البحث

عبارات مقترحة:

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

فتح الرحمن في استماع القرآن –1

العربية

المؤلف خالد بن علي أبا الخيل
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. فضل الاستماع إلى القرآن الكريم .
  2. من خصائص القرآن: التلاوة والإصغاء .
  3. الفرق بين الاستماع والسماع .
  4. فضل الاستماع وآثاره .
  5. آداب استماع القرآن .
  6. ما يجتنب عند الاستماع .
  7. من أخبار الملائكة والأنبياء والأولياء في الاستماع إلى القرآن الكريم. .

اقتباس

إن استماع القرآن سببٌ لهداية الإنسان، يقول الرحيم الرحمن: (فَبَشِّرْ عِبَاد * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب) [الزمر:17-18]؛ واستماعه فيه النور والبهاء، قال ابن عباسٍ: "مَن استمع إلى آيةٍ من كتاب الله كانت...

الخطبة الأولى:

الحمد لله، الحمد لله الذي جعل سماع القرآن عبادة، كما جعل تلاوته قربةً وطاعة، أحمده -سبحانه- أمر عباده بالإنصات عند سماع كتابه، وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الاستماع لكلامه له أجره وثوابه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله استمع إلى كلام ربه من أصحابه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله-؛ فاتقوا الله أيها المسلمون، وحققوا توحيده أيها المؤمنون؛ فلا نجاح ولا فلاح ولا عِز، إلا بالإسلام يا مسلمون.

عباد الله: من العبادات العظيمة، والقُرب الكريمة التي يغفل عنها الإنسان ولا يرعى لها الاهتمام عبادةٌ مجهولةٌ وربما منسية، وقد يعمل بها البعض على سبيل سد الفراغ؛ إنها الاستماع لكلام الله -سبحانه-، وذلك أنها عبادةٌ قد يغفل عنها العبد ويتناساها ولا يُلقي لها بالًا.

والعبد بإمكانه للاستماع مجرد أن يحول النية والسماع إلى نية إصغاءٍ واستماع، وذلك عبر الوسائل التواصلية أو الإذاعة القرآنية، ومن خصائص القرآن؛ أنه يجتمع فيه عبادتان:

عبادة تلاوة.

وعبادة إصغاءٍ واستماع؛ فكما أن التلاوة عبادة لها أثرها وأجرها؛ فكذا الاستماع له أثره وأجره، وقد يؤثر الاستماع ما لا تؤثر التلاوة، وقد قيل القارئ حالب والمستمع شارب، وقبل الدخول في الموضوع ينبغي معرفة الفرق بين السماع والاستماع فبينهما فرقٌ شاسع.

والفرق بينهما أن الاستماع يكون بحضور القلب مع سكون الجوارح؛ فيُصغي ويسمع سماع تدبرٍ وتأثر؛ فيتقصَّد الاستماع للتلاوة.

وأما السماع؛ فهو بدون قصدٍ ولا إرادة؛ ولذا لا ثواب عليه ولا إثم؛ فالأجر والأثر يترتب على الاستماع لا السماع العابر.

يقول ابن تيمية: فالرجل لو كان مارًا؛ فسمع القرآن من غير أن يستمع إليه لم يؤجر على ذلك، وإنما يُؤجر على الاستماع الذي يقصد.

وحقيقة الاستماع؛ تنبيه القلب على معاني المسموع وتحريكه، إن الاستماع للقرآن مأمورٌ به عند سماعه (وَإِذَا قرئ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون) [الأعراف:204].

إن الاستماع له فضائله ومحاسنه، وآثاره ونتائجه؛ فمنها:

استماع القرآن سببٌ للرحمة من الكريم المنان (وَإِذَا قرئ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون) [الأعراف:204]، وهذ الأثر والأجر يشمل داخل الصلاة وخارجها.

ومن فضائل الاستماع؛ ما في صحيح مسلم أيها الأخ الكريم المسلم: "وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ".

قال الليث يُقال: ما الرحمةُ إلى أحدٍ أسرع منها إلى مستمعي القرآن، ثم تلا، (وَإِذَا قرئ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون) [الأعراف:204].

ويقول الحسن البصري: إذا جلست إلى القرآن؛ فأنصت له، وكما أن تلاوته الحرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها إلى أضعافٍ كثيرة؛ فكذا استماعه مع الإخلاص والنية سببٌ لتحصيل الأجر والمثوبة.

قال أبو هريرة ﭬ: من استمع إلى آيةٍ من كتاب الله كُتب له حسنةً مُضاعفة، ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة.

إن استماع القرآن سببٌ لهداية الإنسان، يقول الرحيم الرحمن: (فَبَشِّرْ عِبَاد * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب) [الزمر:17-18].

