البحث

عبارات مقترحة:

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الولي

كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...

ظلم المرأة

العربية

المؤلف إبراهيم بن صالح العجلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. ظلم المرأة قديم قِدَم التاريخ .
  2. المرأة في الأمم السالفة .
  3. المرأة في الإسلام .
  4. الغرب وظلمه للمرأة المعاصرة .
  5. من صور ظلم المرأة في مجتمعاتنا .
  6. كيف نحل مشكلات ظلم المرأة؟! .

اقتباس

ظلمُ المرأةِ قضيةٌ ضَرَبتْ أطنابها عبرَ حِقَبِ التاريخ، واختلافِ المللِ والأعراق؛ فالمرأةُ في جاهليةِ العربِ الأولى، لا حق لها ولا كرامة، مستعبدةٌ محرومة ذليلة مشؤومة، كانت المرأةُ في جاهليةِ العرب الأولى يستقبلُها والدها باكفهارِ الوجه، وانقباض النفس، والابتعادِ عن أعين الناس، مع تقاذفِ همومهِ وتساؤلاتهِ من كلِ جانب: (أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ).

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلِيِّ الْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى إِسْبَاغِهِ الْمُبِينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْأَمِينُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ تَقْوَى اللَّهِ أَغْلَى مَطْلُوبٍ، وَأَسْمَى مَرْغُوبٍ، مَنْ رَامَهَا فَازَ، وَمَنْ نَالَهَا حَازَ: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النُّورِ: 52].

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: الظُّلْمُ هُوَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الَّذِي يَرْضَاهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، الظُّلْمُ تَأْنَفُهُ النُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ، وَتَرْفُضُهُ الْفِطَرُ السَّوِيَّةُ؛ عَاقِبَتُهُ وَخِيمَةٌ، وَمَآلَاتُهُ شَنِيعَةٌ.

الظُّلْمُ بِضَاعَةُ أَهْلِ الدَّنَاءَةِ، وَسِلْعَةُ أَصْحَابِ الْبَوَارِ، يُورِثُ قَسْوَةَ الْقَلْبِ، وَضِيقَ الرِّزْقِ، وَحِرْمَانَ التَّوْفِيقِ؛ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ، وَجَعَلَهُ بَيْنَ عِبَادِهِ مُحَرَّمًا، وَتَوَعَّدَ أَهْلَ الظُّلْمِ بِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ.

وَأَخْبَرَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ.

وَحَدِيثُنَا -عِبَادَ اللَّهِ- عَنْ لَوْنٍ مِنْ أَلْوَانِ الظُّلْمِ الَّتِي يَنْدَى لَهَا الْجَبِينُ، وَتَتَحَسَّرُ لَهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِيثُنَا عَنْ ظُلْمٍ لَا يَصْدُرُ إِلَّا مِمَّنْ أَغْلَقَ اللَّهُ عَقْلَهُ، وَاتَّبَعَ مَرْضَاةِ الشَّيْطَانِ.

حَدِيثُنَا عَنْ ظُلْمِ الْمَرْأَةِ، هَذَا الظُّلْمُ الَّذِي لَا تَجِدُ الْمَرْأَةُ الضَّعِيفَةُ الرَّقِيقَةُ أَمَامَهُ إِلَّا كَفْكَفَةَ الدُّمُوعِ، وَمُدَافَعَةَ الْعَبَرَاتِ، وَغَصْغَصَةَ الْحَسَرَاتِ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: ظُلْمُ الْمَرْأَةِ قَضِيَّةٌ ضَرَبَتْ أَطْنَابَهَا عَبْرَ حِقَبِ التَّارِيخِ، وَاخْتِلَافِ الْمِلَلِ وَالْأَعْرَاقِ؛ فَالْمَرْأَةُ فِي جَاهِلِيَّةِ الْعَرَبِ الْأُولَى، لَا حَقَّ لَهَا وَلَا كَرَامَةَ، مُسْتَعْبَدَةٌ مَحْرُومَةٌ ذَلِيلَةٌ مَشْؤُومَةٌ.

كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي جَاهِلِيَّةِ الْعَرَبِ الْأُولَى يَسْتَقْبِلُهَا وَالِدُهَا بِاكْفِهَارِ الْوَجْهِ، وَانْقِبَاضِ النَّفْسِ، وَالِابْتِعَادِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، مَعَ تَقَاذُفِ هُمُومِهِ وَتَسَاؤُلَاتِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ: (أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [النَّحْلِ: 59].

كَانَتِ الْمَرْأَةُ تُجَرَّمُ وَتُهْجَرُ إِذَا وَضَعَتْ بِنْتًا، وَلِسَانُ حَالِ الْمِسْكِينَةِ:

مَا لِأَبِي حَمْزَةَ لَا يَأْتِينَا

يَنَامُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَلِينَا

غَضْبَانَ أَنْ لَا نَلِدَ الْبَنِينَ

تَاللَّهِ مَا ذَلِكَ فِي أَيْدِينَا

أَمَّا الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْيَهُودِ: فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْمِيرَاثِ، وَإِذَا حَاضَتْ فَهِيَ نَجِسَةٌ، لَا تُؤَاكَلُ وَلَا تُجَالَسُ.

وَعِنْدَ رُهْبَانِ الْكَنِيسَةِ: شَيْطَانٌ رَجِيمٌ، مَصْدَرٌ لِلْخَطِيئَةِ، وَمَنْبَعٌ لِلشَّرِّ.

وَفِي بِلَادِ الرُّومِ وَالْإِغْرِيقِ: تُبَاعُ وَلَا قِيمَةَ لَهَا.

أَمَّا فَلَاسِفَةُ الْيُونَانِ: فَهُمْ يَتَسَاءَلُونَ: هَلِ الْمَرْأَةُ إِنْسَانٌ، وَهَلْ لَهَا رُوحٌ أَمْ لَيْسَ لَهَا رُوحٌ؟!

فَجَاءَ الْإِسْلَامُ الْعَظِيمُ فَأَنْصَفَهَا وَرَفَعَهَا، وَعَظَّمَ بِرَّهَا وَأَكْرَمَهَا، أَكْرَمَهَا أُمًّا وَبِنْتًا، وَزَوْجَةً وَأُخْتًا؛ أَكْرَمَهَا أُمًّا، يَوْمَ أَنْ جَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْجِهَادِ وَتَرَكَ أُمَّهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْزَمْ رِجْلَيْهَا؛ فَثَمَّ الْجَنَّةُ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَأَكْرَمَهَا زَوْجَةً، يَوْمَ أَنْ قَالَ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي".

وَأَكْرَمَهَا بِنْتًا وَأُخْتًا، يَوْمَ أَنْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي يَعُولُ ثَلَاثَ بَنَاتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ، إِلَّا كُنَّ لَهُ سَدًّا [[سِتْرًا]] مِنَ النَّارِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعْمَةِ هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ، الَّذِي أَعَزَّ الْمَرْأَةَ وَرَفَعَ مَنْزِلَتَهَا، وَأَزَالَ النَّظْرَةَ الدُّونِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةَ عَنْهَا.

وَحُقَّ لَنَا أَنْ نُفَاخِرَ، بِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي قَوَانِينِ الْأَرْضِ قَاطِبَةً، مَنْ حَفِظَ الْمَرْأَةَ وَأَكْرَمَهَا، كَمَا حَفِظَهَا الْإِسْلَامُ، وَلَا غَرْوَ فِي ذَلِكَ، فَهِيَ شَرِيعَةُ السَّمَاءِ: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الْمُلْكِ: 14].

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَمَعَ هَذَا الْمَوْقِفِ النَّاصِعِ لِلْإِسْلَامِ تُجَاهَ الْمَرْأَةِ، نَرَى الْمُؤْتَمَرَاتِ الْغَرْبِيَّةَ، وَالْحَمَلَاتِ الْمُنَمَّقَةَ تَحْتَ شِعَارِ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ وَحُرِّيَّتِهَا، نَرَاهَا تَتَّهِمُ إِسْلَامَنَا بِأَنَّهُ قَدْ هَضَمَ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا، وَكَبَتَ مِنْ حَرَكَتِهَا.

