الرحمن
هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...
عن قيس بن بشر التغلبي، قال: أخبرني أبي - وكان جليسًا لأبي الدرداء - قال: كان بدمشق رجلٌ من أصحابِ النبيِّ ﷺ يقال له سهل بن الحَنْظَلِيَّةِ، وكان رجلا مُتَوَحِّدًا قَلَّمَا يُجالس الناسَ، إنما هو صلاةٌ، فإذا فَرَغَ فإنما هو تسبيحٌ وتكبيرٌ حتى يأتيَ أهله، فمَرَّ بنا ونحن عند أبي الدرداءِ، فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنْفَعُنَا ولا تَضُرُّكَ. قال: بَعَثَ رسولُ اللهِ ﷺ سَرِيَّةً فَقَدِمَتْ، فجاء رجلٌ منهم فجلسَ في المجلسِ الذي يجلسُ فيه رسولُ اللهِ ﷺ فقال لرجلٍ إلى جَنْبِهِ: لو رأَيْتَنَا حين الْتَقَيْنَا نَحْنُ والعَدُوُّ، فحمل فلانٌ وطَعَنَ، فقال: خُذْهَا مِنِّي، وأنا الغُلامُ الغِفَارِيُّ، كيف تَرَى في قوله؟ قال: ما أُرَاهُ إلا قَدْ بَطَلَ أَجْرُهُ. فسمع بذلك آخر، فقال: ما أَرَى بذلك بَأْسًا، فَتَنَازَعَا حتى سَمِعَ رسولُ اللهِ ﷺ فقال: «سبحانَ اللهِ؟ لا بَأْسَ أَنْ يُؤْجَرَ ويُحْمَدَ» فرأيتُ أبا الدرداء سُرَّ بذلك، وجَعَلَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إليهِ، ويقول: أَأَنْتَ سمعتَ ذلك مِن رسولِ اللهِ ﷺ؟ فيقول: نعم، فما زَالَ يُعِيدُ عليه حتى إني لأقولُ لَيَبْرُكَنَّ على رُكْبَتَيْهِ، قال: فَمَرَّ بنا يومًا آخَرَ، فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنْفَعُنَا ولا تَضُرُّكَ، قال: قال لنا رسولُ اللهِ ﷺ: «المُنْفِقُ على الخَيْلِ، كالبَاسِطِ يَدَهُ بالصدقةِ لا يَقْبِضُهَا»، ثم مَرَّ بنا يومًا آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنْفَعُنَا ولا تَضُرُّكَ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ الأَسَدِيُّ! لولا طُولُ جُمَّتِهِ وإِسْبَالُ إِزَارِهِ!» فَبَلَغَ ذلك خُرَيْمًا فَعَجِلَ، فَأَخَذَ شَفْرَةً فقطع بها جُمَّتَهُ إلى أُذُنَيْهِ، ورَفَعَ إِزَارَهُ إلى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. ثم مَرَّ بنا يومًا آخرَ فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنْفَعُنَا ولا تَضُرُّكَ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «إِنَّكُمْ قَادِمُونَ على إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، وأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حتى تَكُونُوا كَأَنَّكُم شَامَةٌ في الناسِ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يحبُ الفُحْشَ ولا التَّفَحُّشَ».
[ضعيف.] - [رواه أبو داود وأحمد.]
