الفتاح
كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...
العربية
المؤلف | محمد بن إبراهيم النعيم |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصيام - |
إن شكر المؤمن لله -عز وجل- عند فرحته يتمثل بالتقرب إلى الله -جل وعلا- بالمزيد من الطاعات من ذكر وحمد وشكر وصيام وإنفاق مال في وجوه الخير للفقراء والمحتاجين، وليس كما يفعل بعض الناس اليوم من إقامة الاحتفالات الصاخبة مع...
الخطبة الأولى:
أيها الإخوة في الله: إن تعاقب الليالي والأيام والشهور والأعوام جعلها الله -عز وجل- خزائن للأعمال ومراحل للأجال، وهذا السير الحثيث يباعد عن الدنيا ويقرب إلى الآخرة، ويباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء، وكثير من الناس عن ذلك غافلون، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "ارتحلت الدينا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل".
إننا في هذا الأسبوع نودع عاما هجريا ونستقبل عاما آخر، وإن دخول عام هجري جديد يبث في الأشجان خواطر عديدة ويسترجع من الذاكرة أحداثا كثيرة مرت على هذه الأمة.
فلنقف وقفة، بل وقفات تأمل مع وداعنا لعام هجري واستقبالنا لعام آخر لعلنا نؤمن ساعة ولعلنا نفتح صفحة جديدة وسنة مفعمة بالخير على ما يحبه الله ويرضاه.
الوقفة الأولى: في فضل شهر الله المحرم: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" [رواه الإمام مسلم].
فحري بنا -أيها الإخوة- أن نبدأ عامنا بصيام بضعة أيام من هذا الشهر المبارك الذي سيحل علينا لعظم ثوابه عند الله، فهو في الفضل يأتي في الدرجة الثانية بعد صيام رمضان.
الوقفة الثانية: في فضل صيام عاشوراء: وهو اليوم العاشر من شهر المحرم، فصيامه يكفر الله عنك ذنوب سنة كاملة؛ لما رواه أبو قتادة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وصيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" [رواه الترمذي].
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة فوجد اليهود صياماٌ يومَ عاشوراء، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟" فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وَغرَّق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا، فنحن نصومه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه. رواه الإمام مسلم.
ولحرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مخالفة اليهود والنصارى في كل أمر من أمور الحياة أمر بصيام يوم إضافي قبل عاشوراء أو بعده، فقد روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوما أو بعده يوما" [رواه الإمام أحمد والبيهقي بسند جيد، ضعفه الألباني].
فحري بنا -معشر الإخوة- أن لا نفوت علينا يوم عاشوراء فهو يوم من أيام الله؛ يكفر ذنوب سنة كاملة، فصوموا اليوم العاشر من المحرم وصوموا يوما قبله أو يوما بعده مخالفة لليهود؛ واستجابة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الوقفة الثالثة: يوم انتصار الحق على الباطل: -أيها الإخوة الحضور- إن صيامنا ليوم عاشوراء إنما هو تعبير عن شكرٍ وفرح لنجاة موسى -عليه الصلاة والسلام- في نفس اليوم من طاغية زمانه فرعون.
تأملوا -أيها الإخوة- إلى عمق رابطة الأخوة الإيمانية بين المؤمنين، وكيف امتدت جذورها لتخرق آلاف السنين لنشارك موسى -عليه الصلاة والسلام- فرحته بانتصار الحق على الباطل، فصيامنا ليوم عاشوراء هو مشاركة وجدانية لموسى -عليه الصلاة والسلام- وقومه من ظلم طاغية متجبر؛ كما جاء في الحديث السابق.
فانظروا إلى مدى ارتباط المؤمنين مع بعضهم وعمق فرحهم بنجاة موسى -عليه الصلاة والسلام- وقومه، مع فارق الزمن الذي بيننا وبينهم؛ إنه الإيمان الذي يوحد الأمة ويربط بين قلوبهم مهما تباعدت أقاليمهم واختلفت ألسنتهم.
