الإله
(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...
العربية
المؤلف | مشعل بن عبد العزيز الفلاحي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - صلاة العيدين |
كبروا في بيوتكم وطرقاتكم ومصلياتكم، واصنعوا من لحظاتكم تاريخاً من الفرح والفأل والأمل، فنحن أمة لا يقهرها اليأس، ولا تضرها حكايات التشاؤم، ولا تسمح لطارق من قول يشكك في بلوغها آمالها التي ترقبها رأي عين. من حقنا أن نفرح وقد انتصرنا في معركة الشهوات مراراً آخرها حين تخلينا عن ألذ ما في الحياة الطعام والشراب لله –تعالى-، وبقينا زمناً نتردد على بيوته -تعالى- مؤمنين لحد اليقين أن كل خطوة..
الخطبة الأولى:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما أروع هذه الشريعة وما أبدعها! وهي تتعامل مع مشاعر هذا الانسان ووجدانه حتى إنها لتخلق له مساحات الفرح، وتأمره أن يفيض هذه المشاعر في هذه المساحات "إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا أهل الإسلام".
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الفرح عبادة، والحزن ليس من شريعة الله -تعالى- في شيء. وفرق بين فرح وفرح، والشريعة تربِّي الانسان وترقِّيه حتى في فرحه (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185]، كبروا في بيوتكم وطرقاتكم ومصلياتكم، واصنعوا من لحظاتكم تاريخاً من الفرح والفأل والأمل، فنحن أمة لا يقهرها اليأس، ولا تضرها حكايات التشاؤم، ولا تسمح لطارق من قول يشكك في بلوغها آمالها التي ترقبها رأي عين.
من حقنا أن نفرح وقد انتصرنا في معركة الشهوات مراراً آخرها حين تخلينا عن ألذ ما في الحياة الطعام والشراب لله –تعالى-، وبقينا زمناً نتردد على بيوته -تعالى- مؤمنين لحد اليقين أن كل خطوة في اتجاه هذا الطريق لا يعدلها شيء في مجد إنسان وتاريخه ونهضته.
افرحوا أيها المعايدون، فما تحقق لكم من الصيام والقيام لا تزنه موازين الأرض هو فوق توقعاتكم، لقد رآكم الله -تعالى- وأنتم في حالك الشدة ترجون ما عنده أتراه يترككم وأنتم أحوج ما تكونون إليه!
يا أيها الشباب! يا عدة الأوطان والأمم! يا فجراً قد حان لإزاحة الظلام؛ لم تنتصر الأمم في تاريخها كله إلا بكم! ولم تنهزم في تاريخها كله -مع كل أسف- إلا من خلالكم! أنتم سر نهضتها وجمالها ونصرها الكبير، فإذا ما تخليتم عنها باتت أمتكم لا قيمة لها في واقع الحياة.
الدين والعلم يا شباب هما سلاح كل أمة في التاريخ، وهما سر نهضتها في واقع الحياة.
لقد كان سلفكم من الشباب يتقاذف على رحى المعارك حتى إن أحداهم حين بلغه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرد الصغار عن المعركة، ولا يجيز له المشاركة يقف على رؤوس أصابعه يتطاول لعله يلقى عدوه في ساحات الوغى! وحين أجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- رفيقه الذي يزيد عنه بعام في العمر عاد للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول هذا الذي أجزته يدخل المعركة ورددتني أنا أصرعه وأغلبه!! هذا هو تاريخنا يا شباب!
الجهاد يا أبناء الأمة عز وشرف وتاج فضيلة في حياة صاحبه! أعني جهاد الشهوات والشبهات، وهي تجربتكم الأولى في ساحات الحياة، ومن انهزم فيها لم تقم له قائمة في تاريخ الحياة، ومن تفوق عليها دخل التاريخ من أوسع الأبواب!
لقد قرأ عدونا التاريخ فوجد في بدر أن ثلاث مئة وبضعة عشر هزمت ألفاً ونيفاً وهي لا تملك سوى الإيمان واليقين! وقرأ في مؤته أن ثلاثين ألفاً انتصرت أمام ما يزيد على مئتي الف! ففطن لإدارة المعركة معنا فخطط لها بوعي وخُبْث حتى جعل ذكر الجهاد على لسان بعضنا جريمة وتهمة وغائلة سوء! يا الله يالشناعة جهلنا!!
