المجيب
كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...
ملاقاة ظاهر الشيء ظاهر غيره، وأصله باليد . ثم استعير للجماع؛ لأنه مستلزم للمس . وأخف ما يقعُ عليه اسم الْمَسِّ، هو اللَّمْسُ باليد . ومن شواهده قول ابن تيمية رحمه الله : "اللمس كالمسِّ، وقد أريد به الجماع كما في قوله تعالى : ﱫﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﱪ البقرة :٢٣٧ .
ملاقاة ظاهر الشيء ظاهر غيره، وأصله باليد. ثم استعير للجماع؛ لأنه مستلزم للمس. وأخف ما يقعُ عليه اسم الْمَسِّ، هو اللَّمْسُ باليد.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمَسُّ فِي اللُّغَةِ: مِنْ مَسِسْتُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَفِي لُغَةٍ مَسَسْتُهُ مَسًّا مِنْ بَابِ قَتَل: أَفْضَيْتُ إِلَيْهِ بِيَدِي مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ هَكَذَا قَيَّدُوهُ - وَالاِسْمُ: الْمَسِيسُ مِثْل كَرِيمٍ.
وَمَسَّ امْرَأَتَهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ مَسًّا وَمَسِيسًا: كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ، وَمَاسَّهَا مُمَاسَّةً. وَتَمَاسَّا: مَسَّ كُل وَاحِدٍ الآْخَرَ، وَالْمَسُّ: مَسْكُ الشَّيْءِ بِيَدِكَ (1) .
وَالْمَسُّ: الْجُنُونُ، وَرَجُلٌ مَمْسُوسٌ: بِهِ مَسٌّ مِنَ الْجُنُونِ كَمَا قَال تَعَالَى: {كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (2) .
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: الْمَسُّ مُلاَقَاةُ جِسْمٍ لآِخَرَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - اللَّمْسُ:
50 2 - اللَّمْسُ لُغَةً: الْجَسُّ مِنْ بَابَيْ قَتَل وَضَرَبَ أَفْضَى إِلَيْهِ بِالْيَدِ (4) . وَاللَّمْسُ فِي الاِصْطِلاَحِ: مُلاَقَاةُ جِسْمٍ لِجِسْمٍ لِطَلَبِ مَعْنًى فِيهِ كَحَرَارَةِ أَوْ بُرُودَةٍ أَوْ صَلاَبَةٍ أَوْ رَخَاوَةٍ أَوْ عِلْمِ حَقِيقَةٍ لِيَعْلَمَ هَل هُوَ آدَمِيٌّ أَوْ لاَ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللَّمْسِ وَالْمَسِّ هِيَ أَنَّ اللَّمْسَ أَخَصُّ مِنَ الْمَسِّ.
ج - الْمُبَاشَرَةُ
3 - الْمُبَاشَرَةُ فِي اللُّغَةِ مِنْ بَاشَرَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ: تَمَتَّعَ بِبَشَرَتِهَا وَبَاشَرَ الأَْمْرَ: تَوَلاَّهُ بِبَشَرَتِهِ وَهِيَ يَدُهُ وَبَاشَرَ الرَّجُل امْرَأَتَهُ: أَيْ جَامَعَهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (6) ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُبَاشَرَةُ أَنْ تَكُونَ بِتَمَاسِّ الْفَرْجَيْنِ مَعَ الاِنْتِشَارِ وَلَوْ بِلاَ بَلَلٍ (7) .
وَالْمَسُّ أَعَمُّ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَسِّ:
مَسُّ الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ الْمُصْحَفَ
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّ الْمُصْحَفِ لِغَيْرِ الطَّاهِرِ طَهَارَةً كَامِلَةً مِنَ الْحَدَثَيْنِ الأَْصْغَرِ وَالأَْكْبَرِ (8) ، لَكِنْ تَخْتَلِفُ عِبَارَاتُهُمْ فِي الشُّرُوطِ وَالتَّفْصِيل. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَحْرُمُ مَسُّ الْمُصْحَفِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ أَيْ مَسَّ الْمَكْتُوبِ مِنْهُ، وَلَوْ آيَةً عَلَى نُقُودِ دِرْهَمٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ جِدَارٍ، لأَِنَّ حُرْمَةَ الْمُصْحَفِ كَحُرْمَةِ مَا كُتِبَ مِنْهُ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْكِتَابَةُ فِي الْمُصْحَفِ وَعَلَى الدَّرَاهِمِ، كَمَا يَحْرُمُ مَسُّ غِلاَفِ الْمُصْحَفِ الْمُتَّصِل بِهِ، لأَِنَّهُ تَبَعٌ لَهُ، فَكَانَ مَسُّهُ مَسًّا لِلْقُرْآنِ.
وَلاَ يَحْرُمُ مَسُّ الْغِلاَفِ الْمُنْفَصِل عَنِ الْقُرْآنِ كَالْكِيسِ وَالصُّنْدُوقِ، وَيَجُوزُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِنَحْوِ عُودٍ أَوْ قَلَمٍ أَوْ غِلاَفٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ، وَيُكْرَهُ لَمْسُهُ بِالْكُمِّ وَالْحَائِل كَالْخَرِيطَةِ فِي الصَّحِيحِ، وَالْمَقْصُودُ بِالْخَرِيطَةِ الْوِعَاءُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلاَ تَحْرُمُ كِتَابَةُ آيَةٍ عَلَى وَرَقَةٍ، لأَِنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ مَسُّ الْمَكْتُوبِ بِالْيَدِ، أَمَّا الْقَلَمُ فَهُوَ وَاسِطَةٌ مُنْفَصِلَةٌ كَالثَّوْبِ الْمُنْفَصِل الَّذِي يَمَسُّ بِهِ الْقُرْآنَ، لأَِنَّ الْمُفْتَى بِهِ جَوَازُ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِغِلاَفٍ مُنْفَصِلٍ أَوْ بِصُرَّةٍ (9) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ مَسُّ الْمُصْحَفِ، سَوَاءٌ كَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا مَعًا أَوْ جُزْءًا أَوْ وَرَقَةً فِيهَا بَعْضُ سُورَةٍ أَوْ لَوْحًا أَوْ كَتِفًا مَكْتُوبَةً، وَيُمْنَعُ غَيْرُ الطَّاهِرِ مِنْ حَمْل الْمُصْحَفِ وَلَوْ عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ بِعَلاَّقَةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ كُرْسِيٍّ تَحْتَهُ، وَيَحْرُمُ الْمَسُّ وَلَوْ كَانَ الْمَسُّ بِحَائِلٍ أَوْ عُودٍ، وَإِنْ قَصَدَ حَمْل الْمُصْحَفِ مَعَ الأَْمْتِعَةِ حَرُمَ الْحَمْل، وَإِنْ قَصَدَ الأَْمْتِعَةَ بِالْحَمْل جَازَ.
