الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
العربية
المؤلف | أحمد شريف النعسان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الزهد - الحياة الآخرة |
طريق الجنة محفوف بالمكاره والشدائد, فعلينا بمجاهدة أنفسنا. قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69]، وإذا عرفنا الطريق إلى الله -تعالى- بأنَّه محفوف بالشدائد والمحن, وليس مفروشاً بالورود والزهور والرياحين، فقد...
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيا عباد الله: من خلال اللقاء مع الناس في مناسبة العيد وفي غيرها من المناسبات وجدنا دموعاً تذرف من العيون على الوجنات, ووجدنا هموماً وأحزاناً مُلئ بها القلب, عرفنا ذلك من خلال الظاهر؛ لأن الظاهر مرآةٌ للباطن.
البعض يكاد أن يختنق بسبب الشدائد والابتلاءات, وربما أن يكون هذا مع وجود الاستقامة, وربما أن تتولَّد عنده الحيرة, فيقول: لماذا هكذا تكون الحياة مع وجود الاستقامة؟ وهل حياة العبد الصالح يجب أن تكون هكذا؟
أيها الإخوة الكرام: لقد ترَكَنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- على المَحَجَّة البيضاء؛ كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "وَعَظَنَا رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ, وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ, قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: "قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ, لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا, لا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلا هَالِكٌ".
نعم -أيها الإخوة الكرام-: إنَّ الطريق إلى الله -تعالى- والمُوصل إلى الجنة ليس مفروشاً بالورود والرياحين والزهور, بل هو محفوف بالمكارِه والشدائد والمِحن.
إن الطريق المستقيم الذي أُمرنا باتباعه, من خلال قول الله -عز وجل-: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153].
هذا الصراط والطريق الموصل إلى الجنة, طريقٌ محفوف بالشدائد والمصاعب؛ لأن سلعةَ الله غالية, وسلعةُ الله الجنة.
من عرف الغاية هانت عليه الوسيلة, من عرف الجنة بأنَّ فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أُذُنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر, وأن أعظم نعيمٍ فيها هو: رؤية العابدِ معبودَهُ, قال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة: 22 - 23].
من عرف هذا هانت عليه الشدائد والمحن المحفوفة بهذا الطريق.
ولقد بيَّن لنا مولانا -عز وجل- هذا في القرآن العظيم, فقال تبارك وتعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155 - 157] هذا أولاً.
ثانياً: روى الطبراني عَنْ عَبْدِ الله بن مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ زَمَانَ صَبْرٍ، لِلمُتَمَسِّكِ فِيهِ أَجْرُ خَمْسِينَ شَهِيدًا" فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله، مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: "مِنْكُمْ".
فلا بدَّ من الصبر والمصابرة حتى يفلح العبد بهذا الأجر العظيم, قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: 200].
فيا من يريد أجراً عظيماً, يا من يريد أجرَ خمسين شهيداً من أصحاب سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: عليك بالصبر على الطاعةِ، والصبر عن المعصية, حتى تلقى الله -عز وجل-.
ثالثاً: روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ" هل رأيت رجلاً قابضاً بيده جمرةً من النار, وكيف يصبر عليها؟
نعم، إن زمنَ الفتن والمحن والشدائد, وزمنَ بيع الدين بعَرَضٍ من الدنيا قليلٍ, يحتاجُ فيه مريدُ الاستقامةِ إلى الصبر والمصابرة, حتى لا يُغيِّر ولا يُبدل, لينال بعد ذلك وعد الله الذي لا يُخلف؛ وحتى يكون من الرجال الذين قال فيهم مولانا -عز وجل-: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23].
يا عباد الله: علينا بالالتزام والاتباع, ولنحذر الابتداع في دين الله, ولنحذر الفتنة, ولنحذر المعصيةَ وتركَ الطاعةِ لله -عز وجل-, حتى نلقى سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- على الحوض؛ لأن من غيَّر وبدَّل, وفُتِنَ في دينه, وباع دينه بعَرَضٍ من الدنيا قليل ومات على ذلك لا قدَّر الله, فإنه سيطرد عن الحوض يوم القيامة؛ كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَرِدُ عَلَيَّ أُمَّتِي الْحَوْضَ, وَأَنَا أَذُودُ النَّاسَ عَنْهُ كَمَا يَذُودُ الرَّجُلُ إِبِلَ الرَّجُلِ عَنْ إِبِلِهِ, قَالُوا: يَا نَبِيَّ الله أَتَعْرِفُنَا؟ قَالَ: نَعَمْ, لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرِكُمْ, تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ, وَلَيُصَدَّنَّ عَنِّي طَائِفَةٌ مِنْكُمْ, فَلا يَصِلُونَ, فَأَقُولُ: يَا رَبِّ هَؤُلاءِ مِنْ أَصْحَابِي, فَيُجِيبُنِي مَلَكٌ فَيَقُولُ: وَهَلْ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟".
