البحث

عبارات مقترحة:

الحميد

(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...

المولى

كلمة (المولى) في اللغة اسم مكان على وزن (مَفْعَل) أي محل الولاية...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

من أسباب نصر الأمة

العربية

المؤلف ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الدعوة والاحتساب
عناصر الخطبة
  1. تأملات في الواقع المرير الذي تحياه الأمة .
  2. سنن الله في النصر والهزيمة .
  3. أسباب تحصيل النصر لهذه الأمة .

اقتباس

لا بد للمسلمين أن يفقهوا حِكَم الله وسننه في النصر والهزيمة، وأنهم ليسوا أول من يسلط عليهم الابتلاء لحِكَم عديدة، فإن شواهد التاريخ ناطقة بأن أشد الناس بلاءً، وأعظمهم ابتلاءً في هذه الدنيا هم خير...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله: يعاني المسلمون في زماننا هذا من أحوال مريرة، ومحنٍ وويلات، ومصائب وابتلاءات، وذل ومهانة، وتسلط الأعداء، وإن من أسباب ذلك: تغيرَ أحوالهم وبُعدَهم عن منهج الله -جل وعلا-، وإقصاءَهم لشريعة الله -تعالى-، وعدمَ التحاكم إليها، والوقوعَ في المعاصي والذنوب، فلا يستغرب أن تصيبهم سنن الله الكونيةُ والقدريةُ قال -تعالى-: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ)[آل عمران:3].

وقال -صلى الله عليه وسلم- : "يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا، قُلْنَا: مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لا، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ، قِيلَ: وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ"(رواه أبو داود، وأحمد وغيرهما).

وما يحدث اليوم من تسلط أعداء الدين من اليهود والصليبين والرافضة، ومن عاونهم على بلاد المسلمين، واحتلالهم لأرضهم يحتاج من الأمة أن تتلاحم وتتعاضد ويجتمع صفّها، وأن تأخذ بأسباب القوة للوقوف أمامهم وصدّهم، وأن تطلب العون والغوث من الله -تعالى-، وأن تتعلق القلوب به سبحانه.

أيها المسلمون: لا بد للمسلمين أن يفقهوا حِكَم الله وسننه في النصر والهزيمة، وأنهم ليسوا أول من يسلط عليهم الابتلاء لحِكَم عديدة، فإن شواهد التاريخ ناطقة بأن أشد الناس بلاءً، وأعظمهم ابتلاءً في هذه الدنيا هم خير خلق الله الأنبياء والمرسلون -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- كُذِّبوا وأُذوا وأُخرجوا من ديارهم وتعرضوا لأنواع من البلاء، بل ربما قُتل بعضهم في سبيل لله كما قال ربنا: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ)[آل عمران:146].

قال -صلى الله عليه وسلم-: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل"، قال الله -عز وجل-: (أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)[يوسف: 109-110].

يا معشر المسلمين: أما قرأتم في خبر أصحاب الأخدود الذين حُرِّقوا بالنار؛ لأنهم قالوا ربنا الله (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)[البروج:4-8].

أما قرأتم في القرآن ما كان من أحداث يوم أُحد عن حمزة سيد الشهداء عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ماذا صنع به يوم أُحد تُبقر بطنه؟ ألم تجدع أنفه؟ ألم تقطع أذنه؟ ألم تُستخرج كبده -رضي الله عنه-؟ مما غاظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعل في قلبه ألمًا دفينًا.

ألم نقرأ في التاريخ ما كان يوم مؤتة حين التقى المسلمون وهم ثلاثة آلاف بمائة ألف من الروم، وانضم إليهم مائة ألف من عملائهم من العرب من لخم وجزام وغيرهم كانوا ثلاثة آلاف أمام مائتي ألف قتل من المسلمين زيد بن حارثة قائدهم، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب فقتلوه، فأخذ الراية زيد بن حارثة فقُتل، فأخذ الراية عبدالله بن رواحة فقتلوه، ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد -رضي الله عنه- فانحاز بالمسلمين إلى المدينة.

هذه حصلت متى -أيها المسلمون-؟ في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث كان الناس أطهر الناس قلوبًا، وأعمقهم هديًا، وأقلهم تكلفًا، وأعظمهم بالله صلة وأشدهم بدين الله استمساكًا؛ كان في الأمر نصر وهزيمة، كرّ وفرّ، تقدم وتأخر، هذه سنة الله (وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ)[محمد:4].

