البحث

عبارات مقترحة:

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الظاهر

هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

رمضان والحفاظ على الحسنات

العربية

المؤلف حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. فضائل شهر رمضان .
  2. كثرة أبواب الخير في شهر رمضان .
  3. الحث على اغتنام الشهر في المسارعة إلى الخيرات .
  4. وجوب صيانة الحسنات من الضياع .
  5. الحذر من مذهبات الحسنات .
  6. نداء إلى الإعلاميين والكتاب في شهر رمضان. .

اقتباس

إن المُوفَّق السَّديدَ في هذه الحياةِ هو مَن يحفَظُ جوارِحَه عن المنهِيَّات، ويَصُونُ حسناتِه عن المُكدِّرات، وإن مِن الخسارةِ والبَوارِ أن يسعَى المُسلمُ ويجتَهِدُ إلى نَيلِ الحسناتِ، ثم يُسارِعُ لنَقضِ ما أبرَمَ، وهَدمِ ما عمَرَ، فذلك الإفلاسُ. فالإفلاسُ الحقيقيُّ أن يُسدِيَ أحدٌ حسناتِه لغَيرِه، وذلك يكونُ بالتهاوُنِ بحُقوقِ المخلُوقِين، وظُلمِهم بشتَّى أنواعِ الظُّلم...

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ الذي له الأسماءُ الحُسنى والصِّفاتُ العُلَى، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له في الآخرة والأُولَى، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ المُصطفَى والعبدُ المُجتَبَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِه وأصحابهِ أهلِ الطاعةِ والتقوَى.

أما بعد .. فيا أيها المُسلمون: اتَّقُوا اللهَ سِرًّا وجَهرًا؛ تغنَمُوا وتسعَدُوا دُنيًا وأُخرى.

أيها المُسلمون: إن أرفعَ المطالِبِ وأجلَّ المآرِبِ: مُسارَعةُ العبدِ إلى الخيرات، واغتِنامُ المواسِمِ باكتِسابِ الحسنات، (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) [الواقعة: 10، 11].

وفي رمضان فُرصةٌ للتزوُّد مِن الصالِحات والتقرُّب بسائِرِ الطاعاتِ؛ ففي الحديثِ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبِه، ومَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبِه» (متفق على صحَّتهما).

معاشِر المُسلمين: إن المُوفَّق السَّديدَ في هذه الحياةِ هو مَن يحفَظُ جوارِحَه عن المنهِيَّات، ويَصُونُ حسناتِه عن المُكدِّرات، وإن مِن الخسارةِ والبَوارِ أن يسعَى المُسلمُ ويجتَهِدُ إلى نَيلِ الحسناتِ، ثم يُسارِعُ لنَقضِ ما أبرَمَ، وهَدمِ ما عمَرَ، فذلك الإفلاسُ.

فالإفلاسُ الحقيقيُّ أن يُسدِيَ أحدٌ حسناتِه لغَيرِه، وذلك يكونُ بالتهاوُنِ بحُقوقِ المخلُوقِين، وظُلمِهم بشتَّى أنواعِ الظُّلم، وأذِيَّتهم بسائِرِ أصنافِ الأذَى، والاعتِداءِ عليهم بأنواعِ الاعتِداءِ مما حرَّمَه ربُّ العالمين، وحذَّر مِنه أفضلُ المُرسَلين - عليه أفضلُ الصلاة وأزكَى التسليم -.

قال -صلى الله عليه وسلم- لصحابتِه في مُحاورَةٍ معهم: «أتدرُونَ مَن المُفلِسُ؟»، قالوا: المُفلِسُ فِينا مَن لا درهَمَ له ولا متاع، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ المُفلِس مِن أمَّتِي مَن يأتِي يومَ القِيامة بصلاةٍ وصِيامٍ وزكاةٍ، ويأتِي وقد شتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وسفَكَ دمَ هذا، وضرَبَ هذا، فيُعطَى هذا مِن حسناتِه، وهذا مِن حسناتِه، فإن فَنِيَت حسناتُه قبل أن يقضِي ما عليه أُخِذَ مِن خطاياهم فطُرِحَت عليه ثم طُرِحَ في النَّار» (رواه مسلم).

قال النوويُّ - رحمه الله - شرحًا لهذا الحديث: "حقيقةُ المُفلِسُ هو الهالِكُ الهلاكُ التامُّ، والمعدُومُ الإعدامُ المُنقطِعُ، فتُؤخَذُ حسناتُه لغُرمائِه، فإذا فرَغَت حسناتُه أُخِذَ مِن سيئاتِهم فوُضِعَ عليه ثم أُلقِيَ في النار، فتمَّت خسَارتُه وهلاكُه وإفلاسُه".

فاتَّقِ اللهَ -أيها المُسلم-، احفَظ نفسَك مِن كل الآثام، وجنِّبْها أسبابَ البَوارِ وعوامِلَ الخَسار.

