البحث

عبارات مقترحة:

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

تنصف الشهر والهفاه وانهدما

العربية

المؤلف خالد القرعاوي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. انتصاف شهر رمضان وسرعة رحيل أيامه .
  2. أحوال المسلمين بعد انتصاف الشهر .
  3. الحث على اغتنام كل لحظةٍ في شهر رمضان بطاعة الله تعالى .
  4. التحذير من الفرقة والاختلاف. .

اقتباس

لقد مضى من رمضانَ شَطرُه، واكتملَ بَدرُهُ، وليس بعد الكمالِ إلاَّ النُّقصانُ! فاغتنموا فُرَصَاً تَمرُّ مرَّ السَّحابِ، واجتهدوا في الطَّاعاتِ قبل أنْ يُغلقَ البابُ، واشكروا الله أنْ أخَّركم للعملِ. فالمتَابَ المَتابَ، ساعاتُهُ سُرعانَ ما تَذهبُ وأوقَاتُه سُرعانَ ما تُنهبُ، فَأَحسِنوا فيما بَقِيَ، يُغفر لكم ما مَضَى وما بَقِيَ.

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ جَعَلَ رَمَضَانَ سيِّدَ الأَيَّامِ وَالشُّهورِ، ضاعفَ فيه الحسناتِ والأجورِ، نشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا الله وحدَه لا شريكَ له يَعْلَمَ خَائِنةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصُّدورِ، وَنَشهدُ أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله وَرَسُولُه بَعثهُ اللهُ بِالهُدى والتُّقى والنُّور، صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ومن اقتفى أَثَرَهُم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم البَعثِ والنُّشُور.

أمَّا بعد: فاتقوا اللهَ يَا صَائِمونَ سِرًّا وجهرًا، واجعَلوا التقوى عُدَّةً لكم وذخرًا، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].

سُبحانَ اللهِ يا صائِمُونَ: لقد مضى من رمضانَ شَطرُه، واكتملَ بَدرُهُ، وليس بعد الكمالِ إلاَّ النُّقصانُ! فاغتنموا فُرَصَاً تَمرُّ مرَّ السَّحابِ، واجتهدوا في الطَّاعاتِ قبل أنْ يُغلقَ البابُ، واشكروا الله أنْ أخَّركم للعملِ. فالمتَابَ المَتابَ، ساعاتُهُ سُرعانَ ما تَذهبُ وأوقَاتُه سُرعانَ ما تُنهبُ، فَأَحسِنوا فيما بَقِيَ، يُغفر لكم ما مَضَى وما بَقِيَ.

لقد تَنَصَّفَ الشَّهرُ وانهَدَمَ

وَفازَ مَنْ بِحبْلِ اللهَ اعتَصَمَ

 وَشَقِي الغَافِلُ العَاصِي فلَن

يَنفعَهُ يَومَ القيامَةِ النَّدمُ

يَقُولُ الرَّبُّ في الحديث القدسيِّ: "يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ" (أخرجه مسلم).

أيُّها الصَّائِمونَ: نِعمُ اللهِ تَتَوالى علينا بِتَوالِي ليالِيهِ الأفَاضِلِ، فما أدْرَكْنَا من يومٍ فهو منِّةٌ من اللهِ تعالى، فأين من كانوا معنا رَمضانَ المَاضي؟ بل أين من صاموا معنا أَوَّلَ الشَّهرِ، وقامُوا أَوَّلَهُ يَبتَغونَ الثَّوابَ والأَجرَ؟! لقد أتاهم هادِمُ الَّلذَّاتِ، ونحن على أَثَرهِمْ سائِرونَ، وَصدقَ اللهُ: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 34- 35].

قُولُوا لِي بِاللهِ رَبِّكمْ: مَن الذي طلَبَهُ المَوتُ فَأَعجَزَهُ؟! وَمَن الذي تَحَصَّنَ في حِصنِهِ وَمَا أَدْرَكَهُ؟ فوالله، لا دَافِعَ عنكم من المَوتِ يَقيكُم، فَتُوبُوا إلى اللهِ قبلَ أن تَندَمُوا إذا غَصَّت تَراقِيكُم: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) [الجمعة: 8].

 أيُّها الصَّائِمونَ: تَذَكُّرُ فَضَائِلِ رَمضانَ، يُجدِّدُ النَّشاطَ ويبعثُ العزِيمَةَ على الاستمرارِ في العبادةِ والعملِ، لأنَّنا مع الأسفِ الشَّدِيدِ نَلحظُ أنفُسَنَا أنَّا أوَّلَ الشَّهرِ نُشطَاءَ، ثُمَّ نَفتُرُ شيئاً فَشَيئاً! والواجبُ أنْ تكونَ الحَيَاةُ كُلُّها عبادَةٌ للهِ رَبِّ العالَمين: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 153].