عَجَبًا وَاللَّهِ، أَلَا يَكْفِي الْغَرْبَ مَا آلَتْ إِلَيْهِ حَالُ الْمَرْأَةِ فِي بِلَادِهِمْ، حَتَّى يَقْذِفُونَا بِتِلْكَ الِاتِّهَامَاتِ، وَهَذِهِ النَّصَائِحِ الْكَاذِبَةِ.

لَقَدْ ضَرَبَتْ لَنَا الْجَاهِلِيَّةُ الْغَرْبِيَّةُ، أَشْنَعَ أَلْوَانِ ظُلْمِ الْمَرْأَةِ وَإِهَانَتِهَا، وَسَلْبِ كَرَامَتِهَا، ظَلَمَتِ الْجَاهِلِيَّةُ الْغَرْبِيَّةُ الْمَرْأَةَ يَوْمَ أَنِ اسْتَغَلَّتْ جَسَدَهَا لِلْعَرْضِ الْفَاتِنِ، مِنْ خِلَالِ الْمَجَلَّاتِ وَالْأَفْلَامِ، الَّتِي لَا يَرُوجُ سُوقُهَا إِلَّا إِذَا مُلِئَتْ بِالنِّسَاءِ الْفَاتِنَاتِ، حَتَّى أَصْبَحَتِ الْمَرْأَةُ سِلْعَةً مَهِينَةً لِاسْتِدْرَارِ الْأَمْوَالِ وَتَسْوِيقِ الْمُنْتَجَاتِ.

لَقَدْ ظَلَمَتِ الْجَاهِلِيَّةُ الْغَرْبِيَّةُ الْمَرْأَةَ يَوْمَ أَنْ طَبَّقُوا نَظَرِيَّةَ الْمُسَاوَاةِ الْمَزْعُومَةَ، فَسَمَحُوا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُزَاحِمَ الرَّجُلَ وَتُخَالِطَهُ الْعَمَلَ؛ مَا أَثَّرَ عَلَى أُنُوثَتِهَا وَعُشِّ بَيْتِهَا.

لَقَدْ ظَلَمَتِ الْجَاهِلِيَّةُ الْغَرْبِيَّةُ الْمَرْأَةَ يَوْمَ أَنْ أَذَاقَتْهَا أَلْوَانَ الِاضْطِهَادِ وَالْعُنْفِ وَالِاعْتِدَاءِ الْجَسَدِيِّ، وَلَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْ قِصَصِ الْعُنْفِ الْمَهُولَةِ، وَحَالَاتِ الْإِجْرَامِ الْمَشِينَةِ؛ فَلُغَةُ الْأَرْقَامِ الْمُذْهِلَةُ، تُنْبِئُكَ عَنْ حَجْمِ مَأْسَاةِ الْمَرْأَةِ، وَعِظَمِ الظُّلْمِ الَّذِي تَتَغَصَّصُهُ هُنَاكَ.

فِي دِرَاسَةٍ أَعَدَّهَا الْمَكْتَبُ الْوَطَنِيُّ الْأَمْرِيكِيُّ لِلصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ جَاءَ فِيهَا: أَنَّ سَبْعَةَ عَشَرَ بِالْمِائَةِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ غُرَفَ الْإِسْعَافِ، هُنَّ ضَحَايَا ضَرْبِ الْأَزْوَاجِ أَوِ الْأَصْدِقَاءِ.

وَجَاءَ فِي نِهَايَةِ الدِّرَاسَةِ: أَنَّ ضَرْبَ النِّسَاءِ هُوَ إِحْدَى حَقَائِقِ الْمُجْتَمَعِ الْأَمْرِيكِيِّ، وَمُشْكِلَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ وَاسِعَةُ الِانْتِشَارِ.

وَفِي أَلْمَانْيَا: ذَكَرَتْ إِحْدَى الْإِحْصَائِيَّاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ: أَنَّ مَا لَا يَقِلُّ عَنْ مِائَةِ أَلْفِ امْرَأَةٍ تَتَعَرَّضُ سَنَوِيًّا لِأَعْمَالِ الْعُنْفِ الْجَسَدِيِّ أَوِ النَّفْسَانِيِّ، وَرَجَّحَتْ تِلْكَ الدِّرَاسَةُ أَنَّ الْعَدَدَ يَزِيدُ عَنْ هَذَا الرَّقْمِ بِكَثِيرٍ.

