حد السرقة
أُتِيَ النبي -صلى الله عليه وسلم- بسارق فقالوا: سرق قال: ما إِخَالُهُ سرق قال: بلى قد فعلتُ يا رسول الله قال: اذهبوا به فاقْطَعُوهُ، ثم احْسِمُوهُ، ثم ائتوني به فذهب به فَقُطِعَ، ثم حُسِمَ، ثم أُتِيَ به النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: تُبْ إلى الله قال: تُبتُ إلى الله قال: تاب الله عليك، أو قال، اللهم تب عليه.

شرح الحديث :


أفاد الحديث أن رجلا سرق وأتي به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأراد أن يعرف هل سرق حقيقة أم لم يسرق، فلما تبين للنبي -عليه الصلاة والسلام- سرقته من خلال إقراره وتلقينه، أمر به فقطعت يده وأمر بحسمها، أي كيها حتى يتوقف نزيف الدم، وأمره بالتوبة إلى الله من فعله فأقر بذلك ودعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بقبول توبته.

معاني الكلمات :


ما إخاله بكسر الهمزة، هو المشهور، من خال: بمعنى: ظنَّ، أراد بذلك: تلقينه الرجوع عن الاعتراف.
احسِمُوه يقال: حسَمه حسمًا من باب ضرب، فانحسم بمعنى قطعه، فانقطع، والحسم هو: كيه بعد القطع؛ لئلا يسيل دمه وينزف.

فوائد من الحديث :


  1. أنَّ السارق المقر على نفسه، إذا لقن الرجوع عن إقراره، وأصرَّ عليه، فلم يرجع أنه يقام عليه الحد فتقطع يده .
  2. ينبغي حسم مكان القطع بمادة توقف نزيف الدم، فإنَّه لو استمرَّ معه النزيف لهلك، وليس المراد إهلاكه، وإنما المراد إقامة الحد وتطهيره .
  3. مشروعية التوكيل في إقامة الحدود من قبل ولي الأمر .
  4. استدل بالحديث الفقهاء المعاصرون على أنه لا يجوز إعادة ما قطع من الأعضاء في حد أو قصاص حتى يتم ردع الجناة عن جرائمهم .
  5. إذا أقيم على السارق حد السرقة، فينبغي تذكيره بالتوبة والاستغفار، ليجمع الله تعالى في محو ذنبه بين إقامة الحد، والاستغفارة بالقلب واللسان، كما ينبغي أن يدعو له بالتوبة معاونةً له على نفسه، والشيطان .
  6. أنَّ المعترِف بالسرقة إذا لم توجد معه، فإنَّه يشرع تلقينه الرجوع عن اعترافه؛ ليكون شبهة في درء حد السرقة عنه .

المراجع :


  • سنن الدارقطني، أبو الحسن الدارقطني - حققه وضبط نصه وعلق عليه: شعيب الارنؤوط، حسن عبد المنعم شلبي، عبد اللطيف حرز الله، أحمد برهوم- مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان- الطبعة: الأولى، 1424 هـ - 2004.
  • مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق المعروف بالبزار، المحقق: محفوظ الرحمن زين الله، وجماعة، الناشر: مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة الطبعة: الأولى، بدأت 1988م، وانتهت 2009م.
  • المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيع - تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا- الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، 1411 - 1990.
  • منحة العلام في شرح بلوغ المرام: تأليف عبد الله الفوزان-طبعة دار ابن الجوزي-الطبعة الأولى 1428.
  • توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام: تأليف عبد الله البسام- مكتبة الأسدي –مكة المكرمة –الطبعة: الخامِسَة، 1423 هـ - 2003 م.
  • تسهيل الإلمام بفقه الأحاديث من بلوغ المرام: تأليف الشيخ صالح الفوزان- عناية عبد السلام السليمان - مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى.
  • فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام للشيخ ابن عثيمين- المكتبة الإسلامية القاهرة- تحقيق صبحي رمضان وأم إسراء بيومي- الطبعة الأولى 1427.
  • إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الألباني، إشراف: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة: الثانية 1405 هـ - 1985م.
  • نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار، المؤلف: أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى الحنفى بدر الدين العينى، المحقق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم- الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - قطر، الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م.

ترجمة نص هذا الحديث متوفرة باللغات التالية