البحث

عبارات مقترحة:

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

الأعياد الممنوعة

الولاء والبراء أصل من أصول توحيد الألوهية، وركيزة من ركائز الإيمان والدين، واستقلال المسلمين بأعيادهم وعباداتهم وشعائرهم مطلب من مطالب الشريعة العليا؛ لأن الإسلام نهى عن جميع الوسائل التي تقدح في العقيدة. فالحمد لله على كمال الدين، وتمام النعمة. ورضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا. هذا، ووجه كون الأعياد البدعية من قوادح توحيد الألوهية أن الأعياد من جملة العبادات التي ينبغي التقيد فيها بالنص، وأن تعظيم أيام أو أماكن لم يعظمها الله تعالى يُزاحم إخلاص التعظيم والمحبة لله سبحانه وتعالى، ويضرب عقيدة الولاء والبراء في نفوس المسلمين، والله تعالى أعلم. اللهم إنا نبرأ من الكفار وعاداتهم وأعيادهم، اللهم ارزقنا مخالفتهم، واتباع سبيل المؤمنين، اللهم ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾.

التعريف

التعريف لغة

قال ابن منظور: «العِيدُ: كلُّ يَوْمٍ فِيهِ جَمْعٌ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ عَادَ يَعُود كأَنهم عَادُوا إِليه؛ وَقِيلَ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْعَادَةِ لأَنهم اعْتَادُوهُ، وَالْجَمْعُ أَعياد لَزِمَ الْبَدَلَ، وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْ لَقِيلَ: أَعواد كرِيحٍ وأَرواحٍ لأَنه مِنْ عَادَ يَعُودُ...؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ: واعْتادَ أَرْباضاً لَها آرِيُّ، . .. كَمَا يَعُودُ العِيدَ نَصْرانيُ فَجَعَلَ الْعِيدَ مِنْ عَادَ يَعُودُ؛ قَالَ: وتحوَّلت الْوَاوُ فِي الْعِيدِ يَاءً لِكَسْرَةِ الْعَيْنِ، وَتَصْغِيرُ عِيد عُيَيْدٌ تَرَكُوهُ عَلَى التَّغْيِيرِ كَمَا أَنهم جَمَعُوهُ أَعياداً وَلَمْ يَقُولُوا أَعواداً؛ قَالَ الأَزهري: والعِيدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْوَقْتُ الَّذِي يَعُودُ فِيهِ الفَرَح وَالْحُزْنُ، وَكَانَ فِي الأَصل العِوْد فَلَمَّا سُكِّنَتِ الْوَاوُ وَانْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا صَارَتْ يَاءً، وَقِيلَ: قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً ليَفْرُقوا بَيْنَ الِاسْمِ الْحَقِيقِيِّ وَبَيْنَ الْمَصْدَرِيِّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما جُمِعَ أَعيادٌ بِالْيَاءِ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ، وَيُقَالُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعوادِ الْخَشَبِ. ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَ العِيدُ عِيدًا لأَنه يَعُودُ كُلَّ سَنَةٍ بِفَرَحٍ مُجَدَّد». "لسان العرب" (3 /319).

التعريف اصطلاحًا

«الأعياد: جمع عيد، وهو اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد؛ إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر، أو نحو ذلك. فالعيد يجمع أموراً منها يوم عائد كيوم الفطر، ويوم الجمعة، ومنها اجتماع فيه، ومنها أعمال تجمع ذلك من العبادات أو العادات، وقد يختص العيد بمكان تعينه، وقد يكون مطلقاً، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيداً». "المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية" لإبراهيم البريكان (ص: 186). هذا، ويغفل كثير من الناس عن المعنى الحقيقي للعيد ويظنونه في لبس الجديد فقط، وهذ وإن كان من سمات العيد إلا أن العيد يوم فرح وسرور بفضل الله تعالى ورحمته، ولذا تجد أيامه في الإسلام مرتبطة بأعمال عظيمة، وعبادات كبيرة. وفي هذا المعنى يقول أبو إسحاق الألبيري رحمه الله تعالى: "ديوان أبي إسحاق الإلبيري" (ص: 67). مَا عيدك الفخم إِلَّا يَوْم يغْفر لَك. .. لَا أَن تجر بِهِ مستكبرا حللك كم من جَدِيد ثِيَاب دينه خَلِقٌ. .. تكَاد تلعنه الأقطار حَيْثُ سلك وَكم مُرَقع أطمار جَدِيد تقى. .. بَكت عَلَيْهِ السما وَالْأَرْض حِين هلك مَا ضرّ ذَلِك طمراه وَلَا نَفَعت. .. هَذَا حلاه وَلَا أَن الرّقاب ملك وهو قول ينم عن عمق معرفة بحقيقة العيد، وكونه طاعة لله وليس مدعاة للغرور والتكبر.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