وَكَشَفَ مَسْحٌ اسْتِطْلَاعِيٌّ أَعَدَّتْهُ وِزَارَةُ الدَّاخِلِيَّةِ الْبِرِيطَانِيَّةُ أَنَّ ثَمَانِينَ بِالْمِائَةِ مِنْ ضَابِطَاتِ الشُّرْطَةِ يَتَعَرَّضْنَ لِلْمُضَايَقَاتِ خِلَالَ نَوْبَاتِ الْعَمَلِ الرَّسْمِيَّةِ.

أَمَّا حَالَاتُ الِاغْتِصَابِ هُنَاكَ، فَحَدِّثْ وَلَا حَرَجَ؛ فَفِي دِرَاسَةٍ أَعَدَّهَا مَرْكَزُ الضَّحَايَا الْوَطَنِيُّ الْأَمْرِيكِيُّ، جَاءَ فِيهَا أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ كُلِّ ثَمَانِي فَتَيَاتٍ فِي الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ تَعَرَّضْنَ لِلِاغْتِصَابِ الْقَهْرِيِّ.

وَتَقُولُ دِرَاسَةٌ أُخْرَى: إِنَّ جَرَائِمَ الِاغْتِصَابِ تَنْخَفِضُ خِلَالَ الشِّتَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا.

وَيَبْلُغُ ظُلْمُ الْجَاهِلِيَّةِ الْغَرْبِيَّةِ لِلْمَرْأَةِ غَايَتَهُ، يَوْمَ أَنْ يُتَاجَرَ بِشَرَفِ الْمَرْأَةِ وَعَفَافِهَا، فَكَثُرَتْ أَوْكَارُ الدَّعَارَةِ الْمُنَظَّمَةِ، وَعُرِفَ فِي أَرْضِهِمْ مَا يُسَمَّى بِتِجَارَةِ الرَّقِيقِ الْأَبْيَضِ، وَالَّتِي أَصْبَحَتْ تَحْتَلُّ الْمَرْكَزَ الثَّالِثَ عَالَمِيًّا بَيْنَ النَّشَاطَاتِ غَيْرِ الْمَشْرُوعَةِ؛ مَا تَسَبَّبَ فِي شُيُوعِ الْأَوْبِئَةِ الَّتِي مَا خَرَجَتْ وَعُرِفَتْ إِلَّا هُنَاكَ.

وَصَدَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ حَتَّى أَعْلَنُوا بِهَا، إِلَّا ابْتُلُوا بِالطَّوَاعِينِ وَالْأَوْجَاعِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِهُمُ الَّذِينَ مَضَوْا". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَهَا هِيَ صَيْحَاتُ عُقَلَاءِ الْغَرْبِ: تَنْدُبُ وَضْعَ الْمَرْأَةِ الْمُزْرِيَ، وَتُقِرُّ بِأَنَّ الْحَيَاةَ الْمَدَنِيَّةَ، قَدْ أَثَّرَتْ فِي سَعَادَتِهَا الْبَيْتِيَّةِ، وَأُمُومَتِهَا الْحَانِيَةِ.

يَقُولُ أَحَدُ عُقَلَاءِ مُفَكِّرِيهِمْ: "إِنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ أَثَّرَ تَأْثِيرًا حَسَنًا فِي رَفْعِ مَقَامِ الْمَرْأَةِ، أَكْثَرَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ قَوَانِينِنَا الْغَرْبِيَّةِ".

وَيَقُولُ بَاحِثٌ آخَرُ: "أَثْبَتَتْ تَعَالِيمُ الْقُرْآنِ وَتَعَالِيمُ مُحَمَّدٍ، أَنَّهَا حَامِيَةٌ حِمَى حُقُوقِ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَكِلُّ".

