الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
العربية
المؤلف | محمد بن صالح بن عثيمين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الأعياد الممنوعة |
يقول الشيطان له هذه معصيةٌ هينّة افعلها هذه المرة وتب إلى الله، فباب التوبة مفتوح وربك غفورٌ رحيم، فلا يزال يعده ويمنّه وما يعده الشيطان إلا غروراً، فإذا وقع في هذه المعصية التي كان يراها من قبل صعبةً كبيرة وهانت عليه تدرج به الشيطان إلى ما هو أكبر منها، وهكذا أبداً حتى يخرجه من دينه كله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى إلى الناس كافةً بالحق بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ رسالة ربه، ونصح أمته، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين؛ فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى، اتقوا الله (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1].
اتقوا الله -أيها المسلمون-، وتيقنوا أن لله تعالى الحكمة البالغة فيما يصطفي من خلقه؛ فالله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس، ويفضل من الأوقات أوقاتاً، ومن الأمكنة أماكن، ففضل الله تعالى مكة على سائر البقاع، ثم من بعدها المدينة مهاجر خاتم الأنبياء محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، ثم من بعدهما بيت المقدس مكان غالب الأنبياء الذين قصّ الله علينا نبأهم وجعل الله تعالى لمكة والمدينة حرماً دون بيت المقدس، وفضل الله تعالى بعض الشهور والأيام والليالي على بعض، فعدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حرم، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلاثةٌ متوالية، وشهر رجب بين جمادى وشعبان، وخير يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، وليلة القدر خيرٌ من ألف شهر.
فعظّموا -أيها المسلمون- ما عظّمه الله، فقد ذكر أهل العلم أن ثواب الحسنات يضاعف في كل زمانٍ و مكانٍ فاضل، وأن عقوبة السيئات تعظم في كل زمان ومكان فاضل، وشاهدوا هذا في كتاب الله -عز وجل- وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- يقول الله تعالى: (يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) [البقرة: 217] وقال الله تعالى في المسجد الحرام: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج: 25]
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".
أيها المسلمون: إنكم في هذه الأيام في أوائل شهر رجب أحد الأشهر الأربعة الحرم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم، التزموا حدود الله تعالى، أقيموا فرائض الله واجتنبوا محارمه، أدوا الحقوق في ما بينكم وبين ربكم وفي ما بينكم وبين إخوانكم من الخلق، واعلموا أن الشيطان قد قعد لابن آدم كل مرصد، وأقسم لله ليأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ولا يجد أكثرهم شاكرين، أقسم لله تعالى بعزة الله ليغوينهم أجمعين، إلا عباد الله المخلصين.
أيها المسلمون: إن الشيطان لحريصٌ كل الحرص على إغوائكم وإضلالكم، يصدكم عن دين الله يأمركم بالفحشاء والمنكر، يحبب إليكم المعاصي ويكره إليكم الطاعات، يأتيكم من كل جانب ويقذفكم بسهامه من كل جبهة، إن رأى من العبد رغبةً في الخير ثبطه عنه وأقعده، فإن عجز عنه من هذا الجانب جاءه من جانب الغلو والوسواس والشكوك وتعدي الحدود في الطاعة؛ فأفسدها عليه؛ فإن عجز عنه من جانب الطاعات جاءه من جانب المعاصي. فينظر الشيطان أقوى المعاصي هدماً لدين الإنسان فيوقعه فيها، فإن عجز عنه من هذا الجانب حاوله من جانبٍ أسهل فأوقعه فيما دون الكفر من المعاصي، فإذا وقع في شرك المعاصي؛ فقد نال الشيطان منه بغيته؛ لأن المرء متى كسر حاجز المعصية أصبحت المعصية هينةً عليه صغيرةً في عينه يقللها الشيطان في نفسه تارة، ويفتح عليه باب التسويف تارةً أخرى.
