البحث

عبارات مقترحة:

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

العام الجديد .. وشهر الله المحرم

العربية

المؤلف عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام -
عناصر الخطبة
  1. خصائص شهر الله المحرم .
  2. التأريخ بالمحرم والهجرة .
  3. فضائل الصوم في المحرم وصوم عاشوراء .
  4. غلو بعض أهل البدع في يوم عاشوراء. .

اقتباس

وقد رغَّبَ الشارِعُ في صيام شهر المُحرَّم تطوُّعًا، فاحرِصُوا على أن يكون لكم أكثر نصيبٍ من فضلِه.
فعن أبي هريرةَ - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضلُ الصيامِ بعدَ رمضان: شهرُ اللهِ المُحَرَّم، وأفضلُ الصلاةِ بعدَ الفريضة: صلاةُ الليل» (رواه مسلم).

الخطبة الأولى:

إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهَ وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد: فأُوصِيكم - عبادَ الله - ونفسي بتقوَى اللهِ - جلَّ وعلا - في السرِّ والنجوَى؛ فهي وصيَّةُ اللهِ للأولِين والآخِرِين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].

ثم اعلَمُوا - رحِمَكم الله - أن الزمانَ سيَّار، وقد أدبَرَ عامُه واستدَار، وما مضَى فلن يعُود، وكلُّ لحظةٍ تمرُّ تزُفُّك - عبدَ الله - إلى يومٍ موعود، وشاهِدٍ ومشهودٍ، وإلى فِراقٍ ولُحُودٍ.

فاغتنِمُوا الفرصةَ، وحاسِبُوا أنفسَكم قبل أن تُحاسَبُوا، وتزيَّنوا للعرضِ الأكبرِ، وإنما يخِفُّ الحسابُ يومَ القيامةِ على من حاسَبَ نفسَه في الدنيا، (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا) [المزمل: 20].

أيها المسلمون:

قد دخَلتُم في عامٍ جديد، بدايتُه شهرٌ حرام، ونهايتُه شهرٌ حرام. طِبتُم في غُرتِّه وسائرِ أيامِه، وبُورِكَ لكم في أوقاته وأزمانه.

وشهرُ محرَّم من الأشهُرِ الحُرمِ التي قال الله تعالى فيها: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) [التوبة: 36].

وقالَ فيها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الزَّمانَ قدِ استدَارَ كهيئتِهِ يومَ خلقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرضَ، السَّنةُ اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعَةٌ حُرُمٌ، ثلاثٌ مُتوالِياتٌ: ذو القَعدةِ، وذو الحجَّةِ، والمُحرَّمُ، ورجَبُ مُضرَ الَّذي بينَ جُمادى وشعبانَ»؛ متفقٌ عليه.

فحرِيٌّ بالمسلم أن يستقبِلَ عامَه الجديدَ بطاعةِ اللهِ - عز وجلَّ -، والانقِيادِ لأوامرِه، والاستِعدادِ للقائِه، وأن يستشعِرَ ويعرِفَ للأشهر المُحرَّمة حُرمَتَها وفضلَها ومكانتَها، وتلك طاعةٌ يُلتمَسُ ثوابُها، ويُحذَرُ من عقابِها.

قال الحسنُ البصريُّ - رحمه الله -: "إن الله افتَتَحَ السنةَ بشهرٍ حرامٍ، واختَتَمَها بشهرٍ حرامٍ، فليس شهرٌ في السنة بعد شهرِ رمضان أعظمَ عند الله من المُحرَّم، وكان يُسمَّى: "شهرُ الله الأصمُّ"، من شدَّة تحريمه".

عباد الله:

وقد رغَّبَ الشارِعُ في صيام شهر المُحرَّم تطوُّعًا، فاحرِصُوا على أن يكون لكم أكثر نصيبٍ من فضلِه.

فعن أبي هريرةَ - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضلُ الصيامِ بعدَ رمضان: شهرُ اللهِ المُحَرَّم، وأفضلُ الصلاةِ بعدَ الفريضة: صلاةُ الليل» (رواه مسلم).