وَيَجُوزُ الْمَسُّ وَالْحَمْل لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ بَالِغٍ وَإِنْ كَانَ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمَا عَلَى الْمَانِعِ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْجُنُبِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إِزَالَةِ الْمَانِعِ بِالْغُسْل أَوِ التَّيَمُّمِ (10) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ سَوَاءٌ حَمَلَهُ بِعَلاَّقَتِهِ أَوْ فِي كُمِّهِ أَوْ عَلَى رَأْسِهِ، وَحَكَى الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَجْهًا أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلُهُ بِعَلاَّقَتِهِ وَهُوَ شَاذٌّ فِي الْمَذْهَبِ وَضَعِيفٌ وَسَوَاءٌ مَسَّ نَفْسَ الأَْسْطُرِ أَوْ مَا بَيْنَهَا أَوِ الْحَوَاشِيَ أَوِ الْجِلْدَ فَكُل ذَلِكَ حَرَامٌ.
وَفِي مَسِّ الْجِلْدِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَحَكَى الدَّارِمِيُّ وَجْهًا شَاذًّا بَعِيدًا أَنَّهُ لاَ يَحْرُمُ مَسُّ الْجِلْدِ وَلاَ الْحَوَاشِي وَلاَ مَا بَيْنَ الأَْسْطُرِ وَلاَ يَحْرُمُ إِلاَّ نَفْسُ الْمَكْتُوبِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ تَحْرِيمُ الْجَمِيعِ.
وَفِي مَسِّ الْعَلاَّقَةِ وَالْخَرِيطَةِ وَالصُّنْدُوقِ إِذَا كَانَ الْمُصْحَفُ فِيهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ: أَصَحُّهُمَا يَحْرُمُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ لأَِنَّهُ مُتَّخَذٌ لِلْمُصْحَفِ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ كَالْجِلْدِ.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ فِي مَسِّ الصُّنْدُوقِ.
وَأَمَّا حَمْل الصُّنْدُوقِ وَفِيهِ الْمُصْحَفُ فَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ. وَكَذَا يَحْرُمُ تَحْرِيكُهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ.
وَأَمَّا إِذَا تَصَفَّحَ أَوْرَاقَهُ بِعُودٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ أَصَحُّهُمَا يَجُوزُ وَالثَّانِي لاَ يَجُوزُ وَرَجَّحَهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ لأَِنَّهُ حَمَل الْوَرَقَةَ وَهِيَ بَعْضُ الْمُصْحَفِ (11) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ مَسُّ الْمُصْحَفِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَيَحْرُمُ مَسُّ كِتَابَتِهِ وَجِلْدِهِ وَبَعْضِهِ وَحَوَاشِيهِ لِشُمُول اسْمِ الْمُصْحَفِ وَلَوْ آيَةً مِنْهُ، وَلاَ يَجُوزُ مَسُّهُ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ لأَِنَّهُ مِنْ جَسَدِهِ فَأَشْبَهَ يَدَهُ، وَيَجُوزُ مَسُّهُ بِحَائِلٍ أَوْ عُودٍ طَاهِرَيْنِ، وَحَمْلُهُ بِعَلاَّقَةٍ أَوْ وِعَاءٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُصْحَفُ مَقْصُودًا بِالْحَمْل، وَكِتَابَتِهِ وَلَوْ لِذِمِّيِّ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ، وَحَمْلُهُ بِحِرْزٍ سَاتِرٍ طَاهِرٍ، وَإِنِ احْتَاجَ الْمُحْدِثُ إِلَى مَسِّ الْمُصْحَفِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، تَيَمَّمَ وَجَازَ مَسُّهُ (12) وَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَرَ (الْجُنُبُ، وَالْحَائِضُ، وَالنُّفَسَاءُ) بِطَرِيقِ الأَْوْلَى لأَِنَّ الْحَدَثَ الأَْكْبَرَ أَغْلَظُ مِنَ الْحَدَثِ الأَْصْغَرِ.
وَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (13) ، دَلَّتِ الآْيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عَنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ لِغَيْرِ الطَّاهِرِ. وَأَنَّ الْمُحْدِثَ لَيْسَ بِطَاهِرٍ، فَدَل عَلَى عَدَمِ جَوَازِ مَسِّهِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ الْقُرْآنَ بِالتَّنْزِيل. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْقُرْآنُ الْمَوْجُودُ بَيْنَ أَيْدِينَا فَلاَ يُصْرَفُ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلاَّ بِصَارِفٍ شَرْعِيٍّ، وَأَنَّ الْخَبَرَ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ مَسِّهِ (14) .
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: لاَ يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ (15) وَلأَِنَّ تَعْظِيمَ الْقُرْآنِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ مِنَ التَّعْظِيمِ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِيَدٍ حَلَّهَا الْحَدَثُ، وَكِتَابُ النَّبِيِّ ﷺ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ﵁: أَنْ لاَ تَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ (16) ".
وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ تِلاَوَةِ الْقُرْآنِ لِمَنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ بِغَيْرِ مَسٍّ وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (مُصْحَفٌ، حَدَثٌ، ف 26، 27) .
وَمَا سَبَقَ مِنْ أَحْكَامِ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْدِثِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ مَكْتُوبًا بِالْعَرَبِيَّةِ أَمَّا التَّرْجَمَاتُ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَسِّهَا عَلَى أَقْوَالٍ.
تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (تَرْجَمَةٌ ف 7) .
مَسُّ الصَّبِيِّ الْمُصْحَفَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ
5 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ مَسِّ الصِّبْيَانِ الْقُرْآنَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ لِلصَّبِيِّ مَسُّ الْقُرْآنِ أَوْ لَوْحٍ فِيهِ قُرْآنٌ لِلضَّرُورَةِ مِنْ أَجْل التَّعَلُّمِ وَالْحِفْظِ وَلأَِنَّ الصِّبْيَانَ لاَ يُخَاطَبُونَ بِالطَّهَارَةِ وَلَكِنْ أُمِرُوا بِهِ تَخَلُّقًا وَاعْتِيَادًا (17) .
وَقَال مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَسُّ الصِّبْيَانِ لِلْمَصَاحِفِ لِلتَّعْلِيمِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ جَائِزًا، وَقِيل: إِنَّ الصَّغِيرَ لاَ يَمَسُّ الْمُصْحَفَ الْكَامِل وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُسَيَّبِ (18) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُمْنَعُ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ مِنْ مَسٍّ وَحَمْل مُصْحَفٍ أَوْ لَوْحٍ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ مُتَطَهِّرًا، وَقَال النَّوَوِيُّ: أُبِيحَ حَمْل الصِّبْيَانِ الأَْلْوَاحَ لِلضَّرُورَةِ لِلْحَاجَةِ وَعُسْرِ الْوُضُوءِ لَهَا (19) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَفِي مَسِّ صِبْيَانِ الْكَتَاتِيبِ أَلْوَاحَهُمُ الَّتِي فِيهَا الْقُرْآنُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ لأَِنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ فَلَوِ اشْتَرَطْنَا الطَّهَارَةَ أَدَّى إِلَى تَنْفِيرِهِمْ مِنْ حِفْظِهِ، قَال فِي الإِْنْصَافِ: وَفِي مَسِّ الصِّبْيَانِ كِتَابَةَ الْقُرْآنِ رِوَايَتَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لاَ يَجُوزُ وَهُوَ وَجْهٌ.
قَال فِي الْفُرُوعِ: وَيَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ مَسُّ صَبِيٍّ لَوْحًا كُتِبَ فِيهِ قُرْآنٌ، قَال ابْنُ رَزِينٍ وَهُوَ أَظْهَرُ (20) .
كِتَابَةُ الْمُحْدِثِ الْمُصْحَفَ
6 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ كِتَابَةُ الْمُصْحَفِ لَكِنْ تَخْتَلِفُ عِبَارَاتُهُمْ فِي الشُّرُوطِ وَالتَّفْصِيل.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ الْكِتَابَةُ وَمَسُّ الْمَوْضِعِ الْمَكْتُوبِ مِنَ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا يُفْرَشُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّعْظِيمِ، وَكَذَا عَلَى الْمَحَارِيبِ وَالْجُدْرَانِ لِمَا يُخَافُ مِنْ سُقُوطِ الْكِتَابَةِ (21) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ كَتْبُهُ عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ لَيْسَ لِلنَّاسِخِ أَنْ يَكْتُبَ وَيَمَسَّ الْمُصْحَفَ مُحْدِثًا، وَقِيل: يَجُوزُ كِتَابَةُ الْمُحْدِثِ لِمَشَقَّةِ الْوُضُوءِ كُل سَاعَةٍ (22) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ بِشَيْءٍ نَجَسٍ وَإِذَا كَتَبَ الْمُحْدِثُ أَوِ الْجُنُبُ مُصْحَفًا نُظِرَ إِنْ حَمَلَهُ أَوْ مَسَّهُ فِي حَال كِتَابَتِهِ حَرُمَ، وَإِلاَّ فَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لأَِنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ وَلاَ مَاسٍّ، وَفِيهِ وَجْهٌ مَشْهُورٌ يَحْرُمُ، وَوَجْهٌ ثَالِثٌ يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ دُونَ الْمُحْدِثِ.
وَإِذَا كَتَبَ الْقُرْآنَ فِي لَوْحٍ فَلَهُ حُكْمُ الْمُصْحَفِ فَيَحْرُمُ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ عَلَى الْبَالِغِ الْمُحْدِثِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الأَْكْثَرُونَ، وَفِيهِ وَجْهٌ مَشْهُورٌ أَنَّهُ لاَ يَحْرُمُ لأَِنَّهُ لاَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ بِخِلاَفِ الْمُصْحَفِ فَعَلَى هَذَا يُكْرَهُ وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَكْتُوبُ قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا فَيَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَوْ كَانَ عَلَى اللَّوْحِ آيَةٌ أَوْ بَعْضُ آيَةٍ كُتِبَ لِلدِّرَاسَةِ حَرُمَ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ (23) ، وَيُكْرَهُ نَقْشُ الْحِيطَانِ وَالثِّيَابِ بِالْقُرْآنِ وَبِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَإِذَا كَتَبَ قُرْآنًا عَلَى حَلْوَى فَلاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى خَشَبَةٍ كُرِهَ إِحْرَاقُهَا (24) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ كَمَا فِي الإِْنْصَافِ: يَجُوزُ كِتَابَةُ الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ.
وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقِيل: هُوَ كَالتَّقْلِيبِ بِالْعُودِ. وَقِيل لاَ يَجُوزُ وَإِنْ جَازَ التَّقْلِيبُ بِالْعُودِ. وَلِلْمَجْدِ احْتِمَالٌ بِالْجَوَازِ لِلْمُحْدِثِ دُونَ الْجُنُبِ (25) .
مَسُّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ التَّفْسِيرِ
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسِّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ التَّفْسِيرِ:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ لأَِنَّهُ يَصِيرُ بِمَسِّهِ مَاسًّا لِلْقُرْآنِ وَقَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَيُكْرَهُ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالسُّنَّةِ وَلاَ بَأْسَ بِمَسِّهَا بِالْكُمِّ (26) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَحَمْلُهَا وَالْمُطَالَعَةُ فِيهَا لِلْمُحْدِثِ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّفْسِيرِ مَعَانِي الْقُرْآنِ لاَ تِلاَوَتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كُتِبَتْ فِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَقَصَدَهَا، خِلاَفًا لاِبْنِ عَرَفَةَ الْقَائِل بِمَنْعِ مَسِّ تِلْكَ التَّفَاسِيرِ الَّتِي فِيهَا الآْيَاتُ الْكَثِيرَةُ مُتَوَالِيَةٌ مَعَ قَصْدِ الآْيَاتِ بِالْمَسِّ (27) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: بِحُرْمَةِ حَمْل التَّفْسِيرِ وَمَسِّهِ إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ مِنَ التَّفْسِيرِ، وَكَذَلِكَ إِنْ تَسَاوَيَا عَلَى الأَْصَحِّ، وَيَحِل مَسُّهُ إِذَا كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ عَلَى الأَْصَحِّ، وَفِي رِوَايَةٍ: يَحْرُمُ لإِِخْلاَلِهِ بِالتَّعْظِيمِ، وَقَال النَّوَوِيُّ: إِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا لاَ يَحْرُمُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمُصْحَفٍ (28) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: بِجَوَازِ مَسِّ كِتَابِ التَّفْسِيرِ وَنَحْوِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الأَْصْحَابُ وَحَكَى الْقَاضِي رِوَايَةً بِالْمَنْعِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُ مَسِّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ بِدَلِيل أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ كِتَابًا فِيهِ آيَةٌ (29) ، وَلأَِنَّهَا لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمُصْحَفِ وَلاَ تَثْبُتُ لَهَا حُرْمَتُهُ (30) .
مَسُّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ الْفِقْهِ وَغَيْرِهَا:
8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى جَوَازِ مَسِّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ الْفِقْهِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.
وَهُوَ أَصَحُّ وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَال: وَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لاَ يَفْعَل (31) .
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ كِتَابًا قَال فِيهِ آيَةً (32) "، وَلأَِنَّهَا لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمُصْحَفِ، وَلاَ تَثْبُتُ لَهَا حُرْمَتُهُ (33) .
مَسُّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ الْحَدِيثِ
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ مَسِّ الْمُحْدِثِ كُتُبَ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الْجُمْلَةِ.
جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَيُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالسُّنَنِ، وَلاَ بَأْسَ بِمَسِّهَا بِالْكُمِّ لأَِنَّهَا لاَ تَخْلُو عَنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ (34) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ مَسُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ (35) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَأَمَّا كُتُبُ حَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَأَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ جَوَازَ مَسِّهَا وَحَمْلِهَا مَعَ الْحَدَثِ، وَقَال الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ: يُكْرَهُ، وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ آخَرُونَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ جَازَ، وَالأَْوْلَى أَنْ لاَ يَفْعَل إِلاَّ بِطَهَارَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا قُرْآنٌ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ (36) . وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ مَسُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الأَْصْحَابُ، وَحَكَى الْقَاضِي رِوَايَةً بِالْمَنْعِ (37) .
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ لِجَوَازِ مَسِّ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ كِتَابًا فِيهِ آيَةٌ (38) ، وَلأَِنَّهَا لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمُصْحَفِ وَلاَ تَثْبُتُ لَهَا حُرْمَتُهُ.
مَسُّ الْمُحْدِثِ لِلنُّقُودِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ
10 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَسِّ الْمُحْدِثِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الَّتِي عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ (39) .
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ (40) ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَتَبَ كِتَابًا إِلَى هِرَقْل وَفِيهِ آيَةُ {قُل يَا أَهْل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ} (41) ، وَلَمْ يَأْمُرْ حَامِلَهَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلأَِنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ لاَ تُقْصَدُ بِإِثْبَاتِ الْقُرْآنِ فِيهَا قِرَاءَتُهُ فَلاَ تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْقُرْآنِ (42) ، وَلأَِنَّ الدَّرَاهِمَ لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمُصْحَفِ فَأَشْبَهَتْ كُتُبَ الْفِقْهِ، وَلأَِنَّ فِي الاِحْتِرَازِ مِنْهَا مَشَقَّةً أَشْبَهَتْ أَلْوَاحَ الصِّبْيَانِ (43) وَقَال فِي الْفُرُوعِ: لاَ يَجُوزُ مَسُّ الدَّرَاهِمِ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي صُرَّةٍ فَلاَ بَأْسَ (44) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي إِلَى عَدَمِ جَوَازِ مَسِّ شَيْءٍ مَكْتُوبٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ لَوْحٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ آيَةً تَامَّةً، وَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ مَكْتُوبًا بِالْفَارِسِيَّةِ يُكْرَهُ لَهُمْ مَسُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا عِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ، لأَِنَّ حُرْمَةَ الْمُصْحَفِ كَحُرْمَةِ مَا كُتِبَ فِيهِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْكِتَابَةُ فِي الْمُصْحَفِ وَعَلَى الدَّرَاهِمِ، وَكَرِهَ ذَلِكَ عَطَاءٌ وَالْقَاسِمُ وَالشَّعْبِيُّ، لأَِنَّ الْقُرْآنَ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا فَأَشْبَهَتِ الْوَرَقَ (45) .
مَسُّ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ
11 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى مَنْعِ الْكَافِرِ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ لأَِنَّ الْكَافِرَ نَجِسٌ فَيَجِبُ تَنْزِيهُ الْمُصْحَفِ عَنْ مَسِّهِ (46) .
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَال: لاَ بَأْسَ أَنْ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِذَا اغْتَسَل لأَِنَّ الْمَانِعَ هُوَ الْحَدَثُ وَقَدْ زَال بِالْغُسْل، وَإِنَّمَا بَقِيَ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِ وَذَلِكَ فِي قَلْبِهِ لاَ فِي يَدِهِ (47) .