عِبَادَ اللَّهِ: الْمَرْأَةُ فِي مُجْتَمَعِنَا تَعِيشُ -بِحَمْدِ اللَّهِ- فِي سَعَادَةٍ وَهَنَاءٍ، فَهِيَ تَتَقَلَّبُ بَيْنَ رَحْمَةِ الْأُبُوَّةِ، وَعَطْفِ الْأُخُوَّةِ، وَكَنَفِ الزَّوْجِيَّةِ، وَمَحَبَّةِ الْبُنُوَّةِ.

الْمَرْأَةُ فِي مُجْتَمَعِنَا -بِحَمْدِ اللَّهِ- مَصُونَةٌ مُحْتَرَمَةٌ، تُلَبَّى حَاجَاتُهَا، وَتَوَفَّرُ طَلَبَاتُهَا، وَتُحَقَّقُ رَغَبَاتُهَا، وَهَذَا هُوَ حَالُ الْمَرْأَةِ فِي الْغَالِبِ الْأَعَمِّ، بَيْدَ أَنَّ لِكُلِّ قَاعِدَةٍ شَوَاذَّ، وَلَيْسَ مِنَ الصَّوَابِ أَنْ نَدُسَّ رُؤُوسَنَا فِي التُّرَابِ، وَنَقُولَ: لَيْسَ ثَمَّةَ ظُلْمٌ لِلْمَرْأَةِ، بَلْ مِنَ الدِّيَانَةِ كَشْفُ هَذَا الظُّلْمِ وَرَفْعُهُ، وَبَيَانُهُ وَتَعْظِيمُ جُرْمُهُ، فَنَحْنُ أَوْلَى بِنُصْرَةِ الْمَرْأَةِ وَرَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهَا، مِنْ دُعَاةِ تَخْرِيبِ الْمَرْأَةِ الَّذِينَ يَسْتَغِلُّونَ وُجُودَ هَذَا الظُّلْمِ بِرَفْعِ شِعَارَاتِ تَحْرِيرِ الْمَرْأَةِ، لِتَحْقِيقِ مَآرِبَ أُخْرَى.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ صُوَرِ ظُلْمِ الْمَرْأَةِ فِي مُجْتَمَعَاتِنَا: الِاعْتِدَاءُ عَلَى مَالِهَا؛ كَمَنْعِ حَقِّهَا مِنَ الْإِرْثِ، أَوْ أَخْذِ جُزْءٍ مِنَ الْمَهْرِ، الَّذِي اسْتُحِلَّتْ مِنْ أَجْلِهِ الْفُرُوجُ، أَوِ اسْتِغْلَالُ الْوَلِيِّ رَاتِبَ الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَتْ عَامِلَةً رَغْمًا عَنْهَا. وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْجَوْرِ الْعَظِيمِ وَالظُّلْمِ الشَّنِيعِ.

وَظُلْمُ ذَوِيِ الْقُرْبَى أَشُدُّ مَضَاضَةً

عَلَى الْمَرْءِ مِنْ وَقْعِ الْحُسَامِ الْمُهَنَّدِ

وَإِذَا أَتَتْكَ مِنَ الرِّجَالِ قَوَارِضٌ

فَسِهَامُ ذِي الْقُرْبَى الْقَرِيبَةِ أَجْرَحُ

وَمِنْ صُوَرِ الظُّلْمِ أَيْضًا: التَّسَبُّبُ فِي حِرْمَانِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، فَبَعْضُ الْآبَاءِ -هَدَاهُمُ اللَّهُ- يُؤَخِّرُ زَوَاجَ ابْنَتِهِ حَتَّى تُوَاصِلَ دِرَاسَتَهَا لِكَيْ تَصِلَ إِلَى أَعْلَى الْمَرَاتِبِ، فَيَرُدُّ كُلَّ مَنْ تَقَدَّمَ لَهَا مِنْ أَهْلِ الْكَفَاءَةِ، حَتَّى يَتَقَدَّمَ بِالْمَرْأَةِ الْعُمْرُ، وَيَفُوتَ الْقِطَارُ، وَتَعِيشَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ حَيَاةَ الْعُنُوسَةِ وَالْأَسَى، الَّتِي سَبَّبَهَا لَهَا أَبُوهَا.