هكذا المؤمن يفرح لفرح المؤمنين ويحزن لمصائبهم أينما كانوا ومهما اختلفت جنسياتهم وابتعدت أوطانهم.
أما اليوم فتجد المسلمين يعيشون في زمن واحد وفي بلاد متقاربة إعلاميا، ولكن لا يحزن المسلم لمصاب أخيه، ولا يقدم له الدعاء والنصرة وهو يراه عبر شاشات التلفاز يقتل ويسحق بأيدي أعداء الإسلام، وكأنه ينظر إلى أفلام بوليسية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يجبُ أن نعلم أن المسلمين أمة واحدة تجمعهم كلمة التوحيد، ويربطهم الإيمان بالله، والتآخي فيه، لا يربطهم دم ولا عروبة ولا لغة ولا وطنية ولا جنسية؛ لأن هذه الروابط قصيرة الأمد، ضعيفة المفعول، قابلة للتغير والتبديل بتغير الظروف السياسية والاجتماعية.
أما الإسلام فهو باق لا يتغير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
الوقفة الرابعة: العاقبة للمتقين: إن تكرارَ فرحَ المؤمن كل عام بنجاة موسى -عليه الصلاة والسلام- من فرعونَ ذلك الزمن الذي حارب الدين وأهله حتى خسف الله به فأهلكه هو وجنوده في البحر إنما ليكونوا عبرة لغيرهم: (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) [القصص: 8].
إن سر تكرار قصة موسى وفرعون في القرآن الكريم حتى فاقت جميع القصص لعله تسلية لدعاة الإسلام في كل مكان وزمان بأن يصبروا على ما يصيبهم من أذى، وما يحاك لهم من مؤامرات دولية، وليعلموا أن الباطل مهما انتفش فإن أمره إلى زوال وأن العاقبة للمتقين.
الوقفة الخامسة: كيف تعبر عن فرحتك؟: إن شكر المؤمن لله -عز وجل- عند فرحته يتمثل بالتقرب إلى الله -جل وعلا- بالمزيد من الطاعات من ذكر وحمد وشكر وصيام وإنفاق مال في وجوه الخير للفقراء والمحتاجين، وليس كما يفعل بعض الناس اليوم من إقامة الاحتفالات الصاخبة مع ما فيها من تبذير واستنزاف للأموال الطائلة وتزمير وتصفيق وإزعاج وتفحيط؛ عندما فتح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة المكرمة دخلها وهو مطأطأ رأسه، متواضعا لله، شاكرا له على هذا النصر والتمكين، مستذكرا خروجه من مكة فارا بدينه، واليوم يدخلها فاتحا منتصرا معززا، فكان تواضعه لله أن كادت لحيته أن تلمس سنام ناقته -صلى الله عليه وسلم-.
إن الواحد منا إذا رزق بزيادة نعمة من مال أو ولد أو مرتبة وظيفية، أو غير ذلك، أقام الولائم لأرحامه وأصدقائه فقط، وزادهم شبعا على شبعهم، وفرحا على فرحهم، وحرم الفقراء من هذا الشكر.
فنحن -معشر الإخوة- نصوم يوم عاشوراء تعبيرا لشكرنا على انتصار الحق على الباطل، وهو أدب رباني يؤدبنا فيه على كيفية التعبير عن الفرح والسرور في حياتنا الاجتماعية.
الوقفة السادسة: مصاب أليم: وفي اليوم العاشر من المحرم من يوم عاشوراء من عام واحد وستين هجرية، حلت بالمسلمين فاجعة كبرى، هي مقتل سيد شباب الجنة الحسين بن علي -رضي الله عنهما- ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وموت الحسين -رضي الله عنه- مصيبة جلل على المسلمين جميعا، ولكن لا نقول فيها إلا ما يرضي الله عنا، فلا نشق فيها جيوبنا، ولا نسود ثيابنا، ولا نضرب بالأيدي صدورنا، ولا بالسلاسل ظهورنا، وإنما نسترجع ونقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون".
