الحسيب
(الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...
العربية
المؤلف | محمد بن صالح بن عثيمين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - الصلاة |
أقيموا الصلاة كما أمرتم، صلوا كما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أسبغوا الوضوء، واستقبلوا القبلة، قوموا لله مخلصين، فاستقبلوا وجهه بقلوبكم، وبيته بأبدانكم. واعلموا أن...
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وأقيموا الصلاة، فإن الصلاة عمود دينكم، ولن يقوم البنيان بدون عموده، و"لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة".
أقيموا الصلاة: (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)[النساء:103].
أقيموا الصلاة كما أمرتم، صلوا كما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
أسبغوا الوضوء، واستقبلوا القبلة، قوموا لله مخلصين، فاستقبلوا وجهه بقلوبكم، وبيته بأبدانكم.
واعلموا أن الله قبل وجه المصلي، اطمئنوا في صلاتكم، لا تصلوها وأنتم عجالى، فلا صلاة بدون طمأنينة؛ دخل رجل المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، فصلى صلاة لا يطمئن فيها، ثم جاء، فسلم على النبي، فرد عليه السلام، وقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل" فرجع، فصلى كصلاته الأولى، ثم جاء، فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل" ثلاثا ردده النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثلاثا لعله يقيم صلاته، ولأجل أن يزداد شغفه بتعليم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولذلك قال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فعلمني؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قمت للصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر، ثم أقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تطمئن قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها"[البخاري (5897) مسلم (397) الترمذي (303) النسائي (884) أبو داود (856) ابن ماجة (1060) أحمد (2/437)].
أيها المسلمون: إن من صلى بدون طمأنينة فلا صلاة له، وإن صلى مئة مرة؛ كما قال رسول -صلى الله عليه وسلم- لهذا الرجل: "ارجع فصل فإنك لم تصل"[البخاري (724) مسلم (397) الترمذي (303) النسائي (884) أبو داود (856) ابن ماجة (1060) أحمد (2/437)].
اقرأوا الفاتحة في كل ركعة، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، واقرأوا معها في الفجر سورة من طول المفصل وفي المغرب من قصاره أحيانا ومن طواله أيضا، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ربما قرأ في المغرب بسورة طويلة قرأ مرة بالأعراف، ومرة بالصافات، ومرة بحم الدخان، ومرة بسورة محمد، ومرة بالمرسلات.
واقرأوا في الظهر والعصر والعشاء الآخرة من أوساط المفصل.
طوال المفصل من ق إلى عم وأوساطه من عم إلى الضحى، وقصاره من الضحى إلى آخر القرآن.
ارفعوا أيديكم عند تكبيرة الإحرام إلى المناكب أو إلى الأذنين، ثم ضعوا اليمنى على مفصل كف اليسرى بعد التكبير على صدوركم، وانظروا موضع سجودكم، ولا تلتفتوا في الصلاة، ولا ترفعوا أبصاركم إلى السماء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء، أو لا ترجع إليهم"[مسلم (428) أبو داود (912) ابن ماجة (1045) أحمد (5/108)].
استفتحوا الصلاة بعد ذلك، فقولوا: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد. أو قولوا: سبحانك اللهم وبحمدك".. إلى آخره.
تعوذوا بالله من الشيطان الرجيم، ثم اقرأوا الفاتحة والسورة، ثم اركعوا مكبرين، وارفعوا أيديكم عند الركوع وضعوها على ركبكم مفرقة الأصابع، وجافوها عن جنوبكم، واعتدلوا في ركوعكم، فسووا ظهوركم، وساووها مع رؤوسكم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يسوي ظهره ورأسه، لا ينزل رأسه، ولا يرفعه، وعظموا ربكم في ركوعكم، فقولوا: سبحان ربي العظيم، وكرروا ذلك.
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر في ركوعه وسجوده من قوله: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي".
ارفعوا من الركوع، قائلين: "سمع الله لمن حمده" ورافعين أيديكم إلى المناكب أو إلى الأذنين.
وبعد القيام قولوا: "اللهم ربنا لك ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
والمأموم لا يقول: "سمع الله لمن حمده"؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد".
ثم اسجدوا مكبرين، ولا ترفعوا أيديكم عند السجود، اسجدوا على الأعضاء السبعة الجبهة مع الأنف واليدين والركبتين وأطراف القدمين، ضعوا أيديكم حال السجود على الأرض وأصابعها نحو القبلة مضموما بعضها إلى بعض محاذية لمكان الجبهة والأنف، أو محاذية للمنكب.
اعتدلوا في سجودكم، فارفعوا البطون عن الفخذين والفخذين عن الساقين، ونحوا اليدين عن الجنبين، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينحيها حتى يرى بياض إبطه، إلا إذا كان الإنسان مأموما، فإنه لا ينحيها إذا كان يؤذي من بجنبه، وارفعوا الذراعين عن الأرض، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بسطها على الأرض، وقولوا: "سبحان ربي الأعلى" وكرروها.
وقولوا: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي".
ولا تسجدوا على لباس عليكم من ثوب، أو مشلح، أو غترة، إلا لحاجة كشدة حرارة الأرض، وخشونتها أو نحو ذلك.
ثم ارفعوا من السجود مكبرين، واجلسوا على قدم الرجل اليسرى، وانصبوا قدم الرجل اليمنى، وضعوا اليد اليمنى على فخذ الرجل اليمنى، أو على ركبتها، وضموا منها الخنصر والبنصر، وحلقوا إبهامها مع الوسطى، وحركوا السبابة عند الدعاء.
وضعوا اليد اليسرى على فخد الرجل اليسرى، أو ركبتها مضمومة أصابعها إلى بعض، وقولوا: "ربي اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، واجبرني، وعافني".
ثم اسجدوا السجدة الثانية مكبرين، واصنعوا كما صنعتم في السجدة الأولى قولا وفعلا.
ثم صلوا الركعة الثانية بدون استفتاح، ولا تعوذ كالركعة الأولى، ثم اجلسوا للتشهد، واصنعوا في جلوسكم كما فعلتم في الجلوس بين السجدتين، وقولوا: "التحيات لله والصلوات.." الخ.
فإن كانت الصلاة ركعتين، فأكملوا التشهد، وسلموا على اليمين: السلام عليكم ورحمة الله، وإن زدتم: "وبركاته" فلا بأس.
وسلموا على اليسار: "السلام عليكم ورحمة الله".
وإن كانت الصلاة أكثر من ركعتين، فقوموا بعد التشهد الأول مكبرين، وارفعوا أيديكم عند القيام، وصلوا ما بقي من صلاتكم على صفة ما سبق في الركعة الثانية، إلا أنكم تقتصرون على الفاتحة، وتجلسون للتشهد الأخير متوركين بأن تنصبوا قدم الرجل اليمنى، وتخرجوا الرجل اليسرى من تحت ساقها، وتستقروا على الأرض.
أيها المسلمون: هذه صفة الصلاة، فأقيموها، وأتقنوها لعلكم تفلحون، فقد قال الله -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)[المؤمنون: 1] إلى قوله: (أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[المؤمنون: 10 – 11].
بارك الله لي ولكم | الخ |