يقول الشيطان له هذه معصيةٌ هينّة افعلها هذه المرة وتب إلى الله، فباب التوبة مفتوح وربك غفورٌ رحيم، فلا يزال يعده ويمنّه وما يعده الشيطان إلا غروراً، فإذا وقع في هذه المعصية التي كان يراها من قبل صعبةً كبيرة وهانت عليه تدرج به الشيطان إلى ما هو أكبر منها، وهكذا أبداً حتى يخرجه من دينه كله.
ولقد أشار نبينا وإمامنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا التدرج فيما رواه الإمام أحمد عن سهلٌ بن سعدٍ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه سلم- قال: "إياكم ومحقّرات الذنوب فإنما ما مثل محقّرات الذنوب كمثل قومٍ نزلوا بطن وادٍ فجاء هذا بعود وهذا بعود حتى أنضجوا خبزهم وإن محقّرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه".
أيها المسلمون .. عباد الله: حاسبوا أنفسكم، احذروا مكائد الشيطان ومكره، فإنه يتنوّع في ذلك ويتلوّن، فهذا يأتيه الشيطان من قبل الإيمان والتوحيد فيوقعه في الشك أحياناً، وفي الشرك أحياناً، وهذا يأتيه من قبل الصلاة فيوقعه في التهاون بها والإخلال، وهذا يأتيه من قبل الزكاة فيوقعه في البخل بها أو صرفها في غير مستحقها.
وهذا يأتيه من قبل الصيام فيوقعه فيما ينقّصه من سيئ الأقوال والأفعال، وهذا يأتيه من قبل الحج فيوقعه في التسويف به حتى يأتيه الموت وما حج، وهذا يأتيه من قبل حقوق الوالدين والأقارب فيوقعه في العقوق والقطيعة، وهذا يأتيه من قبل الأمانة فيوقعه في الغش والخيانة.
وهذا يأتيه من قبل المال فيوقعه في اكتسابه من غير مبالاة فيكتسبه عن طريق الحرام بالربا تارة، وبالغرر والجهالة تارة، وبأخذ الرشوة -أحياناً-، وبإهمال عمله تارة، وبأخذ انتدابات وغيرها مما يأخذه بغير حق وهو لم يقم بذلك العمل، إلى غير ذلك من أنواع المعاصي وأجناسها التي يغر بها الشيطان بني آدم، ثم يتخلّي عنهم أحوج ما يكونون إلى المساعد والمعين.
أيها الأخوة .. أيها المؤمنون: استمعوا قول الله -عز وجل- في غرور الشيطان لأبوينا آدم وحواء حين أسكنهما الله تعالى الجنة، وأذن لهما أن يأكلا رغداً من حيث شاءا من أشجارها وثمارها سواء شجرةٍ واحدة عيّنها لهما بالإشارة (وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ) [البقرة: 35]
ولكن الشيطان وسوس لهما وقال: (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) [الأعراف: 20] (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [الأعراف:21] (فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ) [الأعراف: 22] أي أنزلهما من مرتبة الطاعة وعلو المنزلة بغرور.
(فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ) [الأعراف: 22]
واسمعوا خداعه إلى قريشٍ في الخروج إلى بدر، وتخليه عنهم، حيث يقول الله تعالى في ذلك: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال:48]
واسمعوا قول الله -عز وجل- في خداع الشيطان لكل إنسانٍ وتخليه عنه، حيث يقول الله تعالى: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) [الحشر:16] (فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) [الحشر:17]
واسمعوا قول الله تعالى عن الشيطان يوم القيامة: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [ابراهيم:22]
أيها المسلمون: هذا موقف الشيطان ممن خدعه وممن غره وأهلكه فأوقعه في معصية الله، ولهذا قال الله -عز وجل- محذراً عباده منه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:6]
أيها المسلمون: فإن قلتم كيف نعرف ما أمر به الشيطان؟ كيف نعرف الذي يسلط علينا به؟ فإننا نقول إن كل ما تجدون في نفوسكم من تكاسلٍ عن الطاعات وتهاونٍ بالمعاصي وميلٍ إليها فإنه من الشيطان ونزغاته لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [النور: 21] وقال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاء) [البقرة: 268].
