الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
عن أبي مريم الأزْدي، قال: دخلتُ على معاوية فقال: ما أنْعَمَنا بك أبا فلان -وهي كلمة تقولها العرب- فقلتُ: حديثًا سمعتُه أُخبرُك به، سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ ولَّاهُ الله عز وجل شيئًا مِنْ أَمْر المسلمين فاحْتَجَبَ دُونَ حاجَتِهم وخَلَّتِهِم وفقرهم، احْتَجَبَ الله عنه دون حاجَتِه وخَلَّتِهِ وفقره» قال: فَجَعَل رجلًا على حَوائِج الناس.
[صحيح.] - [رواه أبو داود والترمذي وأحمد.]
يخبر أبو مريم الأزدي أنه دخل على معاوية رضي الله عنهما يومًا, ففرح معاوية بدخوله عليه ورحب به, فحدثه أبو مريم بحديث سمعه من النبي ﷺ، وفيه أن من جعله الله والياً على المسلمين، وملَّكه أمرهم فاحتجب عنهم, ولم يقم بما أوجبه الله -تعالى- من حقهم، وأغلق دونهم بابه فلم يصلوا إليه, فإنَّ الله -تعالى- يحتجب عن حاجته يوم القيامة، جزاءً وفاقاً؛ فالجزاء من جنس العمل، وكما تدين تُدان, وإذا احتجب الله دون حاجته منعه فضله وعطاءه ورحمته. ولما حُدث معاوية رضي الله عنه بهذا الحديث؛ اتخذ رجلاً لحوائج الناس يستقبل الناس وينظر ما حوائجهم، ثم يرفعها إلى معاوية رضي الله عنه عندما كان أميراً للمؤمنين.
ما أنعمنا بك | يريد ما جاءنا بك أو ما أعملك إلينا؛ وإنما يقال ذلك لمن يعتد بزيارته, ويفرح بلقائه, كأنه يقول: ما الذي أفرحنا وسرنا وأقر أعيننا بلقائك ورؤيتك؟ |
ولاه | يُقال: ولاه الأمر تولية: جعله والياً عليه، وملَّكه أمره. |
احتجب | يُقال: حَجَبَهُ يَحْجُبُهُ حَجْباً: ستره ومنعه، واحتجب: استتر. |
حاجة | يُقال: حَاجَ الرَّجل يحوج: إذا احتاج، والحاجة جمعها حوائج، وهي: ما يفتقر إليها الإنسان ويطلبها. |
خلتهم | الخلة والفقر متماثلان في الاحتياج، إلا أن الخَلة أشد. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".