البحث

عبارات مقترحة:

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

التقنية الحديثة

العربية

المؤلف عبد العزيز بن داود الفايز
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. التعارف سنة نبوية .
  2. أحوال الناس في التعامل مع وسائل التقنية الحديثة .
  3. بعض صور استغلال التقنية الحديثة في الشر والتحذير من ذلك .
  4. الحث على استغلال وسائل التقنية الحديثة في نشر الخير .
  5. آداب ينبغي مراعاتها عند استعمال الهاتف والاتصال .

اقتباس

في هذا الزمان الذي قرب فيه البعيد، تسارعت فيه الأمور والأحداث، وأصبح الإنسان هو في بيته أن يتعرف على أحوال الناس، وعلى الناس في كل بلد وفي كل مكان، عبر هذه الوسائل التي انتشرت بهذه الثورة المعلوماتية التي انتشرت وتتجدد في كل زمان، والناس انقسموا تجاهها إلى...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَن سار على طريقته ونهجه، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك.

أما بعد:

فيا عباد الله: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

واعلموا -يا رعاكم الله- أن من سنن الله -جل وعلا- التي شرعها، وسنها رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: التعارف بين الناس، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل مَن يجده عنه يسأله من أي قبيلة أو أي شخص هو، وجد قومًا صلوات ربي وسلامه عليه، قال: "من القوم؟" فأخبروه.

قال أهل العلم: فمن السنة: التعارف بين الناس، قال الله -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات: 13].

فمن السنة -يا عباد الله-: أن يتعرف المسلم على إخوانه المسلمين، ويقوم بما يجب عليه.

وفي هذا الزمان الذي قرب فيه البعيد، تسارعت فيه الأمور والأحداث، وأصبح الإنسان هو في بيته أن يتعرف على أحوال الناس، وعلى الناس في كل بلد وفي كل مكان، عبر هذه الوسائل التي انتشرت بهذه الثورة المعلوماتية التي انتشرت وتتجدد في كل زمان، والناس انقسموا تجاهها إلى قسمين -وهي سلاح ذو حدين-: من الناس من استغلها في الخير؛ استغلها في الدعوة إلى الله -جل وعلا-، استغلها برحمة الخلق، علم القرآن والسنة، علم الناس ما يجب عليهم من أمور دينهم، امتثالا لقول الله -جل في علاه-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل: 125].

ويستحضر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أرسل عليا إلى خيبر: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم"، في هذا الزمان يستطيع كل واحد منا أن يساهم في الدعوة إلى الله -جل وعلا- عبر كلمة يكتبها أو ينقلها عبر هذه الوسائل، فتنتشر عبر الآفاق، وهذا من نعم الله -جل وعلا- التي يجب أن تشكر وأن تستغل بالخير، وإيصال الخير إلى الغير -يا عباد الله-.

ومن الناس من استغلها أيضا في البحث والاطلاع، وهذه أيضا نعمة، فبمجرد أن يضغط الإنسان على أزرار هذا الحاسوب إلا ويجد الفتوى بين يديه، أو المسألة العلمية بين يديه.

وكان في السابق -يا عباد الله- تضرب أكباد الإبل حتى يقف المسلم على حديث من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ خرج الإمام أحمد من العراق يريد عبد الرزاق في اليمن حتى يأخذ منه بعض الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو قرأنا في سير العلماء، بل إنك لا تجد عالما من العلماء إلا ورحل في طلب العلم يأخذ أحاديث أو حديثا واحدا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأحاديث الآن بين يدينا يستطيع الإنسان أن يعرف صحة الحديث أو ضعف الحديث، ويعرف أقوال أهل العلم في دقائق معدودة، فهذا من نعمة الله -جل وعلا-، واستفاد من هذه الأجهزة الباحثون، استفاد منها الأطباء والمهندسون، كل منهم في تخصصه، واستفاد منها أيضا كل رجل يريد أن ينفع نفسه وينفع غيره.

ولكن المصيبة -يا عباد الله-، من الناس من سخر هذه الأجهزة للضرر على الغير.

