الواسع
كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...
عند الجمهور هو الواجب . وهو ما توعد بالعقاب على تركه، سواء ثبت بدليل قطعي أم ظني . مثل إقامة الصلاة، وأداء الحج، وإيتاء الزكاة، توصف بأنها فرائض عند الجميع .
الفَرْضُ: القَطْعُ، يُقال: فَرَضَ الخَشَبَةَ، أيْ: قَطَعَها، ويُطْلَقُ بِمَعنى الإِلْزامِ، فيُقال: فرَضَ عَلَيْهِ الأَمْرَ، أيْ: أوْجَبَهُ وأَلْزَمَهُ بِهِ، ويأتي بِمعنى التَّقْدِيرِ، فَيُقال: فَرَضَ القاضِي النَّفَقَةَ فَرْضًا، أيْ: قَدَّرَها، ومِن مَعانِيهِ أيضًا: الثُّبُوتُ والتَّوْسِيعُ والتَّخْصِيصُ.
يُطْلَق مُصْطلَح (فَرْض) في الفقه في كِتابِ الفَرائِضِ والمَواريثِ، باب: مِيراث أَصْحابِ الفُروضِ، ويُراد بِه: نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا لِلْوارِثِ.
فَرَضَ
ما أَمَرَ الشّارِعُ بِهِ أَمْرًا جازِمًا.
الفَرْضُ: ما يُثابُ فاعِلُهُ، وتُوُعِّدَ بِالعِقابِ تارِكُهُ، ويَنْقَسِمُ إِلى قِسْمَيْنِ: 1- فَرْضُ عَيْنٍ: وهو ما أوجَبَهُ اللهُ تعالى على كُلِّ فَرْدٍ مِن عِبادِهِ. 2- فَرْضُ كِفايَةٍ: وهو ما أوْجَبَهُ اللهُ على الجَماعَةِ؛ فإذا أدّاه ما يكفي سَقَطَ الإثْمُ عن الباقِينَ.
الفَرْضُ: القَطْعُ، ويأتي بِمَعنى الإِلْزامِ، فيُقال: فرَضَ عَلَيْهِ الأَمْرَ، أيْ: أوْجَبَهُ وأَلْزَمَهُ بِهِ، ويأتي بِمعنى التَّقْدِيرِ.
-عند الجمهور هو الواجب. وهو ما توعد بالعقاب على تركه، سواء ثبت بدليل قطعي، أم ظني.
* العين : (7/28)
* تهذيب اللغة : (12/12)
* مقاييس اللغة : (4/488)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (3/432)
* مختار الصحاح : (ص 237)
* لسان العرب : (7/202)
* تاج العروس : (18/475)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (1/181)
* اللمع في أصول الفقه : (ص 63)
* رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب : (1/494)
* شرح الكوكب المنير : (1/345)
* الشامل في حدود وتعريفات مصطلحات علم الأصول : (2/224)
* معجم أصول الفقه : (ص 311، وص 466)
* معجم أصول الفقه : (ص 314)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (3/40) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْفَرْضُ لُغَةً: مِنْ فَرَضْتُ الشَّيْءَ أَفْرِضُهُ فَرْضًا: أَوْجَبْتُهُ وَأَلْزَمْتُ بِهِ، وَيَأْتِي الْفَرْضُ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ، فَيُقَال: فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ فَرْضًا بِمَعْنَى: قَدَّرَهَا، وَالْفَرْضُ كُل شَيْءٍ تَفْرِضُهُ، فَتُوجِبُهُ عَلَى إِنْسَانٍ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ، وَالاِسْمُ الْفَرِيضَةُ (1) .
وَاصْطِلاَحًا: عَرَّفَ الْحَنَفِيَّةُ الْفَرْضَ بِأَنَّهُ مَا عُرِفَ وُجُوبُهُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ مُوجِبٍ لِلْعِلْمِ وَالْعَمَل قَطْعًا، أَمَّا مَا عُرِفَ وُجُوبُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ فَهُوَ الْوَاجِبُ عِنْدَهُمْ (2) .
الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ:
2 - الْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِلاَّ فِي الْحَجِّ.