مَسُّ الْمُحْدِثِ التَّوْرَاةَ وَالإِْنْجِيل:
12 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ مَسِّ الْمُحْدِثِ التَّوْرَاةَ وَالإِْنْجِيل وَالزَّبُورَ فِي الْجُمْلَةِ.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ مَانِعَ مِنْ مَسِّ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الأُْخْرَى الْمُبَدَّلَةِ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل وَالزَّبُورِ لأَِنَّ الْكُل كَلاَمُ اللَّهِ تَعَالَى إِلاَّ مَا بُدِّل مِنْهَا، وَمَا بُدِّل مِنْهَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ (48) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل وَالزَّبُورِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُبَدَّلَةٍ (49) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل وَحَمْلُهُمَا وَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لاَ يَجُوزُ، وَالثَّانِي: قَالاَ - وَهُوَ قَوْل جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا -: يَجُوزُ لأَِنَّهَا مُبَدَّلَةٌ مَنْسُوخَةٌ، قَال الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ وَلاَ يَحْرُمُ (50) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَلَهُ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل وَالزَّبُورِ وَصُحُفِ إِبْرَاهِيمَ إِنْ وُجِدَتْ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا، وَقَال فِي الإِْنْصَافِ: يَجُوزُ مَسُّ الْمَنْسُوخِ تِلاَوَتُهُ وَالْمَأْثُورُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَقِيل: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ (51) .
مَسُّ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ
13 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَحْرِيمِ مَسِّ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ بِمَعْنَى اسْتِعْمَالِهِ بِأَيَّةِ صِفَةٍ كَانَتْ (52) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ ف 74 وَمَا بَعْدَهَا) .
الْمَسُّ وَالإِْنْزَال لِلصَّائِمِ
14 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى فَسَادِ الصَّوْمِ بِالإِْنْزَال بِالْمَسِّ
قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِالإِْنْزَال عَنِ الْمَسِّ وَلاَ يَفْسُدُ بِالإِْنْزَال عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ (53) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ مَسَّ أَوْ قَبَّل أَوْ بَاشَرَ فَسَلِمَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْزَل فَثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي: قَوْل أَشْهَبَ - وَهُوَ أَصَحُّ الأَْقْوَال - لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يُنْزِل، وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسِّ وَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَيُكَفِّرُ مُطْلَقًا، وَبَيْنَ التَّذَكُّرِ وَالنَّظَرِ فَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَال فِي الْمُدَوَّنَةِ: إِنْ أَمْذَى مِنْ مَسٍّ أَوْ قُبْلَةٍ يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَقَال أَشْهَبُ: وَالْمَسُّ بِالْيَدِ أَيْسَرُ مِنْهَا، وَالْقُبْلَةُ أَيْسَرُ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْمُبَاشَرَةُ أَيْسَرُ مِنَ الْعَبَثِ بِالْفَرْجِ، وَتَرْكُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَقَال فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل: إِنْ أَمْذَى فَسَدَ صَوْمُهُ وَيَقْضِي (54) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَحْرُمُ الْمَسُّ فِي الصِّيَامِ لأَِنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ فِي إِثَارَةِ الشَّهْوَةِ إِذْ لَوْ أَنْزَل بِهِ أَفْطَرَ وَفَسَدَ صَوْمُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ بِمَسٍّ أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ مُضَاجَعَةٍ بِلاَ حَائِلٍ يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ (55) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا مَسَّ أَوْ قَبَّل فَأَمْذَى فَسَدَ صَوْمُهُ. هَذَا الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأَْصْحَابِ، وَقَال فِي الإِْنْصَافِ: لَوْ هَاجَتْ شَهْوَتُهُ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى وَلَمْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ.
وَقَال أَيْضًا: إِذَا قَبَّل أَوْ لَمَسَ فَأَمْنَى فَسَدَ صَوْمُهُ، هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الأَْصْحَابُ. وَوَجْهٌ فِي الْفُرُوعِ احْتِمَالاً بِأَنَّهُ لاَ يُفْطِرُ (56) .
أَثَرُ الْمَسِّ فِي وُجُوبِ الصَّدَاقِ
15 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ كُلُّهُ بِالدُّخُول أَوِ الْمَوْتِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ بِالْمَسِّ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَهْرٌ) .
أَثَرُ الْمَسِّ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ
16 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمَسَّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لاَ يُؤَثِّرُ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ فَمَنْ مَسَّ امْرَأَةً بِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَوْ قَبَّلَهَا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَهَا أَوْ أُمَّهَا وَيَجُوزُ لَهَا الزَّوَاجُ بِأُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ مَسَّ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ قَبَّلَهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لاَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ (57) .