واستماعه فيه النور والبهاء، قال ابن عباسٍ: "مَن استمع إلى آيةٍ من كتاب الله كانت له نور" (رواه الدارمي).

إن الله أشاد بمن يستمع القرآن؛ فيزداد بذلك الإيمان: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون) [الأنفال:2].

فالمؤمن يقرأ ويسمع وفي كلا الحالتين ينفع وينتفع؛ ولثمرة الاستماع أمر الله أنبياؤه بالاستماع؛ فقال لموسى -عليه السلام-: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى) [طه:13].

وأول مفاتيح العلم الاستماع كما قال سفيان بن عُيينة: أول العلم الاستماع؛ فالاستماع يفتح المعلومات، ويُنمي العقول والإدراكات، ويُنمي العقول والهبات، وبقدر الاستماع يكون الانتفاع.

وإذا أغفل المرء الاستماع أساء الفهم وارتكب الجهل وأخطأ في حق الغير؛ فمن أصغى حاسته، وأحضر قلبه، وألقى سمعه انتفع بآيات ربه (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد) [ق:37].

ومن صفات رسولنا عند قراءة جبريل عليه الصلاة والسلام ، كما قال -سبحانه- له: (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِه * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَه * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه) [القيامة:16-19].

وأفضل السماع سماع الفقه والقبول، والتدبر والفَهم المعقول، كما قال -سبحانه-: (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ) [المائدة:83]؛ لأن السماع أنواع، والنافع استماع العمل والقبول، والفهم والتطبيق.

ومن تعظيم القرآن؛ الإنصات له؛ لينال المرء أجره، ويعتبر بمواعظه، ويستفيد من سماعه (وَإِذَا قرئ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون) [الأعراف:204]؛ فلا يُعرِض عن سماعه، وينشغل عنه بما لا فائدة فيه، أو يُدعى إلى سماعه؛ فيُعرض عنه، وقد قال -سبحانه- فيمن أعرض عن سماع كلامه: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فُصِّلَت:26].

ومن الانشغال عنه؛ وعدم استماعه والإصغاء إليه ما يفعله البعض إذا ركب سيارته فتح الإذاعة والقارئ يقرأ وهو منشغلٌ بأولاده وأهله أو بجواله ورسائله أو بحديثه وكلامه، بل ربما صُراخه وصخبه.

ومن ذلك بعض النساء تفتح في بيتها أو مطبخها أو غرفتها أو صالتها إذاعة القرآن أو نحو ذلك من التواصلات الاجتماعية بدون استماعٍ وإصغاء، بل ربما كان هناك لغوٌ وصخبٌ وجفاء، وضجيجٌ ولعنٌ وخنا.

ومن ذلك ما يفعله بعض أصحاب المحلات التجارية ذوي المؤسسات والمولات فيضعون إذاعة القرآن أو شريط القرآن سد فراغٍ أو طلب البركة فحسب، ولا استماع، ولا احترام، بل لغوٌ وغيبةٌ وكلام؛ فالقرآن المقصود منه استماعه لا سماعه؟ وقد تعبدنا الله باستماعه لا سماعه.

وبعض الناس يجعل رنات هاتفه مقاطع من القرآن، والواجب احترام الآيات، وربما اتُصل على المرء وهو في مكان قضاء حاجته أو لهوه ولغوه وغفلته.

هذا ويجوز للإنسان أن يستمع للقرآن وهو يُزاول عمله أو المرأة وهي تعمل في بيتها ولو كان يعمل إذا كان يستمع، إذا ألقى سمعه وأحضر قلبه لا إذا لهى عنه وأعرض، ويجوز استماع القرآن من غير طهارة، وينبغي ألا يخلو مجلسٌ من مجالسنا من تلاوة كلام ربنا، والإصغاء إليه وحُسن الاستماع إليه.

وعلى الإمام أن يحرص على قراءة القرآن بالصوت الحسن؛ ليؤثر على المستمعين وينفع المأمومين، فعليك بالنية الحسنة الخالصة، وردد: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان:74] فكم ممن لا يقرأ ولا يعرف القرآن فيُوجه مثله للاستماع.

وليُحذر أن يُخلط القرآن بالغناء، فشتان بين السماعين، وفرقٌ بين النوعين، ولا يجتمعان في قلبٍ حيٍّ، قال ابن القيم: حب القرآن وحب ألحان الغناء في قلب عبدٍ ليسا يجتمعان.

ومما يُجتنب عند استماع القرآن:

ما يقع عند البعض من الصياح والغشي والصراخ عند سماعه، وحال السلف من الصحابة ومن تبعهم بإحسان الخوف والوجل ولين القلوب، والبكاء لعلام الغيوب (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ) [الأنفال:2].