فإذا رأيتم من أنفسكم ميلاً إلى المعصية، وإلى ترك الواجب، فإن هذا من أوامر الشيطان؛ فاستعيذوا بالله منه، فإن في ذلك الشفاء والخلاص، قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف:200] (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف:201].
اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا -ونحن الفقراء إليك وأنت الغني عنا، نحن العاجزون وأنت القادر، نحن الضعفاء وأنت القوي- نسألك اللهم برحمتك أن تعيذنا من الشيطان الرجيم، اللهم أعذنا من الشيطان الرجيم، اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين، الذين ليس له عليهم سلطانٌ وعلى ربهم يتوكلون، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبيّن الحق وأوضحه، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإننا -أيها المسلمون- في شهر رجب أحد الأشهر الأربعة الحرم التي قال الله فيها: (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [التوبة: 36] فلا تظلموا فيهن أنفسكم، والتي حرّم الله تعالى فيها القتال إلا مدافعةً عن النفس هذه الأشهر التي أحدها رجب، ليست مخصوصةً بشيءٍ معينٍ من العبادات، إلا شهر المحرم، فإن فيه فضلًا صيامه، وشهر ذي الحجة فإن فيه أداءً النسك، أما رجب فإنه لم يرد في تخصيصه بصيامٍ ولا قيام، لم يرد حديثٌ صحيحٌ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كل الأحاديث الواردة في فضل الصلاة في رجب، أو في فضل الصيام في رجب كلها أحاديث ضعيفة جداً.
بل قد قال بعض العلماء إنها موضوعةٌ ومكذوبةٌ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا يحل لأحد أن يعتمد على هذه الأحاديث الضعيفة، بل التي قيل إنها موضوعة، لا يحل لأحد أن يعتمد عليها؛ فيخص رجب بصيامٍ أو صلاة؟ لأن ذلك بدعة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار".
ولقد سمعت أن بعض الإخوة الوافدين إلى بلادنا صاموا يوم أمس؛ لأنه أول يومٍ من رجب، وهؤلاء قد يكونون معذورين لكون هذا معروفاً عندهم في بلادهم، ولكنني أقول لهم إن هذا بدعة، وإنه لا يجوز لأحدٍ أن يخصّص زماناً أو مكاناً بعبادة لم يخصّصها الله ورسوله بها؛ لأننا نحن متعبدون بشريعة الله، لا بأهوائنا ولا بميولنا وعواطفنا.
إن الواجب علينا أن نقول سمعنا وأطعنا، نفعل ما أمر الله به، ونترك ما نهى الله عنه، ولا نشرّع لأنفسنا عباداتٍ لم يشرعها الله ورسوله، إنني أقول لكم مبيناً الحق إن شهر رجب ليس له صلاةٌ تخصه، لا في أول ليلة جمعة منه، وليس له صيامٌ يخصه في أول يومٍ منه، ولا في بقية الأيام، وإنما هو كباقي الشهور فيما يتعلق بالعبادات، وإن كان هو أحد الأشهر الأربعة الحرم، ونسبوا ما قيل فيه من الأحاديث الضعيفة ما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول إذا دخل شهر رجب: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان".
ولكن هذا -أيها الأخوة-، وأسمعوا ما أقول، هذا حديثٌ ضعيفٌ منكر، لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء، لأنه لم يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما قلته لكم لأنه يوجد في بعض أحاديث الوعظ، يوجد هذا الحديث فيها، ولكنه حديثٌ لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أيها المسلمون: إن في ما جاء في كتاب الله وفي ما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأعمال الصالحة؛ كفايةً عما جاء في أحاديث ضعيفة أو موضوعةٍ مكذوبةٍ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن الإنسان إذا تعبّد لله بما ثبت أنه من شرع الله؛ فقد عبد الله على بصيرة يرجو ثواب الله، ويخشى عقابه.
اللهم إنا نسألك أن ترزقنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً، وذريةً طيبةً يا رب العالمين، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً يا رب العالمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.