البحث

عبارات مقترحة:

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

خصائص الصلاة

العربية

المؤلف عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - الصلاة
عناصر الخطبة
  1. الصلاة من أجل الطاعات وأعظم القُربات .
  2. الخصائص التي تميز الصلاة عن غيرها من العبادات .
  3. فضائل الصلاة .
  4. ترك الصلاة عنوان الضلال والشقاء .
  5. جريمة انتشار المخدرات في المملكة وعواقبها السيئة .
  6. وجوب اتحاد المجتمع والتعاون مع السلطات لمقاومة انتشار المخدرات. .

اقتباس

أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس أحد أركان الإسلام، وأن من جحدها وأنكر وجوبها فهو كافرٌ مرتدٌ خارج من الإسلام، وأن من استهزأ بها أو من استخف بها؛ فذاك عنوان ضلاله وشقائه، فهي الترجمان لما في القلب من إيمان، ومن أدى هذه الصلوات الخمس دلَّ على إيمانه، ومن تخلى عنها دل على شقائه ونفاقه...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، َصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أمَّا بَعْدُ..    

فيا أيِّها الناس: اتقوا الله -تعالى- حق التقوى، عباد الله الصلوات الخمسُ هي الركن الثاني من أركان الإسلام هي عمود الدين لها من الأهميةِ والشأنِ واللهُ بهِ عليم، هذه الصلوات الخمس التي فرضها الله على العباد في اليوم خمس مرات هي من أجل الطاعات وأعظم القُربات.

أيها المُسلم: لقد جاءنا أمرٌ في كتاب ربنا وسُنة نبينا –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقول الله – جَلَّ وَعَلَا-: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة: 4]، ويقول: (قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً) [إبراهيم: 31].

أيِّها المُسلم: إن الله –جَلَّ وَعَلَا – أمر بهذه الصلاة في عدة آيات من كتابهِ العزيز وفي سُنة رسُولهِ–صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة: 43].

ولهذه الصلوات الخمس خصائص ليست لغيرها من سائر العبادات؛ فمن خصائصها أن طريق فرضيتها خارجٌ عن جميع الفرائض الإسلامية، فكان فجبريل -عَلَيْهِ السَّلَام- ينزل الوحي على رسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بفريضةٍ أو تحريم أو نحو ذلك.

أما الصلوات الخمس فكان فرضيتها ليلة عُرِج بالنَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى السموات العلا، فخاطبهُ الله شفاهةً بالصلاة وأمرهُ بها خمسين صلاة، فما زال محمدٌ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يتردد بين ربهِ وموسى، وموسى يقول لمحمد: اسألهُ التخفيف فإن أُمتك لا تُطيق ذلك، فجعلها الله خمسًا بالعملِ خمسين بالثواب، وقال: "أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي".

هذه الصلوات سماها الله إيمانًا، فقال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) [البقرة: 143]، أي: صلاتكم، فهذه الصلوات تُذكر أحيانًا من بين سائر العبادات، قال –جَلَّ وَعَلَا-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ) [الأنبياء: 73]، فذكر الصلاة بعد الأعمال بالخير وهي من أنواع الخير لكن خصها بالذكر لأهميتها.

وقال -جَلَّ وَعَلَا-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ) [العنكبوت: 45] هذه الصلوات الخمس جاء ذكرها مع كثير من الأوامر قال –جَلَّ وَعَلَا-: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ) [الأنعام: 162- 163]، وقال: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر: 2]، وقال: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النور: 56].

ومن خصائصها أن الله أمر نبيه بالاصطبار عليها (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه: 132]، ومنها أن الله افترضها على جميع المسلمين، على كل مسلم بالغٍ عاقل يطالب بها المريض كما يطالب بها الصحيح، ويطالب بها المسافر كما يطالب بها المقيم، فلا تسقط الصلاة بمرضٍ ولا سفرٍ، وإنما تجب على المريضِ والصحيحِ والمُسافرِ والمقيم إلا أن الله –جَلَّ وَعَلَا – تفضل بفضلهِ العظيم فخفَّف بعض شروطها وبعض عددها وأفعالها يقول–صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – للمريض: "صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِّعْ فَقَاعِدًا، فِإنْ لَمْ تَسْتَطِّعْ فَعَلَى جَنْب؛ فِإِنْ لَمْ تَسْتَطعْ فَمُسْتَلْقِيًا".