رَامَ نَفْعًا فَضَرَّ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ

وَمِنَ الْبِرِّ مَا يَكُونُ عُقُوقَا

وَمِنْ صُوَرِ الظُّلْمَ أَيْضًا: عَدَمُ اهْتِمَامِ الْوَلِيِّ بِاخْتِيَارِ الزَّوْجِ الصَّالِحِ الْمُنَاسِبِ لِلْمَرْأَةِ، فَكَمْ مِنَ امْرَأَةٍ صَالِحَةٍ مِسْكِينَةٍ، تَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ لَا تَعْرِفُهُ، ثُمَّ تُفَاجَأُ بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي، أَوْ مُبْتَلًى بِالْمُسْكِرَاتِ وَالْمُخَدِّرَاتِ، فَتَعِيشُ هَذِهِ الْمِسْكِينَةُ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ حَسْرَةً وَأَلَمًا، وَالسَّبَبُ: تَفْرِيطُ الْوَلِيِّ فِي السُّؤَالِ عَنْ حَالِ الزَّوْجِ.

وَمِنَ الْعُقُوقِ أَيْضًا: الْمُغَالَاةُ فِي مُهُورِ النِّسَاءِ، فَبَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ يَشْتَرِطُ الْأَرْقَامَ الْفَلَكِيَّةَ مَهْرًا لِابْنَتِهِ، وَكَأَنَّهَا سِلْعَةٌ لِلْمُقَايَضَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً، أَيْسَرُهُنَّ مَؤُونَةً".

إِلْزَامُ الْمَرْأَةِ بِالزَّوَاجِ مِنْ رَجُلٍ لَا تَرْضَاهُ: مِنَ الظُّلْمِ الْمُبِينِ، وَهَذَا يَقَعُ دَائِمًا فِي زَوَاجِ الْأَقَارِبِ، فَيَأْنَفُ وَالِدُ الْمَرْأَةِ أَنْ يَرُدَّ قَرِيبَهُ، فَيُجْبِرُ الْوَالِدُ ابْنَتَهُ عَلَى الرِّضَا، فَتُوَافِقُ الْمِسْكِينَةُ عَلَى مَضَضٍ وَإِكْرَاهٍ؛ رَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ أَنَّ فَتَاةً دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- فَقَالَتْ لَهَا: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ وَأَنَا كَارِهَةٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهَا، فَدَعَاهُ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا.

عِبَادَ اللَّهِ: التَّعَدُّدُ مُبَاحٌ فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، لِمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعَدْلِ، وَإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَلَكِنْ حِينَمَا يَؤُولُ الْأَمْرُ إِلَى الْحَيْفِ وَالْمَيْلِ، فَهَذَا مِنَ الظُّلْمِ الَّذِي شَنَّعَهُ الْإِسْلَامُ؛ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) [النِّسَاءِ: 129]، (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) [النِّسَاءِ: 3].

وَيَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَّةِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

الْعَضْلُ -وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَضْلُ-: أَنْ يَخْتَارَ الزَّوْجُ سَبِيلَ الدَّنَاءَةِ، حِينَمَا لَا يَرْغَبُ فِي الزَّوْجَةِ، فَيُعَلِّقُهَا وَلَا يُطَلِّقُهَا حَتَّى تَدْفَعَ لَهُ الْمَهْرَ كَامِلًا، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْجَشَعِ وَالطَّمَعِ الَّذِي تَأْبَاهُ نُفُوسُ أَهْلِ الْإِيمَانِ.

وَمِنْ صُوَرِ ظُلْمِ الْمَرْأَةِ أَيْضًا: تَهْدِيدُ الزَّوْجَةِ بِالطَّلَاقِ، وَالتَّلْوِيحُ بِعَصَا الْفِرَاقِ عِنْدَ أَدْنَى خِلَافٍ، وَكُلُّنَا نَعْلَمُ كَمْ يَقَعُ هَذَا الْأَثَرُ فِي نَفْسِ الْمَرْأَةِ حِينَمَا تُطَلَّقُ.

