البحث

عبارات مقترحة:

القابض

كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

لا تقربوا الزنا يا مسلمون (5)

العربية

المؤلف سعد بن عبد الله الحميد
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. النظر إلى الحرام من أقوى أسباب الزنا .
  2. سبب وقوع الهوى في القلب .
  3. زنا العينين .
  4. البصر نعمه تستحق الشكر بغضها عن الحرام .
  5. فوائد غض البصر .

اقتباس

بقي السبب المهم الذي نختم به حديثنا هذا، وهو كالقائد للأسباب كلها، ألا وهو النظر إلى ما حرم الله من النساء والصور وغيرهما، فإنه يجر الناظر إلى ما لا يخطر له على بال من البلاء؛ لأن البصر هو صاحب خبر القلب، ينقل إليه أخبار المبصرات، ويناقش فيه صورها، فيجول فيها الفكر، فيشغله ذلك عن الفكر فيما ينفعه من أمر الآخرة ..

 

 

 

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس: مر علينا سابقًا الزنا، وذكر بعضهم أهم مسبباته ووسائله، وبقي السبب المهم الذي نختم به حديثنا هذا، وهو كالقائد للأسباب كلها، ألا وهو النظر إلى ما حرم الله من النساء والصور وغيرهما، فإنه يجر الناظر إلى ما لا يخطر له على بال من البلاء؛ لأن البصر هو صاحب خبر القلب، ينقل إليه أخبار المبصرات، ويناقش فيه صورها، فيجول فيها الفكر، فيشغله ذلك عن الفكر فيما ينفعه من أمر الآخرة.

ولما كان إطلاق البصر سببًا في وقوع الهوى في القلب، أمَرَ الشرع بغض البصر مما تُخاف عواقبه؛ قال الله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور: 30، 31]؛ فالله سبحانه جعل العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق بصرة أطلق القلب شهوته، وفي الصحيحين وغيرهما عن الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر من مزدلفة إلى منى، فرأى امرأة أعجبته، فأخذ ينظر إليها، فحول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه إلى الشق الآخر حتى لا ينظر إليها، فلما سأله عمه العباس عن سبب ذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "رأيت شابًا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما"، فهذا منع وإنكار بالفعل والقول، وفي الصحيحين عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله -عز وجل- كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطى، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يصدق ذلك ويكذبه"، فبدأ بزنا العين لأنه أصل زنا اليد والرجل والقلب والفرج، وهذا الحديث من أصرح الأشياء على أن العين تعصي بالنظر، وأن ذلك زنا.

وفي الحديث الحسن الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يا علي: لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى وليست لك الثانية"، وفي صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- أنه قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نظر الفجأة، فقال: "اصرف بصرك".

ففي هذين الحديثين تنبيه على خطر إتباع النظرة بالنظرة، والأمر بغض البصر حال الوقوع على شيء من هذه المحرمات، وقد ضرب له ابن الجوزي -رحمه الله- بمثال، وهو أنك إذا ركبت فرسًا فمالت بك إلى درب ضيق لا تنفذ ولا يمكن أن تستدير منه للخروج، فإذا همَّت في الدخول فيه تكبحها لئلا تدخل، فإذا دخلت خطوة أو خطوتين فصِحْ بها ورُدَّها إلى الوراء عاجلاً قبل أن يتمكن دخولها، فإن رددتها إلى الوراء سهل الأمر، وإن توانيت حتى دخلت وسقتها داخلاً ثم قمت تجذبها بذنبها عسر عليك أو تعذر خروجها، وكذلك النظرة إذا أثرت في القلب؛ فإن عجل الحازم وحسم المادة من أولها سهل علاجه بإذن الله، وإن كرر النظر ونقب عن محاسن ما نظر إليه تمكنت من قلبه، وكلما توارت النظرات كانت كالماء يسقي الشجرة، فلا تزال شجرة العشق والشهوة تنمو حتى تفسد القلب ويتعرض صاحبها للمحن والفتن وارتكاب المحظورات، والسبب في ذلك أن الناظر الْتَذَّت عينه بأول نظرة، فطلبت المعاودة، ولو أنه غض البصر أول مرة لاستراح قلبه وسلم، وجاء في حديث روي عنه -صلى الله عليه وسلم- من طرق لا تخلو من الضعف أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن تركها من مخافتي أبدلته مكانها إيمانًا يجد حلاوته"، وقال المروزي للإمام أحمد: الرجل ينظر إلى مملوكه، فقال: أخاف عليه الفتنة، كم نظرة قد ألقت في قلب صاحبها البلابل. وقال أحد العلماء لتلميذه: إنما هي أربع لا غير: عينك ولسانك وقلبك وهواك، فانظر عينك فلا تنظر بها إلى ما لا يحل، وانظر لسانك لا تقل به شيئًا يعلم الله خلافه من قلبك، وانظر قلبك لا يكون فيه غل ولا حقد على المسلمين، وانظر هواك لا تهوى شيئًا من الشر، فإذا لم يكن فيك هذه الخصال الأربع، فاجعل الرماد على رأسك، فقد شقيت.

