البحث

عبارات مقترحة:

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

فايروس كورونا الجديد

العربية

المؤلف محمد بن سليمان المهوس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان - الحكمة وتعليل أفعال الله
عناصر الخطبة
  1. وقفات مهمة مع انتشار فايروس كورونا .
  2. الدنيا دار بلاء وفتن .
  3. توجيهات الإسلام للوقاية من الأوبئة .
  4. وجوب اجتناب الأسباب المؤدية إلى انتقال المرض. .

اقتباس

فَايرُوسٌ عَجِيبٌ فَتَّاكٌ، سَرِيعُ الانْتِشَارِ، مُتَنَوِّعُ الأَعْرَاضِ، بَدَأَ مِنَ الصِّينِ ثُمَّ انْتَشَرَ فِي الْعَدِيدِ مِنْ دُوَلِ الْعَالَمِ، حَتَّى أَعْلَنَتْ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ حَالَةَ الطَّوَارِئِ؛ بِسَبَبِ الاِنْتِشَارِ الْوَاسِعِ لِهَذَا الْمَرَضِ؛ إِنَّهُ فَايْرُوسُ كُورُونَا الَّذِي حَصَدَ الْكَثِيرَ مِنَ الأَنْفُسِ، وَعَطَّلَ اقْتِصَادَ كَثِيرٍ مِنَ الدُّوَلِ، وَأُغْلِقَتْ بِسَبَبِه الْمَدَارِسُ وَالْمَطَارَاتُ، وَزَادَ الْهَلَعُ، وَكَثُرَتِ الاِحْتِرَازَاتُ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70 – 71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فَايرُوسٌ عَجِيبٌ فَتَّاكٌ، سَرِيعُ الانْتِشَارِ، مُتَنَوِّعُ الأَعْرَاضِ، بَدَأَ مِنَ الصِّينِ ثُمَّ انْتَشَرَ فِي الْعَدِيدِ مِنْ دُوَلِ الْعَالَمِ، حَتَّى أَعْلَنَتْ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ حَالَةَ الطَّوَارِئِ؛ بِسَبَبِ الاِنْتِشَارِ الْوَاسِعِ لِهَذَا الْمَرَضِ؛ إِنَّهُ فَايْرُوسُ كُورُونَا الَّذِي حَصَدَ الْكَثِيرَ مِنَ الأَنْفُسِ، وَعَطَّلَ اقْتِصَادَ كَثِيرٍ مِنَ الدُّوَلِ، وَأُغْلِقَتْ بِسَبَبِه الْمَدَارِسُ وَالْمَطَارَاتُ، وَزَادَ الْهَلَعُ، وَكَثُرَتِ الاِحْتِرَازَاتُ، وَتَوَسَّعَتْ مَرَاكِزُ الْحَجْرِ الصِّحِّيِّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عِنْدَمَا يَتَكَلَّمُ الْعَالَمُ عَنْ هَذَا الْمَرَضِ وَأَسْبَابِهِ وَطُرُقِ انْتِشَارِهِ وَالْوِقَايَةِ مِنْهُ؛ يَتَيَقَّنُ الْمُسْلِمُ أَنَّ هَذَا الْمَرَضَ كَغَيْرِهِ مِنَ الأَمْرَاضِ الَّتِي كَتَبَهَا اللهُ وَقَدَّرَهَا عَلَى بَنِي الْبَشَرِ؛ مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ، وَمُحْسِنِهِمْ وَفَاجِرِهِمْ، غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ، صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ)[البقرة: 155].

فَأَخْبَرَنَا اللهُ بِرَحْمَتِهِ بِأَنَّنَا مُبْتَلَوْنَ؛ وَذَلِكَ لِلتَّهْيِئَةِ النَّفْسِيَّةِ وَالاِسْتِعْدَادِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَنَا أَنْوَاعَ الْبَلاَءِ؛ حَتَّى لاَ نَتَفَاجَأَ بِهَا، ثُمَّ أَعْلَمَنَا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ سَيَصْبِرُ عَلَى هَذَا الْبَلاَءِ، وَأَنَّ لَهُمُ الْبُشْرَى، فَقَالَ: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، بَلْ وَعَلَّمَنَا طَرِيقَةَ الصَّبْرِ وَكَيْفَ نَتَصَرَّفُ عِنْدَ الْبَلاَءِ: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، ثُمَّ أَخْبَرَ -سُبْحَانَهُ- بِعَظِيمِ أَجْرِ الصَّابِرِينَ الْمُسَلِّمِينَ للهِ، الرَّاضِينَ بِقَدَرِ اللهِ فِي هَذَا الْبَلاَءِ: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ) ثَنَاءٌ عَلَيْهِمْ مِنَ اللهِ -تَعَالَى- فِي الْمَلأِ الأَعْلَى، (وَرَحْمَةٌ) مِنَ اللهِ وَمَغْفِرَةٌ لِلذُّنُوبِ، (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[البقرة:155-157].

