الرحمن
هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...
العربية
المؤلف | خالد بن عبدالله الشايع |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصيام |
إن القلب المسكين يتأثر بالمخالطة بالمباحات فكيف بالمحرمات، فمثل هذا القلب يصعب عليه التعبد والتلذذ بالطاعة في رمضان، بل وتثقل عليه الصلوات والمكث في المسجد، فأريحوا قلوبكم بقلة المخالطة في رمضان وتفرغوا...
الخطبة الأولى:
أما بعد فيا أيها الناس: نحن بحمد الله نعيش لحظات شهر الخير والعطاء ونستشعر عظمته، ونتسابق فيه للخيرات، غير أن هناك أعمال تصدر من البعض تعد خللا في الصيام، بل إنها لتخرق الصيام، ولربما أبطلته، بل بعض الأعمال التي تصدر من بعضنا لتخرجه من الملة والعياذ بالله، وهذا ما سنتطرق له بإذن الله في هذه الخطبة، نمر على بعض مظاهر الخلل في صيامنا:
فمن ذلك: النوم عن الصلاة !!! فالبعض ينام من التعب، لأنه يستيقظ مبكرا للعمل ثم يعود متعبا قبل أذان العصر فينام حتى يؤذن المغرب، ويصلي العصر مع المغرب، والآخر يتسحر وسط الليل ثم ينام حتى الساعة التاسعة فيستيقظ للعمل فيصلي الفجر قبل ذهابه للعمل، والبعض للأسف يسهر على اللهو واللعب حتى تشرق الشمس ثم ينام إلى المغرب، فأي صيام هذا، الذي يضيع الإنسان فيه ركنا من أركان الإسلام، إذا كان صيامك لا يبعثك للصلاة فأي فائدة من هذا الصيام؟!
ووجه آخر من الخلل في صيامنا، وهو اطلاق البصر في الحرام؛ كمن يعمل في الأسواق ويطلق بصره في المارة، ومن يقبع عند القنوات ليلا ونهارا، فمثل هذا كيف يحصل التقوى، ونحن نعلم أن التقوى هي فعل الأوامر واجتناب النواهي، والتقوى هي علامة الفلاح في رمضان.
عباد الله: إن من الصائمين من يجتهد في نهار رمضان، ويكسب كثيرا من الحسنات، ثم إذا جاء الليل هدمها بالذنوب والمعاصي، ويعتقد أنه يجب عليه اجتناب المعصية أثناء الصيام فقط.
وإن من الصائمين من يمسك عن الحلال ويفطر على الحرام، فتجده أول ما يفطر، يفطر على سيجارة، والعياذ بالله، ولقد رأيت هذا بأم عيني، يجلس على عتبة بابه قبل الأذان بدقائق وفي يده السيجارة ينتظر الأذان، نسأل الله لنا وله العافية.
ومن الصائمين من يعيش نهار رمضان في فتور وكسل، ثم إذا افطر سعى في الأرض شرقا وغربا، وانغمس في الدنيا وملاذها وشهواتها.
وأقول -يا أحبتي- إن القلب المسكين يتأثر بالمخالطة بالمباحات فكيف بالمحرمات، فمثل هذا القلب يصعب عليه التعبد والتلذذ بالطاعة في رمضان، بل وتثقل عليه الصلوات والمكث في المسجد، فأريحوا قلوبكم بقلة المخالطة في رمضان وتفرغوا لعباد الله -تعالى-.
أيها المؤمنون: ما أحوجنا إلى إحسان الصيام، وتكميله، ليرفع إلى الله وهو في أبهى حلة، أترضى أن يعرض صيامك على ربك مخرقا بالذنوب والآثام، والتفريط، وتضييع الأوقات، إن المرء منا ليستحي أن يعرض عمله بهذه الصورة على الناس فكيف بعرضه على الله.
كما أن من الصائمين من يعتقد أن فعل الطاعة هو في وقت الصوم يعني في النهار فقط، وفي الليل تنتهي العبادات عدا قيام الليل، ولقد كان جبريل ينزل من السماء ليتدارس القرآن مع النبي -صلى الله عليه وسلم- كل ليلة، يعني بالليل.
فرمضان ميدان للمسابقة في الخيرات بالليل والنهار، والأجور مضاعفة في اليوم وليلته، فلا تفرط في ساعات ليلك ونهارك.
عباد الله: هاقد تقضى ثلث رمضان، مر في لمحة بصر، سعد فيه أقوم وخسر فيه آخرون، فاجتهدوا -رحمكم الله- وتعرضوا لنفحات المولى، فالعمر قصير.
اللهم وفقنا لاغتنام الأوقات وعمل الصالحات، أقول قولي ….
الخطبة الثانية:
أما بعد فيا أيها الناس: إن من أقبح العادات التي يقع فيها الناس عموما، ويزداد قبحها في رمضان؛ لأنها تهدم الحسنات، إعمال اللسان فيما يعود على صاحبه بالضرر، كالغيبة والنميمة، والبهتان، والكلام الفاحش، وفيما لا فائدة فيه.
ولرب كلمة تبطل ذهبت بأجر الصوم فلنكن على حذر -عباد الله-.
وإن من العادات السيئة في رمضان، العُجب بالعبادة وازدراء الآخرين؛ فالذي يصلى القيام يلمز غير المصلين، والجالس في المسجد يتنقص الخارج منه، والتالي للقرآن ينظر شزرا إلى من جلس على جواله يعبث في المسجد، صحيح أنكم في عبادة وهم قد فرطوا؛ ولكن الواجب أن تحمد الله على التوفيق، وتدعو لهم بالهداية، فما أسرع العقوبة للمستهزئين، قال جل ذكره (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[الحجر: 95]، والآية وإن نزلت في كفار قريش إلا أنها عامة لكل مستهزء، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
عباد الله: وإن من ما يصيب صيامنا بالخلل إضاعة الوقت في الجوال ومطالعته، عبر الواتساب والسناب شات، وغيرها من الملهيات، والعجب أن البعض يفتح مقاطع فيها نساء وموسيقى، ولا يراعي حرمة المسجد، ويزعج غيره من التالين.
فيا أخي أنت في وقت فاضل وفي بقعة فاضلة، وتعبث بالجوال فيما لا يليق أو لا يحل، هل تعلم كم يفوتك من الأجور وأنت لاه في جوالك فيما لا يليق؟ غيرك يقرأ الجزء والجزأين وأنت في سهو ولهو، إن سلمت من الإثم، وإذا لزم الأمر أخرج من المسجد واصنع ما بدا لك.
ومن مظاهر الخلل في رمضان، التهاون في أداء صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف، وإن كانت صلاة التراويح سنة، إلا أن تركها فيه حرمان كبير من الأجر، هل تعلم أن الذي يصلي مع الإمام حتى ينصرف يكتب له أجر قيام ليلة كاملة، من غروب الشمس إلى طلوع الفجر أخرج الترمذي في جامعه من حديث أَبِى ذَرٍّ قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِىَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا في السَّادِسَةِ وَقَامَ بِنَا في الْخَامِسَةِ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ فَقَالَ: "إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ"، ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِىَ ثَلاَثٌ مِنَ الشَّهْرِ، وَصَلَّى بِنَا في الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلاَحَ قُلْتُ لَهُ: وَمَا الْفَلاَحُ؟ قَالَ: "السُّحُور".
وذكر أبو داود في المسائل (ص 62) قال: سمعت أحمد قيل له: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال: يصلي مع الناس. وسمعته أيضا يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ….