البحث

عبارات مقترحة:

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

آل البيت

العربية

المؤلف عبد الله بن عبد العزيز التميمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات - أركان الإيمان
عناصر الخطبة
  1. من أحب شخصًا لزمه محبة ما يحب .
  2. محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابة- .
  3. تفضيل السلف للصحابة على غيرهم .
  4. وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بآل البيت .
  5. التعريف بآل البيت .
  6. محبة الصحابة لآل البيت .
  7. عقيدة أهل السنة في آل البيت .

اقتباس

من عقيدة أهل السنة: أنهم يرون أن آل البيت ما شرفوا إلا لقربهم من الرسول، وليس هو الذي شَرُف بهم، ويتبرؤون من طريقة الروافض، ومن طريقة النواصب، ويحفظون فيهم وصية الرسول؛ ويرون أنهم مراتب ومنازل، وأنهم وإن تميزوا، فلا يعني أن...

الخطبة الأولى:

إن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- من لوازم الإيمان؛ وبقدر ما لدى العبد من محبة وتعظيم له صلى الله عليه وسلم يكون قدر إيمانه؛ ما دامت المحبة دائرة في فلك المشروع؛ فإذا دخلت في الممنوع فليست محبة؛ لأنها مخالفة للمحبوب فيما أراد وأوصى صلى الله عليه وسلم.

روى الشيخان من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".

ألا وإن محبة أي إنسان تقتضي عقلاً وفطرة محبة من يحبه هذا الإنسان؛ فكيف إذا أوصى هذا المحبوب بأحبابه وأكّد على محبتهم وحفظ حقهم؟!

لقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه الكرام -رضوان الله عليهم- الَّذِينَ (آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ) [الأعراف: 157].

وأخبر أن صحبة أحدهم تعدل عمل العامل من غيرهم بالغاً ما بلغ؛ في مثل قوله المشهور: "لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه" [رواه الشيخان من حديث أبي سعيد].

وهكذا فهم سلف الأمة وأئمتها؛ يقول ابن المبارك لما سئل عن التفضيل بين معاوية -رضي الله عنها- والخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز: "لتراب في منخري معاوية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز".

ولما سئل المعافى بن عمران -رحمه الله- السؤال ذاته غضب غضبًا شديدًا، وقال: "لا يقاس بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحد".

وقال الفضل بن عنبسة جوابًا لهذا السؤال: "سبحان الله! أأجعل من رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كمن لم يره؟!" قالها ثلاثاً.

وكما أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه فقد أوصى بقرابته وأهل بيته الكرام، وأكّد تأكيداً شديداً على محبتهم، وحفظ حقهم، روى مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: "قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خُمّاً -بين مكة والمدينة- فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ وذكّر، ثم قال: "أما بعد: ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله؛ فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به" فحث على كتاب الله، ورغّب فيه؛ ثم قال: "وأهل بيتي، أُذَكِّركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي"، قال حصين -الراوي عن زيد-: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته ممن حُرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: "هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حُرم الصدقة؟ قال: "نعم".

وروى الحاكم بإسناد صحيح عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده؛ لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار".

وبمحبة آل البيت؛ فسّر بعض العلماء قول الله -تعالى-: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) [الشورى: 23].

أيها المسلمون: وآل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- هم من ذكرهم زيد بن أرقم -رضي الله عنه- في حديثه المتقدم؛ وبعضهم في الفضيلة أرفع من بعض؛ فعلي وفاطمة والحسن والحسين أخصّ من غيرهم، روى مسلم في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- غداة وعليه مرطٌ مرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله؛ ثم جاء الحسين فدخل معه؛ ثم جاءت فاطمة فأدخلها؛ ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [الأحزاب: 33].

ونساؤه صلى الله عليه وسلم من أهل بيته بلا شك؛ فإن سياق الآي قبلها وبعدها كان ضمن التوجيهات الربانية إليهن؛ فكيف لا يكنّ من أهل البيت؛ قال الله -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) [الأحزاب: 33 - 34].

عباد الله: لقد حفظ المسلمون وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المؤمنين من أهل بيته وقرابته؛ فأحبوهم لإيمانهم ولقرابتهم ولصحبة من صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم؛ وأكرموهم ووقروهم، روى البخاري عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال: "ارقبوا محمداً -صلى الله عليه وسلم- في أهل بيته".

وروى عنه أيضًا أنه قال: "والذي نفسي بيده؛ لقرابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب إلي أن أصل من قرابتي".

وقال عمر للعباس: "والله لإسلامك يوم أسلمت؛ كان أحب إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم؛ لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إسلام الخطاب".