والإغارة على المصطلحات الشرعية هي حرب في ذاتها لها فنّها الخاص وأدواتها المعنية بها. تُرى لو لم يكن الجهاد شرفنا وعزنا ماذا نصنع مع الرافضة في اليمن؟! ماذا نصنع بعدو يرى قتلنا قربةً؟ لولا راية الجهاد لاستباحنا العدو في ضحوة نهار!! قال يا رسول الله: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية أيُّ ذلك في سبيل الله؟ فقال -صلى الله عليه وسلم- : "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".
نحن أمة جهاد، وسنظل كذلك إلى قيام الساعة، وما نصنع بحادي القرآن (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [التوبة: 41]، وما صنعه هؤلاء الرعاع السفهاء الخوارج في أرض الإسلام من قتل للمسلمين وترويع الآمنين واستهداف المساجد والمقدسات والحرمين إلا تاريخاً مخزياً لكل فرد شارك فيه برأي أو كلمة أو مال أو فكرة، وقد قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].
ونحن أمة لا ينطلي عليها فعل السفهاء، وعبث الجهلاء، ومواجهة هؤلاء ليست بصناعة هاشتاقات فارغة لا قيمة فيها نسلِّي أنفسنا بها، أو نظهر بها لُحْمَةً عارية من العمل والعطاء.
مواجهة هذا السَّفَه يتم من خلال البذل والعطاء، وما لم يتحوّل كل فرد في الأمة إلى مشروع يخدم فيه مجتمعه ووطنه وأمته ستظل كلماتنا باردة ضعيفة لا صلة لها بواقع الإصلاح، ويتم كذلك من خلال الاستقامة على منهج الله -تعالى- وتعظيم حرماته وشعائره لا كما يصنع بعض المحتسبين يتألم على أزمة وطنه، وقد يبكي لجراح وطنه في الصباح، ويزيد في تلك الأزمة وذلك الواقع المحموم من خلال بيعة ربا في المساء، أو ظلم عامل، أو حفلة منكرات يشيع فيها جثمان الوطن والوطنية ويكون شريكاً في المؤامرة على أمنه ووحدته من خلال تلك المنكرات (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء: 16].
وما مثل هؤلاء إلا كالذي يصلي مع الجماعة فيرن جواله بصوت خادش للحياء فلا يمد يديه إليه ورعاً من أن تفسد صلاته بهذه الحركة!! ويتم كذلك من خلال الثقة بالعلماء والصدور عن آرائهم وبياناتهم وقد قال الله -تعالى-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء: 83]، وثمة دعوات في الساحة تهوّن من مقام كبار العلماء وهم درع الأمة الواقي من الفتن بعد توفيق الله تعالى.
إن مشكلة هؤلاء الرعاع الضالين أنهم فقدوا الصلة بينهم وبين العلم وأهله ففقدوا الحياة وليس من شيء أضر على صاحبه من الجهل والكبر!
إن الأمة اليوم تعاني من المضلين باسم العلم، كما تعاني من هؤلاء الجهلة، ولك أن تقول: إن هؤلاء المضلين هم وقود هؤلاء المتعجلين على الفتن!
وجزء من المثقفين يعكفون على سماع هؤلاء الضالين الدعاة على أبواب جهنم فيتخرجون من هذه المدرسة عاقين بامتياز! من صور هذا العقوق من يأتيك يناقشك في مسألة مجمع عليها أو أدلتها كالشمس حتى بات الدين الذي به سعادة الأمة هو موطن إشكالها وخلافها، ومضى جزء كبير من أعمارنا ونحن نقاش في مسائل على حساب واجبات وفروض أهملناها وعشنا على هوامش الفارغين.
لقد عبث الإعلام بعقول الأمة لدرجة أن فرّغها من قيمها ومبادئها، ولم تعد تستغرب وجود أفواج من صغار الأمة وكبارها مؤجرة عقولها لكاتب وقناة ومحلل فيتوسط المجلس ليحدثك عن أشياء لو سئل عن برهانها ودليلها لم وجد جواباً فكيف بسؤال الله -تعالى- يوم القيامة وفي حديث نبيك -صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكل ما سمع"، وفي كتاب ربك (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر: 92- 93].
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إذا كثر حديث الأمة في واقعها على حساب عملها فاعلم أنها غارقة في الهوامش ضائعة في التوافه، لقد ذهبت أعمار جيل ينتظر منه الإصلاح وإشاعة الضوء في حنادس الظلام.