هكذا أدبنا الله -عز وجل- عند وقوع المصيبة على أحدنا، قال الله -تبارك وتعالى-: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 156 - 157].
إن فئات من الناس بدلا من أن يجعلوا عاشوراء يوم فرح بانتصار الحق على الباطل كما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعلوه يوم مأتم وحزن لأجل مقتل الحسين -رضي الله عنه-.
وما علم هؤلاء أن الله -جل جلاله- لم يأمرنا ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما، فكيف بمن دونهم من سائر الناس؟
الوقفة السابعة: عيد رأس السنة الهجرية: اعتادت بعض الدول الإسلامية أن تحتفل بعيد رأس السنة الهجرية على غرار عيد النصارى لرأس السنة الميلادية، فجعلوا أول يوم من السنة الهجرية إجازة رسمية، ولا شك أن أعياد الإسلام اثنان لا ثالث لهما، فلا يُشرع أن يُحتفل بأول السنة الهجرية كاحتفال العيد أو التهنئة به كتهنئة العيد.
الوقفة الثامنة: مبدأ مخالفة اليهود والنصارى: إن دخول سنة هجرية جديدة، يذكرنا بعزة المسلمين في العصر الأول، وحرصهم على تميزهم بين الأمم ورفضهم للتبعيةِ للدول العظمى في ذلك العصر، ففي عهد خلافة الفاروق عمرَ بنِ الخطاب -صلى الله عليه وسلم- رُفع إلى عمر صكٌ لرجل على رجل آخر؛ وفيه أنه يحلُ دينه في شعبان، فقال عمر: أي شعبان؟ أشعبانُ هذه السنةُ التي نحن فيها أو السنة الماضية أو الآتية؟ فجمع عمر الصحابة فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون فيه على حلول الديون، وغير ذلك، فاقترح في بداية الأمر التاريخ بتاريخ فارسَ والروم، فكُره ذلك لنهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن مشابهةِ أهل الكتاب، ثم اتفقوا -رضي الله عنهم- أن يجعلوا التاريخ من بداية هجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، ولأنها بداية تكوين الدولة الإسلامية، فهل نحرص -معشر المسلمين- على مخالفة أهل الكتاب في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كما فعل الصحابة -رضي الله عنهم-؟
الوقفة التاسعة: بِدعُ يومَ عاشوراء: لقد توارث الناس أحاديث ضعيفة وأخرى مكذوبة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تحث على التوسعة على العيال في يوم عاشوراء والاكتحال فيه، كما أن هؤلاء الناس اخترعوا أطعمة وعبادات وأدعية خاصة لهذا اليوم لم يأمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووصل الأمر ببعضهم أنهم يخافون الزواج في يوم عاشوراء أو في شهر محرم كله، وكل هذا لا أصل له، ولعلهم ورثوا هذا التشائم من طوائفَ لا تنتسب لأهل السنة والجماعة، فلا يشرعُ لأحد أن يعمل بأي عبادة حتى يسأل عنها أهل العلم، فاحذروا البدع -يرحمكم الله- فإن كل بدعة ضلالة.
الوقفة العاشرة والأخيرة: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية: يذكرنا دخول عام هجري جديد بهجرة الصحابة -رضي الله عنهم- من مكة إلى المدينة، فقد أوجب الله -تبارك وتعالى- على رسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام الهجرةَ من مكة إلى المدينة ليفروا بدينهم بعد أن أصبحت المدينة دار أمن واستقرار للمسلمين، ففارق الصحابة أوطانهم تاركين خلفهم عقاراتهم وأموالهم وبيوتهم فارين بدينهم استجابة لأمر الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإننا إذ نستشعر ذلك الامتحانَ الصعبَ الذي نجح فيه أولئك الرجال، فنالوا شرف الهجرة في مفارقة أوطانهم وأموالهم مرضاة لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، فهل لنا أن نفوزَ بما فاز به أولئك؟ وهل يمكن أن نقوم بما قاموا به بعد أن قال صلى الله عليه وسلم ما رواه عنه البخاري ومسلم: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية"؟
إن ما يطلبه الله منا اليوم هو أهون بكثير مما طلبه من صحابة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، إن ما يطلبه الله منا اليوم يتمثل في الهجرة من مواطن المعصية إلى مواطن الطاعة، يتمثل في هجرة المعاصي إلى مواطن الخير والحسنات، ألا نستطيع ذلك -يا عباد الله-؟ بلا -والله-، فهلموا إلى هذه الهجرة.
