الولي
كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...
العربية
المؤلف | عبد الله بن محمد الطيار |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان - الأديان والفرق |
أيُّهَا المؤمنونَ: قبلَ سنواتٍ استعملتْ إيرانُ الصّفويةُ أذرعهَا الإرهابيةَ في تنظيمِ القاعدةِ، واتخذتْ بعضَ شبابِنَا لتدميرِ بلادِنا، وتمزيقِ لحمتِنَا، واستغلتْ عقولَهم وعواطفَهم لتحقيقِ مآربِها القذرةِ الدنيئةِ في استهدافِ اقتصادِ البلادِ، ولكنَّ...
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ للهِ؛ نحمدُهُ ونستعينُهُ، ونعوذ باللهِ منْ شرورِ أنفسنَا ومنْ سيئاتِ أعمالنا، منْ يهدهِ اللهُ فلَا مُضلّ لهُ، ومنْ يُضلِلْ فلا هاديَ لهُ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ. وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ بعثهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ، صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وأصحابهِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: فاتّقوا اللهَ -أيها المؤمنونَ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون)[آل عمران: 102].
عبادَ الله: ابتُليتْ بلادُنا -حَرَسها اللهُ- بالعداوةِ والبغضاءِ من أعدائِها، حقدًا وحسدًا على ما حَبَاها اللهُ -جلَّ وعَلا- من نعمةِ الإسلامِ، والأمنِ والإيمانِ، والاستقامةِ على المنهجِ الحقِّ، وتحكيمِ شريعةِ اللهِ -جلّ وعَلا- في جميعِ شؤونِها، وتمَاسكِها ووحدةِ صفِّها، والتفافِ الرّعيةِ حولَ الراعِي، وما يرونَهُ من الخيرِ المتدفِّق عليها، فسعوا بكلِّ وسيلةٍ إلى تشويهِ صورتِها، والقدحِ في منهجِها، وسبَّها بأقذعِ الشتائِمِ والألفاظِ، ورمْيها بالعمالةِ والخيانةِ، عبرَ قنواتٍ داعرةٍ، ووسائلَ خبيثةٍ ماكرةٍ، باذلينَ الغالي والنفيسَ من أجلِ تفريقِ صفِّها وخلخلةِ بنائِها.
وقد ظهرَ جليًّا مَا يحيكهِ الأعداءُ لبلادِنَا من مؤامراتٍ وخططٍ من أجلِ إضعافِها، وإبعادِهَا عن منهجِها القويمِ، وزرعِ الشقاقِ بينَ أفرادِها، والتشكيكِ في صدقِ علمائِها وولاةِ أمورِها في التمسكِ بدينِ اللهِ -تعالى-.
أيُّهَا المؤمنونَ: قبلَ سنواتٍ استعملتْ إيرانُ الصّفويةُ أذرعهَا الإرهابيةَ في تنظيمِ القاعدةِ، واتخذتْ بعضَ شبابِنَا لتدميرِ بلادِنا، وتمزيقِ لحمتِنَا، واستغلتْ عقولَهم وعواطفَهم لتحقيقِ مآربِها القذرةِ الدنيئةِ في استهدافِ اقتصادِ البلادِ، ولكنَّ اللهَ -عز ّوجلّ- أحبطَ كيدَهُم بفضلِهِ وقوّتِهِ، ومكَّنَ منهم رجالَ الأمنِ بحولِهِ وطولِهِ.
ومَا زالتْ تلكَ الدولةُ الصّفويةُ تقومُ بدعمِ أذنابِهَا منْ جماعةِ الحوثي الإرهابيةِ في اليمنِ لضربِ بلادِنا وانتهاكِ حدودِنا، وهذا العملُ يعتبرُ تحدّيًا وتجاوزًا سافرًا وعملاً منكرًا وجرمًا شنيعًا ينافِي الشرعَ والقيمَ والأخلاقَ والأعرافَ الدوليةَ.
عبادَ اللهِ: إنّ هدفَ إيرانَ وأذنابِها من الحوثيّينَ وغيرِهم ليسَ إسقاطَ بلادِنَا وتدميرَ ممتلكاتِهَا فحسبْ، بل هدفَهُم القضاء على أهلِ السّنةِ والجماعةِ في العالمِ بأسرِهِ وإقامةِ دولةٍ صفويةٍ فارسيةٍ تنشرُ عقائدَها الفَاسدة.
وعلى هذهِ الجماعةِ وغيرِهَا منَ الجماعاتِ الإرهابيةِ أن تعلمَ علمَ اليقينِ أنَّ هذِهِ البلادَ محروسةٌ بعينِ اللهِ -تَعالى- لأنَّها البلدِ الوحيدُ القائمُ على التوحيدِ والعقيدةِ الصحيحةِ، وهي مَهدُ الرِّسالةِ، ومهبطُ الوحيِ، ومأرزُ الإيمانِ، وفيها الحرمانِ قِبلةُ المسلمينَ، ويقومً عليها ولاةٌ أقوياءُ أشدّاءُ صدقوا ما عَاهدوا اللهَ عليهِ، ولنْ يستطيعَ أعداؤُها النيلَ منها أبدًا بفضلِ اللهِ -تعالى- وحفظِهِ.