وَيَدُورُ اللَّفْظَانِ عِنْدَهُمْ عَلَى مَعْنَى الثُّبُوتِ وَالتَّقْدِيرِ مُطْلَقًا، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَثْبُتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ أَوْ ظَنِّيٍّ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ، فَمَدَارُ الْفَرْضِ عِنْدَهُمْ لُغَةً عَلَى الْقَطْعِ، وَشَرْعًا عَلَى مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلْعِلْمِ قَطْعًا مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَوِ الإِْجْمَاعِ، وَمَدَارُ الْوَاجِبِ عِنْدَهُمْ لُغَةً عَلَى السُّقُوطِ وَاللُّزُومِ، وَشَرْعًا عَلَى مَا يَكُونُ دَلِيلُهُ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ، فَيَثْبُتُ الْوَاجِبُ عِنْدَهُمْ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ.
وَيَظْهَرُ أَثَرُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ جَاحِدَ الْفَرْضِ كَافِرٌ؛ لأَِنَّهُ أَنْكَرَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ فَرْضِيَّتِهِ قَطْعًا، وَلاَ يَكْفُرُ جَاحِدُ الْوَاجِبِ، لأَِنَّ دَلِيلَهُ لاَ يُوجِبُ الاِعْتِقَادَ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْعَمَل، وَلِذَا يُفَسَّقُ تَارِكُهُ، وَمِثَال الأَْوَّل الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، فَإِنَّهَا فَرْضٌ عِلْمِيٌّ وَعَمَلِيٌّ، وَمِثَال الثَّانِي صَلاَةُ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهِيَ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ، وَيُقَال لَهُ: فَرْضٌ عَمَلاً، وَاجِبٌ اعْتِقَادًا، وَسُنَّةٌ ثُبُوتًا (3) .
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرِ الْمُلْحَقَ الأُْصُولِيَّ
تَقْسِيمُ الْفَرْضِ بِحَسَبِ الْمُكَلَّفِ بِهِ:
3 - يَنْقَسِمُ الْفَرْضُ بِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِ بِهِ إِلَى: فَرْضِ كِفَايَةٍ، وَفَرْضِ عَيْنٍ. أَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ: فَهُوَ مَا يُقْصَدُ حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إِلَى فَاعِلِهِ، فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكُل، وَيَسْقُطُ الْوُجُوبُ بِفِعْل الْبَعْضِ، وَيَأْثَمُ الْكُل بِتَرْكِهِ.
وَأَمَّا فَرْضُ الْعَيْنِ: فَهُوَ الْمَنْظُورُ بِالذَّاتِ إِلَى فَاعِلِهِ.
وَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَمْثِلَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الدِّينِيِّ: صَلاَةَ الْجِنَازَةِ، وَالأَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِقَامَةَ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الصَّانِعِ، وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّاتِ، وَالاِشْتِغَال بِعُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ، وَتَوَلِّيَ الْقَضَاءِ وَالإِْفْتَاءِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الدُّنْيَوِيِّ: الْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ، وَمَا بِهِ قِوَامُ الْعَيْشِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
4 - وَذَكَرَ الْعُلَمَاءُ جُمْلَةً مِنَ الْفُرُوقِ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفَرْضِ الْعَيْنِ وَهِيَ:
أ - أَنَّ فُرُوضَ الْكِفَايَةِ أَمْرٌ كُلِّيٌّ تَتَعَلَّقُ بِهَا مَصَالِحُ دِينِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ لاَ يَنْتَظِمُ الأَْمْرُ إِلاَّ بِحُصُولِهَا، فَقَصَدَ الشَّارِعُ تَحْصِيلَهَا، وَلاَ يَقْصِدُ تَكْلِيفَ الآْحَادِ وَامْتِحَانَهُمْ بِهَا، بِخِلاَفِ فُرُوضِ الأَْعْيَانِ فَإِنَّ الْكُل مُكَلَّفُونَ بِهَا مُمْتَحَنُونَ بِتَحْصِيلِهَا.
ب - الْمَصْلَحَةُ مِنْ فُرُوضِ الأَْعْيَانِ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا كَالصَّلاَةِ مَثَلاً، فَإِنَّ مَصْلَحَةَالْخُضُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالتَّذَلُّل تَتَكَرَّرُ كُلَّمَا تَكَرَّرَتِ الصَّلاَةُ، فَشُرِعَ هَذَا الْقِسْمُ عَلَى الأَْعْيَانِ تَكْثِيرًا لِلْمَصْلَحَةِ.