وجعل الله لها الطهارة شرطًا بصحتها يقول الله – جَلَّ وَعَلَا – (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: 3] فطهر ثوبك، فالطهارة مشروطةٌ للصلاة طاهرةٌ للثوبِ وطهارةٌ للبقعةِ وطهارةٌ الجسد يقول الله جَلَّ وَعَلَاَ- (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف: 31].

 ومن خصائصها: أنها عبادٌ تعمُ القلب واللسان والجوارح.

ومن خصائصها: أنها دين أمر الله بها في جميع الشرائع، فهي من أخلاق الأنبياء -عَلَيْهُمْ السَّلَام- فما نبيٌّ من الأنبياء إلا والصلاةُ في شريعتهم يقول الله –جَلَّ وَعَلَا – عن إبراهيم –عَلَيْهِ السَّلام (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) [إبراهيم: 40]، ويقول عن إسماعيل -عَلَيْهِ السَّلَام- (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً) [مريم: 55]، ويقول عيسى -عَلَيْهِ السَّلَام- ‎(وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) [مريم: 31].

أيها المسلمون: وهي آخر وصيةٍ أوصى بها محمدٌ –صلى الله عليه وسلم- أُمته بآخر حياته وكان يقول: "الصَّلَاةَ الصَّلَاةِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" يغرغرُ بها ولا يقدر النطق بها –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–.

ولما كانت للصلاة تلك الخصائص والمميزات كان لها فضائل عظيمة، ومن فضائلها أنها خير الأعمال قال عبدالله بن عمر: جَاءَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ يَا رَسُولُ الله: أَيِّ الأَعْمَالُ أَحَبُ إِلَى الله؟ قال: "الصَّلَاةِ" ثُمْ أَيِّ؟ قَالَ: "الجِهَاد"، فجعل الصلاة خير الأعمال.

 وعن ثوبان قال: قال رَسُول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: "اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاَعْلَمُوا أَنْ خَيْرُ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةَ".

ومن فضائلها: أنها نورٌ وبرهان لصحبها، يقول رسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: "مَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَة، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نُور وَلَا نَجَاة وَلَا بُرْهَان، وَحُشِرَ مَعَ فِرْعَونَ وَقَارُون وَأُبيِّ بِنْ خَلَفَ"، وفي قول: "وَالضَّلَال".

ومن فضائل هذه الصلوات الخمس: أنها سبب لصلاح العمل، يقول–صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–:  "إِنْ أَوَل مَا يُحَاسَب عَلَيْهِ الْعَبْد يَوْمَ الْقِيَامَة مِنَ الأَعْمَالُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَد فَلَحَ وَنَجَحَ وَإِنْ فَسَدَت فَقَدَ خَسِر".

 ومنها أنها سببٌ للنهي عن المنكرات والتخلق بالأخلاق الفاضلة؛ يقول الله –جَلَّ وَعَلَا- (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت: 45]، وهذه الصلوات عونٌ لك على كل الأعمال، يقول الله – جَلَّ وَعَلَا – (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقر ة: 45]، ويقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 153].

والصلوات الخمس مكفرةٌ لذنوب والسيئات التي قبلها، يقول –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، والجُمْةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَتْ الْكَبَائِرَ".

ومن خصائصها أنها قرة عين المؤمن وراحتهِ وانشراح نفسهِ وبالهِ وانشراح صدرهِ؛ فإن أداها فقد انشرح صدرهِ وطابت نفسهُ وقُرة عينهِ، يقول – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَرِحْنَا يَا بِلَالُ بِالصَّلَاة"، فجعل راحةً لهم وأُنسًا له، ويقول: "حُبَّبْ لِي مِنْ دِنْيَاكُمْ النَّسَاء وَالطِّيب وِجُعِلَتْ قُرَة عَيِّنِي بِالصَّلَاة".

