البحث

عبارات مقترحة:

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

أنت حرة (1)

العربية

المؤلف منصور محمد الصقعوب
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. مشروع إفسادي كبير يُرَاد للمرأة في بلدها .
  2. قنوات رائدة في إفساد أخلاقيات الناس .
  3. لُعبة الإعلام الفضائي .
  4. مفاسد مجموعة قنوات إم بي سي .
  5. السياسة الإعلامية التغريبية .
  6. الهجمة الخبيثة على المرأة. .

اقتباس

منذ بدأ الاستعمار على البلاد المسلمة بدأ معه الإعلام الذي يسعى لتحسين صورة أعداء الدين, وحين تطورت وسائل الإعلام, وجاءت القنوات الفضائية, كانت تلك فرصةً ذهبية لهم كي يدخلوا من خلالها لعقول المسلمين بلا سلاح ولا دبابة. والتقت رغبة الكفار, المتمثلة بالغرب الذي يحملون المال والفكر والعداء والحسد, مع المنافقين من بني جلدتنا, الذين لا همّ لهم إلا كسبَ المال, وهزّ ثوابت الدين, وصدق على الجميع...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد: يقول الإعلان: كوني حرّة بلا حدود, تمرّدي, حَلِّقي، طيري بِرقَّتِك خارج سجون الظلام والعبودية.

هذه ليست مقتطفات من رواية غرامية، ولا مقطعاً من مسلسل رومانسي, وليست مجرد عبارات قيلت في الهواء، ولا مجرد كلمات دفنتها الأسماع.

هذه الكلمات المعلّبة بالتغريب, هي جزء من مشروع إفسادي كبير يُرَاد للمرأة في بلدها السعودية.

إنها شعاراتٌ ليست بريئة, بل ممعنة في السوء, تصاحبها صور تنادي بالتحرر الديني والخلقي.

لو كانت تلك الكلمات قد صدرت من يهود أو نصارى, أو من قنوات شرقية أو غربية, لحُقَّ لنا أن نتوجس ونحذر ونحمي أعراضنا.

كيف وقد تولى تلك الحملات من يتكلم بألسنتنا ويخاطب بمكرٍ وجدانَ مراهقينا؛ إنها جهود منظمة، وليست مشاكسات فردية، تقودها قنواتٌ إعلامية, تنشر سمومَها في بلادنا, وفي كثير من بيوتاتنا.

حمله "كوني حرَّة" التي تبنتها تلك القناة الرائدة في إفساد أخلاقيات الناس, أصبح هو حديث كثير من الناس في الأيام الماضية, وأعاد للأذهان تذكير أهل العلم والغيرة حول القنوات, ودورها التغريبي, وخطرها وضررها.

والحمد لله أننا رأينا صوراً جميلة, مِن هبَّة مجتمعية, بدَت في وسائل التواصل, لم يكن المتكلمون فيها هُم الدعاة والمصلحون, بل كان الجُلّ مستاءً ومستنكرًا, وغيورًا على دينه وبلده وأخلاق مستقبل الأحيال، ليعلنها المجتمع بصوت عالٍ أمام أقلية لا رقم لها: أنكم نشاز, ولا تمثلون هذا المجتمع الطيبَ المتميز بتدين أهله.

وهذه واحدة من المكاسب التي أفرزتها جهود المنافقين, أن هذا الاستفزاز قد أحيا جذوة الدين والأخلاق في نفوس المؤمنين.

يا أهل الغيرة والدين: لن تكون هذه الحملة الآثمة الخاطئة هي الأولى، ولن تكون هي الأخيرة.

لذا دعونا نعود للوراء، ونستنطق التاريخ القريب لنتكلم عن الإعلام ودوره منذ بذراته, ومتى بدأ, وما هدفه.

أيها الكرام: منذ بدأ الاستعمار على البلاد المسلمة بدأ معه الإعلام الذي يسعى لتحسين صورة أعداء الدين, وحين تطورت وسائل الإعلام, وجاءت القنوات الفضائية, كانت تلك فرصةً ذهبية لهم كي يدخلوا من خلالها لعقول المسلمين بلا سلاح ولا دبابة.

والتقت رغبة الكفار, المتمثلة بالغرب الذي يحملون المال والفكر والعداء والحسد, مع المنافقين من بني جلدتنا, الذين لا همّ لهم إلا كسبَ المال, وهزّ ثوابت الدين, وصدق على الجميع وصف المولى سبحانه: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27].

وافتتحت عدة قنوات ومن ملاكٍ من أبناء المسلمين, صبغتها الكاملة, وسياستها, وأفكارها, بل وتمويلها هو من أعداء الدين من كفرة أهل الكتاب.

فلُعبة الإعلام الفضائي إذاً ليست مشروعاً تجارياً بحتاً كما يُروج لها دائماً، بل يمكن القولُ بأن الكثيرَ من الفضائياتِ قامت على أساس تشكيل الوعي, وفقاً لرغبات أساطين الإعلام، عبر الترويج لسياساتٍ ومذاهبَ وأفكارٍ معينة، إما بطريق مباشر, وهذا قليل, أو بطريق غير مباشر, من خلال البث المبطّن لأفكارٍ ورؤى يتم تمريرها من خلال البرامج والأخبار والتغطيات والأعمال الدرامية التي تُصنف غالباً ضمن فئة الحياد.