فكيفَ يا صائِمونَ: نُعيدُ الَّلذَّةَ والنَّشاطَ والحَيَويَّةَ في نفوسِنا ونُفُوسِ إخوانِنا الصائمينَ؟ من ذلِكَ تَجدِيدُ النِّيَّةِ واستِحضَارُها، بأنَّنا نَصومُ وَنَقُومُ لِلهِ رَبِّ العالَمينَ، و"إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى". علينا كذلِكَ أنْ نتَذَكَّر فَضيلَةَ الصِّيامِ وأجرَهُ دوماً وأبدا! فَلْنَتَذَكَّرْ قولَ نبِيِّنا –صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه ومَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

فَشرطُ المغفِرَةِ في ذلكَ كلِّهِ بعدَ الإيمانِ باللهِ، الاحتِسَابُ في كُلِّ الشَّهرِ، لا في أوَّلِهَ فقط! وَلنَتَذَكَّرَ أنَّنا في عِبَادَةٍ نَتَقَرَّبُ بِها إلى اللهِ تعالى بتْركِ مَحبُوبَاتِ ومُشْتَهَياتِ أنْفُسِنا، فيظْهرُ بذلك صدقُ إيْمانِنا وَكَمَالُ عُبُودِيَّتِنا لِلهِ وَقُوَةُ مَحَبَّتَنا لَهُ وَرَجَاءِ مَا عِنْدَهُ.

فإنَّ الإِنسانَ لا يتركُ مَحبُوباً لَهُ إلاَّ لمَا هو أعْظَمُ عِندَهُ مِنْهُ. تَأمَّلوا معي وتَدَبَّروا عبادَ اللهِ: قولَ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم-:"كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ". أيُّ جَزَاءٍ وَفَضْلٍ مِنْ عندِ الرَّبِّ الكَرِيمِ الوهَّابِ! فلا تَغِبْ تلكَ الأحاديثُ عن أذهانِنَا.

يا صائِمونَ: ومِمَّا يُجدِّدُ النَّشاطَ والحَيَويَّةَ في مُنتصَفِ شهرِنا أنَّ: "لِلَّهِ عُتَقَاءُ من النَّار، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ". اللهُ أكبرُ: يا لها من عِبَارَةٍ عظيمَةٍ جداً ! تجعلُ صَومَنا للهِ في جميع الشَّهرِ. عبادَةٌ تَمنعُ من تَحَوُّلِ صِيامِنا إلى عَادَةٍ، تَمنعُنا من التَّكاسُلِ والفُتُورِ، فلعلكَ تكونُ عتيقَ اللهِ، فلما التَّكَاسَلُ والتَّوانِي؟!

أيُّها الصَّائِمونَ: ومِمَّا يُجدِّدُ النَّشاطَ في مُنتصَفِ رَمضانَ عدمُ الاقتصارِ على نوعِ عبادةٍ، فلا بد من التَّنويعِ في عبادَاتٍ شتَّى، حتى تَطرُدَ السَّآمَةَ وَالمَلَلَ، فمن قُرآنٍ إلى دُعاءٍ، إلى إطعامٍ وإنفاقٍ، إلى سعيٍ على الفقراءِ والمساكينِ، وتَلَمُّسٍ لِحَاجَاتِ الأُسرِ والمُحتَاجِينَ، وتوزيعٍ لكتبِ وأشرَطةِ العلمِ والدِّينِ، وغيرها من أنواعِ البرِّ والإحسانِ، والأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عن المُنْكَرِ, فَيتَجَدَّدُ النَّشاطُ عندكَ وتعودُ لك الحَيَويَّةُ، (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد: 21].

فاللهمَّ اجعلنا من المقبولينَ في هذا الشهر الكريم، واجعلنا ممن يصومُ رمضانَ ويقومه إيماناً واحتساباً، اللهمَّ أعنَّا فيه على ذكرك وشكرك وحسنِ عبادتكَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنبٍّ فاستغفروهُ وتوبوا إليهِ إنَّهُ هو الغفور الرَّحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، نَشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، ونَشهد أنَّ نبينا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى جَنَّتِهِ وَرضوانه، صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانِهِ, ومَن تبِعهم بِإحسانٍ وإيمانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.

أمَّا بعد: فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه، وراقبوا أمره ونهيه ولا تعصوه، واحذروا الشيطانَ واقهروه، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر: 6].

أيها المؤمنون، مرَّ نصفُ رمضان، كساعةٍ من نهارٍ، مضى بما أودعناه، فاللهَ نسألُ أن نكونَ فيهِ من الفائزينَ المقبولينَ، رَحَلَ نِصفَهُ، وبينَ صُفُوفِنا بِحمدِ اللهِ صائمُونَ قائمُونَ عابدُونَ، ذَاكرُونَ راكعُون سَاجدُون، مُستَغفِرونُ مُتَبتِّلُون، مُنفِقُون مُتصدِّقُون، طيِّبُو الذَّكرِ والسِّيرَةِ، نقيُّو القلبِ والسَّرِيرَةِ، فهنيئًا لهم نصفٌ قضوهُ، وزادنا اللهُ وإيَّاهم هدىً وتوفيقاً (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)[الأنعام:90].

