الولي
كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصيام |
إن تفقُّه المسلم في دينه أمر مطلوب حتى يعبد الله على بصيرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، ونذكر في هذه الخطبة شيئاً من أحكام الصيام..
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا مباركًا فيه، يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله عليه الصلاة والسلام.
أما بعد: عباد الله: إن تفقُّه المسلم في دينه أمر مطلوب حتى يعبد الله على بصيرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".
ونذكر في هذه الخطبة شيئاً من أحكام الصيام:
المسلم البالغ العاقل القادر على تحمُّل الصيام، والسالم من كل الموانع المقيم أوجب الله عليه صيام رمضان، وهو أحد أركان الإسلام قال -تعالى-: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)[البقرة:185]. والصغير غير البالغ فإنه لا يُطالَب به فرضاً، ولكنه يُرَغَّب فيه؛ حتى يتعود على الصيام، أما فاقد العقل فإنه قد رُفِعَ التكليف عن المجنون حتى يفيق.
وأما الكبير الذي أعجزه الصيام أو أنه مصاب بمرض أعجزه عن الصيام؛ فإن الله -تعالى- قال: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)[البقرة:184]؛ فهذا يُطْعَمُ عنه مسكين كل يوم، بمقدار نصف صاع؛ أي: كيلو ونصف تقريبًا من طعام البلد (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الحج:78].
أما المسافر؛ فالله -تعالى- يقول: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)[البقرة:184]؛ فالمسافر سفراً مباحاً يجوز له الفطر في رمضان، ويقضي بعد رمضان إذا كان السفر يشق عليه، وإذا كان السفر لا يشق عليه فالأفضل أن يصوم كما ذكر ذلك بعض العلماء.
أما المريض فإن كان المرض يسيرًا كالصداع وألم الضرس وغيرها من الأمراض التي لا تؤثر عليه في الصيام؛ فإنه يجب عليه أن يصوم، ولكن إذا كان المرض يتعب الصائم ويشق عليه فإنه يجوز له الفطر، وكذلك إذا كان المرض يهدد حياته؛ فالواجب عليه الفطر في رمضان، ويقضي اليوم أو الأيام التي أفطرها.
والمرأة المسلمة إذا جاءها الحيض فإنها تفطر ولو كان قبل الغروب بدقائق معدودة، ويجب عليها القضاء للأيام التي أفطرتها، وكذلك الحال بالنسبة للنفساء، وأما الحامل إذا شق عليها الصوم سواء لضعفها أو خوفاً على حملها، وكذلك المرضعة إذا ضعفت بسبب الصيام أو خافت على ولدها؛ فإنه يجوز لهما أن يفطرا ويقضيان بعد رمضان.
عباد الله: ومن المفطرات في نهار رمضان:
من يتعمد الأكل والشرب في نهار رمضان؛ فإن صومه فاسد وعليه القضاء، ومن جامع زوجته في نهار رمضان فإن صومه فاسد وعليه القضاء والكفارة مغلظة؛ لأنه أتى كبيرة من كبائر الذنوب؛ فمن يجامع زوجته في رمضان عالماً ذاكراً فعليه عتق رقبة، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً.
ومن المفطرات: القيء عمداً أو ما يسمى (الترجيع)، أما إذا خرج بدون عمد فلا يفطر.
وأيضًا ما يقوم مقام الأكل والشرب كالإبر المغذية؛ فإنها تفطر، أما الإبر غير المغذية فإنها لا تفطر الصائم؛ لأنها لا تقوم مقام الأكل والشرب.
وكذلك الحجامة أو التبرع بالدم؛ فإنه يفطر الصائم بها؛ لأنه يخرج دم كثير وعليه القضاء.
وخروج المني منه بشهوة كالعادة السرية المحرمة فإنها تفطر الصائم وعليه القضاء.
هذه مفطّرات الصوم، ولا يفطر الصائم عند فعل شيء من هذه المفطرات إلا إذا كان عالمًا ليس جاهلاً بالحكم، وذاكرًا وليس ناسيًا، ومختارًا وليس مكرهًا. أما إذا كان جاهلاً أو ناسيًا أو مكرهًا فلا شيء عليه، وصيامه صحيح.
وفقنا الله لما يرضيه، وتقبل الله منا الصيام والقيام، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هناك أمور لا تؤثر في الصوم منها:
الاحتلام في النوم وإن خرج المني؛ فإنه بغير اختيار النائم؛ فالصيام صحيح ولا قضاء عليه، أيضاً خروج الدم اليسير من الفم بالسواك أو الأنف بالرعاف أو دم قلع الضرس أو جروح خفيفة فلا يؤثر ذلك في الصوم، كذلك استعمال قطرة العين والأذن.
أما قطرة الأنف فإنها تدخل للحلق وتفطر الصائم فالواجب تأخيرها عند الإفطار، وكذلك أخذ تحليل دم يسير، واستعمال الإبر في العضل لا يؤثر في الصوم، واستعمال السواك لا يؤثر في الصوم، كذلك معجون الأسنان لكن لا يدخل منه شيء للحلق، وكذلك العطر والبخور لكن لا يتعمد استنشاقه خاصة البخور فإنه يؤثر في الصوم، وكذلك بخاخ الأكسجين لا يفطر وإبر البنسلين والأنسولين لمرضى السكر لا تفطر.
اللهم فقِّهنا في الدين، وأرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
ألا وصلوا وسلموا على سيدنا محمد؛ كما أمركم الله -عز وجل- فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].
اللهم أعز الاسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد؛ يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسرته، ولا مريضًا إلا شفيته.
اللهم تقبل منا الصيام والقيام وصالح الأعمال.
اللهم وفِّق ولي أمرنا لما يرضيك، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، وأبعد عنه بطانة السوء الفاسدة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.