القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
العربية
المؤلف | محمد ابراهيم السبر |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - فقه النوازل |
لقد تغيرت أحوال الحج وأحوال الحجاج منذ قيام الدولة السعودية، والحمد لله، فعم الأمن أرض الحجاز، بل الجزيرة كلها، واختفت عصابات السلب والنهب التي كانت تعترض قوافل الحجيج فتقتلهم وتسلبهم من اللصوص وقطاع الطريق؛ ناهيك...
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله، الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه، الحمدُ لله عدد ما في السماء، والحمدُ لله عدد ما في الأرض، والحمدُ لله عدد ما بينهما، والحمدُ لله عدد كل شيءٍ، الحمدُ لله ملءَ ما في السماء، والحمدُ لله ملءَ ما في الأرض، والحمدُ لله ملءَ ما بينهما، والحمدُ لله ملءَ كل شيء.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وصحبِه وسلَّم تسليما كثيراً.
أما بعد: فأُوصِيكم ونفسي بتقوَى الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة: 119].
معاشر المؤمنين والمؤمنات: انتهى موسم الحج الذي أدى فيه المسلمون الركن الخامس من أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وكثيرٌ منهم زار مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتشرفوا بالسلام عليه وعلى صاحبيه؛ عادوا سالمين غانمين، بالأجر وحسن الثواب، موفورين مستبشرين بفضل الله ونعمائه أن يسر لهم حج بيته الحرام، وأعانهم على حجهم وأراهم مناسكهم.
وتجلت في هذا الموسم العظيم مدرسة الحج الكبرى في أجلى معانيها وأبهى مغازيها من دروس تحقيق التوحيد وإقامة ذكر الله -تعالى- والوحدة والتعاون.
إن نعم الله على هذه البلاد لا تحصى فهي بلاد الحرمين، ومهبط الوحي، ومنبع الرسالة، ومنطلق الدعوة الإسلامية، وعلى ثراها عاش رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإن من النعم التي تجددت لهذه البلاد المباركة، بل للمسلمين جميعا: نجاح موسم حج هذا العام على كافة الأصعدة.
فالحمد لله على فضله وإنعامه: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ)[النحل: 53] فإن الله قد سهل الحج ويسره فاستتب الأمن، وعبدت الطرق، وجاء الحجاج برا وجوا وبحرا: (يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)[الحـج: 27].
وإن النعم تدوم بالشكر، وإن من شكر الله على هذه النعمة التحدث بها؛ كما قال تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)[الضحى: 11].
إن هذه الدولة المباركة بحمد الله تقوم على توحيد الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وتحكيم الشريعة، وإقامة الحدود الشرعية، ومن كان كذلك فإن الله معه يؤيده وينصره، ويسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة؛ كما قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)[النور: 55].
لقد تغيرت أحوال الحج وأحوال الحجاج منذ قيام الدولة السعودية، والحمد لله، فعم الأمن أرض الحجاز، بل الجزيرة كلها، واختفت عصابات السلب والنهب التي كانت تعترض قوافل الحجيج فتقتلهم وتسلبهم من اللصوص وقطاع الطريق؛ ناهيك عن الباطنية الذين لقي المسلمون منهم عنتاً وبلاءً عظيماً؛ فيدنسون المقدسات، ويتقربون بقتل الحجاج، وسرقوا الحجر الأسود زمناً، وعطلوا الحج سنوات بعد سنوات فلم يحج إلا القليل.
ويضاف إلى ذلك الاستهانة بهذا الركن العظيم من الدول التي كانت موجودة آنذاك، فلا اهتمام بشأن جزيرة العرب، ولا رعاية للحجاز والحرمين الشريفين؛ ناهيكم عن شيوع البدع والخرافات والمحامل الشركية والبدعية.
