الحفي
كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...
العربية
المؤلف | صالح بن مقبل العصيمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التوحيد - أسماء الله |
لَكِنَّ غَالِبَ النَّاسِ يَغْتَرُّونَ بِالْإِمْهَالِ، فَيُعَطِّلُونَ أَوَامِرَ اللهِ -تَعَالَى-، وَيَنْتَهِكُون حُرُمَاتِه، فَلَا تَسْتَشْعِرُ قُلُوبُهُمْ رَحْمَةَ اللهِ وَحِكْمَتَهُ، حَتَّى يَأْخُذَهُمْ بِعَدْلِهِ وَقُوَّتِهِ؛ بَلْ لَوْ عَامَلَ اللهُ الْعِبَادَ بِاسْتِعْجَالِهِمْ بِالْعَذَابِ لَعَاجَلَهُمْ بِهِ...
الْخُطْبَةُ الْأُولَى:
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَسْتَغْنِي بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَلَا فِي زَمَنٍ مِنَ الْأَزْمَانِ عَنِ التَّعَرُّفِ عَلَى اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَلَا بُدَّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْرِفَ الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ الْخَاصَّةَ بِاللهِ -تَعَالَى-، وَأْنَ يُحْصِيَها وَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهَا، وَكُلَّمَا ازْدَادَتْ عِبَادَةُ الْعَبْدُ بِرَبِّهِ ازْدَادَ تَوْحِيدُهُ وَيَقِينُهُ فِي قَلْبِهِ، وَازْدَادَ تَوْقِيرُهُ وَتَعْظِيمُهُ، وَحُبُّهُ وَإِجْلَالُهُ.
وَنَعِيشُ الْيَوْمَ مَعَكُمْ مَعَ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى "الْحَلِيمُ": وَيَتَضَمَّنُ صِفَةً عَظِيمَةً مِنْ صِفَاتِهِ أَلَا وَهِيَ "الْحِلْمُ". نَعِيشُ مَعَ اسْمِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- الْحَلِيمِ الِّذِي اتَّصَفَ بِالْحِلْمِ؛ فَاللهُ -سُبْحَانَه- كَمُلَ فِي حِلْمِهِ وَهُوَ يُشَاهِدُ مَعَاصِيَ الْعُصَاةِ، وَيَرَى مُخَالَفَتَهُمْ لِأَوَامِرِهِ، وَيَسْمَعُ مَا يُؤْذِيه مِنَ السَّبِّ وَالشَّتْمِ لَهُ وَلِأَوْلِيَائِهِ، فَلَا يَعْجَلُ بِالْغَضَبِ، وَلَا بِالانْتِقَامِ مَعَ قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ فَاللهُ هُوَ الْحَلِيمُ الصَّفُوحُ عَنِ الذَّنْبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ، فَلَا يَمَسُّهُ مِنَ الْحِلْمِ لُغُوبٌ.
وَمَا هَذَا الْحِلْمُ الِّذي اتَّصَفَ بِهِ إِلَّا لاتِّصَافِهِ بِصِفَةِ الرَّحْمَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ؛ فَثَوَابُهُ أَوْسَعُ مِنْ عِقَابِهِ، وَرَحْمَتُهُ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ مِنْ نِقْمَتِهِ، فَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ. تَعُمُّ رَحْمَتُهُ الْمَخْلُوقَاتِ قَاطِبَةً؛ الْمُطِيعُ مِنْهُمْ وَالْعَاصِي، فَيَحْلُمُ عَلَيْهِمْ وَيَرْحَمُهُمْ؛ عَسَى أَنْ يَتُوبُوا وَيَعُودُوا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ وَالْحَلِيمُ.
وَصِفَةُ الْحَلِيمِ وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً، وَالْمُتَأَمِّلُ فِي الْقُرْآنِ يَجِدُ أَنَّ صِفَةَ الْحَلِيمِ اقْتُرِنَتْ بِصِفَةِ الْغَفُورِ فِي آياتٍ عِدَّةٍ، قَالَ -تَعَالَى-: (وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[البقرة:225]، وَقَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[الإسراء:44]؛ فَهُوَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ذُو أَنَاةٍ، لَا يَعْجَلُ عَلَى عِبَادِهِ بِعُقُوبَتِهِمْ عَلَى ذُنُوبِهِمْ، حَلِيمٌ عَمَّنْ أَشْرَكَ بِهِ مِنْ خَلْقِهِ فِي تَرْكِهِ تَعْجِيلَ عَذَابِهِ لَهُ، حَتَّى مَعَ حَالِ شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، فَلَا يَسْتَفِزُّهُ غَضَبٌ بِسَبَبِ جَهْلِ جَاهِلٍ، وَلَا عِصْيَانِ عَاصٍ.