معشر الإخوة: جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "كل عينٍ زانية"، وأوضح ذلك الحديث الآخر في الصحيحين من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "العينان تزنيان وزناهما النظر"، وقد قال سبحانه: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19].

وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية قال: الرجل يكون في القوم، فتمر بهم المرأة، فيريهم أنه يغض بصره عنها، فإن رأى منهم غفلة نظر إليها، فإن خاف أن يفطنوا له غض بصره، وقد اطلع الله -عز وجل- من قلبه أنه يود النظر إلى عورتها.

فاحذر -يا أخي وفقك الله- من شر النظر؛ فكم قد أهلك من ،عابد وفسخ عزم زاهد، فاحذر من النظر فإنه سبب الآفات، وأصل كل فتنة، كما ثبت في الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما تركت بعدي فتنه أضر على الرجال من النساء"، وفي صحيح مسلم عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "اتقوا الدنيا واتقوا النساء"، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: لم يكفر من كفر ممن مضى إلا من قبل النساء، وكفر من بقي من قبل النساء. وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث عبادة وأبي أمامة وغيرهما فيما رواة الإمام أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم"، وفي رواية قال -صلى الله عليه وسلم-: "اكفلوا بست أكفل لكم الجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا ائتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم". فتفهم -يا أخي- إنما بصرك نعمة من الله عليك، فلا تعصه بِنِعَمِهِ، وعامله بغضه عن الحرام تربح، واحذر أن تكون العاقبة سلب تلك النعمة، فزمن الجهاد في الغض لحظة، فإن فعلت نلت الخير الجزيل وسلمت من الشر الطويل.

إني إذا زل الحريص

عزلت في ظل القناعةوأقول للنفس اطمئني فالشجاعة صبر ساعة

ليت الشجاع الذي يحمي فريسته

عند النزال ونار الحرب تشتعللكن فتى غض طرفًا أو ثنا قدمًا عن الحرام فذاك الفارس البطل

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه؛ إنك ولي ذلك والقادر عليه، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون، أحمده سبحانه حمد عبدٍ نزّه ربه مما يقول الظالمون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق المأمون، صلى الله عليه وصحبه الذين هم بهديه مستمسكون وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

أيها الناس: اعلموا أن في غض البصر عدة فوائد: منها: تخليص القلب من ألم الحسرة؛ فإن من أطلق نظرته دامت حسرته؛ لعدم قدرته على الوصول إلى مطلوبه، وإن وصل فالبلية أشد عارًا ونارًا.

ومن فوائده أنه يورث القلب نورًا وإشراقًا يظهر في العين وفي القلب وفي الجوارح؛ يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- ولذا -والله أعلم- ذكر الله سبحانه آية النور في قوله: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [النور: 35]، عقب قوله: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) [النور:30]، أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه، وجاء الحديث مطابقًا لهذا، حتى كأنة مشتق منه، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن غض بصره عن محافل امرأة أورث الله قلبه نورًا"، ومن هذا النور صحة الفراسة؛ قال شجاع الكمراني -رحمه الله تعالى-: من عمّر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشهوات، وأكل من الحلال، لم تخطئ فراسته. وكان شجاع هذا لا تخطئ له فراسة، فالله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنسه، فمن غض بصره عن المحارم عوضه الله سبحانه إطلاق نور بصيرته، فلما حبس بصره لله أطلق الله نور بصيرته، ومن أطلق بصره في المحارم حبس الله عنه بصيرته.