أيها المسلمون:

رجَّحَ كثيرٌ من أهلِ العلم أن شهرَ مُحرَّم أفضلُ الأشهُرِ الحُرُم، ولعِظَمِ مكانتهِ في نفوس الصحابة، استأنَفُوا به تقويمَ السنةِ الهجريةِ.

ففي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، جمَعَ الناس واستشارَهم: من أين يُبدأُ التاريخ؟ فقيل: يُبدأُ من مولدِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وقيلَ: من بِعثتِه، وقيلَ: من هِجرتِه، وقيلَ: من وفاتِه، وترجَّحَ في رأيِه - رضي الله تعالى عنه - أن يُبدأَ من الهجرة؛ لأنَّ الله فرَّقَ بها بين الحقِّ والباطلِ، ولأنها هي التي كان فيها قيامُ كِيانٍ مُستقِلٍّ للمسلمين.

ثم شاورَ عمرُ الصحابةَ - رضي الله تعالى عنهم - من أيّ شهرٍ يبدؤُون السنةَ، فقيلَ: من ربيعٍ الأول؛ لأنه الشهر الذي قدِمَ فيه النبي - صلى الله عليه وسلم – مُهاجِرًا إلى المدينة، وقيلَ: من رمضان، ثم اتَّفقَ عمرُ وعثمانُ وعليٌّ - رضي الله تعالى عنهم - على البدءِ بشهرِ الله المُحرَّم، وتلقَّت الأمةُ بأَسْرِها ذلكَ بالقبول؛ لأنه شهرٌ حرامٌ، ويلِي ذي الحجَّةِ شهرٍ حرامٍ، ويلِي الشهرَ الذي بايَعَ فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأنصارَ على الهجرة، فكان أَولَى الشهور بالأولوية.

فرضِيَ الله تعالى عن عُمر، وعن كافَّة أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ونسألُ الله أن يمُنَّ على المسلمينَ في هذا العامِ الجديد بعِزٍّ وتمكينٍ، ونصرٍ مُبين، وأن يُؤلِّفَ بين قلوبهم، ويجمَعَ كلمتَهم، ويوحِّدَ صفَّهم.

عبدَ الله:

لا للَّهو خُلِقتَ ولا للَّعِبِ ولا للهَزَل .. ولا للنومِ ولا للطعامِ ولا للكسلِ. فبادِر وبادِر ودَع عنك العِلَل .. واغتَنِمِ الفُرصةَ قبل فواتِ الأمَلِ، ولا تكُن كمن نعَاه الحادِي:

قَطَعْتَ شُهورَ العامِ لهوًا وغفلةً

ولم تَحْتَرِم فيما أتَيْتَ المُحَرَّمَا

فلا رجَبًا وافَيْتَ فيه بِحَقِّهِ

ولا صُمتَ شهرَ الصَوْمِ صومًا مُتَمَّمَا

ولا في ليَالي عشرِ ذي الحجَّةِ الذي

مضَى كُنْتَ قَوَّامًا ولا كُنْتَ مُحْرِمَا

فَهَل لك أن تمحُو الذُّنوبَ بِعَبرةٍ

وتبكِي عليهَا حسرةً وتنَدُّمَا

وتستقبِلَ العامَ الجديدَ بِتَوبةٍ

لعلَّك أن تمحُو بِهَا ما تَقَدَّمَا

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون: 9- 11].

باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقولُ ما تسمَعُون، وأستغفِرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله على إحسانِه، والشُّكرُ له على توفيقِه وامتِنانِه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه الداعِي إلى رِضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

مَعشرَ المُسلمين:

بعد أيامٍ معدُودات سيحُلُّ عليكم يومُ عاشوراء، وهو اليومُ العاشرُ من مُحرَّم. يومٌ عظيم، وفضلُه قديم، قد اختصَّ بخصائِصَ تاريخيةٍ ودينيَّة؛ منها:

مشروعيَّةُ صيامِه، فقد كان نبيُّ الله موسى - عليه الصلاة والسلام - يصومه، وكانت قريشٌ تصومه، فلما قدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم – المدينةَ وجَدَ اليهودَ يصومونَه، فلما كان في العام القابِلِ صامَه وأمَرَ بصيامِه، ثمَّ فُرضَ شهرُ رمضانَ ذلك العام، فنُسِخَ وجوبُ صومِ عاشوراء، وبقِيَ صومُه مُستحبًّا على الراجِح.