كان بدمشق رجل يقال له ابن الحنظلية، وكان رجلاً يحب الانفراد عن الناس، لا ينشغل بغير الصلاة والتسبيح ثم في شأن أهله، فمَرَّ ذات يوم بأبي الدرداء رضي الله عنه وهو جالس مع أصحابه، فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه: قل لنا كلمة تنفعنا ولا تضرك، فذكر ابن الحنظلية أن النبي ﷺ بعث سرية –وهي الجيش القليل أقل من أربعمائة نفر، يذهبون يقاتلون الكفار إذا لم يسلموا- فقدموا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فجلس أحدهم في المكان الذي يجلس فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، وجعل يتحدث عن السرية وما صنعته، وذكر رجلا راميا يرمي ويقول: خذها وأنا الغلام الغفاري يفتخر -والحرب لا بأس أن الإنسان يفتخر فيها أمام العدو- فقال بعض الحاضرين: بطل أجره لأنه افتخر، وقال الآخر لا بأس في ذلك، فصار بينهم كلام، فخرج النبي ﷺ وهم يتنازعون فقال: سبحان الله! يعني: كيف تتنازعون في هذا؟ لا بأس أن يحمد ويؤجر؛ فيجمع الله له بين خيري الدين والدنيا، يحمد بأنه رجل شجاع رامٍ، ويؤجر عند الله عز وجل فلا بأس في هذا، يقول بشر التغلبي: فرأيت أبا الدرداء فرح بذلك؛ لما فيه من أن النفع الدنيوي لا ينافي الثواب الأخروي، وجعل يرفع رأسه بعد أن كان خافضه، ويقول: أأنتَ سمعت هذا من رسول الله ﷺ، فيقول نعم، فما زال أبو الدرداء يعيد عليه القول؛ حتى إني لأقول: ليبركن أي ليجثون على ركبتيه؛ مبالغة في التواضع كما هو شأن المتعلم بين يدي المعلم، ومر ابن الحنظلية بأبي الدرداء يوما آخر فقال له أبو الدرداء: قل لنا كلمة تنفعنا ولا تضرك، فأخبره أن النبي ﷺ قال: المنفق على الخيل في رعيها وسقيها وعلفها ونحو ذلك، كالذي يفتح يده بالصدقة أبدا ولا يقبضها، والمراد بالخيل؛ أي: المعدة للجهاد في سبيل الله، ثم مر به مرة آخرى فقال: قل لنا كلمة تنفعنا ولا تضرك، فأخبره أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أثنى على خُريم الأسدي؛ إلا أنه قال: لولا أنه قد أطال جمته –وهي الشعر إذا طال حتى بلغ المنكبين وسقط عليهما- وأطال ثوبه، فسمع الرجل فسارع إلى سكين فقطع جمته حتى بلغت أذنيه، ورفع ثوبه إلى أنصاف ساقيه، ثم مر يوما آخر، فقال أبو الدرداء: قل لنا كلمة تنفعنا ولا تضرك، فقال سمعت رسول الله ﷺ يقول لما رجع من غزو: إنكم في غد قادمون على إخوانكم من المؤمنين، فأصلحوا ما أنتم راكبون عليه، وأصلحوا لباسكم، وكونوا في أحسن هيئة وزي حتى تظهروا للناس ظهور الشامة في البدن، فإن الله لا يحب من تكون هيئته ولباسه وقوله قبيحا، ولا يحب من يتكلف ذلك القبح".
إنما هو صلاة | أي: إنما هو في صلاة. |
كلمة تنفعنا | أي: قل لنا كلمة، أو تكلم كلمة. |
سرية | قطعة من الجيش يرسلها الإمام إلى العدو، أقصاها أربعمائة، سميت بذلك لأنها تكون سراة الجيش؛ أي: خلاصته، وقيل: لأنها تسير ليلا. |
سبحان الله | يعني: تنزيها لله عن كل عيب ونقص. |
المنفق على الخيل | أي: في رعيها وسقيها وعلفها ونحو ذلك، والمراد بالخيل: المعدة للجهاد في سبيل الله. |
متوحدا | : يحب التوحد والانفراد. |
ما أراه | : ما أظنه. |
جُمَّتَهِ | : الشعر إذا طال حتى بلغ المنكبين وسقط عليهما. |
الشفرة | : السكين العريضة. |
الشامة | : تسمى الخال وهي نقطة سوداء في الجلد. |
التفحش | : تكلف الكلام الفاحش، أو الهيئة واللباس الفاحش. |