أَمَّا الْمَصْلَحَةُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَلاَ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا، كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ فَإِنَّ النَّازِل إِلَى الْبَحْرِ بَعْدَ إِنْقَاذِهِ لاَ يُحَصِّل شَيْئًا مِنَ الْمَصْلَحَةِ، فَجَعَلَهُ الشَّارِعُ عَلَى الْكِفَايَةِ نَفْيًا لِلْعَبَثِ فِي الأَْفْعَال، كَكِسْوَةِ الْعُرْيَانِ وَإِطْعَامِ الْجَوْعَانِ.
ج - أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ إِلاَّ لِعُذْرٍ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَلِكَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ، فَلاَ يَلْزَمُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالشُّرُوعِ إِلاَّ فِي الْجِهَادِ وَالْجِنَازَةِ وَالْحَجِّ تَطَوُّعًا عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ لاَ يَقَعُ إِلاَّ فَرْضَ كِفَايَةٍ.
د - أَنَّ مَنْ تَرَكَ فَرْضَ عَيْنٍ أُجْبِرَ عَلَيْهِ، وَفِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ خِلاَفٌ كَمَا فِي تَوَلِّي الْقَضَاءِ وَكَفَالَةِ اللَّقِيطِ وَغَيْرِهَا (4) .
الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ:
5 - ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الإْسْفَرايِينِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ إِلَى أَنَّ لِلْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَفْضَلِيَّةً عَلَى الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ فِي أَدَائِهِ إِسْقَاطًا لِلْحَرَجِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ.
وَذَهَبَ ابْنُ عَابِدِينَ وَالْجَلاَل الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ إِلَى أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَل، لِشِدَّةِ اعْتِنَاءِ الشَّارِعِ بِهِ بِقَصْدِ حُصُولِهِ مِنْ كُل مُكَلَّفٍ، وَلأَِنَّهُ مَفْرُوضٌ حَقًّا لِلنَّفْسِ فَهُوَ أَهَمُّ عِنْدَهَا وَأَكْثَرُ مَشَقَّةً، وَنَقَل الْعَطَّارُ فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ كَلاَمِ الإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالأَْصْحَابِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ قَطْعَ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ لِصَلاَةِ الْجِنَازَةِ مَكْرُوهٌ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لاَ يَحْسُنُ تَرْكُ فَرْضِ الْعَيْنِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِذَا ازْدَحَمَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ وَفَرْضُ الْعَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لاَ يَسَعُ إِلاَّ أَحَدَهُمَا وَجَبَ تَقْدِيمُ فَرْضِ الْعَيْنِ إِلاَّ إِذَا كَانَ لَهُ بَدَلٌ، كَمَا فِي سُقُوطِ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَهُ قَرِيبٌ يُمَرِّضُهُ، بَل قَالُوا: لَوِ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَجُمُعَةٌ وَضَاقَ الْوَقْتُ قُدِّمَتِ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجِنَازَةَ لأَِنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلاً.
وَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ مُتَّسَعٌ فَيُقَدَّمُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، كَمَا لَوِ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَفَرْضٌ، وَلَمْ يُخَفْ فَوْتُ الْفَرْضِ، قُدِّمَ الْكُسُوفُ كَيْ لاَ يَفُوتَ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ إِنْقَاذُ الْغَرِيقِ عَلَى إِتْمَامِ الصَّوْمِ فِي حَقِّ صَائِمٍ لاَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إِنْقَاذِهِ إِلاَّ بِالإِْفْطَارِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ (5) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير.
(2) أصول السرخسي 1 / 110 - 113، والمحصول 1 / 119.
(3) أصول السرخسي 1 / 110 - 113، والتلويح على التوضيح 2 / 124، وحاشية العطار على جمع الجوامع 1 / 123، والمستصفى 1 / 66، والإحكام للآمدي 1 / 99، وروضة الناظر لابن قدامة ص16 ط السفلية.
(4) حاشية العطار على جمع الجوامع 1 / 236، والمنثور في القواعد للزركشي 3 / 33، والفروق للقرافي 1 / 116، وأنوار البروق بهامش الفروق 1 / 163، والتقرير والتحبير 2 / 135.
(5) حاشية العطار على جمع الجوامع 1 / 237 - 238، المنثور في القواعد 3 / 40، وحاشية ابن عابدين 1 / 30.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 95/ 32
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".