فعن ابن عباس - رضي الله عنهما – قال: قدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فوجدَ اليهود يصومونَ يوم عاشوراء، فسُئِلُوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي أظهَرَ الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومُه تعظيمًا له، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «نحن أَولَى بموسى منهم، فصُومُوه» (متفقٌ عليه).

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "ما رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يتحرَّى صيام يومٍ فضَّله على غيرِه، إلا هذا اليومَ يومَ عاشوراء، وهذا الشهرَ - يعني: شهر رمضان -" (رواه البخاري).

وفي "صحيح مسلم" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صيامُ يومِ عرفةَ أَحتسِبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه والسنةَ التي بعده، وصيامُ يومِ عاشوراءَ أَحتسِبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه».

وقد بلَغَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر عُمُره أن اليهود يتَّخِذُون عاشوراء عيدًا، فهَمَّ أن يصومَ التاسعَ والعاشرَ من العامِ المُقبل، فحالَتْ دونَه المنيَّة.

فعن عبد الله بن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال: "حين صامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم – يوم عاشوراء، وأمرَ بصيامه، قالوا: يارسول الله! إنه يومٌ تُعظِّمه اليهودُ والنصارى، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «فإذا كان العامُ المُقبِل -إن شاء الله- صُمنا اليوم التاسع» - يعني: والعاشر -، قال: فلم يأتِ العام المُقبِل، حتى تُوفِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" (رواه مسلم).

فالأفضلُ - عباد الله - أن يُصام يومٌ قبلَه، خلافًا لليهود، ومن غُلِب فلا يُغلبنَّ على صيام اليوم العاشر.

ومن خصائص هذا اليوم: أنَّه يومٌ نجَّى الله فيه موسى وأهله، وأهلَك فرعون وقومه، ولهذا صامَه موسى وبنو إسرائيل شكرًا لله - عزَّ وجل -، ثم صامه النبي - صلى الله عليه وسلم – شكرًا لله -عزَّ وجل-.

فنسألُ الله أن يُوفِّقَنا لصومه، وأن ينصُرَ جنودَنا المُرابِطين في ثُغورنا، كما نصرَ موسى - عليه السلام - على فرعونَ وقومِه في يومِ عاشوراء.

وبعدُ .. معاشر المسلمين:

فهذا ما في هذا اليوم من الخصائص، وقد انتَحَلَ الوضَّاعُون في شأنه وأمره مُفترياتٍ كثيرة، لم تصِحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن الصحابةِ الكرام، وعلى عن أئمَّةِ السلف، فجعلَ بعضُ الناس يغلُو فيه فيبتدِعَ عباداتٍ لم تُشرَع، ويتشبَّثَ بأوهامٍ وضلالاتٍ لم يُوفَّق للخيرِ في مُلابسَاتِها.

فلو كان يدري يوم عاشوراءِ

ما كان يجري فيه من بلاءِ

ما لاحَ فَجرُه ولا استنَارَا

ولا أضاءَت شمسُه نهارًا

فاتَّقُوا الله - عباد الله - في أنفسكم وفي دينِكم، لا تبتدِعُوا ولا تُحرِّفُوا شريعةَ الله؛ فقد ائتُمِنتُم وأنتم خيرُ أمةٍ أُخرِجَت للناس، وحُذِّرتُم وأنتم أمةٌ وسَطًا، وقد ترَكَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على مثل البيضاء، ليلُها ونهارهُا سواء، «ومن أحدَثَ في أمرنا ما ليس منه فهو ردٌّ»، «ومن عمِلَ عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ».