أَمَّا الْمَسُّ بِشَهْوَةٍ فَاخْتَلَفُوا فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ بِهِ فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْمَسَّ وَالْمُبَاشَرَةَ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَالتَّقْبِيل وَلَوْ بِشَهْوَةٍ لاَ يُحَرِّمُ أُصُول مَنْ مَسَّهَا أَوْ قَبَّلَهَا وَلاَ فُرُوعَهَا، زَوْجَةً كَانَتْ أَمْ أَجْنَبِيَّةً (58) لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِل لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (59) . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَسَّ بِشَهْوَةٍ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ فَمَنْ مَسَّتْهُ امْرَأَةٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا، وَلاَ تَحِل لَهُ أُصُولُهَا وَلاَ فُرُوعُهَا، وَحَرُمَ عَلَيْهَا أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ، وَمَنْ مَسَّ أَوْ قَبَّل أُمَّ امْرَأَتِهِ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الأَْسْبَابَ الدَّاعِيَةَ إِلَى الْوَطْءِ فِي إِثْبَاتِ الْحُرْمَةِ كَالْوَطْءِ فِي إِثْبَاتِهَا، وَإِنَّ الْمَسَّ وَالنَّظَرَ سَبَبٌ دَاعٍ إِلَى الْوَطْءِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ فِي مَوْضِعِ الاِحْتِيَاطِ ثُمَّ الْمَسُّ بِشَهْوَةٍ أَنْ تَنْتَشِرَ الآْلَةُ ثُمَّ شَرَطَ الْحُرْمَةَ بِالنَّظَرِ أَوِ الْمَسِّ أَنْ لاَ يُنْزِل، فَإِنْ أَنْزَل لاَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ الشَّهْوَةَ حَال الْمَسِّ، فَلَوْ مَسَّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ثُمَّ اشْتَهَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَسِّ لاَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، إِذْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسَّ بِالإِْنْزَال غَيْرُ مُفْضٍ إِلَى الْوَطْءِ، وَالْمَسُّ الْمُفْضِي إِلَيْهِ هُوَ الْمُحَرَّمُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْمَسُّ بِشَهْوَةٍ لاَ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ بِالإِْنْزَال هُوَ أَنَّ الْحُرْمَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْمَسِّ بِشَهْوَةٍ كَانَ حُكْمُهَا مَوْقُوفًا إِلَى أَنْ تَبِينَ بِالإِْنْزَال فَإِنْ أَنْزَل لَمْ تَثْبُتْ وَإِلاَّ ثَبَتَتْ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} (60) ، قَالُوا: الْمُرَادُ مِنَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ، وَالْمَسُّ وَالتَّقْبِيل بِشَهْوَةٍ دَاعٍ إِلَى الْوَطْءِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ احْتِيَاطًا لِلْحُرْمَةِ (61) . أَثَرُ الْمَسِّ فِي الظِّهَارِ:
17 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ إِلَى حُرْمَةِ دَوَاعِي الْوَطْءِ مِنْ مَسٍّ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ تَقْبِيلٍ قَبْل التَّكْفِيرِ فِي الظِّهَارِ (62) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} (63) .
دَلَّتِ الآْيَةُ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ الْمُظَاهِرَ بِالْكَفَّارَةِ قَبْل التَّمَاسِّ، وَالتَّمَاسُّ يَصْدُقُ عَلَى الْمَسِّ بِالْيَدِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْجِسْمِ، كَمَا يَصْدُقُ عَلَى الْوَطْءِ، وَالْوَطْءُ قَبْل التَّكْفِيرِ حَرَامٌ بِالاِتِّفَاقِ، فَالْمَسُّ بِالْيَدِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ يَكُونُ حَرَامًا مِثْلَهُ وَلأَِنَّ الْمَسَّ وَالتَّقْبِيل بِشَهْوَةٍ وَالْمُبَاشَرَةَ دُونَ الْفَرْجِ تَدْعُو إِلَى الْوَطْءِ، وَمَتَى كَانَ الْوَطْءُ حَرَامًا كَانَتِ الدَّوَاعِي إِلَيْهِ حَرَامًا أَيْضًا بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ (مَا أَدَّى إِلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى إِبَاحَةِ الدَّوَاعِي فِي الْوَطْءِ (64) ، وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْمَسِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} (65)
الْجِمَاعُ: وَذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (66) ، فَلاَ يَحْرُمُ مَا عَدَاهُ مِنَ الْمَسِّ بِشَهْوَةٍ وَالْمُبَاشَرَةِ وَالتَّقْبِيل فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلأَِنَّ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ بِالظِّهَارِ يُشْبِهُ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ بِالْحَيْضِ مِنْ نَاحِيَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ وَلاَ يُخِل بِالنِّكَاحِ، وَتَحْرِيمُ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ لاَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الدَّوَاعِي إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ بِالظِّهَارِ لاَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الدَّوَاعِي إِلَيْهِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ (67) .
مَسُّ الذَّكَرِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ
18 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِهِ أَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (68) .
وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لاَ يَنْقُضُ مَسُّهُ إِلاَّ بِبَاطِنِ كَفِّهِ وَلاَ يَنْقُضُ بِظَهْرِ الْكَفِّ لأَِنَّ ظَاهِرَ الْكَفِّ لَيْسَ بِآلَةِ الْمَسِّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ مَسَّهُ بِفَخِذِهِ (69) .
وَلاَ فَرْقَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بَيْنَ بَطْنِ الْكَفِّ وَظَاهِرِهِ (70) .
وَلِلتَّفْصِيل يُرَاجَعُ (مُصْطَلَحُ وُضُوءٌ) . مَسُّ الأَْجْنَبِيِّ أَوِ الأَْجْنَبِيَّةِ
19 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ مَسِّ الرَّجُل شَيْئًا مِنْ جَسَدِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الْحَيَّةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ شَابَّةً أَمْ عَجُوزًا (71) غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: لاَ بَأْسَ بِمُصَافَحَةِ الْعَجُوزِ وَمَسِّ يَدِهَا لاِنْعِدَامِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (72) .
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: مَا مَسَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ امْرَأَةً قَطُّ (73) ، وَلأَِنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ مِنَ النَّظَرِ فِي اللَّذَّةِ وَإِثَارَةِ الشَّهْوَةِ (74) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَحِل لِرَجُلٍ مَسُّ وَجْهِ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِنْ حَل نَظَرُهُ بِنَحْوِ خِطْبَةٍ أَوْ شَهَادَةٍ أَوْ تَعْلِيمٍ، وَلاَ لِسَيِّدَةِ مَسُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِ عَبْدِهَا وَعَكْسُهُ وَإِنْ حَل النَّظَرُ (75) .
مَسُّ الْمَرْأَةِ لِلْعِلاَجِ
20 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلطَّبِيبِ الْمُسْلِمِ إِنْ لَمْ تُوجَدْ طَبِيبَةٌ أَنْ يُدَاوِيَ الْمَرِيضَةَ الأَْجْنَبِيَّةَ الْمُسْلِمَةَ وَيَنْظُرَ مِنْهَا وَيَمَسَّ مَا تُلْجِئُ الْحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ، وَمَسِّهِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ طَبِيبَةٌ وَلاَ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ جَازَ لِلطَّبِيبِ الذِّمِّيِّ ذَلِكَ، وَتُقَدَّمُ الْمَرْأَةُ الْكَافِرَةُ مَعَ وُجُودِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ لأَِنَّ نَظَرَ الْكَافِرَةِ وَمَسَّهَا أَخَفُّ مِنَ الرَّجُل.
