الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
العربية
المؤلف | محمد بن صالح بن عثيمين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان |
أيها المسلمون: إن الدين الإسلامي بريء من كل ما يصفه به أعداؤه. إنه دين الحق والعدالة، والحرية الحقة. إنه دين اليسر والسهولة، ودين السعادة والتقدم. استعرضوا أصول شرائعه؛ لتقيسوا عليها فروعه. إن الإسلام مبني على...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق أرسله بدين الإسلام دين الرحمة، ودين العدالة، ودين العبادة والمعاملة، فهدى الله به أقواما، وأضل عن طريقه آخرين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
إن خير الحديث كتاب الله؛ لأنه يهدي للتي هي أقوم، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه الطريق المستقيم الموصل إلى الله وإلى سعادة الدنيا والآخرة.
أيها المسلمون: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ)[آل عمران:19].
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ)[آل عمران:85].
إن الإسلام، هو: الاستسلام لله ظاهرا وباطنا، استسلاما تاما لا تواني فيه ولا كسل، ولا انحراف ولا خطل.
إنه طاعة لله -تعالى- سرا وعلنا، بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
وما أيسر ذلك على من يسره الله عليه.
أيها المسلمون: إن الشيطان بعداوته لكم يفتر عزائمكم عن القيام بدينكم، ويدعوكم إلى الكسل والتواني عن أوامره، ويغريكم ويحثكم على مخالفته ومعصيته.
إنه يصور لكم الدين بأنه حبس للحرية، وتضييق على الإنسان، وإرهاق له، وتفويت لمصالحه.
يصوره لكم بأبشع صورة لتنفروا عنه، يصوره كذلك ليهلككم؛ كما هلك: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)[فاطر:6].
إن الشيطان يصوره لكم بما يلقيه في صدوركم، وبما يلقيه أولياؤه من شياطين الإنس.
أيها المسلمون: إن الدين الإسلامي بريء من كل ما يصفه به أعداؤه.
إنه دين الحق والعدالة، والحرية الحقة.
إنه دين اليسر والسهولة، ودين السعادة والتقدم.
استعرضوا أصول شرائعه؛ لتقيسوا عليها فروعه.
إن الإسلام مبني على خمسة أركان: "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام، لمن استطاع إليه سبيلا".
وهذه الأركان كلها سهلة ويسيرة، وكلها إصلاح وتهذيب.
ف"شهادة أن لا إله إلا الله" توحيد لله، وتجريد للقلب من التأله والعبادة لأحد سوى الله، وحصر العبادة لله رب العالمين الذي خلقك فسواك وغذاك بنعمه ورباك، فأنت بالنسبة إلى ربك عبد من عبيده، وبالنسبة إلى غيره حر.
وإن من الحماقة بمكان: أن تنطلق من عبودية ربك التي هي الحق، وتقيد نفسك بعبودية هواك، أو بعبودية المال، أو عبودية فلان وفلان.
إن كثيرا من الناس إذا اشتغل بطاعة الله فكأنما يصابر الجمر لا يصبر عليها إلا قليلا مع قلق في نفسه، وانشغال في قلبه، وإذا اشتغل بدنياه أقبل عليها بقلبه وفكره، واطمأن إليها، واستراح بها ولها، فهو كامل العبودية لدنياه، وناقص العبودية لمولاه.
وأما "شهادة أن محمدا رسول الله" فهي تجريد لمتابعة له دون غيره من المخلوقين، فهو رسول ربك الذي كلف بالرسالة إليك، وكلفت باتباعها، فعنها يسأل هو بلاغا، وتسأل أنت عنها اتباعا: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)[الأعراف:6].
إن كل أحد من الناس سوف يسير في عمله على خطة مرسومة، ومنهج متبع، فإما أن يكون طريق النبيين، أو طريق الضالين المكذبين: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ)[يونس:32].
فانظر أي الطريقين أهدى وأقوم؟!.
أما الصلاة؛ فما أيسرها وأسهلها، وما أنفعها للقلب والبدن، والفرد والمجتمع، فهي صلة بينك وبين ربك لا تأتيها إلا وأنت متطهر في ظاهرك وباطنك، فتقوم بين يدي الله خاشعا خاضعا متقربا إليه بما شرعه لك فيها، من ذكر وقراءة، وركوع وسجود وقيام وقعود، تسأله لدنياك وآخرتك فهي تنمي الدين، وتحط الذنوب، وتلحق بالصالحين، ويستعان بها على أمور الدين والدنيا، وتنهى عن الفحشاء والمنكر: (اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)[البقرة:153].
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)[العنكبوت: 45].
أما الزكاة؛ فهي جزء بسيط تدفعه من مالك، لسد حاجة إخوانك، وإصلاح مجتمعك؛ ففيها تزكية المال، وتطهير النفس من البخل الذميم، وتطهير القلب من الذنوب والآثام، فالصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)[التوبة:103].
إن كثيرا من الناس يهون عليهم أن ينفقوا المال الكثير في أهواء نفوسهم مما يضرهم أو لا فائدة لهم منه، لكنه عند الصدقات الواجبة، أو المتطوع بها لا يهون عليه أن ينفق درهما واحدا كأنه لم يثق بوعد الله بالخلف العاجل، والثواب الآجل، ولم يصدق بالوعيد الشديد لمن منع الزكاة.
أما الصيام؛ فهو شهر واحد في السنة شهر يذكرك بأعظم نعمة من الله عليك، شهر نزول القرآن.
شهر رمضان تمتنع فيه في النهار فقط عن شهوات نفسك، من طعام وشراب ونكاح، تقربا إلى ربك، وتقديما لمرضاته على ما تشتهيه، مع ما فيه من الفوائد الدينية والجسمية والاجتماعية.
أما الحج؛ فهو قصد بيت الله لإقامة شعائره، وتعظيم حرماته، لا يجب في العمر إلا مرة واحدة على المستطيع.
تحط به الذنوب والخطايا، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، مع ما فيه من تعارف المسلمين في أقطار الدنيا، واجتماعهم وتعليمهم وإرشادهم.
أيها المسلمون: هذه أصول الإسلام وأركانه؛ فبالله عليكم هل فيها من صعوبة؟ وهل فيها من خلل أو نقص؟ أفليست هي شريعة الله وحكمه؟
(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)[المائدة:50].
إن الإسلام مفخرة لأهله، وعز وكرامة في الدنيا والآخرة، وإن به التقدم الحسي والمعنوي.
ومن شك في ذلك؛ فلينظر في تاريخ صدر الإسلام، حينما كان المسلمون مسلمين ظاهرا وباطنا، ولم تغرهم الدنيا، ولم يغرهم بالله الغرور.
فاتقوا الله -عباد الله-: وتمسكوا بدينكم ظاهرا وباطنا، سرا وعلنا، قبل أن تسلبوه وتضلوا عنه ضلالا بعيدا، واحذروا أن يصيبكم قول الله -تعالى-: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الأنعام: 44- 45].
اللهم ثبتنا على الإسلام والتوحيد، واختم لنا بخاتمة السعادة والخير، يا رب العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين | الخ |