الوكيل
كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...
العربية
المؤلف | أحمد بن ناصر الطيار |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحديث الشريف وعلومه - المنجيات |
الجنة هي أملُ كَلَّ مسلمٍ وغايتُه ورجاؤُه، ومن أجلهَا يُقدِّم كُلَّ غالٍ ورخيصٍ، لعلمه بأنها سلعةُ اللهِ الغاليةِ، وأن نعيمَها دائمٌ لا يُقارنُ بنعيمِ الدنيا وما فيها، وأنه لا سبيلَ إليها إلا بالإيمانِ به -جلَّ وعلا- ونيلِ رضاه والاجتهادِ في العملِ الصالحِ الخالصِ لوجهِه. وأسباب دخولِ الجنَّة كثيرةٌ ومتنوعةٌ، وأدلتُها من الكتابِ والسنةِ كثيرة، ولأن الوقت لا يكفي لذكرِ كلِّ ما نريدُ فسوفَ أعرضُ لكم بعضاً من تلك الأسبابِ، عسى اللهُ تعالى بفضلِه وكرمِه أن يجعلنا وإياكم من ساكنيها....
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل جنّةَ الفردوسِ لعبادهِ المؤمنين نزلاً، ويسَّرهم للأعمالِ الصالحةِ الموصلةِ إليها فلم يتَّخذوا سواها فسلكوا السبيلَ الموصلةَ إليها ذُلُلا، وأخرجهم إلى دارِ الامتحانِ ليَبلوهُم أيُّهم أحسنُ عملا، وأودَعها ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ، وكمَّل لهُم البشرى بكونهم خالدينَ فيها لا يبغون عنها حِولا.
وأشْهدُ أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشْهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه، وعلى آله وأصحابِه والتابعينَ لهم بإحسانٍ وسلَّم تسليماً مزيدا.
أما بعدُ: فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ جلَّ وعلا، فهي وصيةُ اللهِ -جلَّ وعلا- للأولين والآخرين (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ...) [النساء:131].
عباد الله: ذكرنا في الجمعةِ الماضيةِ وصفَ الجنَّةِ، وما فيها من النعيمِ والخلودِ المقيم، ولذةِ النظرِ إلى وجهِ اللهِ الكريمِ. وهي أملُ كَلَّ مسلمٍ وغايتُه ورجاؤُه، ومن أجلهَا يُقدِّم كُلَّ غالٍ ورخيصٍ، لعلمه بأنها سلعةُ اللهِ الغاليةِ، وأن نعيمَها دائمٌ لا يُقارنُ بنعيمِ الدنيا وما فيها، وأنه لا سبيلَ إليها إلا بالإيمانِ به -جلَّ وعلا- ونيلِ رضاه والاجتهادِ في العملِ الصالحِ الخالصِ لوجهِه.
أيها المؤمنون والمؤمنات: اعلموا أن أسبابَ دخولِ الجنَّة كثيرةٌ ومتنوعةٌ، وأدلتُها من الكتابِ والسنةِ كثيرة، ولأن الوقت لا يكفي لذكرِ كلِّ ما نريدُ فسوفَ أعرضُ لكم بعضاً من تلك الأسبابِ، عسى اللهُ تعالى بفضلِه وكرمِه أن يجعلنا وإياكم من ساكنيها، ومن ذلك ما يلي:
أولاً: توحيدُ الله -جلَّ وعلا- وتعظيمُه ومحبتُه وخشيتُه والتوكلُ عليه وتسليمُ الأمرُ له، فما من شيءٍ أعظمُ عند اللهِ تعالى من تلك الأعمالِ لما فيها من المحبةِ والصدقِ والإخلاصِ واليَّقينِ، وصدق الله العظيم (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُون * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُون)[فُصِّلَت:30، 31].
وتوحيدُ اللهِ -جلَّ وعلا- هي رسالةُ الأنبياءِ والمرسلينَ للأولينَ والآخرينَ، وما قامتْ السماواتُ والأرضُ ولا خُلق الإنسُ والجنُّ، ولا جُعلتْ الجنَّةُ والنارُ، إلا من أجلِها، فمنْ صَدقَ في قولِها، وعاشَ عليهَا ظاهراً وباطناً نالَ الفوزَ والفلاحَ في الدنيا والآخرةِ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من ماتَ وهو يعلُم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة" (رواه مسلم)، وقال:"مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّة" (رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني).