رَحلَ نصفُ رمضانَ: وبين صفوفنا صائمونَ عن الطعامِ والشَّرابِ، مُفطِرونَ على أعراضِ الناسِ والحُرُمَاتِ، مُطلِقُون أعينَهم للشَّاشَاتِ والشَّبكاتِ! قَدْ فَاتَتْهُم الصلواتُ والجماعاتُ! رَحَلَ النِّصفُ الأوَّلُ ولا يزالُ بين صُفوفِنا مَنْ هُوَ بَخيلٌ شَحيحٌ, صَادٌّ وَمُنَفِّرٌ عَنْ كُلِّ عَمَلٍ خَيرِيٍّ أو دَعَويٍّ أو إغاثِيٍّ!

فَلِهؤلاءِ نقولُ: أَحسَنَ اللهُ عَزائَكُم في مُنتَصفِ شهرِكُم، وَجَبَرَ اللهُ مُصابَكم، ولا تَتَمَادَوا فِي التَّسويف والتَّواني، فرحمةُ اللهِ واسِعَةٌ، وبابهُ مَفتوحٌ، ومُقبلونَ على عشرٍ فاضِلَةٍ، فاستدركوا ما فاتَ، واعقدِوا العزمَ من السَّاعةِ على الصَّلاحِ والإصلاحِ! فمن رُحمَ في رمضانَ فهو المَرحُومُ، ومن حُرِم خيرَهُ فهو المَحرُومُ، ومن لَمْ يَتزوَّدْ فيه فهوَ الظَّلومُ المَلومُ. وقد قالَ نبيُّنا –صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".

يا عبدَ اللهِ: جَدَّ القومُ وأنتَ قاعِدٌ، وَقَرَبُوا منْ رَبّهم وأنت مُتَبَاعِدٌ، فيا لها من خَسَارةٍ، أنْ تَرى أهلَ الإيمانِ قد حَظُوا بالقُربِ والرِّضوانِ، وقد رُميتَ بالطَّردِ والحرمَانِ، فَيا صَائِمُ: هذا أوانُ التوبةِ والاستغفارِ، والأوبةِ والانكسارِ، هذا زمانُ إقالةِ العِثَارِ، وغُفْرَانِ الأوزارِ لمن طَرَقَ بابَ الكريمِ الرحمنِ: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً) [التحريم: 8]، فاقصُدُوا بابَ التوبةِ تجدوهُ مَفتُوحاً، وابذلُوا ثَمَنَ الجَنَّةِ بَدنَاً ورُوحاً.

تَنَصَّفَ الشَّهْرُ وَالهْفَاهُ وَانْهَدَمَا

وَاخْتَصَّ بِالفَوزِ بِالجَنَّاتِ مَنْ خَدَمَا

مَنْ فَاتَهُ الزَّرْعُ فِي وَقْتِ البَذَارِ فَمَا

تَرَاهُ يَحْصِدُ إلَّا الهَمَّ وَالنَّدَمَا

طُوبَى لِمَنْ كَانَتِ التَّقْوى بِضَاعَتُهُ

فِي شَهْرِهِ وَبِحَبْلِ اللهِ مُعْتَصِمَا

عِبَادَ اللهِ: استَعِيذُوا باللهِ مِنْ شَرِّ الخِلافَاتِ والفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ, وَكُونوا عبادَ اللهِ إخْوَاناً, واعتَصِمُوا بِحِبْلِ اللهِ جَمِيعَاً ولا تَفَرَّقوا, وَتَذَكَّروا قَولَ اللهِ تَعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: 71]. وَقَولَهُ تَعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال: 73].

قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أَخْبَرَ اللهُ أَنَّ الكُفَّارَ حَيثُ جَمَعَهُمُ الكُفْرُ فَبَعْضُهُم أَولِياءٌ لِبَعْضٍ, فَلا يُوَالِيهِمْ إلَّا كَافِرٌ مِثْلُهُمْ. وَقَولُهُ: (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) أي: مُوالاةُ المُؤمِنِينَ وَمُعَادَاةُ الكَافِرِينَ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِذلِكَ مِنْ الشَّرِ مَا لا يَنْحَصِرَ مِن اخْتِلاطِ الحَقِّ بِالبَاطِلِ!

فاللهمَّ يَا رَبَّنَا آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاها وَزَكِّهَا أنتَ خَيرُ مَنْ زَكَّاهَا، أنت وليها ومولاها. اللهم إنا نسألك البر والتقوى ومن العمل ما ترضى. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، واجعل مستقبلنا خيراً من ماضينا. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين, اللهمَّ اكشِفِ الغُمَّةَ عَنْ هَذِهِ الأمَّةِ, اللهم اجمع شملنا بِأهلِنا وإخْوانِنا في كُلِّ مَكَانٍ.

اللهم وحِّدْ صُفُوفَنا واجمع كلِمتَنا في خَليجِنَا وفي كُلِّ مَكَانٍ على الهُدى والدِّينِ, اكفِنا شَرَّ الأشرارِ, وَكيدَ الفُجَّارِ.

اللهم وفَّق ولاةَ أمورنا لما تُحبُ وترضى، وأصلح لهم البطانة، ووفقهم لأداء الأمانة. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: اذكروا الله العظيم الجليل الكريم يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.