العربية
المؤلف | عبد الله بن علي الطريف |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - الأديان والفرق |
لقد كان مهمّاً أن نعلم العقيدة الحوثية وما تنطوي عليه من ضلال وباطل؛ لندرك بعد ذلك أن ما صنعوه في اليمن ما هو إلا امتداد لحقدهم على أهل السنة.. لقد تمادَتْ عصابةُ الحوثيّ المجرمةِ الصفويّة في اليمن, وسفكوا دماء الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، وشرّدوا وسجنوا الأتقياء والعلماء, وأتلفوا الأموال المعصومة, وهدموا مساجد أهلِ السّنة والجماعة, وفجّروا مقرات حلقات تحفيظ القرآن, والمعاهدَ والجامعاتِ الإسلامية.. وأظهروا العداء لبلادنا قولاً وفعلاً، وهاجموا حدودنا عدة مرات وما زال قائدهم الآن ينال من بلادنا ويهدد بالاستيلاء على الحرمين الشريفين، ويعتبر ذلك تحريراً لها.. خاب وخسر..
الخطبة الأولى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
أما بعد:
صباح الغيث والقطْرِ | وبشرى الغَوث والنصرِ |
وقصفٍ من صقور الجـوّ | زلزل حوثة الغدرِ |
بشائر أقبلت تتْرا | قبيل نسائمَ الفجرِ |
أيها الإخوة: وانطلقت جحافل الحق للباغي لتأدبه.. وللمارق لتحجمه.. وتقطعَ شره إنه الشر الحوثي السافر..
ولسائل أن يسأل: عن الحوثي والحوثية، فمن هم الحوثيون؟ وما معتقدهم؟ أقول أول ظهور لهم كان بظهور تنظيم نشأ في اليمن لمقابلة الدعوة السلفية المتصاعدة فيه بدعم من القيادة السياسية في وقتها عُرِف بتنظيم "الشباب المؤمن" الذي أُسس عام 1990م من بعض المرجعيات الزيدية الهادوية، وذلك بعد أن سمح الدستور اليمني بالتعددية الحزبية السياسية بعد توحيد اليمنيين..
وتعتبر هذه الفرقة من الزيدية أقرب الطوائف الشيعية للسنة، فهذه الطائفة لا تقدح في الصحابة، وإنما تكتفي بتفضيل الإمام علي على باقي الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، وأيضاً لا يؤمنون بالرجعة ونظرية المهدي، كما لا يحللون المتعة، ولا يستخدمون التقية..
وكان من مؤسسي "تنظيم الشباب المؤمن" الهالك بدر الدين الحوثي، وقاموا بوضع إطارٍ ثقافيٍ وسياسيٍ له، وبدءوا بتربية أنصارهم عليه في الصيف كما ركزوا معتقدهم من خلال المحاضرات التوعوية وجملة من الأنشطة الفكرية والسياسية المصاحبة، والمقدَّمة لمنتسبي هذا التنظيم، أو الجماعة، وكانت تتضمن دروساً دينية، كالفقه، والحديث، والتفسير، والعقائد، إضافة إلى أنشطة مختلفة، كالرياضة، وتعليم الخطابة، والأناشيد، والمسرحيات، واللقاءات، والحوارات وغيرها، كل ذلك في إطار برنامج يومي مكون من ثلاث فترات: فترة صباحية، وفترة الظهيرة، وفترة المساء.
وغدت هذه المراكز قبلة لكثير من الطلاب القادمين إليها من مختلف المحافظات، المعروفة تاريخياً بانتمائها إلى المذهب الزيدي الهادوي، ثم تجاوز الأمر محافظة صعدة إلى العديد من المحافظات والمدن، ذات الطابع الشيعي الزيدي الهادوي، التي فتحت مراكز خاصة بها، وفق المنهج القائم في صعدة.
ولكن هذا العرس الطائفي لم يدم طويلاً فاختلف قادته بعد فترة يسيرة فشذ مؤسس الحوثية بدر الدين الحوثي وابنه حسين عن البقية، وطرحا مذهبَ الزيدية الجارودية الغالية القريبة من الرافضة الاثنا عشرية بديلاً وحيدًا في عام 2000م، وانفصل عن بقية جماعته..