ومن فوائد غض البصر: أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه، ويسهل عليه أسبابه؛ وذلك بسبب نور القلب أيضًا؛ فإنه إذا استنار أقبلت عليه سحائب البلاء والشر من كل جانب.

ومن فوائده: أنه يورث قوة القلب وثباته وشجاعته، فيجعل له سلطان البصيرة مع الحجة، وقد جعل الله العزّ طريق طاعته، والذل طريق معصيته؛ فقال -جل وعلا-: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: 8]، وقال سبحانه: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139]، ولهذا يوجد في المتبع لهواه من ذل القلب وضعفه ومهانة النفس وحقارتها ما يوجد؛ يقول الحسن البصري -رحمه الله-: إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، فذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه. وقد قال بعض الشيوخ: الناس يطلبون العز في أبواب الملوك ولا يجدونه إلا بطاعة الله.

ومن فوائد غض البصر: أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب؛ فإنه يدخل مع النظرة، وينفذ معها إلى القلب بأسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي.

ومن فوائده أيضًا: أنه يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال فيها، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول بينه وبينها، فيفرط عليه أموره، ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه؛ قال الله -جل وعلا-: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) [الكهف: 28].

ومن فوائده أيضًا: أنه امتثال لأوامره -سبحانه وتعالى- الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه وفي معاده، وليس للعبد من دنياه وأخراه أنفع من امتثال أوامر ربه -تبارك وتعالى-، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره.

وإليكم قصة تبين ما يبنيه النظر وإن كان غير مقصود، هذه القصة ذكرها ابن القيم -رحمه الله تعالى- عن عبد الملك بن عمير -رحمه الله- أنه قال: كان أخوان من ثقيف من بني كنة، بينهما من التحابّ شيء لا يعلمه إلا الله، وكل واحد منهما أخوه عنده عدل نفسه، فخرج الأكبر منهما إلى سفر له وله امرأة، فأوصى أخاه بحاجة أهله، فبينا المقيم في دار الظاعن إذ مرت امرأة أخيه في درع تجوز من بيت إلى بيت، وكانت من أجمل البشر، فرأى شيئًا حيّره، فلما رأته ولت ووضعت يدها على رأسها ودخلت بيتًا، ووقع حبها في قلبه، فجعل يذوب وينحل جسمه ويتغير لونه، وقدم أخوه فقال: ما لك يا أخي متغيرًا؟! ما وجعك؟! قال: ما بي من وجع، فدعا له الأطباء فلم يقف أحد على دائه غير الحارث بن كلدة -وكان طبيبًا-، فقال: أرى عينين صحيحتين، وما أدري ما هذا الوجع، وما أظنه إلا عاشقًا، فقال له أخوه: سبحان الله، أسألك عن وجع أخي وأنت تستهزئ بي، فقال: ما فعلت، وسأسقيه شرابًا عندي، فإن كان عاشقًا فسيتبين لكم، فأتاه بشراب فجعل يسقيه قليلاً قليلاً، فلما أخذه الشراب هاج وقال:

ألم بي على الأبيـا

ت من خيف نزرهنه غزال ما رأيت اليو ـم في دور بني كنه أسيل الخد مربـوب وفي منطقـه عنـه

فقال: أنت طبيب العرب، فبمن؟! قال: سأعيد له الشراب، ولعله يسمي، فأعاد له الشراب فسمى المرأة، فطلقها أخوه ليتزوجها، فقال المريض: علي كذا وكذا إن تزوجتها، فقضى ولم يتزوجها.

فهذه القصة أولاً يجب أن يعتبر بها أصحاب البيوت الكبيرة، التي تضم عددًا من أفراد العائلة كالإخوة وأبنائهم؛ فإنه قد يقع نظر الأخ على زوجة أخيه، أو نظر الأخ على ابنة عمه، وقد يحصل من خلالها من البلاء ما لا يعلمه إلا الله، وقد جاءت الشريعة بسد الطرق المفضية لهذه الشرور، فالحفاظ الحفاظ -معشر الإخوة- على حدود الله: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء: 36].

كل الحوادث مبدأها من النظـر

ومعظم النار من مستصغر الشرركم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتـروالمـرء ما دام ذا عين يقلبهـا في أعين الغيد موقوف على الخطريسر مقلتـه ما ضـر مهجتـه لا مرحبًا بسرور عاد بالضـرر