وَيَجُوزُ لِلطَّبِيبَةِ أَنْ تَنْظُرَ وَتَمَسَّ مِنَ الْمَرِيضِ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ الْمُلْجِئَةُ إِلَى نَظَرِهِ وَمَسِّهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ طَبِيبٌ يَقُومُ بِمُدَاوَاةِ الْمَرِيضِ (76) ، وَقَدِ اشْتَرَطَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ شُرُوطًا لِذَلِكَ.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَيُبَاحَانِ أَيِ النَّظَرُ وَالْمَسُّ لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَعِلاَجٍ لِلْحَاجَةِ لَكِنْ بِحَضْرَةِ مَانِعِ خَلْوَةٍ كَمَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوِ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ لِحِل خَلْوَةِ رَجُلٍ بِامْرَأَتَيْنِ ثِقَتَيْنِ، وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَأْمَنَ الاِفْتِنَانَ وَلاَ يَكْشِفَ إِلاَّ قَدْرَ الْحَاجَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ كَذَلِكَ: يَحْرُمُ النَّظَرُ دُونَ الْمَسِّ كَأَنْ أَمْكَنَ لِطَبِيبٍ مَعْرِفَةُ الْعِلَّةِ بِالْمَسِّ فَقَطْ (77) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَلِطَبِيبٍ نَظَرُ وَمَسُّ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ وَلَمْسِهِ نَصَّ عَلَيْهِ (78) ، حَتَّى فَرْجِهَا وَبَاطِنِهِ لأَِنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا، وَلِيَكُنْ ذَلِكَ مَعَ حُضُورِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ، لأَِنَّهُ لاَ يَأْمَنُ مَعَ الْخَلْوَةِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ، وَيَسْتُرُ مِنْهَا مَا عَدَا مَوْضِعَ الْحَاجَةِ لأَِنَّهَا عَلَى الأَْصْل فِي التَّحْرِيمِ، وَكَالطَّبِيبِ مَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ أَوْ مَرِيضَةٍ فِي وُضُوءٍ وَاسْتِنْجَاءٍ وَغَيْرِهِمَا وَكَتَخْلِيصِهَا مِنْ غَرَقٍ وَحَرْقٍ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا لَوْ حَلَقَ عَانَةَ مَنْ لاَ يُحْسِنُ حَلْقَ عَانَتِهِ، وَكَذَا لِمَعْرِفَةِ بَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَبُلُوغٍ، وَأَمَّا الْمَسُّ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَمَسِّ يَدِهَا لِيَعْرِفَ مَرَضَهَا فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بِحَالٍ (79) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والقاموس المحيط.
(2) سورة البقرة / 275.
(3) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 119.
(4) المصباح المنير.
(5) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 119.
(6) سورة البقرة / 187.
(7) بدائع الصنائع 1 / 30، وحاشية ابن عابدين 1 / 99.
(8) بدائع الصنائع 1 / 156، والفتاوى الهندية 1 / 38 - 39، والهداية مع الفتح 1 / 168، والمدونة 1 / 112، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 125، ومواهب الجليل 1 / 374، ونهاية المحتاج 1 / 123 وما بعدها، وشرح روض الطالب 1 / 60 - 61، والمجموع شرح المهذب 1 / 69، والمغني 1 / 147، والإنصاف 1 / 222، وكشاف القناع 1 / 134، والفروع 1 / 188.
(9) بدائع الصنائع 1 / 156، والفتاوى الهندية 1 / 38 - 39.
(10) المدونة 1 / 112، وحاشية الدسوقي 1 / 125، ومواهب الجليل 1 / 374.
(11) المجموع شرح المهذب 2 / 69 - 70 ونهاية المحتاج 1 / 123 - 124، وشرح روض الطالب 1 / 60 - 61، ورحمة الأمة ص 13.
(12) المغني 1 / 147، والإنصاف 1 / 223، وكشاف القناع 1 / 134، والفروع 1 / 188.
(13) سورة الواقعة / 77 - 80.
(14) بدائع الصنائع 1 / 156، والمغني 1 / 147، والمجموع 2 / 72.
(15) حديث ابن عمر: " لا يمس القرآن إلا طاهر ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1 / 276) وقال: رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجاله موثقون.
(16) المغني لابن قدامة 1 / 147، وشرح السنة للبغوي 2 / 48، ونيل الأوطار 1 / 207 وحديث: عمرو بن حزم " أن لا تمس القرآن إلا على طهر ". أخرجه الدارقطني (1 / 121) وقال: مرسل ورواته ثقات.
(17) فتح القدير لابن الهمام 1 / 150، والفتاوى الهندية 1 / 39.
(18) مواهب الجليل 1 / 304 - 305، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 126.
(19) شرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 62، ونهاية المحتاج 1 / 627، والمجموع شرح المهذب 2 / 75.
(20) المغني 1 / 148، والفروع 1 / 189، وكشاف القناع 1 / 135، والإنصاف 1 / 223.
(21) تبيين الحقائق 1 / 58، وبدائع الصنائع 1 / 156، ورد المحتار على الدر المختار 1 / 195.
(22) حاشية الدسوقي 1 / 125، ومواهب الجليل 1 / 305.
(23) المجموع 2 / 72، وشرح روض الطالب 1 / 61 - 62.
(24) المراجع السابقة.
(25) الإنصاف 1 / 225 - 226، والفروع 1 / 191، وكشاف القناع 1 / 135 - 137.
(26) بدائع الصنائع 1 / 33، والفتاوى الهندية 1 / 39.
(27) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 125.
(28) روضة الطالبين 1 / 80، ونهاية المحتاج 1 / 125 - 126، والمجموع 2 / 69، وشرح روض الطالب 1 / 61.
(29) حديث: " أن النبي ﷺ كتب إلى قيصر كتابه فيه آية ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 32) ومسلم (3 / 1394) من حديث ابن عباس.