ويتضحٌ لمن يتتبع خطابه تأثره وتبنيه لمذهب الزيدية الجارودية الغالية القريبة من الرافضة الاثنا عشرية، وبدءوا بالاستقلال عن بقية مجموعتهم الأولى، وغيروا أهدافهم، وقد شمل التكوين الكلي بأبعاده النفسية والتربوية والفكرية والسياسية لشخصية الحوثي، إذ لم يعد مقلّداً للمذهب الزيدي الهادوي، ولا متابعاً تقليدياً لآراء فقهائه.
وغدا خطابه الفكري الموجّه نحو أتباعه ذا روح انتقائية ثورية متمرّدة، تبدأ من النقد المذهبي للآخر كأهل السنة عامة. وانتقل بالنقد إلى نقد المذهب الزيدي الهادوي واتهمهم بأنهم لا يقلون سوءاً عن أهل السنة.. وخاض وأنصاره حروباً عدة ضدهم..
وذلك بعد زياراته المتكررة إلي طهران وقم معقل الرافضة، وأقام سنوات فيها, وقام بإرسال الطلاب إلى هناك للدراسة في حوزات الشيعة. وهو ما عده بعض الزيدية الهادوية خروجاً لحركته عن المذهب الشيعي الزيدي...
أيها الإخوة: لقد كان مهماً أن نعلم العقيدة الحوثية وما تنطوي عليه من ضلال وباطل؛ لندرك بعد ذلك أن ما صنعوه في اليمن ما هو إلا امتداد لحقدهم على أهل السنة..
لقد تمادَتْ عصابةُ الحوثيّ المجرمةِ الصفويّة في اليمن, وسفكوا دماء الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، وشرّدوا وسجنوا الأتقياء والعلماء, وأتلفوا الأموال المعصومة, وهدموا مساجد أهلِ السّنة والجماعة, وفجّروا مقرات حلقات تحفيظ القرآن, والمعاهدَ والجامعاتِ الإسلامية.. وأظهروا العداء لبلادنا قولاً وفعلاً، وهاجموا حدودنا عدة مرات وما زال قائدهم الآن ينال من بلادنا ويهدد بالاستيلاء على الحرمين الشريفين، ويعتبر ذلك تحريراً لها.. خاب وخسر..
وقبل هذا البغي الظاهر أظهروا عَقِيدَتَهَم بأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نَصَّ عَلَى إِمَامَةِ عَلِيٍّ بَعْدَهُ بِالْوَصْفِ لَا بِالِاسْمِ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ كَفَرُوا بِتَرْكِهِمْ بَيْعَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؛ وكانوا وما يزالون يلعنون الإمامين أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما-، ويقعون في أعراض زوجاته ويرمونهن بالخنا والفجور، أخزاهم الله وانتقم منهم.. ويعتقدون وينتظرون خروج المهدي من سردابه، ويمارسون التقية..
وما فتئوا يعبثون بِأَمْنِ اليمن السّنيّ, ويطلقون التصريحات الخبيثة, التي تُهدّد بالعبث بأمن الخليج والجزيرة, وَغَزْوِ مكةَ والمدينة.
ونَظَرًا لِخُطُورتهم على اسْتقرار دُوَلِ الجزيرة العربيّة, فإنّ إضعافَ شكوتهم, وضربَ معاقلِهمُ العسكريّةِ, كسرٌ لشوكتهم وحمايةٌ لبلادنا من رجسهم, ودِرْعٌ حصينٌ من نشر مذهبهم, وقَطْعٌ ليدِ دولةِ الرَّفْضِ والشرك في إيران, التي ما فَتِئَتْ تُزعزع أمْن واستْقرار البلدان.
وما أن دعا رئيس اليمن ملك هذه البلاد خادمَ الحرمين الملكَ سلمان -حفظه الله ووفقه- للنجدة.. إلا ولبى لدحرهم واستئصال شأفتهم، ولبت معه قيادات بعض الدول.. وحلقت صقور الجو تدك معاقل الشر.. وتحركت جحافل الحق لتأخذ على يد الغادر وتضع الحق في نصابه. نسأل الله لهم الإخلاص والنصر والتمكين.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ...