يا عباد الله: علينا بالالتزام والاتباع, فإنَّ أرزاقنا مضمونةٌ بإذن الله -تعالى-, قال تعالى: (وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) [الذاريات: 22].
وقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "إن الروح الأمين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنَّكم استبطاءُ الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله؛ فإنه لا يُدرَك ما عند الله إلا بطاعته" [رواه البيهقي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-].
أيها الإخوة المؤمنون: طريق الجنة محفوف بالمكاره والشدائد, فعلينا بمجاهدة أنفسنا, قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].
وإذا عرفنا الطريق إلى الله -تعالى- بأنَّه محفوف بالشدائد والمحن, وليس مفروشاً بالورود والزهور والرياحين، فقد عرفنا بأنَّ النعيم الذي ينتظر المتقين سوف ينسيهم البؤس الذي كانوا يعانونه في حياتهم الدنيا.
وإذا عرفنا هذا, وجب علينا أن لا نغترَّ بما عليه أهلُ المعاصي والمنكرات, وأهلُ الفسق والفجور والكفر والعصيان, مِنْ تَقَلُّبٍ في النعم الدنيوية، قال تعالى: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [آل عمران: 196 - 197].
لا تحزن على ما أنت عليه, ولا تغترَّ بما هم عليه؛ لأن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- بيَّن مآل الفريقين، روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً, ثُمَّ يُقَالُ: يَا بْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا وَالله يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ, فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ, فَيُقَالُ لَهُ: يَا بْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا وَالله يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ, وَلا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ" هل عرفت نهاية كُلٍّ من الفريقين؟
العقلاء من الناس لا ينظرون إلى البدايات، بل ينظرون إلى النهايات، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُون * وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِين * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَء لَضَالُّون * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِين * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُون * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُون * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المطففين: 29 - 36].
يا عباد الله: قولوا لأصحاب البؤس ولكلِّ مظلومٍ ومقهورٍ في هذه الحياة الدنيا: إنَّ الجنة حُفَّت بالمكاره، وإن النار حُفَّت بالشهوات, فكونوا على حذر من كل ناعقٍ يدعوكم إلى معصية الله -عز وجل-, كونوا على حذرٍ من دُعاة الضلالة, الله يريد لنا الجنة, ويريد أن يتوب علينا, ويريد أهل الشهوات أن نميلَ ميلاً عظيماً, قال تعالى: (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا) [النساء: 27].
قولوا لهم: اسمعوا إلى حديث سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- الذي رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم-: "لَمَّا خَلَقَ الله -عز وجل- الْجَنَّةَ، قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا, فَذَهَبَ فَنَظَرَ, فَقَالَ: يَا رَبِّ وَعِزَّتِكَ لا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلا دَخَلَهَا, ثُمَّ حَفَّهَا بِالْمَكَارِهِ, ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا, فَذَهَبَ, فَنَظَرَ فَقَالَ: يَا رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ, فَلَمَّا خَلَقَ النَّارَ, قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا, فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: يَا رَبِّ وَعِزَّتِكَ لا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا, فَحَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ, ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا, فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا, فَقَالَ: يَا رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لا يَبْقَى أَحَدٌ إِلا دَخَلَهَا".
إذاً، فالطريق إلى الله -تعالى- الموصل إلى الجنة ليس مفروشاً بالرياحين, بل بالمكاره والشدائد, ونسأل الله -تعالى- العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أيها الإخوة الكرام: ما خلَقَنا الله -عز وجل- إلا للابتلاء, قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].
وبيَّن لنا بأنَّا سوف نُبتلى -نسأل الله -تعالى- العفو والعافية-، فقال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) [البقرة: 155].
وقال: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ) [الملك: 2].
وطلب منا الصبر والمصابرة, فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 153].
وبيَّن لنا سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- مآل أهل الاستقامة، ومآل أهل النار, بيَّن لنا مآل أهل الدنيا، وأهلِ الدين, فقال لسيدنا عمر -رضي الله عنه-: "لهم الدنيا ولنا الآخرة" وذلك عندما دخل عليه سيدنا عمر -رضي الله عنه- فرأى أَثَرَ الحصير في جنْبِهِ، فبكَى، فقال: "ما يُبكيك؟" فقلتُ: يا رسولَ الله، إِن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسولُ الله؟! فقال: "أَما ترضى أَن تكونَ لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟!" [رواه الطبراني في الأوسط].
فيا أصحاب الابتلاءات والمحن والشدائد: اثبتوا على ما أنتم عليه من الاستقامة حتى تلقوا الله -عز وجل-, فإنَّ نعيم الجنة ينتظركم, وأما أنتم يا دعاة الضلالة, فتوبوا إلى الله قبل أن تموتوا, وإلا فإن نار جهنم تنتظركم وسوف تندمون ولا ينفعكم الندم لا قدَّر الله.
أقول هذا القول، وكلٌّ منا يستغفر الله, فيا فوز المستغفرين.