لا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، إلا أن الشريعة قيدت الأعياد بما يلي: - عيد الفِطر من رمضان وهو: أوَّل يومٍ من شهر شوال. - وعيد الأضحى: وهو اليوم العاشرُ من شهر ذي الحجَّة. - وأيام التشريق: وهي الحادي عَشَرَ، والثَّاني عَشَرَ، والثَّالثَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ ذي الحَجَّةِ - ويوم الجمعة من كل أسبوع.

الحكم

لا يجوز لأحد أن يلازم الحفاوة والاحتفال بيوم من الأيام، أو مكان من الأماكن، أو اجتماع من الاجتماعات لم يرد الشرع باتخاذه عيداً سواء كان ذلك بتخصيصه بعبادة من العبادات، أو اجتماع من الاجتماعات، أو عادة من العادات، فإن قارنه الموافقة لأعداء الله من الكفار، والمشركين، وأهل الكتاب من اليهود والنصارى كان الأمر أعظم حرمة وأشد خطراً، وذلك لما فيه من المشابهة الظاهرة بهم، والذي هو طريق للمشابهة في الباطن. فيحرم الاحتفال بعيد الميلاد، سواء كان للمسيح أو للنبي محمد وغيرهما من الناس، لما في ذلك من مشابهة اليهود والنصارى. وهكذا كل احتفال أو اجتماع يعتاد كل أسبوع، أو شهر، أو سنة، ولم يأت من الشرع ما يدل على إباحته كعيد رأس السنة، أو الاحتفال بالهجرة، أو الإسراء، أو ليلة النصف من شعبان. ومن ذلك ما ابتدع هذه الأزمان من الاحتفال بالأيام الوطنية، وعيد الحب، وعيد الأم، وعيد الأب ونحو ذلك. ولا شك أن هذه الأعياد والاجتماعات ليست من ديننا فهي مردودة أي: باطلة. فيحرم اعتيادها، والاحتفاء بها، والعناية بأمرها؛ لأنها من البدع والضلالات. انظر: "المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية لإبراهيم بن محمد البريكان" (ص: 186).

الأدلة

القرآن الكريم

الأعياد الممنوعة في القرآن الكريم
قال الله تعالى ضمن آيات وصف عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان: 72]، «قال مجاهد في تفسيرها: إنها أعياد المشركين، وكذلك قال مثله الربيع بن أنس، والقاضي أبو يعلى، والضحاك». "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص: 181)، والآية تشمل كل باطل من قول أو فعل. وحضور أعياد المشركين من أعظم الباطل، والزور، والضلال. وإذا كان الله تعالى قد مَدحَ تَرْكَ شُهودِ أعياد الكفار الذي هو مجرد الحُضور برُؤيةٍ أو سَماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك مِن العمل، الذي هو عَمل الزُّور لا مُجرَّد شُهودِه. انظر: "تفسير ابن عاشور" (19 /78).

السنة النبوية

الأعياد الممنوعة في السنة النبوية
- عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟»، قَالُوا: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ». أخرجه أبو داود (3313)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (3313). وهذا حديث صريح في وجوب مفارقة أعياد الكفار، والبراءة منها. وانظر - رحمك الله تعالى - إلى حرص النبي ألا ينحر الرجل الإبل في مكان عيد المشركين، لتعلم أن الولاء والبراء أصل من أصول الدين، وركيزة من ركائز الإيمان، وأن استقلال المسلمين بأعيادهم وعباداتهم وشعائرهم مطلب من مطالب الشريعة، وأن الإسلام نهى عن الوسائل التي تؤدي لما يقدح في العقيدة، فالحمد لله على كمال الدين، وتمام النعمة، ورضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا. - وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، دَخَلَ عَلَيْهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى، وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاذَفَتْ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ؟ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا اليَوْمُ». أخرجه البخاري (3931). - وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ». أخرجه أبو داود (1134)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1134). وهذا دليلان ظاهران في النص على إقامة أعياد المسلمين، ووجوب هجران أعياد المشركين. - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». أخرجه أبو داود (4031)، وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (4031): حسن صحيح. - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَعْفُوا اللِّحَى، وَخُذُوا الشَّوَارِبَ، وَغَيِّرُوا شَيْبَكُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى». أخرجه أحمد (8672)، وصححه شعيب الأرنؤوط ومن حقق المسند معه. ومن التشبه بالكفار: مشاركتهم أعيادهم، وتهنئتهم بها، والاحتفال في أيامها. - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ». أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718). وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ»، وَيَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ»، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ثُمَّ يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ». أخرجه مسلم (867). - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، وَحُجْرِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَا: أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: 92] فَسَلَّمْنَا، وَقُلْنَا: أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ الْعِرْبَاضُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». أخرجه أبو داود (4607)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (4607). وهذه شواهد واضحة في النهي عن الابتداع والإحداث في الدين، والأعياد من جملة الشرائع والعبادات التي يجب التقيد فيها بالنص. فالخيرُ كل الخيرِ في الاتباع، وترك الابتداع، والله الهادي إلى سواء السبيل.