وَمِنْ صُوَرِ ظُلْمِ الْمَرْأَةِ الظَّاهِرَةِ: الِانْشِغَالُ عَنْ تَرْبِيَةِ الْفَتَاةِ وَتَهْذِيبِهَا عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِي الْأُمُورِ، وَعَلَى الطُّهْرِ وَالْعَفَافِ، وَحُسْنِ التَّدَيُّنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَالْأَبُ مَشْغُولٌ بِأَسْهُمِهِ وَعَقَارَاتِهِ، وَالْأُمُّ مَشْغُولَةٌ بِوَظِيفَتِهَا وَزِيَارَاتِهَا، فَضَاعَتْ تَرْبِيَةُ الْفَتَاةِ مَعَ الْإِعْلَامِ الْفَاسِدِ، الَّذِي لَا يَرْقُبُ فِي الْعِفَّةِ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً.

وَمِنْ صُوَرِ الظُّلْمِ أَيْضًا: نَظْرَةُ الْمُجْتَمِعِ الْمَشِينَةُ، لِلْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، رُبَّمَا تَكُونُ قَدْ طُلِّقَتْ لِأَمْرٍ تُحْمَدُ عَلَيْهِ، كَعَيْبٍ فِي دِيَانَةِ الرَّجُلِ لَا يُرْضِي اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَبَدَلَ أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا وَتُشَجَّعَ لِسَلَامَةِ رَأْيِهَا، يَنْظُرُ الْبَعْضُ إِلَيْهَا بِأَنَّهَا هِيَ الْمُخْطِئَةُ، وَرُبَّمَا عُيِّرَتْ بِالطَّلَاقِ وَضُيِّقَ عَلَيْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَلِيقُ فِي مُعْجَمِ الْقِيَمِ، وَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ النَّبِيلَةِ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: هَذِهِ بَعْضُ صُوَرِ الظُّلْمِ، وَالصُّوَرُ كَثِيرَةٌ، فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَحْذَرَهَا، وَيُحَذِّرَ الْغَيْرَ مِنْهَا، وَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، نَشْرُ نِظَامِ الْإِسْلَامِ الْعَادِلِ وَتَعَالِيمِهِ الرَّبَّانِيَّةِ؛ لِيُنْقِذَ الْمَرْأَةَ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُعَاصِرَةِ، كَمَا أَنْقَذَهَا مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى.

اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، وَاسْلُكْ بِنَا سَبِيلَ الْهُدَى وَالرَّشَادِ.

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى.

أَمَّا بَعْدُ:

فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ مُشْكِلَاتِ ظُلْمِ الْمَرْأَةِ وَالْإِجْحَافِ بِحَقِّهَا وَبَخْسِهِ قَدْ لَا تَحُلُّهُ الْقَوَانِينُ وَالْأَنْظِمَةُ؛ إِذِ الْحِيَلُ كَثِيرَةٌ، وَإِمْكَانُ الْمُكَايَدَةِ وَالتَّلَاعُبِ فِيهَا وَاسِعٌ، وَإِنَّمَا يَحُلُّهُ التَّذْكِيرُ بِعُقُوبَةِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا) [آلِ عِمْرَانَ: 30].

وَلْيَتَذَكَّرْ كُلُّ ظَالِمٍ أَنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ، وَإِنَّهُ سَيَرَى مَا جَنَاهُ ظُلْمُهُ فِي دُنْيَاهُ قَبْلَ آخِرَتِهِ، قَالَهُ الْمُصْطَفَى الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى: "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرَ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُهُ مِنَ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ، مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَأَخِيرًا -عِبَادَ اللَّهِ-، فَإِنَّ مِنَ الْمُرُوءَةِ وَالشَّهَامَةِ: الصَّبْرَ عَلَى أَخْطَاءِ الْمَرْأَةِ، وَالتَّسَامُحَ مَعَ زَلَّاتِهَا، وَغَضَّ الطَّرْفِ عَنْ تَقْصِيرِهَا، مَعَ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَطِيبِ الْمُعَاشَرَةِ، وَلَا يَفْرُكُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ سَخِطَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ.

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الرَّحْمَةِ الْمُهْدَاةِ وَالنِّعْمَةِ الْمُسْدَاةِ.