ولما دخل عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- في حاجة له على عمر بن عبد العزيز قال له عمر: "إذا كانت لك حاجةٌ فأرسل إليَّ أو اكتب؛ فإني أستحيي من الله أن يراك على بابي".

وعن الشعبي قال: صلى زيد بن ثابت على جنازة أمه، ثم قُرِّبت له بغلته ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه، فقال زيد: "خلِّ عنه يا ابن عم رسول الله"، فقال ابن عباس: "هكذا نفعل بالعلماء"، فقبل زيدٌ يد ابن عباس؛ وقال: "هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا -صلى الله عليه وسلم-".

وحين قُيِّد الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- وضُرب في فتنة القول بخلق القرآن، وبعد أن أقام الحجة على أحمد بن أبي دؤاد أمام الواثق، قال الواثق: "اقطعوا قيد الشيخ، فلما قُطع سأله الواثق أن يجعله في حِل، فقال: لقد جعلتك في حِل وسعة من أول يومٍ إكرامًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكونك من أهله".

اللهم إنا نشهدك أنا نحب نبيك وآل بيته وصحابته؛ فاجمعنا بهم في جنات النعيم.

بارك الله لي ولكم...

الخطبة الثانية:

أيها المسلمون: إن عقيدتنا -أهلَ السنة والجماعة- أن نحب المؤمنين من آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونودهم لإيمانهم ولقرابتهم من النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ومن نال شرف الصحبة زاد درجة ثالثة في المحبة هي درجة الصحبة.

قال الآجري: "واجب على كل المسلمين محبة أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإكرامهم واحتمالهم، وحسن مداراتهم والصبر عليهم، والدعاء لهم".

وقال شيخ الإسلام في الواسطية عن عقيدة أهل السنة: "ويحبون أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال يوم غدير خم: "أذكركم الله في أهل بيتي"ا. هـ.

وقال رحمه الله في موضع آخر: "من أبغضهم -يعني: آل البيت- فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً".

ومن عقيدة أهل السنة أيضاً: أنهم يرون أن آل البيت ما شرفوا إلا لقربهم من الرسول، وليس هو الذي شَرُف بهم، ويتبرؤون من طريقة الروافض، ومن طريقة النواصب، ويحفظون فيهم وصية الرسول؛ ويرون أنهم مراتب ومنازل، وأنهم وإن تميزوا، فلا يعني أن لهم الفضل المطلق على من فضلهم في العلم والإيمان، فالثلاثة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، أفضل من علي، وإن امتاز عنهم بخصوصيات؛ لأن هناك فرقاً بين الإطلاق والتقييد.

وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه -رضي الله عنهن-، والدعاء لهن، ومعرفة فضلهن، والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين.

قال ابن كثير: "ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم، وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض، فخراً وحسباً ونسباً، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه، وعلي وأهل بيته وذريته -رضي الله عنهم أجمعين-"ا. هـ.

ويبين الطحاوي: أن البراءة من النفاق لا تكون إلا بسلامة المعتقد في آل البيت، فيقول: "ومن أحسنَ القولَ في أصحاب رسول الله وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرياته المقدسين من كل رجس، فقد برئ من النفاق".

ومن عقيدة أهل السنة: أنهم يبغضون الكافر ولو كان من أهل البيت؛ فهم يبغضون أبا لهب وأبا طالب كغيرهما من الكفار؛ لكنهم يحبون أفعال أبي طالب التي أسداها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحماية والذب عنه؛ والله يكافؤه عليها بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- له فيكون في ضحضاح من النار وله نعلان من نار يغلي منهما دماغه؛ ولولا شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لكان في الدرك الأسفل من النار.

وكذا؛ فإن أهل السنة يرون أن العصمة ليست إلا للأنبياء؛ وقد خُتموا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فلا معصوم بعده عليه الصلاة والسلام.

ويتبرأ أهل السنة من طريقة الروافض الغلاة في أهل البيت؛ ومن طريقة النواصب الذين يبغضون أهل البيت؛ ويعلمون أن الأئمة الاثني عشر برآء مما نسبه إليهم الرافضة؛ بل هم يتبرؤون من الرافضة وصنيعهم؛ فإن علياً -رضي الله عنه- قال: "لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري".

وسأله ابنه محمد بن الحنفية فقال: "أي الناس خير بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: عمر، وخشيت أن يقول عثمان؛ فقلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين".

ولما جاء الشيعة إلى زيد بن علي بن الحسين، وقالوا له: "تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك؟ قال: هما صاحبا جدي -يعني: علياً- بل أتولاهما؛ فرفضوه فسموا الرافضة".

وأخيرًا: فإن محبة المؤمنين من أهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- قربة وطاعة ودين؛ لكن الميزان عند الله هو للتقوى؛ ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه.