البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الاستقامة طريق الفوز والسلامة

العربية

المؤلف حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. من أعظم النعم الهداية لدين الإسلام .
  2. وظيفة المسلم الاستقامة على طاعة الله .
  3. معنى الاستقامة وفوائدها .
  4. إلى كل من أسرف على نفسه عد وتب .
  5. العزة والسؤدد في الاستقامة على دين الله وطاعته .

اقتباس

إنَّ غايةَ وُجُودِكَ -أيُّها المخلوقُ- في هذه الحياة أن تستقيم على صراط الله المستقيم، على كتاب الله -جلَّ وعلا-، وعلى سُنَّةِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، تستقيم بمنهجٍ عامٍّ في حياتِكَ، وسلوكٍ مُطَّرِدٍ في تصرفاتِكَ، يحكم ذلك الوحيُ المنزَّلُ، وسيرةُ النبي المرسَل...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الشكور الحليم، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له الغفور الرحيم، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبي الكريم، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، الذين فازوا برضا الملك العليم.

أمَّا بعد فيا أيها الناس: اتقوا الله حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، تفوزوا دنيا وأخرى.

أيها المسلمون: إنَّ أعظمَ نِعَمِ اللهِ علينا أَنْ هدانا لهذا الدينِ، وجعلَنا مسلمينَ، قال جل وعلا: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[الْمَائِدَةِ: 7]، فيا مَنْ أنعَمَ اللهُ عليهم بإتمام حجهم، ويا مَنْ مَنَّ اللهُ عليهم بسائر الطاعات في مواسم الخيرات، اشكروا اللهَ -جلَّ وعلا- على هذه النعم، واستقيموا على لُزُوم دينِه وشرعِه، والبعد عن عصيانه وتجاوُز حدوده، قال ربُّكم -جل وعلا-: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[هُودٍ: 112]، وعن سفيان بن عبد الله الثقفي -رضي الله عنه- قال: "قلتُ: يا رسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسلام قولًا لا أسألُ عنه أحدًا بعدَكَ، فقال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- له: قل: آمنتُ بالله ثُمَّ اسْتَقِمْ"(رواه مسلم).

إن وظيفة المسلم في هذه الحياة الفانية الاستقامة على توحيد الله -جل وعلا-، وإفراد العبادات كلها له وحدَه، دعاءً ومسألةً رهبةً ورغبةً، رجاءً وخوفًا، قولًا وفعلًا، قلبًا وقالبًا، ظاهرًا وباطنًا، قال جل وعلا: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الْأَنْعَامِ: 162-163].

إنها الاستقامة التي تجعلُكَ في غاية الحُبِّ لخالِقِكَ -جلَّ وعلا-، مع كمال الذُّلِّ له، وتمام التعظيم له -عزَّ شأنُه-، إنه التعظيم المتضمِّن إفرادَ الله جلَّ ثناؤُه وتقدَّسَت أسماؤُه، إفراده بما يختصُّ به -سبحانه- من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، قال جلَّ وعلا: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ)[الْأَعْرَافِ: 3]، وقال سبحانه: (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[يُونُسَ: 105-107].

قال صلى الله عليه وسلم: "احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احفظ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذا سألتَ فاسأَلِ اللهَ، وإذا استعنتَ فاستَعِنْ بالله..."(رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).

معاشرَ المسلمينَ: الاستقامة المنجية للعباد هي التي تجعل العبدَ خاشِعًا أمامَ عظمة الله -جلَّ وعلا-، والتي تتضاءل أمامَها كلُّ عظمة، فالمخلوق مهما كانت منزلتُه وعَلَت مرتبتُه فهو مخلوق مربوب، مملوك مدبَّر، قال سبحانه وجل وعلا، عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- أفضلِ الخلقِ أجمعينَ: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[الْأَعْرَافِ: 188]، فيا عبدَ اللهِ، ارْغَبْ إلى الله -جلَّ وعلا-، واسأله وحدَه لا شريكَ له قضاءَ حاجاتِكَ، وكَشْف ضُرِّكَ، وجَلْب نفعِكَ، ورفع كُرْبَتِكَ، (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الْأَنْعَامِ: 17]، وقال جلَّ وعلا: (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)[النَّمْلِ: 62].

إنَّ غايةَ وُجُودِكَ -أيُّها المخلوقُ- في هذه الحياة أن تستقيم على صراط الله المستقيم، على كتاب الله -جلَّ وعلا-، وعلى سُنَّةِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، تستقيم بمنهجٍ عامٍّ في حياتِكَ، وسلوك مُطَّرِد في تصرفاتِكَ، يحكم ذلك الوحيُ المنزَّلُ، وسيرة النبي المرسَل -عليه أفضل الصلاة والتسليم-، قال تبارك وتعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْأَنْعَامِ: 153]، فاستقم -عبدَ اللهِ- على العمل بالقرآن العظيم، وسلوك سُنَّة سيِّد الأنبياءِ والمرسلينَ، استقم على ذلك ظاهرًا وباطنًا، اعتقادًا وعملًا، حكمًا وتحاكمًا، يقول جلَّ وعلا: (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)[يُونُسَ: 109]، (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ)[الشُّورَى: 15]، وَالْزَمْ -أيها المؤمنُ- حدودَ الله في هذه الحياة، وأَخْلِصْ له العملَ ووحِّدْه بالإرادة والقَصْد والطلب، تكن في سعادة دائمة وأمان تام وفَلَاح عظيم، تكن دنيا وأخرى من أطيب الناس عيشًا وأنعمهم بالًا، وَأَسَرِّهم حالًا، قال جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الْأَحْقَافِ: 13-14].

