العربية
المؤلف | أيمن عبد العظيم |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
هذا يوم النحر، أفضل الأيام عند الله -تعالى-، قال -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ويوم القَرّ". ويوم القَرّ هو يوم غدٍ، حيث يقر الحجيج بمنى. هذا يوم النحر، تُنحَرُ فيه القرابين لله -تعالى-، تُهراق الدماء في كل مكان تقرّباً لله -تعالى-، وبذلك تحيا ذكرى الفداء، فداء أبينا إسماعيل -عليه السلام- الذي كانت قصته من أعجب القصص في التضحية والإيمان.
الخطبة الأولى:
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر..
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله العظيم بكرة وأصيلا، لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده.
عباد الله: هذا يوم النحر، أفضل الأيام عند الله -تعالى-، قال -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ويوم القَرّ". ويوم القَرّ هو يوم غدٍ، حيث يقر الحجيج بمنى.
هذا يوم النحر، تُنحَرُ فيه القرابين لله -تعالى-، تُهراق الدماء في كل مكان تقرّباً لله -تعالى-، وبذلك تحيا ذكرى الفداء، فداء أبينا إسماعيل -عليه السلام- الذي كانت قصته من أعجب القصص في التضحية والإيمان.
يرضى ذبحا في الله لأمـ | ــرٍ ليس له لأبيه كانْ |
وأبوه وهو فتىً حدَثٌ | بيديه قد كاد الأوثان |
وأراد كبيراً ذبح ابنٍ | بيديه لهذا فالرحمن |
قد كافأه بمكافأةٍ | بل إنهما لمكافأتان |
ذرّيته شرُفت أبداً | إذ كان لإبراهيمَ ابنان |
فالأولى من نسل اسحقٍ | الرسل أتت تترا لزمان |
حتى يأتي من مَن قد كانْ | للذبح تقدم بالإيمان |
وبنى وأبيه البيت معاً | أعظم بالكعبة من بنيان |
الثانية الكبرى المختا | رُ فخار العرب بني عدنان |
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله، وأزواجه، وذريته.
والأضحية أجرها عظيم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمِل ابنُ آدمَ من عملٍ يومَ النحر أحبّ إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا". وروى مرفوعاً: "بكل شعرةٍ حسَنةً"، قالوا: والصوف يا رسول الله؟ قال: "بكل شعرة من الصوف حسنة". فبتحريك النية فقط تترتب هذه الأجور العظيمة على الأضحية، فاعقدوا النية، وأمّلوا، وأبشروا!.
ومن السنة أن يذبح المرء أضحيته بيديه، فإن لم يستطع فلا أقلّ من أن يشهد الذبح، قال -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة -رضي الله عنها-: "قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك وبذلك أمرت وأنا من المسلمين". ولا يجوز إعطاء الجزّار شيئاً منها كأجرةٍ على عمله.
الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. هذا يوم الحج الأكبر، ففيه مُجتمع أعمال حجٍّ عظيمة، فبجانب النحر، فيه الحلق والتحلل، وفيه رمي جمرة العقبة الكبرى، وفيه سعيٌ وطوافٌ.
عباد الله: إن يومكم هذا يوم عيد، يوم فرح وسرور، ولهو وحبور، انتهر فيه سيدنا أبو بكر -رضي الله عنه- جاريتين تغنيان بالدف بين يدي سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: "دعهما يا أبا بكر؛ فإنها أيام عيد". وشاهد -فداه نفسي وأبي وأمي صلى الله عليه وسلم- الحبشة يرقصون ويزفنون ويلعبون في المسجد يوم العيد، فقال: "دونكم بني أرفدة"، يشجعهم، قال: "حتى تعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة".
هذا يوم العيد، يوم الاسترواح بالحلال، والتوسعة على العيال، وإبراز مظاهر التزين والجمال.
أيها المؤمنون، أيتها المؤمنات: لا مجال في هذا اليوم لتجديد الأحزان على موتانا بتهييجها وإقامة مظاهر العزاء، فإذا غلب الحزن فلنترحم عليهم، لقد كره الفقهاء جداً تجديد الأحزان على الموتى في هذا اليوم.
هذا يوم العيد، يوم التسامح والتسامي، والتصافح والتصافي، نحن نسعى لغفران ربنا، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن لا يَرحَم لا يُرحَم، ومن لا يَغفر لا يُغفَر له". فإذا أردت -عبد الله- أن يغفر الله لك، فاغفر للناس، وإذا رجوت رحمته فارحمهم.
عندما منع سيدنا أبو بكر -رضي الله عنه- الصدقة عن قريب له خاض في حادثة الإفك، أنزل الله -تعالى- لنا قوله: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور:22].
ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟ فاغفروا لبعضكم، وأحبوا بعضكم بعضا، فكما قال -صلى الله عليه وسلم-: "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"، "تَصافحوا يَذهبِ الغلُّ، وتَهادوا تحابُّوا وتذهبِ الشحناءُ".
(وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران:133-134].
وإذا كان التسامح والتصافي واجبا للمسلم تجاه المسلم، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال"، فما بالك إذا كان المهجور من ذوي الأرحام؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة قاطع رحم".
الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر
ونحن فرحون بالعيد السعيد، نتذكر إخوانا لنا في شتى بقاع العالم الإسلامي يفترشون الأرض، ويلتحفون السماء، لا أقل من أن نقدم لهم لله -تعالى- خالص الدعاء. نتذكر أن اليهود مَغيظون جداً من انتزاع النبوة من بني إسحق وجعلها في بني إسماعيل، لذا ما انفكوا يعتدون على غزة أيام العيد، وبلغ من حقدهم هذا أن أعدموا صدام حسين تشفّياً في مثل هذا اليوم، يوم العيد.
قتلوه في العيد السعيد عداء | للمسلمين فكان ذاك غباءَ |
إذ إنهم وبغير قصد منهمُ | جعلوه في يوم الفداء فداء |
ولأن من خير القرابين التي | نهدي ليحفظ ديننا الشهداء |
وحياتنا صارت بهم سوداءَ | حتى بِعيدٍ لم نعد سعداءَ |
وكآلةٍ خرساءَ صرنا عندما | غرِقَتْ دموعاً (غزةٌ) ودماءَ |
اللهم فرج عن المسلمين كربهم، وأعد العيد عليهم وهم في أمن وأمان، ووحدة واتحاد. اجعل الدائرة على أعدائهم الظالمين لهم يا رب العالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الله أكبر.. الله أكبر .. الله أكبر
عباد الله: إن يوم الجمعة يوم عيد، فاجتمع اليوم عيدان، رأي الجمهور أنه تجب صلاة الجمعة على المقيمين من أهل البلد ممن شهد صلاة العيد، ورأي الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-، وهو الرأي المختار عند كبار علماء السودان والسعودية ومصر، أنه لا تجب صلاة الجمعة على من شهد العيد، ويجب عليه أن يصلي الظهر، صلاة الظهر لا تسقط على من اختار هذا الرأي ولم يشهد الجمعة.
عباد الله: قال -صلى الله عليه وسلم-: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، ومن شاء أن يُجْمِع فلْيُجْمِعْ، وإنا مجمعون".
وكل عامٍ وأنتم بخير.