عبادَ اللهِ: إنَّ هذا التفجيرَ الغاشِمَ ليسَ إلا امتدادًا لجرائِمَ سابقةٍ قامَ بِهَا أعداءُ الإسلامِ، وهذهِ الأيدي الخبيثةُ التي تسعى لاستهدافِ المملكةِ، وتدميرِ خيراتِهَا، وتخريبِ ثَرَوَاتِهَا ومُمْتَلَكَاتِهَا، لمْ تقتصرْ جريمتُها على بلادِنَا فقطْ، بل عَلى العالَمِ بأسرِهِ باعتبارِ بلادِنا هي التي تُمِدُّ العالمَ بالنفطِ ومشتقاتِهِ.
ومعملُ بقيقْ التّابع لشركةِ أرامكو السعوديةِ، هو أكبرُ معملٍ لتكريرِ النفطِ، وأكبر محطةٍ لتركيزِ النفطِ الخامِ في العالمِ، واستهدافِهِ هو استهدافٌ للسعوديةِ واقتصادِهَا خاصةً، واستهدافٌ للعالَمِ عامةً؛ محاولينَ إسقاطَ دورِ بلادِنا بكلِّ مَا أوتوا من مكرٍ وكيدٍ.
ومن نعمِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- أنَّ هذهِ الاعتداءاتِ كلَّهَا باءتْ بالفشلِ -وللهِ الحمدُ والمنّةُ-، ولمْ تحقِّقْ هدفَها في خلخلةِ وحدتِنا، والقضاءِ على ثرواتِنَا، بلْ زادتْ بلادَنا وأبناءَنا حبًا وتلاحمًا وتأكيدًا للولاءِ والبيعةِ.
عبادَ اللهِ: لقد حذَّر أئمةُ الإسلامِ قديمًا وحديثًا من خطرِ أصحابِ هذا الفكرِ الضّالّ، وعلى رأسِهِمْ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ -رحمه الله- الذي قالَ فيهم: "همْ دائمًا يوالونَ الكفّارَ منَ المشركينَ واليهودِ والنّصارى ويعاونونهم على قتالِ المسلمينَ ومعاداتِهِم"، وقالَ عنهمْ رَحِمَهُ الله أيضًا: "أنّهُمْ كانوا يُعاونون التتارَ عندمَا غزوا بلادَ المسلمينَ"، وقالَ عنهمْ: "لَيْسَ لهمْ سَعْيٌ إِلّا في هدمِ الإسلامِ ونقضِ عُرَاهُ وإفسادِ قواعدِهِ".
أعوذُ باللهِ منَ الشيطانِ الرجيم: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز)[الحج: 39-40].
باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيم، ونفعنِي وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ.
أقولُ ما سمعتمْ، فاستغفروا اللهَ يغفرْ لي ولكُم إنَّهُ هو الغفورُ الرّحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ الذي علَّم أمتَه كلَّ خيرٍ، وحذَّرهم من كلِّ شرٍّ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: أيُّها المؤمنونَ والمؤمناتُ: اعلموا أنَّ اللهَ -جَلَّ وعَلَا- كتبَ لأمّةِ الإسلامِ النّصرَ والتمكينَ، إذا هي تمسّكَتْ بكتابِ ربّهَا وسنّةِ نبيّهَا -صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ-، فربُّنَا -جلَّ وعَلا- اصْطَفَاهَا واجْتَبَاهَا لتكونَ خاتمةَ الأممِ الشّاهدةَ عليهم يومَ القِيَامَةِ.
وإنَّ إيمانَنا باللهِ -جلَّ وعّلا- ويقينَنا بنصرِهِ، والثباتِ على دينِهِ، والتمسكِ بوحدةِ الصّفِّ، واجتماعِ الكلمةِ؛ هي منْ أقوى أسبابِ تحصيلِ النَّصْرِ على الأعداءِ، وتحصيلِ الأمنِ والأمانِ في الحياةِ، قَالَ جلَّ وعلَا: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[التوبة: 33].
فعلينَا أنْ نتمسكَ بدينِنَا، وأن لا نفرّطَ فيهِ أبدًا مهمَا كانتْ العواقبُ، فالنصرُ لا يتأتى إلّا إذَا لزمنَا هذا الطريقَ، وتمسّكْنَا بهذا الدّينِ القويمِ، واجتمعتْ القلوبُ والأبدانُ على كلمةٍ واحدةٍ، وصفٍ واحدٍ، ويقينُنَا بأنَّ الثباتَ على هذا الدّينِ من أهمِّ أسبابِ النصرِ، والتمكينِ لعبادِ اللهِ المؤمنينَ.
وواجبُنَا: نحوَ هذهِ الأحداثِ التي تمرُّ بِهَا بلادُنا، أنْ نتماسَكَ ونتعاضدَ ونلتفَّ حولَ ولاةِ أمورِنَا وعلمائِنَا، وأنْ نأخذَ بأسبابِ القوّةِ والنّصرِ، وأنْ نحافظَ على أمنِنَا واستقرارِنَا، وأن لا نسمحَ أبدًا لأيِّ عابثٍ أو دخيلٍ بالإخلالِ بأمنِهِ مهمَا كانتْ الظروفُ والأحوالُ.
أسألُ اللهَ -جلَّ وعلَا- أنْ يحفظَ عليْنَا دينَنَا وإيمانَنا وأمنَنا، وأن يُوَفّقَ ولاةَ أمورِنَا لِمَا فيهِ الخيرُ لبلادِنَا.
هَذا وصلُّوا وسلّموا على الحبيبِ المصطفى والنبيّ المجتبى محمدِ بنِ عبدِ اللهِ، فقدْ أمركم اللهُ بذلكَ، فقالَ جلَّ مِنْ قائِلٍ عليماً: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب:٥٦].