والله لا يُتعبَّدُ إلا بما شرعَ على لسان نبيِّهِ - عليه الصلاة والسلام -، وفيه كفاية، الزيادةُ عليه إفراطٌ وغلوٌّ وتنطُّع، والتقصيرُ فيه تفريطٌ وتساهُل، وحسبُنا قولُ ربِّنا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: 3].

قال حذيفةُ - رضي الله تعالى عنه -: "كل عبادةٍ لم يتعبَّدها أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فلا تعبَّدُوها؛ فإن الأولَ لم يدَعْ للآخرِ مقالًا. اتَّقُوا الله وخُذُوا طريقَ من كان قبلَكم، فواللهِ لئِن استَقمتُم لقد سبقتُم سَبقًا بعيدًا، ولئِن تركتمُوه يمينًا وشمالًا، لقد ضللتُم ضلالًا بعيدًا".

فنسألُ الله أن يرزُقَنا التمسُّك بالسُّنَّة، والسيرَ على وِفقِها، وأن يُجنِّبَنا البدعَ ويُعيذَنا منها، وأن يُجنِّبَنا طرائقَ الغُلاةِ والجُفاةِ، وأن يشرحَ صدورَنا للحقِّ، ويجعَلَنا أهل وسطيةٍ واعتدالٍ، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، وانصُر عبادَك الموحدين، واجعَل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلادِ المسلمين.

اللهم آمنَّا في أوطانِنا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا.

اللهم وفِّق وليَّ أمرِنا بتوفيقك، وأيِّده بتأييدك، وأعزَّ به دينَك، اللهم وفِّقه ونائبَيه لما فيه خيرٌ للإسلام والمسلمين، ولما فيه صلاحُ العبادِ والبلاد يا رب العالمين.

اللهم انصُر جنودَنا المُرابِطين على الحدود، اللهم صوِّب رميهم، وقوِّ عزائِمَهم، وانصُرهم بنصرِك يا رب العالمين، اللهم تقبَّل شُهداءَهم، واشفِ مرضاهم، واجبُر كَسيرَهم، اللهم واحفَظهم في أهلِيهم وأموالِهم وذرِّيَّاتِهم يا رب العالمين.

اللهم احفَظ هذه البلاد بحفظِك، واكلأها برعايتِك، اللهم من أرادَ بها سوءًا فأشغِله في نفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحرهِ، واجعَل تدبيرَه تدميرَه يا قويُّ يا عزيز، اللهم إنا نعوذُ بك من شرِّه، وندرَأُ بك اللهم في نَحرِه، اللهم اكفِنَاه بما شِئتَ يا ربَّ العالمين.

اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين، اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كل مكان.

اللهم فرِّج كربَ إخواننا في الشام، اللهم فرِّج كربَ إخوانِنا في الشام، اللهم يا رفيعَ الدرجات، ويا قاضِيَ الحاجات، ويا مُجيبَ الدعوات، ويا مُفرِّجَ الكُرُبات، فرِّج كَربَهم، وارفَع ضُرَّهم، وتولَّ أمرَهم، وعجِّل فرَجَهم، وعجِّل فرَجَهم، واجمَع كلمتَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، واستُر عورَاتهم، وآمِن روعَاتهم.

اللهم إنهم جِياعٌ فأطعِمهم، وعُراةٌ فاكسُهم، ومظلُومون فانتصِر لهم، إلَهَنا قد زادَ عليهم البلاء، واشتدَّ عليهم الأمرُ، تعَّرضوا للظُّلم والطُّغيانِ والتشريدِ والحِصار، اللهم يا ناصر المُستضعَفين، ويا مُنجِيَ المُؤمنين، اجعَل ذلك مِفتاحًا لنصرهم؛ فإن مع العُسرِ يُسرًا، إنَّ مع العُسرِ يُسرًا.

ثم اعلَمُوا - عباد الله - أن الله أمَرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائِه الراشدِين المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائرِ الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بكرمِك يا أكرمَ الأكرمين.