الإجماع

قال ابنُ حزم: «صلاة العيدين: هما عيد الفِطر من رمضان، وهو: أوَّل يومٍ من شوال، ويوم الأضحى: وهو اليوم العاشرُ من ذي الحجَّة، ليس للمسلمين عيد غيرهما، إلَّا يوم الجمعة، وثلاثة أيام بعد يوم الأضحى؛ لأنَّ الله تعالى لم يجعل لهم عيدًا غير ما ذَكرْنا، ولا رسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. ولا خلافَ بين أهل الإسلام في ذلك، ولا يَحرُم العمل، ولا البيع في شيءٍ من هذه الأيَّام: لأنَّ الله تعالى لم يمنع من ذلك، ولا رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا خلافَ أيضًا بين أهل الإسلامِ في هذا». "المحلى" (5 /81).

أقوال أهل العلم

«الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله سبحانه: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ [الحج: 67]، كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد، موافقة في الكفر. والموافقة في بعض فروعه: موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر، وأظهر شعائره ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه. وأما مبدؤها فأقل أحواله: أن تكون معصية، وإلى هذا الاختصاص أشار النبي بقوله: «إن لكل قوم عيدا، وإن هذا عيدنا» وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار ونحوه من علاماتهم؛ لأن تلك علامة وضعية ليست من الدين، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر، وأما العيد وتوابعه، فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه». ابن تَيْمِيَّة "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" (1 /528-529).
«بعض الناس قد يمتنع من إحداث أشياء في أيام عيدهم، كيوم الخميس والميلاد، ويقول لعياله: إنما أصنع لكم هذا في الأسبوع أو الشهر الآخر. وإنما المحرك له على إحداث ذلك وجود عيدهم ولولا هو لم يقتضوا ذلك، فهذا من مقتضيات المشابهة. لكن يحال الأهل على عيد الله ورسوله ويقضي لهم فيه من الحقوق ما يقطع استشرافهم إلى غيره، فإن لم يرضوا فلا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أغضب أهله لله أرضاه الله وأرضاهم». ابن تَيْمِيَّة "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" (2 /5-6).
«إن تخصيص يوم من أيام السنة بخصيصة دون غيره من الأيام يكون به ذلك اليوم عيداً، علاوة على ذلك أنه بدعة في نفسه ومحرم وشرع دين لم يأذن به، والواقع أصدق شاهد، وشهادة الشرع المطهر فوق ذلك وأصدق». ابن إبراهيم "فتاوى محمد بن إبراهيم" (3 /107).
لم يرتبط أيٌ من العيدين - الفطر والأضحى - بما له صلة بالعقائد الأخرى في مواقيت الأعياد لأي أمة من الأمم، وهذا لصيانة عقائد المسلمين عن أي مُعْتَقَد أبطله الإسلام، وإبعاداً للمسلمين عن ذلّ التبعية لغيرهم، واستعلاء بالإسلام على جميع الأديان... فلا ارتباط للعيد في الإسلام بالذكريات وتقديس الأشخاص، صيانة للمسلمين عن مشابهتهم للنصارى بعيد الميلاد، وعيد الغفران، وعن مشابهتهم لليهود بعيد اليوبيل. وكمْ في تقديس الأشخاص، والولَع بالذكريات من شوب للإرادة، وكَدَر لصفاء التوحيد، والتفات إلى غير الله. ولا ارتباط للعيد في الإسلام بالقوميات العرقية والوطنية إبقاءً لرابطة الإخاء بين المسلمين على الإسلام، وفي هذا تحطيم لروابط المخالفين التي محاها الإسلام، وإلغاء لكيان الأعياد المدنية والقومية والوطنية بين المسلمين. وبهذا وضح - ولله الحمد - أن الاحتفال باليوبيل على اختلاف مدده، وعلى اختلاف أغراضه، هو احتفال بدعي في الدين، ومنازعة في أمر ربّ العالمين، وتشبه بالكافرين وتعظيم لحرماتهم. وأنه يجب على من نهى عن الاحتفالات البدعية، ومنها الاحتفال بعيد مولد النبي ، والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، والاحتفال برأس العام الهجري وغيرها من الأعياد المبتدعة لدى بعض المسلمين، التي أدخلها المضللون، يجب على الناهين عن هذه الأعياد البدعية وجوباً أولياً أن يعلنوا النهي عن الاحتفال بعيد اليوبيل: الفضي، والذهبي، والماسي، والثمانيني، لأي مدة كان، ولأي مكان، ولأي شخص، أو مناسبة، و من لم يفعل فهو متناقض مضطرب، شاء أم أبى، وهذا من اتباع الهوى. بكر أبو زيد انظر: "عيد اليوبيل" (ص: 20، 22، 25).
«من مشابهة أعداء الله تعالى ما ابتلي به الأكثرون من اتخاذ أعياد زمانية ومكانية كلها مبتدعة، فأما الزمانية فكثيرة، منها يوم المولد، وليلة المعراج، وليلة النصف من شعبان، ومنها ما يجعل لميلاد صالح أو من يظن صلاحه، ومنها ما يجعل لولاية بعض الملوك ويسمى عيد الجلوس وهو مأخوذ من عيد النيروز عند العجم، ومنها ما يجعل لثورة المنازعين للملوك وانتصار بعضهم على بعض وهو مأخوذ من عيد المهرجان عند العجم». حمود التويجري "الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين" (ص: 54).
ابن تَيْمِيَّة