والضرر على الغير يختلف اختلافا كبيرا، فمن الناس من يظلم عباد الله في هذه الأجهزة، يجلس في غرفته لا يراه إلا الله، ونسي هذا المسكين وإن وضع له رمزا من الرموز حتى لا يعرفه الناس، ولكن رب الناس يعرفه، ويعلم حاله ويعلم مكانه، ويعلم سره ونجواه: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 18] نكرة في سيق النفي تشمل كل قول يتلفظ به الإنسان، فالأعمال التي يقوم بها الإنسان، والأقوال التي يقولها مرصودة: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ) [الإنفطار: 10 - 12]، فيتحدث بفلان، وفلان فعل، وفلان سرق، ويقيم الأشخاص، يقيم الشخصيات العلمية والسياسية، وينتقد هذا وذاك، ولا يسلم أحدا من لسانه.

والغيبة -يا عباد الله- محرمة في كتاب الله، قال الله -جل وعلا-: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) [الحجرات: 12].

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إياكم والغيبة" قالوا: يا رسول الله وما الغيبة؟ قال: "الغيبة ذكرك أخاك بما يكره".

وظلمك لهذا الإنسان ظلم لنفسك، وتصبح هدفا من أهداف الدعوة المستجابة التي يرفعها هذا المظلوم الذي تجنيت عليه.

فاتق الله -يا عبد الله- واعلم أن الجرح بنانك أشد ربما من الجرح بلسانك، والنبي -صلى الله عليه وسلم-: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فرجيه، اضمن له الجنة".

والمسلم -يا عباد الله- من سلم المسلمون من لسانه ويده.

فلنتق الله -جل وعلا- فيما نقول، ولنراقب الله -جل في علاه-، تقدست ذاته وأسماؤه بحركاتنا وبسكناتنا.

ومن الناس -يا عباد الله- وخاصة بعض الشباب -هداهم الله- ونور قلوبهم وبصائرهم أتاهم الله -جل وعلا- موهبة ومعرفة بهذه التقنية، استغلوها في أذية الناس بأعراضهم، وينشرون صورا محرمة، وربما يهددون ويبتزون بعض النساء، فتقع تلك الفتاة المسكينة تحت طائلة تهديد أولئك الشباب، أولئك الذئاب البشرية، يريدون أن يأخذوا منها عرضها.

فاتق الله -يا عبد الله- واعلم أن لك أخوات، واعلم بأن لك بنات، وأنك كما تدين تدان، وأن هذا دين سيرد عليك.

فاتق الله -يا عبد الله- يا من تؤذي بعض الناس بأعراضهم، وتعتدي عليهم في أعز ما يملكون بعد عقيدتهم ودينهم في أعراضهم.

اتق الله -يا عبد الله-، وراقب الله -جل وعلا- في هذه التصرفات المشينة التي يمقتها الشرع والعقل والفطرة السليمة.

فاتق الله -يا عبد الله- وراقب الله -جل وعلا-.

وأنت يا من تجلس في غرفتك، وتشاهد المشاهد المحرمة: ألم تعلم بأن الله مطلع عليك؟ احذر أن تكون ممن إذا خلو بمحارم الله انتهكوها.

احذر أن ينطبق عليك حديث ثوبان: "يأتي الناس يوم القيامة بأعمال كالجبال فيجعلها الله هباءً منثورا" فقال ثوبان: جلهم لنا يا رسول الله؟ من هم هؤلاء؟ قال: "هم أناس يأخذون من الليل ما تأخذون، غير أنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" استهانوا بنظر الله، استهانوا بعلم الله، يخشون الناس ولكن لا يخشون رب الناس، والناس لا ينفعون ولا يضرون، والذي يجلب النفع هو الله، والذي يدفع الضر هو الله، والذي يدخل الجنة هو الله، والذي يمنعك من دخول النار هو الله.

فاتق الله -يا عبد الله-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [المجادلة: 7] تجلس في غرفتك لا يراك الناس، ثم تنظر وتقلب الصفحات، تلو الصفحات، وتنظر إلى النساء العاريات، والله يراك، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم الله، وربما تنشر هذه الصور، ألم تعلم أنك بنشر هذه الصور تأثم مرات ومرات، فكل من نظر إلى هذه الصورة فهو في ميزان سيئاتك -والعياذ بالله-، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم: "من دعا إلى ضلالة فعليه وزرها ووز من عمل بها إلى يوم القيامة".

كم من شخص الآن تحت الثرى وسيئاته تنهال عليه من هذه التقنية الحديثة التي خلف بها ما خلف من الصور الإباحية المشينة من الظلم والتجني؟ وأولئك الناس ينظرون إلى ما ترك، والآثام تصب على قبره -والعياذ بالله-.