وحين نادى بعض أهل الغيرة والاختصاص قبل سنوات بأن البث المباشر قادمٌ, وأنه لا بد من التهيؤ له بمشاريع بنائية, كانوا يتكلمون بلسان الحكمة والعقل, نعم لم يكن من المناسب أن تقول للناس قاطعوا, فالمقاطعة حلٌّ مؤقت, ولا يدوم, وإنما الحلُّ أن تكون لدينا مشاريعُ إعلاميةٌ إسلاميةٌ تغرس الأخلاق وتبني القيم وتحافظ على الأجيال.

ولكن هذا الطموح أمامه عقبات كثيرة, نظامية, ومالية, وسياسية حتى. والملاحظ ويا للأسف أن القنواتِ الفضائيةَ التي تسعى اليوم لهتك الأخلاق, ونشر الفساد, وزعزعة الأمن والقيم, هي قنوات بأموالٍ من أناسٍ من هذه البلاد, هذا هو المبرز في العلن, أما ما في الحقيقة فقد أثبت التقارير أن عدداً من هذه القنوات تحظى بميزانيات ضخمة من أطرافٍ خارجية كي تحقق الرسالة التي عجزت عن تحقيقها الدبابة والسلاح.

ولكي تعلم حقيقة ذلك فإن أحد هذه القنوات الناطقة بالعربية, انطلق بثها في اليوم الذي بدأ فيه الغزو الأمريكي.

وحتى لا يكون الكلام رجماً بالتهم أو وقوعاً في هاجس المؤامرة, أقدم لكم هذه الدراسة الفاحصة المحايدة التي قام بها أحد الأكاديميين السعوديين قبل عشر سنوات, مع أسوأ هذه القنوات سمعة وتطبيعا للمنكر والفاحشة، وهي مجموعة mbc.

فخرجت الدراسة بنتائج مخيفة, في جوانب عديدة، بعد رصد وتوثيق, خلاصتها ما يلي: - في مجال الفساد العقدي: فقد انتشر في قنوات تلك المجموعة، أن تقديس الصليب واللجوء إليه في الأوقات الصعبة هو الذي يفعله الجندي فينجو من موت محقق، وكثرة ظهور الكنائس والمقابر التي ينتشر فيها الصليب، والصلوات النصرانية ظاهرة، وفي بعض الأفلام التي عُرضت إنكارٌ للخالق، وتعظيمٌ للأصنام، ونشرٌ للسحر والشعوذة.

- أما في مجال نشر الثقافة الأمريكية: فقد عبّرت الدراسة عن ذلك بأمركة المجتمع، وظهر ذلك من خلال التعظيم المبالغ فيه للجندي الأمريكي وقدراته، وتكرار ذكر أمريكا ومدنها، والإكثار من ذكر المؤسسات الأمنية الأمريكية، وتحبيب طرائق العيش الأمريكية للشباب.

- وأما في مجال نشر الفاحشة والشهوات: فحدث ولا حرج، وابدأ ولا تنتهي.

في بعض الأفلام حثّ على الزنا الصريح، وحث المرأة على معاشرة غير زوجها، وإظهار الشباب وهم يتسابقون لهذه العلاقات المحرمة، والبذاءة الشديدة في لسان كثير من الممثلين, في أمور كثيرة تثير الغرائز والشهوات الحرام.

- أما الإخلال بأمن المجتمعات: فقد أكَّدت الدراسة على وجود مشاهدَ كثيرة في مواجهة الشباب لرجال الشرطة، وتهوين القتل والخطف والسرقة والاعتداء على الآخرين.

كل هذا والدراسة قبل عشر سنوات, فما الشأن اليوم والشر زاد, والله المستعان.

والمعلوم المستقر يا كرام: أن السياسة الإعلامية التغريبية تقوم على كل ما ذُكر, وتسعى مع كل هذا إلى (تجفيف المنابع) من تشويه صورة الدعاة والعلماء, وهذا بابٌ بات يعلمه الصغير والكبير, من خلال لقاءات حواريه, أو مسلسلات وغيرها, وتسعى كذلك إلى استقطاب أكبر قدر من الشباب والشابات, ولذا لم يكن مصادفةً أن تحرص هذه القنوات على أن تكون هي المتصدية لبث المباريات المحلية وغيرها عبر قنواتها, لعلمها أن هذا أكبر مكسب لهم.

لذا يا أهل الإيمان والغيرة: المكر كُبّار, والسعي لإفساد المجتمع في أخلاقه والتشويش على تدينه قائم الآن, وقد تقدم خطوات ولا يزال يعمل ويتجلد.

وستبقى هذه المشاريع الإفسادية والحرب الفكرية ما بقي للغرب سلطة وقوة وتأثير, ولكننا على يقين بأن المجتمع -بإذن الله- قادر على إيقاف عجلة الفساد والتغريب، بتكاتف رجاله وأهل الغيرة فيه.