هل كان في إيمانهم نقص؟ هل كان في عملهم من عوج؟ هل كان في يقينهم شك؟ اللهم لا، لكن هذه سنة الله (وَلِيُمَحِّصَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)[آل عمران:141-142]، (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)[البقرة:214].

إن نصر الله للأمة مرهون بمدى تمسكها بمنهج عزتها ومصدر قوتها، كتاب ربها وسنة نبيها، قال الله -جل جلاله-: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)[غافر:51]، وقال: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)[المجادلة:21]، وقال: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)[الصافات:171-173].

لقد وعد الله -عز وجل- بأن يمكّن للمؤمنين في الأرض، وأن يجعل لهم الغلبة، فقال: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)[النور:55].

هذا وعد الله وهذا شرط الله (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) هل حقق الناس هذا الشرط، هل عملوا بأوامر الله؟ هل اجتنبوا نواهيه؟ هل اعتصموا بحبله؟ هل اجتمعت كلمتهم؟ هل توحدت صفوفهم؟ هل كان رضا الله مرادهم؟

هذه أسئلة لا بد أن نطرحها على أنفسنا، وأن نطرحها على إخواننا قبل أن يقول قائلنا: أين نصر الله؟ أين موعود الله؟ لما لا ينتصر المسلمون؟ لماذا يتسلط عليهم الكافرون؟

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد:

عباد الله: اعلموا أن سنن الله لا تحبي أحدًا، وأن الله جعل للنصر أسبابا؛ من حققها نصره، ومن أهمل وفرط فلا يلومن إلا نفسه، ومن أسباب تحصيل النصر لهذه الأمة:

أولاً: الإيمان بالله -تعالى- والعمل الصالح، قال -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)[النور:10].

ثانياً: نصر دين الله -تعالى-؛ وهو القيام به قولاً واعتقاداً وعملاً ودعوةً، قال -جلَّ وعلا-: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الحج:12].

ثالثها -عباد الله-: التوكل على الله والأخذ بالأسباب؛ قال -تعالى-: (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[آلعمران:17]، وقال -تعالى-: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ)[الأنفال:24].

رابعاً: الثبات عند لقاء العدو؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الأنفال:45].

خامسًا: كثرة الدعاء وكثرة ذكر الله؛ فهو من أعظم وأقوى عوامل النصر، فالله -جل وعلا- القوي القادر على هزيمةِ أعدائه، ونصرِ أوليائه، قال -تعالى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وقال -تعالى-: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ)[الأنفال:37]، وقال -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ)[الأنفال:45].

سادساً: عَدمُ العُجبِ والاغترارِ بالقوة والكثرة؛ فإن ذلك من أسباب الهزيمة والخذلان، قال -تعالى-: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ)[التوبة:25].

سابعاً: الاجتماع وعدم التفرق والتنازع؛ فهو سببٌ عظيم لتحصيل النصر، قال -تعالى-: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ)[آل عمران:103]، وصدق الله العظيم إذ يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال:45-46].

فعلى الأمة -عباد الله- إذا أرادت التمكين وتحصيل النصر على أعدائها أن تسير على ما سار عليه سلف هذه الأمة، فترجع إلى دينها، وتنصره في سائر شؤون حياتها، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[محمد:2]؛ فإنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صلح به أولها، وقد وعد الله -جل وعلا- عباده المؤمنين بالنصر المبين على أعدائهم، قال -تعالى-: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)[غافر:4].

وليكن لدى المسلمين ثقة ويقين بأن المستقبل لهذا الدين، والنصر والعزة والغلبة للمسلمين، ما استقاموا على شريعة ربهم، وطلبوا نصره، وعونه، ومتى ما توكلوا عليه، فربنا -سبحانه- عزيز حكيم لا تُغلب قوته ولا يهزم جنده، مستمدين ذلك من قوله -تعالى-: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ)[الأنفال:12]، وقوله -تعالى-: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا * الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)[الصفات:171-173].

أسأل الله -جل وعلا- أن ينصر دينه، ويعز أولياءه، وأن يكشف الغمة عن هذه الأمة، وأن يمكن لها في الأرض، وأن يحفظ علينا وعلى بلاد المسلمين الأمن والأمان والسلامة والإسلام.

هذا؛ وصلوا وسلموا على رسول الله ..