البحث

عبارات مقترحة:

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الحضارة الغربية

العربية

المؤلف هلال الهاجري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. موقف المسلم من الحضارة الغربية .
  2. الاستفادة مما لدى الغرب من علوم وتقنيات .
  3. التحذير من التأثر بالضار من الحضارة الغربية .
  4. آثار تقليد الغرب في معتقداتهم وتقاليدهم. .

اقتباس

وانظروا ماذا فعلتْ أولُ ترجمةٍ لكتبِ هؤلاءِ, قالَ صلاحُ الدِّينِ الصَّفديُّ -رحمَه الله-: "أنَّ الخليفةَ العباسيَّ المأمونَ لما صالحَ مَلِكَ قبرصَ، كَتبَ إليه يطلبُ منه خِزانةَ كُتبِ اليونانِ الفَلسفيةِ، وكانت عندَهم مجموعةٌ في بيتٍ لا يَظهرُ عليه أحدٌ، فجَمعَ الملكُ القُبرصيُّ خواصَّه من ذوي الرأي، واستشارَهم في ذلك، فكلُّهم أشارَ عليه بعدمِ تجهيزِها إليه، إلا أنَّ أحدَ رجالِه الحُذَّاقِ خالفَهم جميعًا، وقالَ: جَهِّزها إليهم، فما دَخلتْ هذه العلومُ على دَولةٍ شَرعيةٍ إلا أفسدَتها"...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فاتقوا الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: الآية 102], (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1], (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].

إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أَمَّا بَعْدُ: يقولُ الشَّيخُ الشَّنقيطيُّ -رحمَه اللهُ- في تفسيرِه: "إنَّ الموقفَ من الحضارةِ الغربيةِ ينحصرُ في أربعةِ أقسامٍ لا خامسَ لها: الأولُ: تَركُ الحضارةِ نافعِها وضارِّها، الثَّاني: أخذُها كلِّها ضارِّها ونافعِها، الثَّالثُ: أخذُ ضارِّها دونَ نافعِها، الرَّابعُ: أخذُ نافعِها وتركُ ضارِّها، ثُمَّ قالَ: فنجدُ الثلاثةَ الأولى باطلةً بلا شَكٍّ، وواحداً فيها صحيحاً بلا شكٍّ وهو الأخيرُ", أي أخذُ نافعِها وتركُ ضارِّها.

كلامٌ جميلٌ، من عالِمٍ جليلٍ, ولكن يأتي السّؤالُ المِهمُ, ما هو النَّافعُ وما هو الضَّارُ في الحضارةِ الغربيةِ؟, ولن أتباكى هنا على الحضارةِ الإسلاميةِ، التي قتلناها وكفَّناها وصلينا عليها وواريناها في مقبرةِ التَّاريخِ.

إنِّـي تذكَّـرتُ والذِّكـرَى مُؤرِّقَـةٌ

مجـدًا تليـدًا بأيدينـا أضعنـاهُ

كـم صرَّفتنـا يـدٌ كُنَّـا نُصرِّفُهـا, وبـاتَ يملِكُنـا شعـبٌ ملكنـاهُ

استرشـدَ الغـربُ بالماضي فأرشـدَهُ, ونحنُ كـانَ لنا مـاضٍ نسيناهُ

إنَّـا مَشينـا وراءَ الغـربِ نقبِسُ مِـن, ضيائِـهِ فأصابتنـا شظايـاهُ

ولكن تلكَ سُنَّةُ اللهِ -تعالى- في الحياةِ، أن لا يدومَ الأمرُ لبعضٍ دونَ بعضٍ، بل ينتقلُ بينَ النَّاسِ مسلمينَ كانوا أو كافرينَ، كما قالَ -تعالى-: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران: 140].

وأرجعُ إلى موضوعي، وأبدأُ بالنَّافعِ من الحضارةِ الغربيةِ، وهو باختصارٍ: كلُّ شيءٍ فيه فائدةٌ للمسلمينَ ولا يتعارضُ مع تعاليمِ دينِهم كالصِّناعاتِ المفيدةِ من تقنيةٍ حديثةٍ وآلاتٍ، وفنونِ الطِّبِّ من علاجٍ وأدويةٍ ومُعدَّاتٍ، ووسائلِ القتالِ من فُنونٍ وأسلحةٍ وتدريباتٍ، وتعليمِ العلومِ الحديثةِ النَّافعةِ في جميعِ التَّخصصاتِ، وكلُّ ما فيه قوَّةٌ وصلاحٌ للإسلامِ والمسلمينَ في أمورِ دينِهم ودُنياهم، فقد كانَ دليلُ رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- في الهجرةِ عبدُ اللهِ بنُ أريقطٍ وهو رجلٌ كافرٌ ولكنَّه كان ماهراً في معرفةِ الطُّرقِ.

وكانَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- يلبسُ الجُبَّةَ الشَّاميةَ الرُّوميةَ، واستفادَ من الفنونِ العسكريةِ الفارسيةِ فحفرَ الخندقَ كما في غزوةِ الأحزابِ، وجعلَ فِداءَ المشركينَ من أسرى بدرٍ هو تعليمُ الكتابةِ لأبناءِ المسلمينَ.

وهكذا يُستفادُ من علومِهم واختراعاتِهم حتى يأتيَ اليومُ الذي تكتفي فيه الأمَّةُ الإسلاميةُ بعلومِها وصناعاتِها عن العالمِ, كيفَ لا؟ وهي بلادُ الأذكياءِ والعُلماءِ والمهاراتِ والطَّاقاتِ، وبلادُ النَّفطِ والمعادنِ والزِّراعةِ والثَّرواتِ، وإنَّكَ لتعجبُ, لماذا يُضيَّقُ على العباقرةِ والمُخترعينَ في بلادِ الإسلامِ، بسببِ كثرةِ القيودِ والتعقيداتِ، فيهاجرُ البعضُ, وييأسُ البعضُ, ويستسلمُ البعضُ، فلا إبداعَ ولا اختراعَ, فلا أعلمُ لمصلحةُ مَنْ، تبقى عيونُ المسلمينَ تتطلَّعُ إلى تقنيةِ الشَّرقِ وصناعةِ الغربِ، وتُستنزفُ أموالُ المسلمينَ؟!.

وأما الضَّارُ من الحضارةِ الغربيةِ، فهو كلُّ ما يكونُ له تأثيرٌ على عقيدةِ المسلمِ وأخلاقِه, والخطيرُ أنَّ الهزيمةَ النَّفسيةِ الموجودةِ عندَ بعضِ المسلمينَ، تجعلُهم يقبلونَ ما كانَ مُستورداً دونَ تمحيصٍ ولا تصفيةٍ ولا نظرَ.

اسمعوا إلى مثالٍ حدثَ في مكةَ قبلَ بعثةِ النَّبيِّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- في تأثُرِ الضَّعيفِ بالقويِّ, خَرَجَ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ وَهُوَ سَيِّدُ قُريَشٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَرْضَ الْبَلْقَاءِ، رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا هَذِهِ الْأَصْنَامُ الَّتِي أَرَاكُمْ تَعْبُدُونَ؟، قَالُوا لَهُ: هَذِهِ أَصْنَامٌ نَعْبُدُهَا، فَنَسْتَمْطِرُهَا فَتُمْطِرُنَا، ونَسْتَنْصِرُهَا فَتَنْصُرُنَا، فَقَالَ لَهُمْ: أَفَلَا تُعْطُونَنِي مِنْهَا صَنَمًا، فَأَسِيرَ بِهِ إلَى أَرْضِ الْعَرَبِ، فَيَعْبُدُوهُ؟، فَأَعْطَوْهُ صَنَمًا يُقَالُ لَهُ هُبَلُ، فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ، فَنَصَبَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِعِبَادَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ, وهذا كانَ أولُ تغيُّرِ الملَّةِ الحنيفيةِ الإبراهيميةِ في مكةَ من التَّوحيدِ إلى الكُفرِ والشِّركِ.

بل حتى بعدَ الإسلامِ، قد يلتبسُ على بعضِ المسلمينَ شيئاً من عاداتِ الكفرِ في تلكَ البلادِ، فهذا مُعاذُ بنُ جبلٍ -رضي اللهُ عنه-، وهو الذي قالَ فيه رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-: "أَعْلَمُ أُمَّتِي بِالْحَلاَلِ والْحَرامِ مُعاذُ بنُ جَبَلٍ"، لَمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "مَا هَذَا يَا مُعَاذُ ؟" قَالَ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ؛ فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا".

وأما إدخالُ الكُتبِ التي فيها ما يُخالفُ عقيدةَ الإسلامِ, من الفلسفةِ والإلحادِ، والإيمانِ بالحِسيَّاتِ فقط دونَ الغيبياتِ، وتعظيمِ العقلِ على غيرِه ولو عارضَه آياتٌ صريحةٌ أو أحاديثُ صحيحةٌ، والاعتقادِ في النُّجومِ والذَّاتِ والطَّاقةِ، والقدرةِ على معرفةِ الغيبِ وانتقالِ الرُّوحِ دونَ البدنِ إلى أيِّ مكانٍ يُريدُ، وغيرِها في سلسلةٍ من الاعتقاداتِ الباطلةِ, وماذا عسى أن يكتبَ من لم تُشرقْ على قلبِه شمسُ القُرآنِ والسُّنةِ؟.