ومن العادات السيئة:

شُرب الشيشة والدخان، والغيبة والنميمة والهذيان في مجالس القرآن.

هذا ومن هَجر القرآن أمة الهدى والقرآن: هجر سماعه، والإصغاء إليه، فقد قال -سبحانه-: (وَقَالَ الرَّسُولُ يارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان:30] فهجر سماعه من هجره.

ومن آداب الاستماع:

كغض البصر، وسكون الجوارح، والإصغاء بالسمع، وحضور القلب، والعزم على العمل، والتأمل والتدبر لِما يسمع، والبُعد عن الغفلة واللهو، والعبث والصراخ، والقيل والقال، وانشغال البال.

قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، الحمد لله حمدًا حمدًا، والشكر له شكرًا شكرًا.

أما بعد عباد الله…

فيأيها المسلمون بعظمة القرآن، وشرفه وفضله أن الملائكة الكرام يُحبون استماع القرآن، وأحيانًا تنزل وتُنصت له، قال -سبحانه-: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء:78] قيل: صلاة الفجر تشهدها الملائكة، فتستمع إلى التلاوة.

وفي حديث أُسيد بن حُضير لما كان يقرأ بالليل سورة البقرة وفرسه مربوطة إذا جالت فسكت فسكت، فقرأ فجالت، فسكت فسكت، فلمَّا أصبح أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: (اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا، لاَ تَتَوَارَى عنْهُمْ) متفقٌ عليه.

ولما قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألم تر ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح؟ قال: (فَلَعَلَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ) قال: فسُئل ثابت، فقال: قرأت سورة البقرة.

رُحماك ربنا، رُحماك ربنا البعض لا يُسمع في بيته ولا آخر ليله إلى دوي الموسيقى والغناء، والمسلسلات والمسرحيات والخنا، فتحل الشياطين بدل الملائكة المقربين.

والملائكة تحف مجالس القرآن، وتسمع وتُنصت لكلام الرحمن كما في الحديث (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ)، وقوله -سبحانه-: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير) [سبأ:23].

وكان نبينا يُحب استماع القرآن، بل ويطلب من غيره أن يُسمعه القرآن، فيتأمل ويتدبر، ويبكي ويتفكر، فذات مرة قال ابن مسعودٍ: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ" فقلت: أقرأ وعليك أُنزل؟ قال: (إِنِّي أُحبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) فقرأت عليه سورة النساء، حتى جئت إلى هذه الآية: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) [النساء:41] قال: "حَسْبُكَ الآنَ" فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان.

واستمعَ إلى سالم مولى أبي حذيفة، وقال: "كُنْتُ أَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ وَصَوْتِهِ مِنْ أَحَدٍ".

واستمعَ إلى أبي موسى الأشعري ﭬ، وقال مشجعًا ومنوهًا؛ ورافعًا للهمة العليا: "يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ".

أفلا نحرص أن نسمع القرآن من أبنائنا؟ وإذا جلسنا في بيوتنا أمرنا أحدهم يقرأ علينا مقطعٌ من القرآن تنزل ملائكة الرحمن ويطرد الشيطان، ونُحفز ونُشجع على التلاوة البنات والأبناء، أو كن مجتمعين في استراحةٍ أو دعوةٍ أو زواجٍ أو مناسبة.

وأبو موسى أُعطي صوتًا حسنًا، وكان النبي وزوجه عائشة ﭬا ذات مرة مرا به وهو يقرأ في بيته، فقاما يستمعان لقراءته، ثم مضيا، ولما علم ابن مسعودٍ قال فرحٍ مُستبشرًا: أما إني لو علمت بمكانك لحبَّرته لك تحبيرًا، بل روى ابن سعدٍ كُن أزواج النبي ﷺ يستمعن له فقال: لو علمته لحبَّرته لهن تحبيرًا.

واستمعَ النبي ﷺ من جبريل القرآن في رمضان كل ليلة، واستمع للأشعريين، وكانوا يُعرفون بليلهم وأصواتهم؛ حتى قال فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رَفَقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ".

فعفوك يا ربنا يطول ليلنا فلا نتخذ من القرآن وردًا لنا، ولا يُعرف البيت بدوي القرآن بيننا، والواجب أن تكون بيوتنا حية بالقرآن دويةً بتلاوة كلام المنان.

وكان الكفار يستمعون للقرآن ويتأثرون؛ لِما للقرآن من سيطرةٍ على النفوس وتأثيرٍ على القلوب.

مما سيأتي في الجمعة القادمة:

الحلقة الثانية من نماذج ومواقف مؤثرة عند سماع كلام الرب -سبحانه- جلَّ في عُلاه.