مسائل متعلقة

الاحتفال برأس السنة الميلادية

وهو المسمى: الكرسمس، أو تهنئة النصارى فيه؛ فهذا احتفال بدعي محرم لا يجوز فعله، ولا تهنئة النصارى فيه. انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم" (1 /478، 479)، "مجموع ورسائل وفتاوى ابن عثيمين" (25 /495)؛ لأمرين: الأول: أن هذا فيه تشبه بالكفار؛ لأنه موافقة للنصارى فيما ليس من ديننا ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم والتشبه بهم ، وترك مصلحة مخالفتهم المقصودة للشارع. الثاني: ما ورد من الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار في النهي عن مشابهة الكفار في أعيادهم خاصة، وما ورد في النهي عن مداهنتهم والرضا بأفعالهم. يقول ابن التركماني في كتابه "اللمع في الحوادث والبدع" (1 /293-316) عن هذه الأعياد النصرانية: «فصل: ومن البدعة أيضا والخزي والبعاد ما يفعله المسلمون في نيروز النصارى ومواسمهم والأعياد من توسع النفقة، وهذه نفقة غير مخلوفة، وسيعود شرها على المنفق في العاجل والآجل».

الاحتفال بيوم ميلاد الإنسان

وهذا فرع عن المسألة السابقة، فيكون ذلك محرما منهيا عنه؛ لما فيه من مشابهة الكفار التي نُهينا عنها. انظر: "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز" (5 /176)، "مجموع ورسائل وفتاوى ابن عثيمين" (9 /376).

الاحتفال برأس السنة الهجرية

وهذا أيضا بدعة محرمة؛ لأن الأعياد مرجعها إلى الشرع وليس إلى العادات؛ فيكون في اختراع أعياد لم يدل الشرع عليها إحداث وابتداع في الدين، وفيه أيضا: تشبه بالنصارى في احتفالهم برأس السنة الميلادية. انظر: "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لابن باز" (17 /31)، "مجموع ورسائل وفتاوى ابن عثيمين" (16 /203، 204).

الاحتفال بالأيام الوطنية

يحرم الاحتفال بالأيام الوطنية؛ لأن هذا العمل بدعة وتشبه بالكفار، وإليك ما أفتت به اللجنة الدائمة في هذا الأمر: «الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: أولاً: العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد، إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك، فالعيد يجمع أموراً منها: يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة، ومنها: الاجتماع في ذلك اليوم، ومنها: الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات. ثانياً: ما كان من ذلك مقصوداً به التنسك والتقرب أو التعظيم كسبا للأجر، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم، مثال ذلك الاحتفال بعيد المولد، وعيد الأم، والعيد الوطني، لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله، ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار». "فتاوى اللجنة الدائمة" (3 /88-89).

المواد الدعوية