أيُها المُسْلم: أدِّ هذه الفريضة طاعةً لله، واشكر الله الذي فرضها عليك؛ لأن في فرضيتها ثوابًا عظيمًا وأجرًا كبيرًا لك، فاحمد الله أن فرضها عليك لتنال رضوانهُ وجنتهُ، واشكر الله على هذه النعمة، وقوِّ نفسك على فعلها، واحرص حرصًا على أدائها، وأمر أهلك من بنين وبنات بها؛ فإنها خير الخِصال، واحذر التهاون بها والاستهتار بها؛ فإن ذلك من الخسران العظيم، وأدِّها كما أمر الله بطمأنينة وخشوع في أركانها وقراءتها وركوعها وسجودها، واسأل الله التوفيق، والله -تعالى- يقول: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 262].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليهِ إنهُ هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه كما يُحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبهِ وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

 أما بعد: فيا أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- حق التقوى.

 عباد الله: أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس أحد أركان الإسلام، وأن من جحدها وأنكر وجوبها فهو كافرٌ مرتدٌ خارج من الإسلام، وأن من استهزأ بها أو من استخف بها؛ فذاك عنوان ضلاله وشقائه، فهي الترجمان لما في القلب من إيمان، ومن أدى هذه الصلوات الخمس دلَّ على إيمانه، ومن تخلى عنها دل على شقائه ونفاقه، يقول الله –جَلَّ وَعَلَا–: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 142].

ويقول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: "الْعَهْدِ الذَي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم الصَّلاة، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرْ"، ويقول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –:  "بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصًّلَاة".

 ويقول الله – جَلَّ وَعَلَا – عن الكفار إذا قيل لهم يوم القيامة: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) [المدثر: 42- 46]، فجعل ترك الصلاة مساويًا للتكذيب بيوم الدين!!       

فحافظ -أيها المسلم- عليها، وإياك أن يخدعك الشيطان عنها، أدِّها في كل أوقاتها، أدِّها خمسًا في أوقاتها، واحرص على ذلك؛ فإن الله يقول (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) [النساء: 103].

أيها المسلمون: بالأمس سمعنا بيانًا مذاعًا من وزارة الداخلية كان موضوعه حجم المخدرات المضبوطة وأربابها والمروِّجين لها خلال الأربعة أشهر الأخيرة، وظهر من هذا البيان أن الأمر مهولٌ من انتشار هذه المواد السيئة من الحشيش والمخدرات، وما يتبعها من الأسلحة النارية، وغير ذلك من وسائل الإجرام والضلال.

يا إخواني: الإسلام يمنع المسلم من الظلم والعدوان، "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، هؤلاء المصنِّعون للمخدرات هؤلاء من جلدتنا ومن بلادنا، هداهم الله لكل خير، هذه الجرائم العظيمة والمنكرات القبيحة تهدم الدين والقيم والفضائل وهي سببٌ لهدم الدين، وسبب إفساد العقول والقضاء على كيان الأمة وجعلها أمةً ضائعة ضالة.

 إن أمة الإسلام تُحارَب اليوم؛ تُحارَب بالسلاح العسكري، وتُحارَب بالسلاح الفكري السيئ، وتُحارَب بسلاح المخدرات والمسكرات، فهي والله حربٌ ضَرُوس وبلاء على  الأمة الإسلامية، أين الإسلام يا أخي؟! أين الصلاة التي تنهاك عن الفحشاء والمنكر؟ أين تلاوة القرآن؟ أين صيام رمضان؟! أين حجك؟! أين عملك الصالح؟!

إن الاشتراك في هذه الجريمة والشبكة الإجرامية الخطيرة دليل على فساد إيمانك، وضعف يقينك، لو كان في قلبك مثقال ذرة من خردل إيمان ما رضيت لأمتك بالفساد، ترضى أن تسعى لأمتك بأن تدمر عقولها وأفكارها، هذه المخدرات سببٌ في تشوه الأجنة، وإسقاطها مبكرًا، وكل بلاء من تميع الأخلاق، وفساد الأعراض، وانحلال القيم والفضائل، وجلب كل المصائب تدعو صاحبها إلى غاية الذل والهوان؛ عياذًا بالله من المنكرات.

يا أيها الناس: الحقيقة أن هذا الخبر وتفاصيله يدل على أمرين؛ الأمر الأول يدل على أن هذه الجهة الأمنية جهاتٌ موفقةٌ مُعانَة، والشكر لله على وجودها لمكافحة المخدرات، وسلاح حرس الحدود وغيره من الجمارك مما يراقبون هذه الحدود، وينتشلون هذه البلايا بأساليب مختلفة، وكلما تفنن المروِّجون في أساليبهم وفَّق الله أولئك لاكتشافها والقضاء عليها.

