغَتِهِ، ولا يَحْتاجُ إلى الطَّلَبِ والتَّأَمُّل، بِشَرْطِ أن يكون السّامِعُ مِن أَهْل اللِّسانِ، وقِيل: هو ما دَلَّ على مَعْنىً بِالوَضْعِ الأصْلِيِّ أو العُرْفِيِّ، ويَحْتَمِلُ غَيْرَهُ احْتِمالاً مَرْجُوحاً، كالأَسَدِ في نحو قوْلِك: رَأَيْتُ اليَوْمَ الأَسَدَ، فإنَّهُ راجِحٌ في الحَيَوانِ المُفْتَرِسِ، ومَرْجُوحٌ في الرَّجُل الشُّجاعِ؛ لأنّه مَعْنًى مَجازِيٌّ، والأَوَّل الحَقِيقِيُّ المُتَبادِرُ إلى الذِّهْنِ.
الظّاهِرُ: الواضِحُ البَيِّنُ، ويأْتي بِمعنى البارِزِ والمُنْكَشِفِ والقويِّ والعالي.
من اتصف بالظهور. وهو سُبْحَانَهُ الظاهر بالدلائل، والآيات، الذي يطلع، ويظهر على من يشاء من عباده. وهو اسم من أسماء الله تعالى.
* مقاييس اللغة : (3/471)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (3/164)
* مختار الصحاح : (ص 407)
* الإحكام : (3/58)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (3/25)
* شرح الكوكب المنير : (3/380)
* إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : (2/31)
* مختصر العلو للعلي الغفار : (ص 137)
* لسان العرب : (4/520)
* مسلم الثبوت : (2/19)
* كشف الأسرار شرح أصول البزدوي : (1/46)
* شرح التلويح على التوضيح : (1/408)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/387)
* أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله : (ص 401) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الظَّاهِرُ فَاعِلٌ مِنَ الظُّهُورِ، وَمِنْ مَعَانِيهِ: الْوُضُوحُ وَالاِنْكِشَافُ (1) . يُقَال: ظَهَرَ الشَّيْءُ ظُهُورًا: بَرَزَ بَعْدَ الْخَفَاءِ، وَمِنْهُ قِيل: ظَهَرَ لِي رَأْيٌ: إِذَا عَلِمْتَ مَا لَمْ تَكُنْ عَلِمْتَهُ (2) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الظَّاهِرُ اسْمٌ لِكَلاَمٍ ظَهَرَ الْمُرَادُ بِهِ لِلسَّامِعِ بِصِيغَتِهِ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى الطَّلَبِ وَالتَّأَمُّل، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ السَّامِعُ مِنْ أَهْل اللِّسَانِ، مِثْل قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (3) فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الإِْطْلاَقِ.
وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ} (4) وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي إِحْلاَل الْبَيْعِ (5) .
وَقِيل: الظَّاهِرُ مَا دَل عَلَى مَعْنًى بِالْوَضْعِ الأَْصْلِيِّ أَوِ الْعُرْفِيِّ، وَيُحْتَمَل غَيْرُهُ احْتِمَالاً مَرْجُوحًا، كَالأَْسَدِ فِي نَحْوِ قَوْلِكَ: رَأَيْتُ الْيَوْمَ الأَْسَدَ، فَإِنَّهُ رَاجِحٌ فِي الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ، مُحْتَمَلٌ وَمَرْجُوحٌ فِي الرَّجُل الشُّجَاعِ؛ لأَِنَّهُ مَعْنًى مَجَازِيٌّ، وَالأَْوَّل الْحَقِيقِيُّ الْمُتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ (6) .
وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ فِي الظَّاهِرِ أَنْ لاَ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَقْصُودًا بِالسَّوْقِ أَصْلاً فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّصِّ (7) ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ هَذَا الاِشْتِرَاطِ (8) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْخَفِيُّ:
2 - الْخَفِيُّ مُقَابِل الظَّاهِرِ، وَهُوَ: مَا خَفِيَ الْمُرَادُ مِنْهُ بِعَارِضٍ فِي غَيْرِ الصِّيغَةِ، لاَ يُنَال إِلاَّ بِالطَّلَبِ وَالتَّأَمُّل، كَآيَةِ السَّرِقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّرَّارِ وَالنَّبَّاشِ (9) .
ب - النَّصُّ:
3 - النَّصُّ هُوَ: اللَّفْظُ الدَّال فِي مَحَل النُّطْقِ يُفِيدُ مَعْنًى لاَ يُحْتَمَل غَيْرُهُ، كَزَيْدٍ فَإِنَّهُ مُفِيدٌ لِلذَّاتِ الْمُشَخِّصَةِ، مِنْ غَيْرِ احْتِمَالٍ لِغَيْرِهَا. وَالنَّصُّ هُوَ: مَا زَادَ وُضُوحًا عَلَى الظَّاهِرِ بِمَعْنًى مِنَ الْمُتَكَلِّمِ، لاَ فِي نَفْسِ الصِّيغَةِ، وَمِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} (10) فَإِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الإِْطْلاَقِ، نَصٌّ فِي بَيَانِ الْعَدَدِ، لأَِنَّهُ سِيقَ الْكَلاَمُ لِلْعَدَدِ وَقُصِدَ بِهِ، فَازْدَادَ ظُهُورًا عَلَى الأَْوَّل (11) .
ج - الْمُفَسَّرُ:
4 - الْمُفَسَّرُ هُوَ: الْمَكْشُوفُ مَعْنَاهُ الَّذِي وُضِعَ الْكَلاَمُ لَهُ، وَازْدَادَ وُضُوحًا عَلَى النَّصِّ، عَلَى وَجْهٍ لاَ يَبْقَى مَعَهُ احْتِمَال التَّأْوِيل وَالتَّخْصِيصِ، مِثْل قَوْله تَعَالَى: {فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} (12) فَالْمَلاَئِكَةُ اسْمٌ ظَاهِرٌ عَامٌّ، وَلَكِنْ يَحْتَمِل الْخُصُوصَ، فَلَمَّا فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: (كُلُّهُمْ) انْقَطَعَ هَذَا الاِحْتِمَال، لَكِنَّهُ بَقِيَ احْتِمَال الْجَمْعِ وَالتَّفَرُّقِ، فَانْقَطَعَ احْتِمَال تَأْوِيل التَّفْرِقَةِ بِقَوْلِهِ: {أَجْمَعُونَ} (13) . د - الْمُحْكَمُ:
5 - الْمُحْكَمُ هُوَ: مَا أُحْكِمَ الْمُرَادُ بِهِ عَنِ احْتِمَال النَّسْخِ وَالتَّبْدِيل، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: بِنَاءٌ مُحْكَمٌ، أَيْ مُتْقِنٌ مَأْمُونُ الاِنْتِقَاضِ، يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} (14) .
وَمِثَال الْمُحْكَمِ قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ بِكُل شَيْءٍ عَلِيمٌ} (15) وَكَذَا سَائِرُ آيَاتِ التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ، فَإِنَّهَا لاَ تَحْتَمِل النَّسْخَ أَبَدًا (16) .
الْعَلاَقَةُ بَيْنَ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ:
6 - لِلْعُلَمَاءِ فِي بَيَانِ الْعَلاَقَةِ بَيْنَ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ اتِّجَاهَانِ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: ذَهَبَ الْمُتَقَدِّمُونَ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الظَّاهِرِ ظُهُورُ الْمُرَادِ مِنْهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَسُوقًا لَهُ أَمْ لاَ، وَفِي النَّصِّ كَوْنُهُ مَسُوقًا لِلْمُرَادِ، سَوَاءٌ احْتَمَل التَّخْصِيصَ وَالتَّأْوِيل أَمْ لاَ، وَفِي الْمُفَسَّرِ عَدَمُ احْتِمَال التَّخْصِيصِ وَالتَّأْوِيل، سَوَاءٌ احْتَمَل النَّسْخَ أَمْ لاَ، وَفِي الْمُحْكَمِ عَدَمُ احْتِمَال شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَعَلَى ذَلِكَ فَهَذِهِ الأَْرْبَعَةُ الأَْقْسَامِ مُتَمَايِزَةٌ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ، مُتَدَاخِلَةٌ بِحَسَبِ الْوُجُودِ (17) .
الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: ذَهَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الأُْصُول إِلَى أَنَّ هَذِهِ الأَْلْفَاظَ أَقْسَامٌ مُتَبَايِنَةٌ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الظَّاهِرِ عَدَمُ كَوْنِهِ مَسُوقًا لِلْمَعْنَى الَّذِي يُجْعَل ظَاهِرًا فِيهِ، وَفِي النَّصِّ احْتِمَال التَّخْصِيصِ أَوِ التَّأْوِيل، وَفِي الْمُفَسَّرِ احْتِمَال النَّسْخِ (18) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
7 - حُكْمُ الظَّاهِرِ هُوَ وُجُوبُ الْعَمَل بِاَلَّذِي ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى سَبِيل الْقَطْعِ وَالْيَقِينِ حَتَّى صَحَّ إِثْبَاتُ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ بِالظَّاهِرِ، لأَِنَّهُ وَاضِحُ الْمُرَادِ بِالصِّيغَةِ، غَايَتُهُ أَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلْمَجَازِ، وَهَذَا احْتِمَالٌ مَرْجُوحٌ غَيْرُ نَاشِئٍ مِنْ دَلِيلٍ، فَلاَ يُعْتَبَرُ (19) .
لَكِنْ إِذَا تَعَارَضَ الظَّاهِرُ مَعَ النَّصِّ أَوْ الْمُفَسَّرِ أَوِ الْمُحْكَمِ يُتْرَكُ الْعَمَل بِالظَّاهِرِ، وَيُؤْخَذُ بِمَا هُوَ أَقْوَى وَأَوْضَحُ مِنْهُ، يَقُول التَّفْتَازَانِيُّ: الْكُل يُوجِبُ الْحُكْمَ، أَيْ يُثْبِتُهُ قَطْعًا وَيَقِينًا، إِلاَّ أَنَّهُ يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ عِنْدَ التَّعَارُضِ، فَيُقَدَّمُ النَّصُّ عَلَى الظَّاهِرِ، وَالْمُفَسَّرُ عَلَيْهِمَا، وَالْمُحْكَمُ عَلَى الْكُل؛ لأَِنَّ الْعَمَل بِالأَْوْضَحِ وَالأَْقْوَى أَوْلَى وَأَحْرَى (1) .
وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) المصباح المنير، ولسان العرب، وشرح المنار للنسفى 1 / 141.
(2) المصباح المنير مادة (ظهر) .
(3) سورة النساء / 3.
(4) سورة البقرة / 275.
(5) أصول البزدوي بهامش كشف الأسرار 1 / 46.
(6) كشف الأسرار عن أصول البزدوي 1 / 46، 47، وجمع الجوامع مع حاشية البناني 1 / 236، 2 / 52.
(7) مسلم الثبوت مع المستصفى 2 / 19، كشف الأسرار عن أصول البزدوي 1 / 46، 47 والتلويح مع التوضيح 1 / 408.
(8) كشف الأسرار عن أصول البزدوي 1 / 46، 47.
(9) التعريفات 8 للجرجاني.
(10) سورة النساء / 3.
(11) أصول البزدوي على هامش كشف الأسرار 1 / 47، وشرح المنار 1 / 142، وجمع الجوامع مع حاشية البناني 1 / 239.
(12) سورة الحجر / 30.
(13) شرح المنار للنسفي 1 / 143، والتوضيح مع التلويح 1 / 409، 410، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 1 / 49، 50.
(14) سورة آل عمران / 7.
(15) سورة الأنعام / 101.
(16) التوضيح والتلويح 1 / 410 وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 1 / 51، وشرح المنار للنسفي ومعه نور الأنوار على المنار 1 / 143.
(17) التلويح على التوضيح 1 / 408، 409، ومسلم الثبوت مع المستصفى 2 / 19.
(18) انظر المرجعين السابقين، وكشف الأسرار شرح المنار للنسفي 1 / 142 - 145، وكشف الأسرار لأصول البزدوي 46، 47.
(19) نور الأنوار مع كشف الأسرار شرح المنار 1 / 141، 142.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 153/ 29