وَكَمَا قِيلَ:

ثَمَانِيَةٌ تَجْرِي عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ

وَلا بُدَّ لِلإِنْسَانِ يَلْقَى الثَّمَانِيَهْ

سُرُورٌ وَحُزْنٌ، وَاجْتِمَاعٌ وَفُرْقَةٌ

وَعُسْرٌ وَيُسْرٌ، ثُمَّ سُقْمٌ وَعَافِيَهْ

وَمِنْ هُنَا يَعْلَمُ الْمُسْلِمُ دَنَاءَةَ هَذِهِ الدُّنْيَا، وَأَنَّهَا دَارُ مَمَرٍّ وَلَيْسَتْ بِدَارِ مَقَرٍّ؛ كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)[الحديد:20].

وَمِنْ نَقَائِصِ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمُنَغِّصَاتِهَا: مَا قَدَّرَهُ اللهُ عَلَى أَهْلِهَا مِنَ الأَمْرَاضِ وَالأَسْقَامِ، وَالأَوْجَاعِ وَالآلاَمِ؛ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ بُرْهَانٍ عَلَى ضَعْفِهِمْ، وَعَجْزِهِمْ، وَقِلِّةِ حِيلَتِهِمْ؛ وَأَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى عَجْزِ الْعَالَمِ عَلَى مَنْعِ انْتِشَارِ هَذَا الفَايرُوسِ الَّذِي قَدَّرَهُ اللهُ -تَعَالَى- وَأَوْجَدَهُ؛ لِحِكْمَةٍ مِنْهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)[الروم:4]، وقوله: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)[البقرة: 165].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عِنْدَمَا نَسْتَمِعُ نَصَائِحَ الأَطِبَّاءِ فِي كَيْفِيَّةِ الْوِقَايَةِ مِنَ الإِصَابَةِ بِهَذَا الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ؛ نَجِدُ أَنَّ دِينَنَا الإِسْلاَمِيَّ قَدْ سَبَقَهُمْ بِذَلِكَ؛ فَجَعَلَ الإِسْلاَمُ الْحِفَاظَ عَلَى حَيَاةِ وَصِحَّةِ الإِنْسَانِ أَحَدَ الضَّرُورِيَّاتِ الأَسَاسِيَّةِ الَّتِي أَمَرَ الإِسْلاَمُ بِهَا، كَمَا قَالَ -تَعَالىَ-: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء:29].

وَدِينُنَا الإِسْلاَمِيُّ دِينُ الْكَمَالِ وَالْجَمَالِ وَالنَّظَافَةِ؛ لِذَلِكَ أَمَرَ الإِسْلاَمُ بِالْغُسْلِ وَالتَّطَهُّرِ مِنَ الأَوْسَاخِ وَالأَدْرَانِ الَّتِي هِيَ مَرْتَعٌ لِلأَمْرَاضِ، وَسَبَبٌ فِي نَقْلِهَا وَانْتِشَارِهَا، فَقَالَ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ)[المائدة: 6].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا، يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَكَذَلِكَ فَإِنَّ الإِسْلاَمَ قَدْ أَمَرَ بِنَظَافَةِ الْفَمِ وَالأَسْنَانِ؛ حَيْثُ شَرَعَ لَنَا النَّبِيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُنَّةَ السِّوَاكِ، فَقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ-: "لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ"(صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ).

وَالشَّرِيعَةُ أَمَرَتْ بِحِفْظِ الأَطْعِمَةِ وَنَظَافَتِهَا؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "غَطُّوا الإِنَاءَ، وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ؛ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٌ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلاَّ وَنَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ".

اللَّهُمَّ احْمِ بِلاَدَنَا وَبِلاَدَ الْمُسْلِمِينَ شَرَّ الأَمْرَاضِ وَالأَوْبِئَةِ، وَارْفَعِ اللَّهُمَّ عَنَّا الْغَلاَءَ وَالْوَبَاءَ، وَالرِّبَا، وَالزِّنَا، وَالزَّلاَزِلَ، وَالْمِحَنَ، وَسُوءَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: "لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ" قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: "كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ".

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَثْبَتَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُجُودَ الْعَدْوَى، لَكِنَّهُ نَفَى تَأْثِيرَهَا الْحَتْمِيَّ، وَأَنَّ انْتِقَالَ الْمَرَضِ مِنَ الْمَرِيضِ إِلَى غَيْرِهِ يَحْدُثُ بِقَدَرِ اللهِ وَتَقْدِيرِهِ، مَعَ أَنَّ دِينَنَا يَحُثُّ عَلَى اجْتِنَابِ الأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى انْتِقَالِ الْمَرَضِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَأْنِ الطَّاعُونِ، وَهُوَ مَرَضٌ مُعْدٍ: "إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى -عِبَادَ اللهِ-، وَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ اللهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكُمْ، وَاطْرُدُوا الْخَوْفَ وَالْهَلَعَ مِنْ قُلُوبِكُمْ؛ فَلَنْ يُصِيبَكُمْ إِلاَّ مَا كُتِبَ عَلَيْكُمْ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).