المجيد
كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...
عن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما مرفوعًا: «يُؤتَى بِالرَّجُل يَومَ القِيَامَة فَيُلْقَى في النَّار، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَاب بَطْنِه فَيدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ فِي الرَّحَى، فَيَجْتَمِع إِلَيه أَهلُ النَّارِ، فَيَقُولُون: يَا فُلاَنُ، مَا لَكَ؟ أَلَم تَكُ تَأمُرُ بِالمَعرُوف وَتَنْهَى عَن المُنْكَر؟ فيقول: بَلَى، كُنتُ آمُرُ بِالمَعرُوف وَلاَ آتِيهِ، وَأَنهَى عَن المُنكَر وَآتِيهِ».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
هذا الحديث فيه التحذير الشديد من الرجل الذي يأمر بالمعروف ولا يأتيه، وينهى عن المنكر ويأتيه، والعياذ بالله. تأتي الملائكة برجل يوم القيامة فيلقى في النار إلقاء، لا يدخلها برفق، ولكنه يلقى فيها كما يلقى الحجر في البحر، فتخرج أمعاؤه من بطنه من شدة الإلقاء، فيدور بأمعائه كما يدور الحمار في الطاحون، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون له: ما لك؟ أي شيء جاء بك إلى هنا، وأنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول مُقِرًّا على نفسه: كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهى عن المنكر وأفعله، فالواجب على المرء أن يبدأ بنفسه فيأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر؛ لأن أعظم الناس حقا عليك بعد رسول الله ﷺ نفسك.
تَنْدَلِقُ | تخرج. |
أَقْتَاب | الأمعاء، واحدها قتب. |
الرَّحَى | حجر الطاحون. |
وَآتِيهِ | أفعله. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".