فَهُوَ -سُبْحَانَه وَتَعَالَى- اتَّصَفَ بِالْحِلْمِ، وَالْحِلْمُ لَا يَتَّصِفُ بِهِ إِلَّا مَنْ قَدَرَ عَلَى الانْتِقَامِ، فَحِلْمُهُ -جَلَّ وَعَلَا- لَيْسَ لِعَجْزِهِ عَنْهُمْ؛ وَإِنَّمَا إِمْهَالٌ لَهُمْ؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَحِلْمُهُ -جَلَّ وَعَلَا- عَلَى عِبَادِهِ لَيْسَ لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِمْ؛ وَإِنَّمَا رَحْمَةٌ بِهِمْ؛ فَحِلْمُ اللهِ عَظِيمٌ، وَيَتَجَلَّى حِلْمُهُ -سُبْحَانَه وَتَعَالَى- فِي صَبْرِهِ عَلَى خَلْقِهِ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ أَحَدٌ أَوْ لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ؛ إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا، وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ، وَيَرْزُقُهُمْ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
وَبَلَغَ مِنْ حِلْمِهِ -جَلَّ وَعَلَا- أَنَّه لَا يَحْبِسُ إِنْعَامَهُ وَأَفْضَالَهُ عَنْ عِبَادِهِ لِأَجْلِ ذُنُوبِهِمْ، فَيَرْزُقُ الْعَاصِيَ كَمَا يَرْزُقُ الْمُطِيعَ، وَيَقِي الْعَاصِيَ وَهُوَ مُنْهَمِكٌ فِي مَعَاصِيهِ كَمَا يَقِي الْبَرَّ التَّقِيَّ؛ بَلْ وَيَقِي الْعَاصِيَ الْغَافِلَ عَنْ ذِكْرِهِ مِنَ الْآفَاتِ وَالْبَلَايَا كَمَا يَقِي النَّاسِكَ الَّذِي يَسْأَلُهُ وَيَدْعُوهُ.
فَلَوْ عَجَّلَ اللهُ الْعِقَابَ عَلَى الذُّنُوبِ مَا بَقِيَ عَلَى الْأَرْضِ أَحَدٌ، قَالَ -تَعَالَى-: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى)[فاطر:45]؛ فَبِحِلْمِهِ يُؤَخِّرُ هَؤُلَاءِ الظَّلَمَةَ، فَلَا يُعَجِّلُهُمْ بِالْعُقُوبَةِ؛ فَلَعَلَّ تَائِبًا أَنْ يَتُوبَ، أَوْ غَافِلًا أَنْ يَذَّكَّرَ، حَتَّى إِذَا جَاءَ الْوَقْتُ الَّذِي وَقَّتَهُ لِهَلَاكِهِمْ؛ لَا يَسْتَأْخِرُونَ عَنِ الْهَلَاكِ سَاعَةً، فَأَخَّرَ الْعَذَابَ رَحْمَةً بِهِمْ، فَمَنْ ضَيَّعَ الْفُرْصَةَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ، قَالَ -تَعَالَى-: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)[الأعراف:34].
لَكِنَّ غَالِبَ النَّاسِ يَغْتَرُّونَ بِالْإِمْهَالِ، فَيُعَطِّلُونَ أَوَامِرَ اللهِ -تَعَالَى-، وَيَنْتَهِكُون حُرُمَاتِه، فَلَا تَسْتَشْعِرُ قُلُوبُهُمْ رَحْمَةَ اللهِ وَحِكْمَتَهُ، حَتَّى يَأْخُذَهُمْ بِعَدْلِهِ وَقُوَّتِهِ؛ بَلْ لَوْ عَامَلَ اللهُ الْعِبَادَ بِاسْتِعْجَالِهِمْ بِالْعَذَابِ لَعَاجَلَهُمْ بِهِ، وَقَالَ -تَعَالَى-: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)[الأنفال:32].
عِبَادَ اللهِ: وَلَا يَتَّصِفُ بِالْحِلْمِ إِلَّا الْحَكِيمُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَضَعُ الْأُمُورَ فِي مَوَاضِعِهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الانْتِقَامِ، فَلَا يُسمَّى حَلِيمًا الْبَتَّةَ؛ وَإِنَّمَا صَبْرُهُ بِسَبَبِ عَجْزِهِ.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ حِلْمَ اللهِ يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ؛ فَهُوَ الَّذِي يَدِرُّ عَلَى خَلْقِهِ النِّعِمَ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ مَعَ مَعَاصِيهِمْ وَكَثْرَةِ زَلَّاتِهِمْ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَزْدَادُ مَحَبَّةً للهِ -تَعَالَى- إِذَا تَعَرَّفَ عَلَى اسْمِ الْحَلِيمِ، وَيَزْدَادُ حَيَاءً مِنْهُ، فَيُحِبُّهُ الْحُبَّ كُلَّهُ؛ حَتَّى يُثْمِرَ عَنِ الْأُنْسِ بِهِ -سُبْحَانَه- فِي قَلْبِهِ، وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى طَاعَتِهِ، وَتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ.