وانظروا ماذا فعلتْ أولُ ترجمةٍ لكتبِ هؤلاءِ, قالَ صلاحُ الدِّينِ الصَّفديُّ -رحمَه الله-: "أنَّ الخليفةَ العباسيَّ المأمونَ لما صالحَ مَلِكَ قبرصَ، كَتبَ إليه يطلبُ منه خِزانةَ كُتبِ اليونانِ الفَلسفيةِ، وكانت عندَهم مجموعةٌ في بيتٍ لا يَظهرُ عليه أحدٌ، فجَمعَ الملكُ القُبرصيُّ خواصَّه من ذوي الرأي، واستشارَهم في ذلك، فكلُّهم أشارَ عليه بعدمِ تجهيزِها إليه، إلا أنَّ أحدَ رجالِه الحُذَّاقِ خالفَهم جميعًا، وقالَ: جَهِّزها إليهم، فما دَخلتْ هذه العلومُ على دَولةٍ شَرعيةٍ إلا أفسدَتها، وأوقعتْ بين علمائها".

فأنشأَ المأمون داراً للترجمة، واستورد َكثيراً من كتبِ الفلسفةِ، حتى اعتنقَ هو بدعةُ القولِ بخلقِ القرآنِ، وقَرَّبَ المعتزلةَ وغيرَهم، وامتحنَ أهلَّ السُّنَّةِ وسجنَ الإمامَ أحمَد، فعظُمتْ الفتنةُ، وانتشرَ الجِدالُ في الدِّينِ, وقد يسألُ السائلُ: كلُّ هذا بسببِ كُتبٍ؟, فنقولُ: نعم, وهل الكتبُ إلا فكرٌ, وهل الفكرُ إلا اعتقادٌ؟, وهل الاعتقادُ إلا كفرٌ أو إيمانٌ؟, وليسَ كلُّ فِكرٍ يقودُ إلى الحقِّ, (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) [المدثر: 18 - 25] والنتيجة: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) [المدثر: 26].

أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم، فاستغفروه يَغفر لكم، فيا فَوزَ المستغفرينَ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أمرَ بشكرِه وذكرِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، شهادةُ من عرفَ ربَّه فَقَدَرَه حقَّ قدرِه، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، بلَّغَ عن ربِّه نهيَه وأمرَه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه الذين لازموه وأطاعوه في حالة عُسرِه ويُسرِه، وسلمَّ تسليماً كثيرا، أما بعد:

فيا عبادَ اللهِ: إذا علمنا أنَّ في الحضارةِ الغربيةِ النَّفعَ والضَّررَ، وجبَ علينا أن نحذرَ فيما نستوردُه من الأممِ الكافرةِ، لأنَّ الضَّررَ فيها خفيٌّ لا يكادُ يعرفُه إلا الخبيرُ في أحكامِ الشَّرعِ ومقاصدِ الدِّينِ، بل وقد خَفيَ ضَررُ بعضِ أفعالِ الكُّفارِ على بعضِ من أسلمَ حديثاً من الصَّحابةِ, كما في حديث أبي واقدٍ الليثيِّ -رضي اللهُ عنه-: "أنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حُنَيْنٍ، قَالَ وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم،ْ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ - يتبركونَ بتعليقِ سيوفِهم عليها -، قَالَ: فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْتُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَإِنَّهَا لَسُنَنٌ، لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّة".

وصدقَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-, فقد أخذَ بعضُ دولِ الإسلامِ ما عندَ الغربِ الكافرِ دونَ تمحيصٍ ولا تمييزٍ, فجاءوا بالاقتصادِ وما فيه من الظُّلمِ والرِّبا، والثَّقافةِ وما فيها من الكُفرِ والخَنا، والتَّرفيهِ وما فيه من الخمرِ والزِّنا، والحالةِ الاجتماعيةِ وما فيها من الضَّياعِ والعَنا، فأصبحتْ مُجمعاتِهم تشكو القسوةَ والضَّنا.

وإذا شكونا من ذلكَ قالوا: وهل أنتم غيرَ النَّاسِ؟, فنقولُ: نعم, نحنُ عبادٌ للهِ -تعالى- استخلفنا في الأرضِ، ونحنُ في طاعتِه، وابتغاءِ رِضاهُ، ونؤمنُ أننا مبعوثونَ إليه وواقفونَ بين يديهِ ليحاسبَنا، ونعلمُ (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء: 36]، ونرجو الجنَّةَ ونخافُ النَّارَ، فهل تُريدونَنا أن نكونَ كمنْ لا يعلمُ حلالاً ولا حراماً من الكُّفارِ؟، فيقالُ لهم يومَ القيامةِ: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا) [الأحقاف: 20].

اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذلَّ الشركَ والمشركينَ، ودمرْ أعداءَك أعداءَ الدينِ، واجعل هذا البلدَ آمناً مطمئنًا وسائرَ بلادِ المسلمينِ برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم انصر من نصرَ الدينَ، واخذل من خذلَ عبادَك المؤمنينَ.

اللهم فرجْ همَّ المهمومينَ من المسلمينَ، ونفسْ كربَ المكروبينَ، واقض الدينَ عن المدينينَ، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم آمنَّا في أوطانِنا، وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعلْ ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك واتبعَ رضاك يا ربَّ العالمينَ.