(30) كشاف القناع 1 / 135، والإنصاف 1 / 225، والمغني 1 / 148، والفروع 1 / 190.
(31) بدائع الصنائع 1 / 156، فتح القدير 1 / 150، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 125، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 1 / 94، والمجموع شرح المهذب 2 / 70، ونهاية المحتاج 1 / 126، والإنصاف 1 / 225، والمغني 1 / 148.
(32) سبق تخريجه ف 7.
(33) المغني 1 / 148.
(34) بدائع الصنائع 1 / 33، والفتاوى الهندية 1 / 39، وفتح القدير لابن الهمام 1 / 150.
(35) شرح الزرقاني على مختصر خليل 1 / 94، ومواهب الجليل 1 / 304، وحاشية الدسوقي 1 / 125 - 126.
(36) المجموع شرح المهذب 1 / 72، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 61.
(37) المغني 1 / 148، والإنصاف 1 / 225، وكشاف القناع (1 / 135) .
(38) سبق تخريجه ف 7.
(39) شرح الزرقاني على مختصر خليل 1 / 94، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 125 - 126، ونهاية المحتاج 1 / 126، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 61 والمجموع شرح المهذب 2 / 70 والفروع 1 / 190، والمغني 1 / 148، وكشاف القناع 1 / 135، والإنصاف 1 / 224.
(40) سبق تخريجه ف 7.
(41) سورة آل عمران / 64.
(42) نهاية المحتاج 1 / 126، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 61، والمجموع 2 / 70.
(43) شرح روض الطالب 1 / 61، والفروع 1 / 190، والمغني 1 / 148، وكشاف القناع 1 / 135.
(44) الفروع 1 / 190، والإنصاف 1 / 224.
(45) بدائع الصنائع 1 / 156، والفتاوى الهندية 1 / 39، والمغني 1 / 148.
(46) بدائع الصنائع 1 / 164، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 125 - 126، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 62، والمجموع شرح المهذب 2 / 74، وكشاف القناع 1 / 135.
(47) بدائع الصنائع 1 / 165.
(48) تبيين الحقائق 1 / 57 وفتح القدير 1 / 149، ورد المحتار على الدر المختار 1 / 195، والفتاوى الهندية 1 / 39، والبحر الرائق 1 / 210 وما بعدها.
(49) شرح الزرقاني 1 / 93، وحاشية الدسوقي 1 / 125.
(50) المجموع 2 / 72، وشرح روض الطالب 1 / 61.
(51) كشاف القناع 1 / 135، والإنصاف 1 / 225.
(52) بدائع الصنائع 2 / 191، والمبسوط 4 / 122 - 123، والمدونة 1 / 456 - 457، والمجموع 7 / 269، والمغني 3 / 499.
(53) بدائع الصنائع 2 / 261.
(54) حاشية العدوي 1 / 404 - 405، والمدونة 1 / 195، وشرح الزرقاني 2 / 199، ومواهب الجليل 2 / 416.
(55) نهاية المحتاج 6 / 195، والإقناع للخطيب الشربيني 2 / 69، والمجموع 6 / 322.
(56) الإنصاف 3 / 301، وكشاف القناع 2 / 319، والمغني 3 / 312 - 313.
(57) فتح القدير 3 / 129 - 130، وحاشية ابن عابدين 2 / 280 - 383، وحاشية الدسوقي 2 / 251، وجواهر الإكليل 1 / 289، وقليوبي 3 / 241، والمغني 6 / 579.
(58) المصادر السابقة ونهاية المحتاج 6 / 193 - 195.
(59) سورة النساء / 24.
(60) سورة النساء / 22.
(61) بدائع الصنائع 2 / 260 - 261، وحاشية ابن عابدين 2 / 281 - 283، وفتح القدير 3 / 129 - 131.
(62) فتح القدير 4 / 87، وبدائع الصنائع 3 / 234، وحاشية الدسوقي 2 / 445، والمغني 7 / 348، والمبسوط 4 / 207.
(63) سورة المجادلة / 3.
(64) مغني المحتاج 3 / 357، وحاشية الدسوقي 2 / 447، والمغني 7 / 383.
(65) سورة المجادلة / 3.
(66) سورة البقرة / 237.
(67) فتح القدير 4 / 87، والفتاوى الهندية 1 / 456، وحاشية الدسوقي 2 / 447، والمغني لابن قدامة 7 / 383.
(68) المدونة 1 / 8، ومواهب الجليل 1 / 299، وحاشية الدسوقي 1 / 121، والمجموع 2 / 34، 35، وشرح روض الطالب 1 / 57 - 58، والمغني 1 / 178، والإنصاف 1 / 202، والفروع 1 / 179.
(69) المدونة 1 / 8، والمجموع 1 / 34 - 41، وكفاية الأخيار 1 / 22.
(70) المغني 1 / 179، والفروع 1 / 179.
(71) الشرح الصغير 1 / 290، وبدائع الصنائع 6 / 259، وتبيين الحقائق 6 / 18، ومغني المحتاج 3 / 132، ونهاية المحتاج 6 / 195 - 196، والمجموع 1 / 34 - 41، والمغني 1 / 338.
(72) بدائع الصنائع 6 / 259، وتكملة فتح القدير 8 / 98، وتبيين الحقائق 6 / 18.
(73) حديث: عائشة " ما مس رسول الله ﷺ. . ". أخرجه مسلم (3 / 1489) من حديث عائشة ﵂.
(74) الشرح الصغير 1 / 290، ومغني المحتاج 3 / 132، والمغني 1 / 338، والمجموع 1 / 26.
(75) نهاية المحتاج 6 / 192.
(76) بدائع الصنائع 2 / 261، والفواكه الدواني 2 / 410، ومغني المحتاج 3 / 133، ونهاية المحتاج 6 / 196 - 197، وكفاية الأخيار 2 / 29، والمغني 3 / 113، والإنصاف 8 / 22.
(77) نهاية المحتاج 6 / 195، والإقناع للشربيني 2 / 69.
(78) الإنصاف 8 / 22، وكشاف القناع 5 / 13.
(79) كشاف القناع 5 / 13.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 275/ 37