إِنَّ اتِّصَافَ اللهِ بِالْحِلْمِ يَفْتَحُ بَابَ الرَّجَاءِ، وَيُعَظِّمُ مِنْ شَأْنِهِ، وَيَقْضِي عَلَى الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، فَتَزْدَادُ ثِقَتُهُ بِاللهِ، وَيَقِينُهُ بِاللهِ، وَرَجَاهُ إِيَّاهُ. إِنَّ اتِّصَافَ اللهِ بِأَنَّهُ الْحَلِيمُ يَجْعَلُ الْعَاقِلَ يَشْرَعُ فِي التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْحَلِيمَ إِذَا غَضِبَ لَمْ يَقِفْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ حِلْمَهُ صَادِرٌ مِنْ قُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ وَعِلْمٍ وَإِحَاطَةٍ، فَإِذَا رَفَعَ حِلْمَهُ عَمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْحِلْمَ وَلَا الرَّحْمَةَ، وَأَمهَلَ وَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ وَكُرِّرَتْ لَهُ الْمُهْلَةُ؛ عِنْدَئِذٍ يَرتَفِعُ الْحِلْمُ عَنْهُ، كَمَا فَعَلَ اللهُ بِأَشْيَاعِهِمْ، قَالَ -تَعَالَى-: (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ)[الزخرف:55]، وَقَالَ -تَعَالَى-: (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[آل عمران:11].
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ اتِّصَافَ اللهِ بِالْحِلْمِ يَقُودُ الْمُؤْمِنَ إِلَى أَنْ يَتَّصِفَ بِصِفَةِ الْحِلْمِ؛ فَاللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- سَمَّى إِبْرَاهِيمَ بِالْحَلِيمِ، قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)[هود:75]، وَهَذَا يَقُودُ الْعَبْدَ إِلَى أَنْ يُجَاهِدَ نَفْسَهُ؛ لِيَتَّصِفَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْعَظِيمَةِ؛ فَهُوَ -سُبْحَانَه- الْحَلِيمُ، وَيُحِبُّ صِفَةَ الْحِلْمِ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم- لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسٍ: "إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ وَرَسُولُهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
فَعَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ عَرَفَ أَنَّ اللهَ حَلِيمٌ عَلَى مَنْ عَصَاهُ؛ فَالْعَبْدُ مِنْ بَابِ أَوْلَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلُمَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، فَإِذَا حَلِمَ الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِه نَالَهُ مِنْ اللهِ الْخَيْرُ الْعَظِيمُ، وَالرِّزْقُ الْوَاسِعُ الْوَثِيرُ، وَحَقَّقَ بِذَلِكَ الْخِصَالَ الِّتِي يُحِبُّها اللهُ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ الْحِلْمُ الْمَمْدُوحُ الْمَحْبُوبُ للهِ -تَعَالَى- هُوَ الْحِلْمُ النَّاشِئُ عَنِ الْقُدْرَةِ؛ أَمَّا حِلْمُ الْعَاجِزِينَ فَلَيْسَ بِمَمْدُوحٍ.
فَالْحِلْمُ مِنَ اللهِ لَيْسَ نَاشِئًا مِنَ الذُّلِّ؛ وَإِنَّمَا مِنَ الْكَرَمِ وَالْفَضْلِ. إِنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- اقْتَرَنَ اسْمُهُ الْحِلْمُ بِاسْمِهِ الشَّكُورِ فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ)[التغابن:17]، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَكَرَمِهِ؛ فَهُوَ الَّذِي يَرْزُقُ الْعَبْدَ ثُمَّ إِذَا أَنْفَقَ بَعْضَ مَا أَعْطَاهُ اللهُ ضَاعَفَهُ لَهُ ثُمَّ شَكَرَ لَهُ، فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ، وَقَدْ اقْتَرَن اسْمُهُ -تَعَالَى- الْحَلِيمُ بِالْعَظِيمِ، كَمَا فِي حَدِيثِ دُعَاءِ الْكَرْبِ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). مَعَ أَنَّ كِبْرِيَاءَهُ وَعَظَمَتَهُ -سُبْحَانَه- كَامِلٌ، وَحِلْمُهُ كَامِلٌ، وَعُظَمَاءُ الْبَشَرِ ضُعَفَاءُ فِي الْحِلْمِ؛ لاعْتِزَازِهِمْ بِعَظَمَتِهِمْ.
عِبَادِ اللهِ: اتَّصِفُوا بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْعَظِيمَةِ؛ فَالْحَلِيمُ لَا يَنْدَمُ فَهُوَ فِي بَحْرِ الْأَمَانِ، فَسَلَامٌ فِي دَاخِلِه، وَسَلَامٌ فِي خَارِجِهِ، وَسَلَامٌ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرَتِهِ، فَحَيَاتُهُ كُلُّهَا بَرْدٌ وَسَلَامٌ.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الْحِلْمَ وَالْأَنَاة.