لقد قفلت قوافِلُ الحَجيج إلى ديارِها، بعد موسمٍ ناجحٍ وحافِلٍ بخدماتٍ مُتكاملةٍ، وإنجازاتٍ جليلة، وجهودٍ تعاضدَت فيها كلُّ القطاعات التي بذلَت عملاً دؤُوبًا، وطوَّرَت فِكرًا حديثًا لخدمةِ الحُجَّاج والزوَّار.
فجزَى الله خيراً وُلاةَ أمر هذه البلاد الذين أنفقُوا بسَخاء، وأشرَفُوا بوفاء، وبارَكَ في رجالٍ صادِقين صنَعُوا مجدًا وإتقانًا في خُطط الحجِّ، فأُخرِسَت الأبواقُ الناعِقة التي تُشوِّهُ الحقائِق، وتُزيِّفُ الأحداث، وأشعةُ الشمس لا يحجُبُها غِربال.
وإن من النماذج الظاهرة البارزة في التفاني في خدمة الحجيج: ما رأيناه من أبنائنا وإخواننا رجال الأمن والجنود البواسل، وكيف كانوا القلوب الرحيمة، والعواطف الجياشة؛ مع الحجاج والعمار والزوار، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويعينون العاجز، ويعاملون ضيوف الرحمن معاملة حسنة طيبة، فلله درهم، وعلى الله أجرهم، فلهم منا الدعاء والثناء وحسن الذكر.
ولا ننسى الجهود المقدمة في الجانب الصحي والوقائي من الأطباء والمسعفين والأدلاء، وتهيئة المواقيت؛ إضافة إلى البرامج التوعوية والدعوية ودور الدعاة في إرشاد الحجاج والمعتمرين.
اللهم تقبل من حجاج بيت الله حجهم، واجعل حجهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، واجز ولاة الأمر خير الجزاء وأعظم الثواب على ما يولونه من خدمة ورعاية للحرمين الشريفين وقاصديهما.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى.
عباد الله: بدأ العام الدراسي الجديد وبدأت معه مسؤولية الآباء والأمهات في تهيئة الطلاب والطالبات، واحتساب الأجر في النفقة والتربية، وإعانتهم على طلب العلم، والحاقهم بالمدارس النظامية ومتابعتهم، وحفظهم من رفقة السوء، وضياع الأوقات.
إن طريق العلم طريق عزيز شريف لا ينتهي بصاحبه إلا بالعزة والرفعة، ودفع الجهل والبطالة، وخدمة الدين والوطن.
هل العلم في الإسلام إلا فريضة | وهل أمة سـادت بغير التعلم |
وأعلى من ذلك وأجل: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة".
ألا وصلُّوا -عبادَ الله- على رسولِ الهُدى، فقد أمرَكم الله بذلك في كتابِه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجه وذريته، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ وأزواجه وذريتِه، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشِدين؛ أبي بكرٍ، وعُمرَ، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الآلِ والصَّحبِ الكِرام، وعنَّا معهُم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أرحمَ الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الكفرَ والكافرين، ودمِّر اللهم أعداءَك أعداءَ الدين، واجعَل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئِنًّا وسائرَ بلاد المُسلمين.
اللهم وفِّق ولِيَّ أمرنا لما تُحبُّ وترضَى، ووفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك يا رب العالمين، ووفِّق جميعَ وُلاة أمور المُسلمين للعملِ بكتابِك، وتحكيمِ شرعِك يا ربَّ العالمين.
اللهم انصر جنودنا المرابطين وردهم سالمين غانمين.
اللهم من أرادَنا وأرادَ الإسلام والمُسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسِه، واجعَل تدبيرَه تدميرَه يا سميعَ الدعاء.
اللهم كُن للمُسلمين المُستضعَفين في كل مكانٍ، اللهم كُن لهم مُؤيِّدًا ونصيرًا وظَهيرًا.
اللهم اغفِر لوالدِينا ولوالدِيهم، اللهم ارحَم موتانا، واشفِ مرضانا، وتولَّ أمرَنا يا ربَّ العالمين.