ثانياً: الاقتداءُ بالرسولِ -صلى الله عليه وسلم- وطاعتُه: فقد قال عليه الصلاة والسلام: "كُلُّ أمتي يدخلونَ الجنَّةَ إلا من أبى" قالوا: ومن يأبى يا رسولَ اللهِ؟! قال: "من أطاعني دَخَلَ الجنَّةَ، ومن عصاني فقد أبى" (رواه البخاري)، فمن أطاعهُ -صلى الله عليه وسلم- وعَمِلَ بما جاءَ به قدْرَ استطاعتِه من السمتِ الظاهرِ والعملِ الصالِح فقد نالَ الجنَّةَ بإذن الله تعالى.
ثالثاً: المحافظةُ على الصلواتِ: وهي التي شرَعهَا اللهُ لعبادِه من فوقِ سبعِ سماواتٍ، وهي عمودُ الدينِ، وثاني أركانِه العظامِ، ولا يصحُّ دينُ مسلمٍ بدونها، وهي مظهرُ صدقِ المسلمِ والتزامِه، وقد أثنى اللهُ -جلَّ وعلا- على مَنْ حافظَ عليها وأقامَها وخَشعَ فيها ووعدهم بدخولِ الجنَّةِ، قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُون) إلى قوله: (أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُون * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون) [المؤمنون:1 ـ 11].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلَّى البردينِ دخلَ الجنَّةَ" (رواه البخاري ومسلم) وهما الفجرُ والعصرُ، لأنهما من أثقلِ الصلواتِ على النفسِ وخاصةً في وقتِنَا الحاضرِ، لما يكونُ في وقتِهمَا من غلبةِ التعَّبِ والنومِ على كثيرٍ من الناس.
رابعاً: ترديدُ الأذانِ: فعن عمرَ بنِ الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ. قَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ. قَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ" (رواه مسلم)، فأيُّ فضلٍ بعد هذا يريدُه المسلمُ، فينبغي الحرصُ على ترديد الأذانِ وأن يكونَ ترديدُه خالصاً من القلبِ حتى ينالَ هذا الأجرَ العظيمَ، ألا وهو دخولُ الجنة.
خامساً: قول "أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبد الله ورسوله" عند الانتهاء من الوضوء: فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عن عُمَر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ" (رواه مسلم).
سادساً: قراءةُ آيةِ الكُرسي دُبرَ كلِّ صلاة: وهي من أيسر الأعمال وأقلها زمناً، إلا أنه يترتب على قولها بعد الصلاة أجراً كبيراً، ألا وهو دخول الجنَّة إذا مات من قالها، لما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قرأَ آيةَ الكرسيُ دُبرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ, لم يمنْعُه من دخولِ الجنِّةِ إلا أن يموت" (رواه النسائي، وابن حبان).
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- تعليقاً عليه: "هذا جاءَ له طرق وبعضها لا بأس به، وهو يدلُّ على أنه يستحبُ أن تُقرأ هذهِ الآية بعدَ كلِّ صلاةٍ".
سابعاً: حفظُ اللسانِ والفرجِ: عن الوقوعِ فيمَا حرَّمَ اللهُ تعالى، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "منْ يضمنُ لي ما بينَ لحييه وما بين رجليه أضمنُ لهُ الجنة" (رواه البخاري). لأنهما أكثرُ مَا يوقعُ العبدَ في الحرام.
قال ابنُ حجرٍ -رحمه الله- في شرحه للحديث: "فالمعنى من أدَّى الحقَّ الذي على لسانِه من النطقِ بما يجبُ عليه، أو الصمتِ عما لا يعنيه ضمنَ له الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- الجنَّةَ... فإن النطقَ باللسانِ أصلٌ في حصولِ كلِّ مطلوبٍ، فإذا لم ينطقْ به إلا في خيرٍ سَلِمَ"، وقال ابنُ بطَّالٍ -رحمه الله-: "دل الحديثُ على أنَّ أعظمَ البلاءِ على المرءِ في الدنيا لسانُه وفرجُه، فمنْ وُقي شرَّهما وُقيَ أعظمَ الشرِّ".
ثامناً: لزومُ طريقِ الاستقامة: عن سفيانَ الثقفي قال: قُلتُ: "يا رسول الله! قل لي في الإسلامِ قولاً لا أسألُ أحداً بعدك؟ قال: "قل آمنتْ باللهِ ثم استقمْ" (رواه مسلم)، وحقيقةُ الاستقامةِ أن يحافظَ العبدُ على الفطرةِ التي فَطَرهُ اللهُ عليها، فلا يحجبُ نورَها بالمعاصي والشهواتِ، مستمسكًا بحبلِ اللهِ، وهذا يحتاجُ لمجاهدةٍ قويةٍ للنفسِ والهوى والشيطان والدنيا، فكلُّ هؤلاءِ يَصرفُونَ العبدَ عن طريقِ ربِّه.
