المنان
المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...
عن أُمُّ سَلَمَة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إلَيْهِمْ، فقال: «ألا إنما أنا بشر، وإنما يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض؛ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ؛ فَأَقْضِي لَهُ، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار، فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
سمع النبي ﷺ أصوات خصوم مختلطة؛ لما بينهم من المنازعة والمشاجرة عند بابه، فخرج إليهم؛ ليقضي بينهم، فقال: إنما أنا بشر مثلكم، لا أعلم الغيب، ولا أخبر ببواطن الأمور؛ لأعلم الصادق منكم من الكاذب، وإنما يأتيني الخصم لأحكم بينهم، وحكمي مبني على ما أسمعه من حجج الطرفين وبيِّناتهم وأيْمَانِهِم، فلعل بعضكم يكون أبلغ وأفصح وأبينَ من بعض؛ فأحسب أنه صادق مُحِق؛ فأقضي له، مع أن الحق -في الباطن- بجانب خصمه، فاعلموا أن حكمي في ظواهر الأمور لا بواطنها، فلن يحل حراما؛ ولذا فإن من قضيت له بحق غيره وهو يعلم أنه مبطل، فإنما أقطع له قطعة من النار، فليحملها إِن شاء، أو ليتركها، فعقاب ذلك راجع عليه، والله بالمرصاد للظالمين.
جَلَبَة | هِي اخْتِلاطُ الْأَصْوَاتِ. |
يَذرْهَا | يَتركها. |
أَبْلَغ مِنْ بَعْضٍ | أَفْصَح في كَلَامِهِ مِنْه، وَأَقْدَر عَلَى إِظْهَار حُجَّتِهِ. |
فَأَحْسَبُ | فأَظُنّ وَأَعْتَقِد. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".