إن هذه بلاءٌ على هذه الأُمة، بلاءٌ عليك وعلى أولادك وأهلك، وإن سلمت أنت فإن أهلك لن يسلموا من شرها، إن هذا المال المأخوذ بهذه الطريقة مالٌ خبيثٌ سُحتٌ ضارٌ مؤذٍ سببٌ للعذاب بالدنيا والآخرة.

 يا أخي المُسلم! ميادين الكسب كثيرة، يكتسب بالأسس الشرعية والقواعد الأخلاقية، وإياك أن يكون مكسبك خبيثًا سيئًا من هذه المخدرات، وتكون في دائرة قلق وشقاء، همك فقط جمع المال بهذه الطريقة السيئة، لقد نقلوا أن هؤلاء يحملون أموالاً عظيمة في أيديهم من الاعتداء والظلم العظيم، سلبوا أموال الناس، وسلبوا عقولهم، وهدوا كيانهم وقضوا على قيمهم وأخلاقهم وفضائلهم.

 إن الواجب على المسلمين أن يتقوا الله في أنفسهم وأن لا ينجروا لمثل هذه الموبقات، وأن يأخذوا على أيدي هؤلاء، وأن يبلِّغوا عنهم؛ لأن وجودهم بين المجتمع بلاء وضرر أن الأمة تخشى من الحروب التي تسبب الدمار، وتميع الأخلاق، وغير ذلك من المصائب والبلايا.

فيا أيها المسلمون: إن هذا الواقع أمر عظيمٌ ومهمٌ جدًّا، الأمر الثاني يدل على يقظة الأمن واستعدادهم وتهيئتهم، ووفق الله وزير داخليتنا لما فيه الخير والصلاح، وأيدهُ الله بنصره بمكافحة هذه الجريمة وغيرها من الجرائم الشديدة؛ إنهُ والله بلاء.

 فدعاء لهم بالتوفيق والسداد، وأن يُعينهم الله على هذه المقاومة الشديدة للقضاء على هذا الغزو الفتاك الإجرامي كي لا يسلب ديننا وأخلاقنا وقيمنا وفضائلنا؛ إن الله على كل شيء قدير، وندعو الله أن يُوفقهم ويعينهم على كل خير ويسدد خطاهم، ويوفقهم لما يحبهُ ويرضاه، فالتعاون معهم في القضاء على هذه الأفكار الخبيثة مطلوب؛ لأننا مسئولون عن أمتنا، وعن أنفسنا، وعن أولادنا، وعن مجتمعنا، فلا يليق بنا أن نسعى بالضرر وأن نخادع الناس على دمائهم وأموالهم، فهذه المخدرات يروجها خلقٌ من غير حياء ولا خجل من غير خوف من الله، فنرجو الله – جَلَّ وَعَلَا – أن يوفق المسئولين لكل خير، وأن يعينهم على القضاء على الأوكار الإجرامية، وأن يمدهم بعونه وتوفيقه؛ فإنه جهادٌ في سبيل الله، ونسأل الله السلامة والعافية.

واعلموا -رحمكم الله- أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٌ  -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذَّ في النار، وصلوا رحمكم الله على عبده الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].

 اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائهِ الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمُسلمين وأذل الشرك والمُشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلا المسلمين يا رب العالمين.

 اللهم آمنا في أوطاننا اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمرنا وآمن المسلمين في ديارهم وأيدهم بالولاة الصالحين، ومن يحكم بالعدل والخير إنك على كل شيء قدير.

 اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام وفِّق إمامنا وإمام المسلمين لكل خير، اللهم وفق إمامنا وإمام المسلمين لكل خير، وأعنه على كل خير إنك على كل شيء قدير وسدده في أقولهِ وأعماله، ووفق ولي عهده وولي ولي عهده لكل خير إنك على كل شيء قدير.

 ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلبنا غلًا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

 اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلتهُ قوةً لنا على طاعتك وبلاغًا لنا إلى حين، اللهم أغثنا اللهم، أغثنا اللهم أغثنا إنك على كل شيء قدير.

 ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على عموم نعمه يزيدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.