لقد انتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً على صوت خلاف بين ذلك الجيل على مسألة ما، فأمر بإسراج الخيل والمضي ليلاً ومواصلة السير ولم يتوقف حتى رأى أن التعب أنهكهم وبلغ منهم مبلغاً عظيماً، ثم توقف ليلقوا بجنوبهم على الأرض تاركين الخصام جانباً مشغولين بذواتهم عن كل طارق. وما حاجة كثيرين اليوم لشيء حاجتهم لهذا المعنى! إن النعمة تولّد الفضول، والفراغ مورد للهلكة في حياة الأغلبية من العالمين.
إذا أردت اليوم أن تكون مثقفاً ووطنياً بامتياز فأثنِ على ولي الأمر على المنبر وشارك في هاشتاق بهذا الخصوص، ثم إذا نزلت من منبرك، ووضعت قلمك فلا حرج أن تكون خائناً في وظيفتك، ومتخلفاً عن رسالتك، وغائباً عن عملك يكفي منك ذلك النفاق، وعلى هذا فعبد الله بن أبي بن أبي سلول رأس النفاق في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطني بامتياز! لقد كان يمدح الإسلام ويثني على رسول الله وهو النفاق كله رأسه وقاعدته! فيا سبحان الله! كأن الوطنية لباس تلبسه متى شئت وتخلعه متى ما تريد! وياللعجب أن يوجد في الأمة من يحكم على وطنيتك حتى لكأن ولي الأمر كلفه وأعطاه راتباً على هذه الوظيفة. ولكن لا عجب فالأبواق لا تصلح إلا للتزمير!!
لولي الأمر بيعة شرعية في عنق كل مسلم ليس من حق أحد أن يخلعها وفي الحديث "تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع"، ومن العبث تسوّر هذه المحاريب بالنيات الفاسدة!!
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المعايدون: سأسأل في صبيحة العيد ماذا قدمنا لمجتمعاتنا! لوطننا الكبير، لأمتنا! ما مشاريعنا التي ندفع بها في واقع الحياة؟ كم من أوقاتنا وأفكارنا وأموالنا لديننا؟ لساحات الفضيلة في واقعنا؟ لمجتمعاتنا؟
تقول الحقائق: النكرات لا حق لهم في المشاركة! ومن لا يعرف كُرب العمل وعقبات الطريق ليس من حقه أن يستقطع جزءاً من وقت أمته للحديث عن ظروفها ومشكلاتها وعقبات طريقها الطويل.
لا أعرف حرماناً أشقّ ألماً من حرمان مجتمع ووطن وأمة ولدت عاقاً يحمل سلاحاً ليقتلها به، أو مثقفاً ترعرع على خيراتها ثم قعد في عمق الهامش بلا مشروع!! يا لهفي على رجال أمضى منهم امرأة تعرف مشروعها وتكد في سبيله وتقدم لدينها وهي امرأة بهموم بيتها وأسرتها وهو قد ملَّه سرير القعود وسئمه ولو كان يملك حيلة لفر من تحته للحياة!!
أيها المعايدون: الرهان اليوم وغداً وحتى الموت على العمل والبناء والتضحية وما عدا ذلك فهامش لا تصلح فيه سوى النفايات.
التاريخ شاهد بأن الرجل الجواد في مجتمعه يصلح لكشف الكرب، والشجاع يصلح لكشف النائبات، والتقي النقي يدفع عن الأمة صروفاً من البلاء كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ابغوني الضعفاء؛ فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم"، وما عدا هؤلاء غثاء كغثاء السيل!!
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المعايدون: الاستقامة استعلاء على الشهوات والشبهات والماديات! وهي المعركة التي يخوض رحابها كل إنسان اليوم في واقع الحياة. قوموا من وحل الطين إلى فضاء الكون!
إذ المرء يوماً أراد الحياة | فلا بد للحق أن ينتصر |
ولا بد للقيد أن ينكسر | ولا بد لليل أن ينجلي |
إذا ما طمحت إلى غاية | ركبت المنى ولم أخش الخطر |
ومن يتهيب صعود الجبال | يعش أبداً بين الحفر |
أيها الشباب جوالاتكم التي في أيديكم، وسيارتكم التي تركبونها، وثيابكم التي تلبسونها، حتى أحديتكم التي تنتعلونها كلها من صناعة غير أوطانكم، وربما أنتم بأنفسكم ترفضون أن تشتروا بضاعة وطنكم وأمتكم، وتختارون صناعة عدوكم لأنها أتقن وأحذق!
الأوطان والأمم هي صورة معكوسة لهموم شبابها وقادتها وحمال أفكارها.. إنني أتحدث إليكم وبينكم طالب الشريعة، واللغة والطب والهندسة يجب أن تدركوا أنكم لَبِنَات في جدار هذا الوطن وقواعد متينة في صلب الأمة، فهيا قولوا للتاريخ نحن قادمون، نحن صناع الحياة، نحن جيل النهضة، وسترون ما نصنع في قادم الأيام.
هيا أرووا ظمأ أمتكم منكم في صفوف الجماعة الأولى، وفي مشاهد تكبيرة الإحرام! فهذه هي البدايات الحقة في تعريف النجاح الكبير، وما عداها هامش لا قيمة له.
هيا أيها الشباب أرووا وطنكم ومجتمعاتكم وأمتكم منكم مشاهد مثيرة في احترام المواعيد، وصناعة الأفكار، حدِّثوها كم تلتهمون في يومكم من كتاب! وكم تدونون من معرفة! قابلت شاباً في جامع الراجحي معتكفاً في رحاب ذلك الجامع أراد أن يستشيرني في مشكلة فعرّف بنفسه قائلاً: أنا شاب قدمت من الابتعاث في روسيا في قسم الهندسة بعد أن أخذت الأول على أكثر من ثلاثين ألف طالب وطالبة وأحفظ القرآن وكتب السنة الأربعة! إن لم يكن التاريخ صناعة أفراد فلا حاجة لنا بالعلم بعد ذلك!!
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المعايدون: ما نصنع بهذه الدنيا وهي لا تعدو سطراً أبتر في صفحة الآخرة (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا) [الحديد: 20]، يا الله ما هذا الوصف البديع لحلقات الدنيا كلها! يختصره القرآن للفلاح الذي وقف أياماً متكررة أمام مزرعته وهي تملأ عينه خضرة فإذا بها مع الأيام حالك السواد!!هكذا يصوّر القرآن الدنيا.
فلِمَ هذا القتال على مساحة من تراب! لِمَ هذا التشاحن والتباغض والتدابر من أجل عاجل دنيء! هذه هي المقبرة تحدثكم اليوم أن فيها من عاش معكم وحضر مشاهد العيد ثم رحل من الدنيا ولم يأخذ منها شيئاً، ولو عاد إليكم اليوم لقال لكم استثمروا زمانكم فليس في الآخرة إلا الصالحات.
والله ما يغبطكم هذا الصباح على شيء ما يغبطكم إلا على عمل صالح يثري ساحات تلك القبور.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ما أروع ثيابنا اليوم! وما أجملها! لقد دفعنا أموالنا من أجل أن تروننا بأجمل الحلل. فهل أنفقنا على قلوبنا من الأوقات والأموال ما أنفقناه على هذه الثياب! سيتحدث الناس اليوم بجمال ملابسنا، فماذا سيقول الله -تعالى- عن صفاء قلوبنا! ياللفضيحة لرجل يلبس حُلَل الثياب ورائقها على قلب عفن بالرياء والكبر والنفاق! يالسوأة حال إنسان خرج للعيد وقد غسل ظاهره بكل ما يملك ولم يتمكن من غسل ذلك القلب الموبوء بالموبقات!
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الخلاف شر أياً كانت صورته! وما ربح الشيطان من إنسان ربحه من أن يخلق في واقعه مساحة من الخلاف! ولو لم يكن في القرآن إلا قول الله (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46]، جميل جداً انتشار مباهج العيد في كل حي لكن تنبهوا لعدوكم وافطنوا له فقد ينفخ في قلوبنا حتى يصنع منا فُرْقَة ثم يولي فرحاً ضاحكاً! النجاح الكبير في الاتفاق والاجتماع وهو المعركة التي ينتصر فيها المؤمن على عدوه والخير الذي يفاخر به الانسان ربه يوم الحاجات.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
شكراً يا صناع الحياة في هذا المجتمع! شكراً لصانع الفكرة والباذل لجهده، والمنفق من ماله، والحاضر ببدنه، شكراً لكم جميعاً لقد تحولت قريتكم إلى مباهج من الخيرات ترعونها بألفتكم ومحبتكم واجتماعكم حتى عادت على شبابكم بالخيرات.
ألا صلوا وسلموا...