البحث

عبارات مقترحة:

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

رمضان فرصة للتغيير

العربية

المؤلف ناصر القطامي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. من أبرز مجالات التغيير في هذا الخير .
  2. أهمية اغتنام نفحات رمضان .

اقتباس

ورمضان فرصة لإقامة الصلاة، في جماعة، والمحافظة على تكبيرة الإحرام في الصف الأول، فرصة للتعرف إلى الله في الرخاء، فرصة للذكر والشكر، فرصة لقيام طويل، في ليل طويل، طلبًا لمرضاة العظيم الجليل.

الخطبة الأولى:

أيها المؤمنون الصائمون: شهر رمضان فرصة من أعظم فرص التغيير في كل المجالات لمن أراد التغيير، حيث الجو الملائم والتهيئة الربانية، والقرب من الله تعالى والمعينات في هذا الشهر كثيرة، فرمضان فرصة الجميع للتغيير.. فرصة ليصبح العبد من المتقين الأخيار، ومن الصالحين الأبرار، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

ورمضان فرصة لإقامة الصلاة، في جماعة، والمحافظة على تكبيرة الإحرام في الصف الأول، فرصة للتعرف إلى الله في الرخاء، فرصة للذكر والشكر، فرصة لقيام طويل، في ليل طويل، طلبًا لمرضاة العظيم الجليل.

وهو فرصة للتغيير لما يسر الله تعالى فيه، من أسباب الخيرات، وفعل الطاعات، فالنفوس فيه مقبلة، والقلوب إليه والهة، ولأن رمضان تصفد فيه مردة الشياطين. فلا يصلون إلى ما كانوا يصلون إليه في غير رمضان، وفي رمضان تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، ولله في كل ليلة من رمضان عتقاء من النار، وفي رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر؛ فما أعظمها من بشارة، لو تأملناها بوعي وإدراك لوجدتنا مسارعين إلى الخيرات، متنافسين في القربات، هاجرين للموبقات، تاركين للشهوات.

ومن أبرز مجالات التغيير في هذا الشهر:

أولًا: أنه فرصة للتوبة والرجوع إلى الله تعالى: فالله -عز وجل- قد هيء لعباده هذا الشهر للتوبة والرجوع، فالشياطين مسلسلة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِى مُنَادٍ: يَا بَاغِىَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِىَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ".

ولأجل هذا يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له".

فرمضان فرصة لتفقد النفس ومحاسبتها وحثها على الخير، والتغيير يبدأ عند محاسبة النفس وتصحيح أخطائها، وهذا ما يجب أن تكون عليه، عادة مستمرة يترقى بها المسلم إلى أفضل درجات السمو والرفعة.

يقول الحسن البصري -رحمه الله- : "المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله -عز وجل-، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة".

فخير بداية لرمضان أن تكون بتنقية القلوب لتقبل على علام الغيوب، بتقديم التوبة الصادقة، والتقلل من أدران الذنوب، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "إنك لن تلقى الله بشيء خير من قلة الذنوب، فمن سره أن يسبق الدائب المجتهد فليكف نفسه عن كثرة الذنوب".

ثانيًا: أن رمضان فرصة للإقبال على الله والإكثار من العبادة: فالله -عز وجل- قد فضّل شهر رمضان على سائر الشهور، وجعل أيامه من خير أيام العام، ولذلك يُعد فرصة عظيمة لمن أراد الإقبال على الله تعالى والاستزادة من العبادة.

ثالثًا: أن رمضان فرصة للتغيير الأخلاقي: فرمضان بطبيعته يغرس في المسلمين الأخلاق الحميدة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أكد لنا على ذلك.. فيقول -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يفسق، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني صائم، إني صائم".

وهذه دعوة للعفو والتسامح، ومبادلة السيئة بالحسنة.

ورمضان يربي في الأفراد معنى الوحدة والترابط والتآخي والشعور بالآخرين، قال -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

ويتعود المسلمين ذلك الفضل حينما يمسكون في وقت واحد، ويفطرون في آن واحد، ويشعر الغني بجوع الفقير، ويقف الجميع مصطفين في صلاة القيام يدعون ربا واحدا وقبلتهم إلى الله تعالى واحدة.

ورمضان فرصة عظيمة لكظم الغيظ والعفو على الناس؛ لأنه يعود المسلم على الصبر والتحمل، فمن يستطع الصبر على الجوع والعطش مع شدة الحر، يستطيع أن يكظم غيظه ويصبر على أذى غيره، كما قال الله تعالى في وصف أهل الإيمان: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آلعمران:134].

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضبِ".

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء".

بارك الله لي ولكم..

الخطبة الثانية:

أيها المؤمنون: أيام رمضان شأن سائر الأيام تمر سراعا، بل ربما هي أسرع من غيرها، وهذا يتطلب عزيمة صادقة وهمة عالية في ترتيب الأوقات واغتنام النفحات -وما أكثرها في شهر البركات- وترتيب الوقت في هذا الشهر الكريم من أهم مفاتيح جني الثمرات، وذلك برصد أوقات محددة لكل عبادة حسب ما تسمح به الأحوال، والحذر من لصوص الوقت من الرفقاء والأصحاب، أو الانشغال المفرط بوسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي.

قال تعالى: (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) [الأنعام:70]، مع الحذر أيضا من آفات الكسل والتسويف، وشغل النفس بأمور يمكن تداركها بعد فوات الشهر الكريم، والانشغال بالمهم عن الأهم.

قال أبو بكر الوراق: "استعن على سيرك إلى الله بترك من شغلك عن الله -عز وجل-، وليس بشاغل يشغلك عن الله -عز وجل- كنفسك التي هي بين جنبيك".

وقال الحسن: "من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه".

ثم صلوا..