الخطبة الثانية:
أيها الأحبة: ونحن نعيش هذا الحديث الكبير الذي تقوده دولتنا حري بنا أن نعتصم بحبل الله المتين ولا نتفرق فربنا قال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آل عمران: 103]، هذا أمر من الله بالجماعة، ونهي منه عن الفرقة.
وقد وردت الأحاديثُ المتعددة بالنهي عن التفرق والأمر بالاجتماع والائتلاف ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا، يَرْضى لَكُمْ: أنْ تَعْبدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وأنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وأنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاهُ اللهُ أمْرَكُمْ؛ وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: قيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإِضَاعَةَ الْمَالِ".
وأن نعلم أن هذه الحرب جهاد في سبيل الله -تعالى-، وأمر مشروع، باعتبار الحوثيين أذرعاً لقوى إيرانية تريد زعزعة استقرار اليمن والمنطقة والاستيلاء على الحرمين.. وأن نحسن الظن بالله -تعالى- وأنه ناصرنا، وأن نتوكل عليه وحده.. وألا نغتر ونعجب بعدد وعتاد فهي لن تغني شيئًا بلا إعانة من الله -سبحانه وتعالى-: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) [التوبة: 25].
وعلينا الإكثار من الدعاء والإلحاح على الله بالنصر والتسديد، وهذا هديه -صلى الله عليه وسلم- في غزواته كحاله في غزوة بدر.. وأن نكثر من الذكر وسؤال الله الثبات للمقاتلين المجاهدين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال: 45] ذلك أن الصبر والثبات والإكثار من ذكر اللّه من أكبر أسباب النصر.
ومن أفضل الذكر قول: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ"، قال ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَالُوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ) [آل عمران: 173] (رواه البخاري). وأن نبتعد عن السخرية والاستهزاء والتندر بالأحداث فالخطب جلل والأمر ليس بالسهل.
وعلينا أن نقلع عن المعاصي ونكرر التوبة والاستغفار، ونستشعر عظم الخطب، وأننا إن هزمنا لا قدر الله لم يرحمنا هؤلاء الأوباش، وأن نقوّي اللُّحمة فيما بيننا.. وليكن حديثنا في المجالس حديث حكمة ومؤازرة وتفاؤل، ونحذر من الشائعات وترديدها وتصديقها، وألا يكون متابعة الأخبار شغلنا الشاغل وسماع التحليلات همنا الأول, ونتوجه إلى الله بالطاعات البدنية والصدقات المالية...
وأخيراً يجب علينا أن نعلم علم اليقين أن الله -سبحانه وتعالى- هو المدبر والمصرف لهذا الكون، وما يقع فيه من شيء إلا بتقديره وعلمه، فهو الرب الخالق المدبِّر، المالك المتصرف، يقول الشيخ السعدي: "وهو اللطيف الخبير، الذي أحاط علمه بالأسرار والبواطن، والخبايا والخفايا، ومكنونات الصدور، ومغيبات الأمور، وما لطف ودقّ من كل شيء".
وأن نعلم أن أمن بلدنا مسئوليةُ الجميع، فيجب التعاون التام مع رجال الأمن على حفظه.
أحبتي: مِن لُطف الله -تعالى- بعبده ووليه الذي يريد أن يُتمَّ عليه إحسانه، ويشملَه بكرمه، ويرقيه إلى المنازل العالية، أن يُيَسِّره لليسرى، ويجنّبه العسرى، ويجري عليه من أصناف المحن التي يكرهها وتشق عليه، وهي عين صلاحه، والطريق إلى سعادته، كما امتحن الأنبياء بأذى قومهم، وبالجهاد في سبيله، فهو يمتحن أولياءه بما يكرهون؛ ليُنِيلَهم ما يحبون.
فسبحانك ربي! ما أعلمك! وما ألطفك! أفِض علينا اللهم من لطفك وجودك وكرمك، فنحن عبيدك الضعفاء، لا حول ولا قوة لنا إلا بك..
نسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الكتاب والسنة، وأن يوفّق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وجميع المسئولين لكل خير، وأن يسدد رمي جنودنا البواسل ويرد كيد أعداء الإسلام في نحورهم..