البحث

عبارات مقترحة:

الحق

كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

بعض آيات الله الكونية (2)

العربية

المؤلف محمد بن صالح بن عثيمين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان
عناصر الخطبة
  1. منة الله على الخلق بالعلم وكيفية التعامل مع الأقوال المتعلقة بكيفية خلق السماوات والأرض .
  2. بعض آيات الله في خلق السماوات والأرض ودلائل ذلك .
  3. بعض آيات الله في الليل والنهار والشمس والقمر ودلائل ذلك .
  4. خراب الكون وطلوع الشمس من مغربها .

اقتباس

لقد علمنا الله: أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام؛ ابتدأ خلق الأرض في يومين، وجعل فيها رواسي من فوقها، وهيأها لما تصلح له من الأقوات في يومين آخرين، فتلك أربعة أيام، ثم استوى إلى السماء، وهي دخان، فسواهن سبع سموات في يومين، وأوحى في كل سماء أمرها، فتلك ستة أيام خلق الله فيها السماوات والأرض، وأودع فيهن مصالحهن، فأخرج من الأرض ماءها...

الخطبة الأولى:
 
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وجعل في ذلك من المصالح العظيمة، والحكم البالغة ما تتقاصر دونه فهوم ذوي الأفهام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، سيد الأنام، ومصباح الظلام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام، وسلم تسليما.
 
أما بعد:
 
أيها الناس: اتقوا ربكم واشكروه على ما هداكم وعلمكم: (مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ)[البقرة:239].
 
علمكم ما فيه صلاح دينكم ودنياكم، وحجب عنكم من العلم ما لا تدركه عقولكم، ولا تتعلق به مصالحكم رحمة بكم: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)[الإسراء: 85].
 
علمكم كيف ابتدأ خلق هذا العالم، وهو الأمر الذي لا يمكن علمه إلا من طريق الرسل -صلوات الله وسلامه عليهم-، فكل من ذكر شيئا عن كيفية خلق السماوات والأرض، فإن الواجب: أن نعرض قوله على ما جاءت به الرسل، فإن طابقه فهو مقبول، وإن خالفه فهو مردود، وإن كان مسكوتا عنه فيما جاءت به الرسل؛ فإننا نتوقف فيه حتى يتبين لنا أمره من حق أو باطل.
 
لقد علمنا الله: أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام؛ ابتدأ خلق الأرض في يومين، وجعل فيها رواسي من فوقها، وهيأها لما تصلح له من الأقوات في يومين آخرين، فتلك أربعة أيام، ثم استوى إلى السماء، وهي دخان، فسواهن سبع سموات في يومين، وأوحى في كل سماء أمرها، فتلك ستة أيام خلق الله فيها السماوات والأرض، وأودع فيهن مصالحهن، فأخرج من الأرض ماءها ومرعاها، وقدر الأقوات فيها، تقديرا يناسب الزمان والمكان، لتكون الأقوات متنوعة ومستمرة أنواعها في كل زمان، وليتبادل الناس الأقوات فيما بينهم، يصدر هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، فيحصل بذلك من المكاسب والاتصال بين الناس ما فيه مصلحة الجميع.
 
وزين الله السماء الدنيا بمصابيح، وهي النجوم، وجعلها رجوما للشياطين، التي تسترق السمع من السماء، وعلامات يهتدي بها الناس في البر والبحر.
 
وسخر لعباده الليل والنهار، يتعاقبان على الأرض، لتقوم مصالح العباد في دينهم ودنياهم.
 
وقد بين الله -تعالى- فضله علينا في ذلك حيث يقول لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[القصص: 71 – 73].
 
واختلاف الليل والنهار، يكون بسبب دوران الشمس على الأرض، فإن الله سخر لنا الشمس والقمر دائبين، وجعلهما آيتين من آيات الله الدالة على كمال قدرته، وسعة رحمته؛ فمنذ خلقهما الله -تعالى- وهما يسيران في فلكيهما على حسب أمر الله، لا يرتفعان عنه صعودا، ولا ينحدران عنه نزولا، ولا يميلان يمينا ولا شمالا، وقدرهما منازل: (لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)[يونس:5].
 
فباختلاف منازل القمر تختلف الأهلة والشهور، وباختلاف منازل الشمس تختلف الفصول؛ فإذا حلت الشمس آخر البروج الشمالية، انتهى النهار في الطول، ودخل فصل الصيف، ثم ترجع شيئا فشيئا حتى ترجع إلى البروج اليمانية، فإذا حلت آخر برج منها، انتهى الليل في الطول، ودخل فصل الشتاء.
 
وفي اختلاف الفصول من المصالح، وتنوع الأقوات، ما يعرف به قدر نعمة الله ورحمته وحكمته.
 
وهكذا تسير الشمس والقمر في فلكيهما في انتظام باهر، وسير محكم، كل يجري إلى أجل مسمى، إلى أن يأذن الله بخراب هذا العالم، فتخرج الشمس من مغربها؛ كما في صحيح البخاري عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث غربت الشمس: "أتدري أين تذهب؟" قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها، وتوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، يقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها"[البخاري (6988) مسلم (159) الترمذي (2186) أبو داود (4002) أحمد (5/177)].
 
وفي هذا الحديث: دليل ظاهر على أن الشمس تسير بنفسها؛ كما يدل على ذلك قوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)[يس: 38].
 
وقوله: (كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى)[لقمان: 29].
 
وقوله: (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)[الأنبياء: 33].
 
فهذه الأدلة تكذب ما يقال من أن الشمس ثابتة لا تدور، وتدل على أنه قول باطل يجب رده وتكذيبه.
 
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله -تعالى-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)[إبراهيم: 32 – 34].
 
أقول قولي هذا... الخ...