البحث

عبارات مقترحة:

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

آداب النصيحة

العربية

المؤلف موقع إمام المسجد
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. أهمية النصيحة .
  2. آداب النصيحة وفضائلها .
  3. أمور يجب مراعاتها عند النصيحة. .

اقتباس

إن النصيحة هي الدين كله؛ ولأهمية النصيحة فقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يبايع الصحابة عليها؛ والنصيحة المتعلقة بأئمة المسلمين وعامتهم تعني أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وحب الخير لهم. ولكن هذه النصيحة ينبغي للقائمين بها أن يتنبهوا إلى الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر،...

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، والمبلغ عن رب العالمين، والناصح للناس أجمعين، وعلى وصحبه الغر الميامين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فإن النصيحة هي الدين كله؛ كما في حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدين النصيحة"، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم". (رواه مسلم).

ولأهمية النصيحة فقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يبايع الصحابة عليها؛ عن جرير بن عبد الله قال: "بايعتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- على إقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزكاة، والنصح لكلِّ مسلم". (رواه البخاري ومسلم).

والنصيحة المتعلقة بأئمة المسلمين وعامتهم تعني أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وحب الخير لهم.

ولكن هذه النصيحة ينبغي للقائمين بها أن يتنبهوا إلى الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ومن أهمها:

1- الإخلاص لله -تعالى-: وذلك بأن يقصد الناصح بنصحه وجه الله -عز وجل-؛ لقوله الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَِ) [سورة البينة: 5]. وقال تعالى: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ) [سورة الزمر: 2].

والنصيحة الصادقة من العبادات التي يثاب صاحبها عليها. وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات" (رواه البخاري ومسلم).

2.  ينبغي للناصح أن يتحلى بخلق الرفق واللين؛ لأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه؛ كما جاء في الحديث الصحيح.  وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب الرفق في النصيحة؛ قال الغزالي- رحمه الله-: "ويدلك على وجوب الرفق ما استدل به المأمون إذا وعظه واعظ، وعنف له في القول، فقال: يا رجل! ارفق فقد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني وأمره بالرفق، قال تعالى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [سورة طه: 44]. فليكن اقتداء المحتسب في الرفق بالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- (إحياء علوم الدين: 2/ 334).

3.  أن تكون النصيحة سراً، فلقد كان السلف يحرصون على النصح سراً لا علنا؛ كما يقول ابن رجب -رحمه الله-: "وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سراً؛ حتى قال بعضهم: "من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه.." (جامع العلوم والحكم: 82).

وقال الشافعي: "من وعظ أخاه سرًّا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه"( حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: 9/ 140).

وقال ابن حزم: "وإذا نصحت فانصح سراً لا جهراً، وبتعريض لا تصريح، إلا إن لم يفهم المنصوح تعريضك، فلابد من التصريح" (الأخلاق والسير في مداواة النفوس: 45).

ورحم الله الإمام الشافعي حيث قال:

تعمدني بنصحك في انفرادي

وجنبي النصيحة في الجماعة

فإنّ النصح بين الناس نوع

من التوبيخ لا أرضى استماعه

فإن خالفتني وعصيت قولي

فلا تغضب إذا لم تعط طاعة

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.

عباد الله: ومن آداب النصيحة أيضاً:

4- ينبغي للناصح اختيار الوقت المناسب للنصيحة، لأن اختيار الوقت المناسب والظرف المناسب من أكبر الأسباب لقبول النصيحة، وإزالة المنكر. فهذا ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: إن للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهوتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدباره (الزهد والرقائق لابن المبارك، ص 469).

5.  أن يكون الناصح عاملاً بما يأمر الناس به، وتاركاً لما ينهى الناس عنه، قال الله -تعالى- موبخاً بني إسرائيل على تناقض أقوالهم مع أفعالهم: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) [سورة البقرة: 44].

وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يأمر الناس بالمعروف ولا يأتيه، وينهاهم المنكر ويأتيه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال: بلى، كنت آمراً بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه" (رواه البخاري ومسلم).

 وهذا أبو الأسود الدؤلي يقول:

يا أيها الرجل المعلم غيره

هلاّ لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى

كي يشتفي منه وأنت سقيم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عارٌ عليك إذا فعلت عظيم

فابدأ بنفسك فإنها عن غيها

فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما تقول ويقتدي

بالقول منك وينفع التعليم

فينبغي لكل آمر بالمعروف وناه عن منكر أن يتأدب بهذه الآداب، وأن يتخلق بهذه الأخلاق، حتى يكون لنصيحته قبول واستجابة من قبل المنصوحين.

اللهم اغفر لنا وارحمنا..