إخوة الإسلام: النَّجاةُ في هذه الدنيا في حفظِ الجوارِحِ عما حرَّم الله، والسَّعادةُ في لُزومِ الطاعاتِ وحِفظِها مما يُؤثِّرُ على آثارِها الحسنة.

قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَن كانت عنده لأخِيهِ مَظلَمةٌ مِن عِرضٍ أو مالٍ، فليتَحَلَّله مِنها قبل أن يأتِيَ يومٌ ليس هناك دِينارٌ ولا دِرهَم، تُؤخَذ مِن حسناتِه، فإن لم يكُن أُخِذ مِن سيِّئاتِ صاحِبه فزِيدَ على سيِّئاتِه» (رواه البخاري).

ومظلَمةٌ بكَسر اللام وفَتحِها وَجهان.

وفي روايةِ غير البخاريِّ: «ثم طُرِحَ في النَّار».

قال ابنُ هُبَيرة: "القِصاصُ يأتِي على جميعِ الحسنات حتى لا يُبقِي مِنها شيئًا".

لقد حذَّرَنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِن مهاوِي الرَّدَى التي يُريدُها لنا الشيطانُ، فكُن - يا عبد الله - على وِقايةٍ تامَّةٍ مِن حقوقِ الخلقِ في هذه الدنيا الفانِية.

قال -صلى الله عليه وسلم-: «لتُؤدُّنَ الحُقوقَ إلى أهلِها يومَ القيامة، حتى يُقادَ للشَّاةِ الجَلحَاءِ مِن الشَّاةِ القَرناء» (رواه مسلم).

والمعنى: أن الله يقتَصُّ للمظلُومِ مِن الظَّالِم بما أوضحَتْه الأحاديثُ السَّابِقةُ.

أيها المُسلِمون: إن الصائِمَ وهو في موسِمٍ تكثُرُ فيه طاعاتُ المُؤمنين، يجِبُ عليه أن يتذكَّرَ أن حقيقةَ الصِّيام هي التربِيةُ على التقوَى سِرًّا وجَهرًا، ظاهِرًا وباطِنًا، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

وفي التوجيهاتِ النبويَّةِ الخالِدة أعظَمُ زاجِرٍ وأوعَظُ واعِظٍ عن الوُقوعِ فيما تكونُ عاقِبَتُه على المُسلم وبَالًا وخَسارًا.

يقولُ -صلى الله عليه وسلم-: «فإذا كان صَومُ يوم أحدِكم فلا يرفُث ولا يجهَل، فإن سابَّهُ أحدٌ أو شاتَمَه فليقُل: إني صائِمٌ» (رواه البخاري).

فاحفَظ حسناتِك - أيها المُسلم -، وكُن على صِيانةٍ لسِياجِ قُرباتِك، حرِيصًا أشدَّ الحِرصِ وآكَده؛ فتلك حسناتٌ تُعطَى لغيرِك، وذلك مِن الغَبنِ والخَسار.

قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَن لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ به والجهلَ، فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه وشرابَه» (رواه البخاري).

فاتَّقُوا الله - أيها المُسلمون -، والتَزِمُوا بتلك التوجيهاتِ السامِية؛ تَسعَدُوا وتُفلِحُوا وتَغنَمُوا.

بارَكَ الله لي ولكم في القرآن، ونفعَنا بما في السنَّة مِن البيَان، أقولُ هذا القولَ، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولسائِرِ المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِرُوه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شَريكَ له، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبِك ورسولِك مُحمدٍ.

أيها المسلمون: مِن منبَرِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، نُوجِّهُ النداءَ إلى وسائلِ الإعلام وإلى الكُتَّاب والمُتحدِّثِين في الإعلام أن يتَّقُوا اللهَ - جلَّ وعلا - في المُسلمين، أن يتَّقُوا اللهَ - جلَّ وعلا - في دينِ الإسلام، أن يتَّقُوا اللهَ في أجيَالِ المُسلمين.

إن عليهم أن يحذَرُوا في هذه الدنيا الفانِية أن ينشُرُوا ما يُخالِفُوا الدينَ وفضائِلَه، أو فيما يطعَنُ في ثوابتِه، أو يُؤدِّي إلى الوُقوعِ في حَمئَةِ الرَّذائِلِ والقبائِحِ؛ فإن ذلك مِن أشدِّ المُنكرَات وأقبَح الأفعال.

مِن قواعدِ الشرعِ الثابِتةِ: أنَّ مَن تسبَّبَ في إيقاعِ الخَلقِ في معصِيةٍ فعلَيه مِثلُ وِزرِها إلى يوم القيامة، قال - جلَّ وعلا -: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ) [العنكبوت: 13].

ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حذَّرَنا مِن ذلك الطريق، فقال: «مَن سنَّ في الإسلام سُنَّةً سيِّئةً فعلَيه وِزرِها ووِزرُ مَن عمِلَ بها مِن غير أن ينقُصَ مِن أوزارِهم شيئًا».

ورحِمَ الله الشاطبِيَّ إذ يقولُ قولَه المَتِين: "طُوبَى لمَن ماتَ وماتَت معه ذُنوبُه، والوَيلُ لمَن يمُوتُ وتبقَى ذُنوبُه مائةَ سنةٍ، أو مائتَي سنةٍ، يُعذَّبُ بها في قَبرِه، ويُسألُ عنها إلى انقِراضِها" أي: أعماله السيِّئة.

فما الفائِدةُ المرجُوَّة إلا مصالِحَ مزعُومة في أن يتوجَّهَ الإعلام مِن بعضِ المُسلمين فيما يُخالِفُ كلامَ اللهِ - جلَّ وعلا -، وسُنَّة رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، ويُوقِعُ النَّاسَ في القبائِحِ والمُنكَرَات - والعياذُ بالله -.

ثم إن الله - جلَّ وعلا - أمرَنا بأمرٍ عظيمٍ، ألا هو: الصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الكريمِ.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على حبيبِنا ونبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن الخُلفاء الراشِدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ الصحابَة والآلِ أجمعين، وعن التابِعِين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أيها المُسلمون: لندعُو إلى الله تعالى في هذه الساعة مُضطَرِّين مُتضرِّعين إلى ربِّنا بقُلُوبِنا، وبألسِنةٍ تُواطِئُها قُلوبُنا بتذلُّلٍ وتضرّعٍ إلى اللهِ - جلَّ وعلا -.

اللهم إنا نسألُك يا الله يا أحد يا صمد يا فرد، اللهم إنا نسألُك يا حيُّ يا قيُّوم أن تُنفِّسَ على المُسلمين كربَهم، اللهم نفِّس عن المُسلمين كُروبَهم، اللهم نفِّس عن المُسلمين كُروبَهم.

اللهم مُنَّ على أهل سُوريا برفعِ ما هم فيه يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم أنزِل عليهم الأمنَ، اللهم اجمَع كلمتَهم، اللهم رُدَّهم إلى دِيارِهم آمِنِين سالِمِين غانِمِين، اللهم وعُمَّ بذلك المُسلمين في اليمَن، وفي ليبيا، وفي أراكان، وفي فلسطين، وفي سائرِ الأصقاعِ يا إلهَ الأولين والآخرين.

اللهم فرِّج هُمومَ المُسلمين، اللهم أنزِل عليهم رحمةً تُغنِيهم بها عن رحمةِ مَن سِواك.

اللهم يا حيُّ يا قيُّوم نسألُك أن تُؤمِّنَ المُسلمين مِن كل خَوفٍ، اللهم أمِّن المُسلمين مِن كل خَوفٍ، اللهم مَن أرادَنا وأرادَ المُسلمين بسُوءٍ فأشغِله في نفسِه، اللهم اجعَل عليه دائِرةَ السَّوء، اللهم أنزِل عليه سخَطَك ورِجزَك يا إلهَ الأولين والآخرين، يا قويُّ يا متينُ، يا عزيزُ يا قويُّ، اللهم أنزِل على مَن تسلَّط على المُسلمين جُندك التي لا تُردُّ عن القَومِ الظالِمِين، اللهم اهتِك سِترَهم، اللهم اهتِك سِترَهم، اللهم اهتِك سِترَهم، اللهم زلزِلِ الأرض مِن تحت أقدامِهم، اللهم أنزِل بهم المثُلات يا رب الأرض والسماوات.

اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم.

اللهم وفِّق خادِمَ الحرمَين لما تحبُّ وترضَى، اللهم وفِّقه لما تحبُّ وترضَاه يا رب العالمين، اللهم اجمَع به كلمةَ المُسلمين على البِرِّ والتقوَى، اللهم اجمَع به كلمةَ المُسلمين على البِرِّ والتقوَى، اللهم وفِّق نائِبَيْه لما تُحبُّه وترضَاه، اللهم وفِّق سائِرَ وُلاةِ المُسلمين لما فِيه رحمةُ وخِدمةُ رعاياهم يا حيُّ يا قيُّوم.

اللهم اغفِر للمُؤمنين والمُؤمنين، والمُسلِمين والمُسلِمات، الأحياء منهم والأموات.

اللهم آمِنَّا في بُلدانِنا، اللهم آمِنَّا في بُلدانِنا، اللهم احفَظ جُنودَنا في كل مكان، اللهم احفَظ جُنودَنا في كل مكان يا حيُّ يا قيُّوم.

اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا غنيٌّ يا حميدٌ، يا غنيٌّ يا حميدٌ أنزِل علينا الغيثَ، أنزِل علينا الغيثَ، أنزِل علينا الغيثَ، اللهم أغِث قُلوبَنا بالإيمان، وأغِث بلادَنا بالماءِ يا حيُّ يا قيُّوم، يا ذا الجلالِ والإكرامِ.

عباد الله: اذكُروا الله ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحُوه بُكرةً وأصيلًا.