علينا كمجتمع حملٌ كبير تجاه هذه الحرب الإعلامية كلٌ بما يقدر عليه, بقلمه وماله ولسانه, وها هنا عدة معالم:

أولاً: أن نعلم أن حربنا ليست على برنامج معين, أو حملة معينة, أو مسلسل معين, نصبّ عليه جام غضبنا ونمضي, بل على سياسة قناة بأكملها, ثم ليس على قناة واحدة, بل على مجموعة قنوات تسعى لحربنا, وإن تسمَّت باسمنا.

وثانياً: أن يجتهد كل مسلم في التحذير من هذه الجهود التغريبية الفاجرة, بكل ما يقدر, وعبر أي بابٍ يحسنه, وتذكر فتشكر تغريدات تكتبت, أو مقالات تدبّج, أو مقاطع تنتشر لأناسٍ تنضح من كلماتهم الغيرة, ليسوا بعلماء ولا دعاة, ولكن قاموا بدورهم, ولا يعرفهم كثير من الناس لكن الله يعرفهم, وهكذا يكون الاحتساب مشروع أمة, لا مرتبطاً بأفراد وجهاز.

وثالثاً: أن نسعى إلى مشاريع بنائية تحصِّن الأطفال والشباب, في ظل انحسار الدور التربوي للبيت, ومؤسساتِ المجتمع التربوية الأخرى، فإن هذا من شأنه أن يخفِّفَ الأثر, ويحقق الحصانة.

وفي كل هذا ليعلم المسلم وهو يقف في وجه الجهد التغريبي الإعلامي أنه في جهاد, نعم في جهاد, لأنه يقف في وجه ذات العدو الذي يقاتل في المعركة, لكنه في هذه القنوات قد جاء ببدلة أنيقة, ليمرر أهداف المستعمر الكافر، اللهم اعصمنا ومجتمعات المسلمين..

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده..

دعوني أيها الكرام, ومن هذا المنبر أتوجه برسالة مهمة.. إنها موجةٌ إلىَّ, وإليك, وإلى كل ولي أمرٍ في بيته, يبقى الحمل الكبير, والدور البارز علي وعليك يا ولي الأمر, إن البيوت لا يمكن أن تهتك أستارها إلا إن رضينا نحن بذلك, وإن هذه القنوات لن تلج إلا إذا نحن أدخلناها.

لو قيل لك بأن في بيتك حيّةٌ سوداءُ تنفث سمّها, لهرعت لإخراجها وقتلها, كي لا تؤذي أهل بيتك, وأنا أقسم بالله العظيم ولا أتردد أن أثر هذه القنوات, لا سيما مجموعة (mbc) أشدُ وأخطرُ من ضررِ حيّة سوداء.

فكيف يرتاح لك بالٌ, وأنت تركت أهل بيتك يتغذون من هذه السموم صباحاً ومساءً، لا تقل ها هي في بيوتنا منذ سنوات فما رأينا لها أثراً, فكل عارف بهذا المجتمع يعلم أنه وفي خلال سُنيات تغيرت فيه أخلاق وقيم ومسلمات, وظهرت في نفوس الجيل الجديد شبهاتٌ عقدية وفكرية وإلحادية, وشهوات شيطانية كثيرة, كان وقودها الأكبر, ومنشؤها الأول هذه القنوات.

لا تقل: أين البديل, فليس بالضرورة أن يكون للمحرّمِ بديل, وإنما يترك المرء الحرام إرضاءً للملك العلام, وُجِدَ البديل أم لم يوجد, ولك في الصحابة الكرام أسوةٌ, حين كانت نفوسهم مُشربةً بحبّ الخمر, وحين جاء تحريمها أراقوها في الطرقات, فجرت بها السكك, وما تساءلوا أين البديل, ومع كل هذا فالبديل الإعلامي المحافظ موجود بحمد الله.

وغداً حين يودع المرء في قبره, ولا يكون أنسيه إلا عملُه, لا يود أن يكون قد خلف من تركته قنوات تصدح في بيته, بمحاربة الله ورسوله, وفي الصحيح "ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".

معشر الكرام: ومع كل ما نراه فإننا لعلى تفاؤل -بإذن الله-, فقد أثبتت الأيام الماضية أن في المجتمع خيراً, وأن الوعي ارتفع, وشعار "كوني حرّة"، أبان ما يخفون, وأظهر ما يبطنون, ومع هذا فدهاقنة الإعلام ما وضعوا السلاح بعد, لهم جولات قادمة, فرحم الله من ساهم في ردّ العادية, بنفسه أو ماله أو قلمه أو فكره ورأيه.

عباد الله: وبما أن الهجمة هي على المرأة, والرهانَ عليها, فلنا حديثٌ في الجمعة القادمة إن شاء الله حول هذا الموضوع, ماذا يراد بها, وما طرائق القوم في إفسادها, ومن الذي يريد تحرير المرأة, القرآن والإسلام, أم الكفار والمنافقون.