أسأل الله -عز وجل- أن يعيننا على ذلك، وأن يجعل هذه السنةَ الجديدةَ سنةَ خير وبركة على هذه البلاد خاصة وعلى بلاد المسلمين عامة.
اللهم إنا نسألك خير هذه السنة وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها.
اللهم زينا بالعلم وجملنا بالتقوى وألبسنا لباس العافية.
اللهم أحينا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا وأمتنا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروا وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله مصرف الأيامِ والشهور، كورَ الليلَ على النهارِ وكور النهار على الليل، وهو عليم بذات الصدور، أحمدهُ سبحانه وأشكره ما تعاقبتِ الدهور والعصور.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يا له من إله غفورٍ شكور، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الشافعُ المشفعُ يومَ بعثرةِ القبور، صلى الله عليه وعلى آل بيته وصحابته إلى يوم البعث والنشور، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أننا سندخل سنة جديدة، إنه قد مضى من عمرنا عامٌ كامل، فماذا قدمنا فيه من حسنات يا ترى، وماذا خلفنا فيه من سيئات؟ كم قطعنا من أعمارنا وكم بقي لنا من عمر لفراق دنيانا؟ إن المرء ليفرح أحيانا بانتهاء يومه وسنته وهو لا يدري أنه يقترب من أجله، إن الطفل ليفرح بمرور عام عليه ليكبر سِنهُ، وإن التاجر ليفرح بمرور سنة ليستلم أجار عقاره، وإن الموظفَ ليفرح بقدوم سنة ليحظى بالعلاوة السنوية، وإن الطالب ليفرح بمرور عام لأنه ينهي مرحلة تعليمية، وهكذا الناس يفرحون بمرور السنين وهم لا يشعرون أنهم يقتربون من أجلهم ويبتعدون عن دنياهم، فهل يكون همنا مثل هؤلاء يا ترى؟
أيها الأخ المسلم: انظر وراءك وتفكر: كم ميت خلفت في السنة الماضية؟ وكم إنسان تعرفه قد مات في حادث أو مرض أو موت فجأة؟ فهل أنت الذي سيبقى مخلدا في هذه الحياة؟ لا -والله-، فلنعتبر بهذا الزمن الذي لا يقف، وهو كل يوم يقربنا إلى الموت.
أيها أخ المسلم: هل تظن أن ما مضى فات؟ لا -والله-، فإن ما فات لا يموت لأنه باق لتلقاه يوم القيامة ثم تحاسب عليه، إلا ما كان من توبة صادقة تمحوا ما مضى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ) [آل عمران: 30].
فابك -أخي المسلم- على كلِ يوم مضى من عمرك لم تزِدْ فيه من حسناتك، وابك على كل يوم مضى من عمرك زادت فيه سيئاتك، وليكن لسان حالك ومقالك قولَ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حين قال: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه؛ نقص فيه أجلي ولم يَزدْ فيه عملي".
اللهم يا من إليك المشتكى وإليك المنتهى وإليك المفزع والرجا، اجعلنا من عبادك المتقين، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة.
اللهم يا من فتحت بابك للسائلين، يا مفرج هم المهمومين، يا من قطع الرجاء إلا منك، يا من لا يرفع الدعاء إلا إليك، أرجعنا إليك تائبين، وأعتق رقابنا ورقاب والدينا من نار الجحيم.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أرنا في أعدائنا ما يسرنا.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.
اللهم أحينا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، وأمتنا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا.
اللهم ارزقنا الثبات حتى الممات.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا، وأصلح ولاة أمرنا، وارزقهم بطانة صالحة ناصحة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
(ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 147].
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].