يا مَنْ ضيَّع مواسمَ الخيرات، وأَسْرَفَ على نفسه بالذنوب والموبقات، عُدْ إلى مولاكَ، واسمع إلى ما يبعث في قلبِكَ الأملَ والرجاءَ، كُنْ على ذلك بسمع يلامِس أوتارَ قلبِكَ، إنه نداءٌ إلهيٌّ ينبض رحمةً وودًا لعباده، إنه نداء ربانيٌّ رفيقٌ بالعباد، مهما عظُمَت ذنوبُهم، وكثرت سيئاتُهم، يقول جلَّ وعلا: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[الزُّمَرِ: 53]، ثم إن ربنا -جل وعلا- بعد هذا النداء العظيم يحثنا ويُرَغِّبُنا على الإنابة والأوبة قبل فوات الأوان، وضياع الأزمان، حينئذ تقع الحسرةُ والندمُ في التفريط في طاعة الرحمن، والتقرُّب إلى المنَّان، يقول جلَّ وعلا بعدَ هذه الآيةِ: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)[الزُّمَرِ: 54-55]، اللهم ارزقنا الإنابةَ والتوبةَ إليكَ، يا ذا الجلال والإكرام.

أقول هذا القول، وأستغفر اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحدَه، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعدَه.

أما بعدُ: فيا أيها المسلمون، أُوصيكم ونفسي بتقوى الله جلَّ وعلا.

عبادَ اللهِ: استقِيموا على طاعة الله تُفلحوا، الْزَمُوا توجيهاتِ القرآن والسُّنَّة تَسْعَدوا، فالعزة والسؤدد في لزوم دين الله واتباع سُنَّة سيد الأنبياء والمرسلين، عليه أفضل الصلاة والتسليم.

والعاقبة الحسنة في تحقيق التوحيد، وطاعة العزيز المجيد، قال جلَّ وعلا: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الْأَنْعَامِ: 82]، والذلة والهوان، والخزي والخسران في المعاصي والسيئات ومخالَفة الأوامر والمنهِيَّات، قال جلَّ وعلا: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)[النِّسَاءِ: 14].

ثم إنَّ من أفضل الأعمال الصلاة والسلام على النبي الكريم، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على نبينا وحبيبنا محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن الآل والصحابة أجمعين، وعن التابعينَ وَمَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، الهلم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم فرج هموهم، ونفس كرباتهم، واشف مريضهم، وَأَغْنِ فقيرَهم، اللهم ألِّفْ بين قلوبهم، اللهم اجمع كلمتهم على الحق والتقوى، اللهم وَحِّدْ صفَّهم، اللهم مُنَّ عليهم بلزوم القرآن والسُّنَّة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم مَنْ أراد المسلمين بسوء فأشغله في نفسه، اللهم مَنْ أراد المسلمينَ بسوء فأشغله في نفسه، اللهم مَنْ أراد المسلمين بسوء فأشغله في نفسه، واجعل تدبيرَه تدميرَه، اللهم عليكَ به فإنه لا يُعجِزُكَ، اللهم عليكَ به فإنه لا يُعجِزُكَ، اللهم اجعله في ذِلَّة وصغار، اللهم اجعله في ذلة وصغار، يا حيُّ يا قيومُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ.

اللهم وفِّق وليَّ أمرِنا لِمَا تُحِبُّ وترضى، اللهم وَفِّقْه ونائِبَه للعمل برضاكَ، يا حيُّ يا قيومُ، اللهم وَفِّقْ جميعَ ولاةِ أمورِ المسلمينَ لِمَا فيه خيرُ رعاياهم.

اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار، اللهم تقبَّل منا طاعاتِنا، اللهم تقبَّل منا طاعاتِنا، وكفِّر عنا سيئاتنا، اللهم ارفع درجاتنا،  اللهم ارفع درجاتنا، اللهم أَرْضِنَا وَارْضَ عنَّا، اللهم أَرْضِنَا وَارْضَ عنَّا، يا حيُّ يا قيومُ، اللهم سلِّم الحجاجَ والمعتمرينَ، ورُدَّهم إلى بلادهم غانمينَ يا حيُّ يا قيومُ، اللهم ردَّهم إلى بلادهم سالمينَ غانمينَ يا حيُّ يا قيومُ.

اللهم اقضِ حوائِجَنا وحوائِجَهم، اللهم اقضِ حوائِجَنا وحوائِجَهم، وحوائجَ المسلمينَ يا ذا الجلال والإكرام، يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم وَفِّقْنا لِمَا تُحبه وترضاه، اللهم وفقنا لِمَا تُحبه وترضاه، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمينَ.