الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
العربية
المؤلف | أحمد بن محمد العتيق |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحديث الشريف وعلومه - التربية والسلوك |
"جهد البلاء" وهو كل ما أصاب المرءَ من شدة ومشقة, وما لا طاقةَ له به، فيدخل في ذلك: المصائب, والفتن التي تجعل الإنسان يتمنى الموت بسببها، والأمراض التي لا يقدر على تحملها أو علاجها. ويدخل في ذلك: الديون التي لا يستطيع العبد وفاءها. ويدخل في ذلك...
الخطبة الأولى:
إن الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أمّا بعد:
عباد الله: اتقوا الله -تعالى-, واذكروا نعم الله عليكم, واسألوه أن يعينكم على شكرها.
واعلموا أن الله -تعالى- فتح لكم باباً عظيماً, فيه صلاح أمر دينكم ودنياكم، من استغله كما أمر الله أفلح, ومن أعرض عنه حُرِمَ الخير الكثير, وهو إلى الخسارة أقرب منه إلى الفلاح.
وهذا الباب هو باب الدعاء, من لزمه وداوم عليه بشروطه، وانتفاء موانعه، فليبشر بالخير والسعادة والفلاح، قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ".
وهذا كله من سعة رحمة الله بعباده, وأنه أرحم بهم من أنفسهم.
وقد ورد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأدعية والإستعاذات ما ينبغي للمسلم أن يعتني بها، وأن لا يحرم نفسه منها، ومن ذلك: ما رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ".
فأول هذه الأمور الأربعة: "جهد البلاء" وهو كل ما أصاب المرءَ من شدة ومشقة, وما لا طاقةَ له به، فيدخل في ذلك: المصائب, والفتن التي تجعل الإنسان يتمنى الموت بسببها، والأمراض التي لا يقدر على تحملها أو علاجها.
ويدخل في ذلك: الديون التي لا يستطيع العبد وفاءها.
ويدخل في ذلك: الأخبار المنغصة التي تملأ قلبه بالهموم والأحزان والنكد وتشغل قلبه بما لا يُصبَر عليه.
ويدخل في ذلك: ما ذكره بعض السلف من أنه: قِلَّةُ المالِ مع كثرة العيال.
الثاني: "درك الشقاء" أي, أعوذ بك أن يدركني الشقاء ويلحقني.
والشقاء ضد السعادة.
وهو دنيوي وأخروي، أما الدنيوي, فهو انشغال القلب والبدن بالمعاصي, واللهث وراء الدنيا والملهيات, وعدم التوفيق.
وأما الأخروي, فهو أن يكون المرء من أهل النار -والعياذ بالله-.
فإذا استعذت بالله من درك الشقاء, فأنت بهذه الإستعاذة تطلب من الله ضده, ألا وهو السعادة في الدنيا والآخرة.
الثالث: "سوء القضاء" وهو أن تستعيذ بالله من القضاء الذي يسوءك ويحزنك, ولكن إن أصابك شيء مما يسوء ويحزن, فالواجب هو الصبر مع الإيمان بالقدر خيره وشره, وحلوه ومره.
ويدخل في الإستعاذة من سوء القضاء: أن يحميك الله من اتخاذ القرارت والأقضية الخاطئة التي تضرك في أمر دينك ودنياك.
فإن من الناس من لا يوفق في اتخاذ القرار المناسب, وقد يجور في الحكم, أو الوصية, أو في العدل بين أولاده, أو زوجاته, أو رعيته, أو من تحت مسؤوليته إذا كان وزيرا, أو رئيسا, أو مديرا.
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ، وسلمَ تسليماً كثيراً.
أَمّا بَعدُ:
عباد الله: الأمر الرابع في هذا الحديث, هو الاستعاذة بالله من شماتة الأعداء: والمرء في الغالب, لا يسلم ممن يعاديه.
وَعَدُوُّكَ يَفْرَحُ إذا حصل لك ما يسوءُك, ويَغْتَمُّ إذا حصل لك ما يُفرِحُك, أو رأى نعمةً مُتَجَدِّدةً لك.
فأنت بهذه الاستعاذة, تسأل الله أن لا يفرح أعداءَك وحُسَّادَك بك, وأن لا يجعلك مَحَلَّ شماتةٍ وسُخريهٍ لهم، سواء كانت عداوتهم لك دينية, أو دنيوية.
واحرص -أيها المسلم- أن لا تكون من الشامتين, فإن ذلك من مساويء الأخلاق, ولأن الإنسان قد يشمِت بأخيه, فلا يلبث أن يُبتَلى بمثل ما ابتلي به غيره, فقد تشمت بمريض فتُبتَلى, وقد تشمت بفقير فَتُبْتَلَى بالفقر, بل قد تشمت بمن ابْتُلي بمعصية, كالزنا أو المخدرات فَتُبْتلى -والعياذ بالله-.
والمشروع أن تسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
ففي هذه الحديث: دليل على استحباب الاستعاذة بالله من هذه الأمور المذكورة.
فينبغي للمسلم أن يستعيذ بالله منها, وأن لا يحرم نفسه من المداومة عليها, لعل الله أن يستجيب له.
وينبغي أن يعلم ذلك زوجته وأولاده, وأن يحثهم على حفظ هذا الدعاء والمداومة عليه, فو الله لئن استجاب الله لك فأنت ذو حظ عظيم.
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء, ودرك الشقاء, وسوء القضاء, وشماتة الأعداء.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنّا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أصلحْ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر.
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين.
اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه.
اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماءهم وولّ عليهم خيارهم، واجعل ولايتهم فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان يستضعف بها المسلمين.
اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في سوريا وفي فلسطين وفي بورما وفي كل مكان يا قوي يا عزيز.
اللهم وفق وُلاة أمرنا لما يرضيك، اللهم وفقهم بتوفيقك، وأيّدهم بتأييدك، واجعلهم من أنصار دينك, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم حبّب إليهم الخير وأهله، وبغّض إليهم الشر وأهله، وبصّرهم بأعدائهم يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين.
اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً، سحاً غدقاً، نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجل.
اللهم اسق بلادك وعبادك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحيي بلدك الميت، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا من السماء ماء مباركاً تُغيث به البلاد والعباد، وتعُمَّ به الحاضر والباد.
اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من جميع ذنوبنا.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.