فاتق الله -يا عبد الله-.

وربنا -جل وعلا- أرشدنا وعلمنا كيف نتعامل مع تلك الإشاعات المجهولة، يقول الله -جل في علاه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 6].

هذه الإشاعات التي يطرحها مجهول، ثم يتداولها الناس وينشرونها عبر القنوات، هذا لا يجوز، "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع".

علينا أن نتحرى -يا عباد الله- سند الحديث إذا كان به راو مجهول، فإن الحديث يصبح حديثا؛ لأن به راو مجهول، فكيف إذا كان السند كله مجهول؟

فلنتق الله -جل وعلا-، ولا ننقل هذه الأخبار ونقع في الإثم -يا عباد الله-.

وأيضا مما يحصل من أضرار عظيمة -يا عباد الله-: أن بعض الناس يجتهد في نشر الصور المحرمة في جميع المواقع والمنتديات.

فاتق الله -يا عبد الله-، واعلم بأن النظر إلى النساء محرم، كيف وإذا كانت عارية -يا عباد الله-؟ كيف أتت هذه الجرأة؟ كيف تساهل الناس بمعصية الله -جل وعلا-؟

وهذه الأمور من المخاطر التي قد تؤدي بالإنسان -والعياذ بالله- إلى سوء الخاتمة.

فلنتق الله -يا عباد الله-، ولنستغل هذه النعمة أعني هذه الأجهزة بالخير ونشر الخير، ورحمة الغير، نعرف بدين الإسلام، الناس ينتظرون منا في كل مكان أن نشرح محاسن دين الإسلام، أن نبين أخلاق الإسلام، أن نبين أخلاق المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، نرد على كل من أساء إلى سيد البشرية -عليه الصلاة والسلام-، بتبيين سنته، ونشر سنته، لا سيما ممن أكرمه الله، وعرف اللغة الإنجليزية، يستطيع أن يدعو إلى الله -جل وعلا-، وأن ينشر دين الله -جل وعلا- في كل مكان وهو في بلده، ويصل كلامه إلى أقصى الأرض.

فلنتق الله -يا عباد الله-، ولنستغل هذه النعمة في طاعة الله -جل وعلا-؛ لأننا سنسأل عنها.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله حمدًا يليق بجلال الله وعظمته، وأصل وأُسلِّم على سيد الأولين والآخرين عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلى الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقاته، واجتهدوا -يا رعاكم الله- أن نتخلق بأخلاق الإسلام في أقوالنا وفي أعمالنا، ومن ذلك -يا عباد الله-: أن نأخذ بهدي سيد الأنام -عليه الصلاة والسلام- في جميع تصرفاتنا.

ومن الآداب التي ينبغي مراعاتها في هذه الأجهزة عند اتصالك بالهاتف -يا عبد الله-: سلم على من تتصل عليه، واترك الكلمة الدارجة عند الناس، وقل: "السلام عليكم ورحمة الله"، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتهم، أفشوا السلام بينكم".

فإذا أخذت سماعة الهاتف، فقل: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" هذه الدعوات المباركات لا تحرم نفسك أن الذي اتصلت عليه أنه سيدعو لك بدعوات مباركة.

نعم، فعلينا أن نهتدي بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وألا نقلد الكفار بما يقولونه بسلامهم، ولنعتز بديننا.

وأيضا -يا عباد الله-، يا من تستخدمون الهاتف في بيوت الله، وتضعون الجرس الموسيقى، أقول لك: اتق الله -يا عبد الله-، فضع الموسيقى على هاتف الجوال محرمة شرعا، وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة بتحريم ذلك، فلنتق الله -جل وعلا-، لا يتوقع الإنسان في يوم من الأيام أن يسمع الموسيقى في بيت من بيوت الله، لا يتوقع المسلم -يا عباد الله- أنه في يوم من الأيام أنه يسمع الموسيقى في حرم الله بجوار الكعبة.

فاتق الله -يا عبد الله-، واعلم أن هذه أذية للمؤمنين، والله -جل وعلا- يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58] شوشت على المصلي! آذيت المصلين! آذيتهم في صلاتهم! آذيتهم في خشوعهم! آذيتهم في عبادتهم!

فاتق الله -يا عبد الله-، واستبدل ذلك بما هو سائغ شرعا.

عليك أن تزيل هذه الموسيقى من هذا الجهاز، ولتحذر كل الحذر من أن تقع في معصية الله -جل وعلا-.

وعلينا أيضا -يا عباد الله- أن نتق الله في جميع وسائل التقنية؛ مثل التويتر والفيس بوك، وغير ذلك، من أن الإنسان يأخذ وينقل من بعض الأخبار التي فيها سب، وفيها شتم، وفيها نميمة وغيبة، فلنتق الله -يا عباد الله-.

وأيضا مما يحسن التنبيه إليه: بعض الناس يضع على جرس الهاتف القرآن أو أدعية أو نحو ذلك، وهذا كله خطأ -يا عبد الله-، القرآن إنما أنزل ليتلى، ليعمل به -يا عبد الله-، ليس ليوضع للتنبيه على أن هناك مكالمة أتت إليك، والدعاء -يا عباد الله- هو العبادة، ولم يوضع لتنبيه جرس أتى إليك، فاتق الله -يا عبد الله- واعلم بأن هذا لا يجوز شرعا.

وبعض الناس من حبه للخير يضع دعاءً أو يضع قرآنا، ويجعله هو الذي ينبهه برسالة واردة إليه.

وكذلك -يا عباد الله- علينا أن نتنبه إلى مسألة وهي: بعض الرسائل التي يرسلها البعض، ويقول: لا أبيحك إلا أن تنشرها إلى من عندك في الجهاز!

أقول لك: اتق الله من أنت حتى تؤثم الناس! لا يجب على الناس إلا ما أوجبه الله عليهم، لا يجب على الناس إلا ما أوجبه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فلا يحل لك أن تؤثم الناس وأن تصدر فتوى، وتقول: انشرها إلى عشرة، أو إذا لم تنشرها ستأتيك العقوبة الفلانية، أو إذا نشرتها سيأتيك الخير الفلاني.

هذا -يا عباد الله- من الأخطاء المنتشرة.

بل أقول: ربما بعض الرسائل يحرم نشرها كما يوجد بعض الأحاديث المكذوبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبعض البدع بعض الخرافات، نقول: أنك إذا نشرت هذا فإنك تأثم بنشره.

فعلينا أن نتق الله -يا عباد الله-، وأن نتخلق بأخلاق الإسلام، وآداب الإسلام، ونعلم علم اليقين أن كل العبادات التي نقوم بها لابد أن يتوفر فيها شرطان أساسيان:

الشرط الأول: الإخلاص لله -جل في علاه-.

والشرط الثاني: المتابعة لرسول الهدي -صلى الله عليه وسلم-.

هذا، واعلموا أن الله أمركم بأمرٍ بدأ به بنفسه، فقال جل من قائل عليمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين.

اللهم يا حي يا قيوم، اعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.

اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه رسولك -صلى الله عليه وسلم-، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه رسولك -صلى الله عليه وسلم-.

اللهم اجعلنا يا حي يا قيوم، ممن يطول عمره، ويحسن عمله، اللهم لا تجعلنا ممن يطول عمره ويسوء عمله يا رب العالمين.

أصلح يا رب شباب المسلمين، أصلح يا رب بنات المسلمين، اللهم نور بصائرهم، واجعلهم يستغلون هذه التقنية وهذه الأجهزة بما يعود عليهم بالنفع في دينهم وفي دنياهم يا رب العالمين.

اللهم اجعلهم هداة مهتدين بهذا الدين من المتمسكين وإليه من الداعين، وبصرهم يا رب بمخططات أعداء الدين.

اللهم اجمع القلوب، ووحد الصفوف، واكفنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجمع القلوب ووحد الصفوف يا رب العالمين، وأصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، أصلح شأنهم أصلح حالهم، اجمع كلمتهم، وحد صفهم يا رب العالمين.

اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا يا رب العالمين ووفق ولاة أمرنا لكل خير وأرزقهم الجلساء الصادقين الناصحين يا رب العالمين.

اللهم اعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اجعل آخر كلامنا من هذه الدنيا شهادة التوحيد، اجعل يا رب قبورنا روضة من رياض الجنة، وأظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك.

اللهم اجعلنا ممن يبشر بروح وريحان، ورب راض غير غضبان، واسكنا بأعلى الجنان مع سيد الأنام -عليه الصلاة والسلام-.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90] فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45 ].