يقولُ ابنُ رجبٍ -رحمه الله-: "والاستقامةُ في سلوكِ الصراطِ المستقيمِ، وهو الدينُ القويمُ من غيرِ تعويجٍ عنه يمنةً ولا يسرةً، ويشملُ ذلك فعلَ الطاعاتِ كُلِّها: الظاهرةِ والباطنةِ، وتركَ المنهياتِ كلِّها" وصدقَ اللهُ العظيمُ: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت:30].
بارك اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ أقولُ ما سمعتمْ فاستغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكم إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على فضلِه وإحسانِه، والشُّكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له تعظيماً لشأنِه، وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه الداعي إلى جنتهِ ورضوانِه، صلى الله عليه وآله وصحبِه ومن سارَ على نهجِه إلى يومِ الدينِ وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله جل وعلا، واعلموا أنَّ من أسبابِ دخولِ الجنِّة أيضاً:
تاسعاً: إفشاءُ السلامِ، وإطعامُ الطعامِ، وصلةُ الأرحامِ، والصلاةُ بالليلِ والناسُ نيامٌ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناسُ أفشوا السلامَ، وأطعموا الطعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا والناسُ نيامٌ تدخلوا الجنَّةَ بسلام" (متفق عليه). فإفشاءُ السلامِ وإشاعتُه بين المسلمين، يزيدُ المحبةَ والألفةَ بينهم وهذا ما يُريدُه اللهُ لعبادِه، قال -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيدهِ لا تدخلوا الجنَّةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابَّوا، أولا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبتُم، أفشوا السلامَ بينكم" (رواه مسلم).
وأما إطعامُ الطعامِ فهي خصلةٌ حميدةٌ ونفعُها عظيمٌ، تدلُّ على كرمِ صاحبِها وسخائِه، وحبِّه للخيرِ وبذلِه، قال تعالى مثنياً عليهم (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً)[الإنسان:8-9].
وأما صلةُ الأرحامِ فهي من أقوى أسبابِ المحبةِ بين القرابةِ، وتزيدُ البركةَ في العمرِ والعملِ والمالِ، لما صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "من أحبَّ أن يُبسطَ له في رزقِه، ويُنسأَ له، في أثرهِ فيصلْ رحمَه" (متفق عليه).
فواصلُ الرَّحمِ موصولٌ من اللهِ تعالى بكلِّ خيرٍ، في عاجلِ أمرهِ وآجلِه، قال -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربِّه تبارك وتعالى: "إن الله تعالى قال للرحم: أما ترضينَ أن أصلَ من وصلَك، وأقطعَ من قَطعَك، قالتْ بلى قال: فذلكَ لكِ" (رواه مسلم).
وأما قيامُ الليلِ: فهي عبادةٌ سريةٌ بين العبدِ وربِّه، يتركُ فيها فراشَه ولذةَ نومِه، ليتلذذَّ فيها بمناجاتِه وذكرِه وتلاوةِ كتابِه ودعائِه وسؤالِه من فضلِه، وقد أثنى جل وعلا على أهلِهَا بقوله:(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، ووعدهم عليها بالجنة جزاء لهم بما أخفوه من عمل، (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة:16-17].
عاشراًً: وصيام النافلة، واتباعُ الجنازةِ، وإطعامُ المسكينِ، وعيادةُ المريض: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أصبحَ منكم اليومَ صائماً؟" قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن تَبعَِ منكم جنازةً؟" قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن أطعَمَ منكم اليومَ مسكيناً؟" قال أبو بكر: أنا، قال فمنَ عادَ منكم اليومَ مريضاً؟ فقال أبو بكر: أنا. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما اجتمعنْ في امرئٍ إلا دخلَ الجنَّةَ" (رواه مسلم).
فاحرصوا باركَ اللهُ فيكم على التزودِ بالأعمال، فالعمرُ مهما طالَ فهو قصيرٌ، والدنيا مهما طالتْ فهي راحلةٌ مدبرةٌ، والجنَّةُ والنَّارُ هُما المستقرُّ في الآخرةِ، فجاهدوا أنفسَكم، وقدمِّوا أعمالاً صالحاً تُرضي ربَّكم لتنالوا جنَّةً عرضُها السماواتُ والأرضُ أُعدتْ للمتقين. جعلنا الله وإياكم ووالدينا ووالديكم وأزواجنا وذرياتِنا وجميعَ المسلمين من أهلِ الجنانِ العاليةِ.
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].