التقوى

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، أحمده تعالى وأشكره وأستهديه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الرب المعبود، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك؛ نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى.

والتقوى، وصية الله -تعالى- للأولين والآخرين، قال تعال؛ (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ)[النساء:131].

وقال: (اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)[آل عمران:102].

فيجب على كل مسلم مكلف لزوم تقوى الله، وإصلاح السريرة والعلانية بتقوى الله.

وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن.

فعليكم -أيها المؤمنون-: بلزوم النصيحة لإخوانكم، والتناصح فيما بينكم، قولا وفعلا.

وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يشترط على من بايعه من أصحابه أن ينصح لكل مسلم.

وإذا أراد أحد منكم أن ينصح أخاه، فالمستحب أن يكون برفق وحكمة.

فاتقوا الله ربكم -أيها المسلمون-: في جميع أعمالكم.

اتقوا الله في أنفسكم، لا تتعرضوا لسخط الله.

اتقوا الله في أولادكم، فعلموهم الآداب الشرعية، والأخلاق العالية، واحرصوا كل الحرص على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.

اتقوا الله في أهليكم: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى)[المائدة:2].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التحريم:6].

اتقوا الله في صلاتكم، فاحفظوها، وحافظوا عليها، وأدوها في أوقاتها كاملة غير ناقصة، ومروا أولادكم عليها إذا بلغوا سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، كما أمركم بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

اتقوا الله في الزكاة المفروضة، وأخرجوها إلى أصحابها طيبة بها أنفسكم.

اتقوا الله في حجكم، والتزموا أوامر الله ورسوله.

اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم، ولا تكلفوهم من الأعمال ما لا يطيقون.

اتقوا الله في بيعكم وشرائكم: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) [الشعراء:183].

واحذروا الربا والغش في المعاملات، والتزموا الصدق والإحسان.

اتقوا الله في لباسكم، وفي أكلكم وشرابكم، واشكروا الله على جميع نعمه، وعليكم بمواساة ذوي الفاقة من إخوانكم لعلكم ترحمون.

اتقوا الله في جوارحكم، ولا تستعملوها إلا في طاعة الله.

اتقوا الله في غضبكم، وإياكم أن تتكلموا إلا بخير، وتجنبوا غيبة إخوانكم، واحذروا النميمة بين أصحابكم، وقراباتكم، وتباعدوا عن الحقد والحسد: "وكونوا عباد الله إخوانا".

(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[آل عمران:132].

أستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.