البحث

عبارات مقترحة:

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

شيء من آيات الله -تعالى- الدالة على قدرته (1)

العربية

المؤلف محمد بن صالح بن عثيمين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. الحث على التفكر في آيات الله الكونية .
  2. خلق الله للسماوات والأرض وما بينهما .
  3. بعض عجائب آيات الله في الكون وحكمها .

اقتباس

لقد خلق السماوات والأرض وما بينهما، بما في ذلك من الشمس والقمر، والنجوم والشجر، والدواب، والجبال والأنهار، والبحار، خلق ذلك كله في ستة أيام، على أكمل وجه، وأتم نظام، ولو شاء لخلقه في لحظة واحدة، لكنه سبحانه اقتضت حكمته أن يكون في...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وتفكروا في خلق السماوات والأرض، وما أودع الله فيهما من الآيات الدالة على كمال علمه وقدرته، وتمام حكمته ورحمته، فكم في السماوات والأرض من آيات ظاهرة على أن الله على كل شيء قدير، وأنه قد أحاط بكل شيء علما؟

لقد خلق السماوات والأرض وما بينهما، بما في ذلك من الشمس والقمر، والنجوم والشجر، والدواب، والجبال والأنهار، والبحار، خلق ذلك كله في ستة أيام، على أكمل وجه، وأتم نظام، ولو شاء لخلقه في لحظة واحدة، لكنه سبحانه اقتضت حكمته أن يكون في ستة أيام، أولها: يوم الأحد، وآخرها: يوم الجمعة: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ)[القصص: 68].

(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[يس: 82].

(كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ)[القمر: 50].

ولقد أرانا الله -تعالى- من عجائب آياته ما يكون آية للموقنين، وعبرة للمعتبرين.

لقد أخبر الله عن عيسى بن مريم أنه يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله، فيأتي إلى الرجل الميت، ويأمره فيحيا، ويتكلم، ويخرج الموتى من قبورهم بإذن الله.

وقص الله علينا في سورة البقرة خمس حوادث كلها في إحياء الموتى؛ فقال تعالى في قصة بني إسرائيل: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 55 – 56].

وفي قصة القتيل الذي قتله ابن عم له، واتهم به قبيلة أخرى، فأمرهم موسى أن يذبحوا بقرة ويضربوا القتيل ببعضها، فيحيا، ويخبرهم بقاتله: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[البقرة: 73].

وفي قصة الذين نزل بديارهم وباء، فخرجوا من ديارهم، وهم ألوف حذر من الموت، وفرارا من قدر الله -تعالى- أنه لا مفر من الله، ومن قضائه: (فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ)[البقرة:243].

ليستيقنوا أنه لن يعجز الله أحد في السماوات ولا في الأرض.

وفي قصة الرجل الذي مر على القرية، وهي خاوية على عروشها، مهدم بناؤها، يابسة أشجارها، هامدة أرضها، فقال: (أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ)[البقرة:259].

وكان معه حمار وطعام وشراب.

فأما الحمار فمات، وانجلى لحمه وجلده، وبرزت عظامه تلوح.

وأما الطعام والشراب، فلم يتغير مع بقائه هذه المدة الطويلة، في الشمس والهواء، فقال الله لهذا الرجل: (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)[البقرة: 259] أي لم يتغير: (وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا)[البقرة: 259].

فنظر إلى عظام حماره ينشزها الله يركب بعضها فوق بعض، كل عظم في محله، ونظر كيف يرتبط بعضها ببعض، ونظر إلى اللحم يكسو هذه العظام: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[البقرة: 259].

وفي قصة إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- حين سأل الله -تعالى- أن يريه كيفية إحياء الله الموتى، قال له: (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ)[البقرة: 260] أي ضمهن وقطعهن أجزاء: (ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا)[البقرة: 260].

ليتباعد ما بينهن، ففعل ذلك، ثم دعاهن فالتأمت أجزاء هذه الطيور، كل جزء من طير على جزئه، وكل ريشة في مكانها، حتى تكاملت الطيور بلحظة، وجاءت إلى إبراهيم تسعى، وكانت رؤوسهن معه، فاتصل كل جسم برأسه الذي خلقه الله له، قبل ذبحه.

لقد أرى الله ذلك عباده في الدنيا، وأخبر أن بعث العالم كله بعد موته هين على الله -تعالى-: (مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ)[لقمان: 28].

(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)[الروم:27].

(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ)[الإسراء: 52].

(ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ)[الروم: 25].

(إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ)[يس: 53].

(فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ)[النازعات: 13 – 14].

هذا الخلق كله، من أوله إلى آخره، صغاره وكباره، ذكوره وإناثه؛ إذا أراد الله بعثهم دعاهم دعوة واحدة، فخرجوا جميعا لا يتخلف أحد منهم، يقول المجرمون منهم: (يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) [يــس: 52].

ومن آيات الله: ما ذكره البخاري في صحيحه: أن رجلا نصرانيا أسلم في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم ارتد نصرانيا، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له؟

فأماته الله، فدفنه أصحابه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا، فحفروا له وأعمقوا، فلفظته الأرض مرة ثانية، ثم حفروا له وأعمقوا ما استطاعوا، فلفظته الأرض مرة ثالثة، فعلموا أنه ليس ذلك من الناس، فتركوه منبوذا على ظهر الأرض".

فآيات الله كثيرة، وقدرته عظيمة.

فاعتبروا -أيها المؤمنون-: واتقوا من هذه قدرته، وهذه آياته لعلكم تفلحون: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)[فاطر:

44]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم

الخ